مهن رؤساء الفرق الرياضية سياسيون ومفكرون ومقاولون وعاطلون
حين فقدت الأسرة الرياضية رئيسها السابق عبد القادر الرتناني، وقف المغاربة على الوجه الآخر لأحد قدماء المسيرين، الذين جمعوا بين الثقافة والفكر والكرة.
حين عين الرتناني رئيسا للرجاء، قال بعض المعارضين إن تعيين ناشر على رأس فريق لكرة القدم يثير الاستغراب، لكن مع مرور الأيام تبين للمعارضين أن الرجل يدشن لمرحلة جديدة في تدبير الشأن الكروي، بعدما أصبح تسيير الفرق المغرب رهينة في يد رجال السلطة والسياسيين.
في بداية عهد الاستقلال، قادت وجوه الحركة الوطنية شؤون الفرق المغربية، ومع مرور الأيام أحكمت السلطة قبضتها على الفرق المغربية، حتى أضحت لكل فريق مظلة تحميه من عاديات الزمن، إذ تناوب الوزراء على قيادة الأندية المغربية من عبد القادر بن جلون وزير المالية وبن سالم الصميلي وزير الملاحة البحرية في الوداد، إلى فوزي لقجع في بركان، مرورا بالمعطي بوعبيد والسملالي في الرجاء وعمر بوستة في فاس واليوسفي في الاتحاد البيضاوي وإدريس البصري في سطات وأحمد الدليمي في سيدي قاسم ومحمد المديوري في مراكش واللائحة طويلة.
لكن مع مرور الأيام تراجع رجال السلطة إلى الوراء، ومع ظهور قانون المنخرط انتهت مسؤولية اللاعبين في انتخاب الرؤساء، وأصبح لكل فريق برلمانه الذي يفرز رئيسا بالصناديق تارة وبالتصفيق تارة أخرى، لكن رغم هبوب رياح الديمقراطية إلا أن الجماهير ظلت تمني النفس ببروفايل رئيس يجمع بين المال والتجربة الكروية، وحين تبين لها أن هذه العينة نادرة أو منقرضة، اكتفوا بـ «مول الشكارة» القادر على توفير السيولة المالية وحصد الألقاب والبطولات.
في الملف الأسبوعي لـ «الأخبار»، نسلط الضوء على الانشغالات المهنية الأصلية لرؤساء الفرق المغربية، ونكشف الجوانب الخفية لحكام الكرة.
حسن البصري:
الرتناني.. رئيس للرجاء جمع بين الثقافة والكرة
حين بعث الملك محمد السادس برقية تعزية ومواساة إلى أفراد أسرة المرحوم عبد القادر الرتناني، الرئيس السابق للرجاء البيضاوي لكرة القدم، ركزت سطور المواساة على الجانب الفكري للرجل مع تقديم العزاء للأسرتين الثقافية والرياضية، مستحضرة «بكل تقدير، مناقب الراحل الفاضلة، وما كان يتحلى به من غيرة وطنية عالية، وحرص شديد على إثراء الساحة الثقافية الوطنية من خلال إشرافه على نشر وإصدار العديد من الكتب والموسوعات القيمة، وخاصة ذات الصلة بالتراث الوطني والحضارة المغربية، فضلا عن مساهمته مبكرا في النهوض بممارسة رياضة كرة القدم الوطنية التي كان أحد رواد المسيرين والمديرين لأنديتها العتيدة».
عبد القادر الرتناني الذي ينحدر من قبائل الشياظمة، مسير رياضي وناشر مغربي من مواليد 31 يوليو 1945 بمدينة الدار البيضاء، عاش نبض الكرة في درب السلطان بالدار البيضاء، وانشغل بالكتاب والكرة بالرغم من الفوارق الواسعة بينهما. شغل منصب رئاسة نادي الرجاء الرياضي من عام 1985 إلى عام 1989، وانتهى في عالم الفكر والثقافة رئيسا للاتحاد المهني للناشرين بالمغرب، منذ فبراير 2015. وهو مؤسس دار نشر كبرى في الدار البيضاء، اسمها «ملتقى الطرق».
حين انتخب رئيسا للرجاء ركز الرجل على تأمين مستقبل اللاعبين، وجعل من عقدة الاحتضان المبرمة بين الرجاء البيضاوي ومكتب استغلال الموانئ فرصة لتشغيل عدد كبير من اللاعبين الذين وجدوا في هذه المؤسسة مظلة تحميهم ضد عاديات الزمن.
يسجل تاريخ الرجاء لعبد القادر الرتناني إصراره على تغيير الفكر الرجاوي، والعمل على نقله من اللعب الفرجوي إلى حصد الألقاب، في عهده سيفوز الرجاء بأول لقب للبطولة الوطنية في الموسم الرياضي 1987/ 1988، وسيتم القطع مع الأدوار الثانوية.
حين اعتزل الرتناني الكرة مسيرا، ظل حريصا على دعم الفريق من موقعه في هيئة حكماء الرجاء، إلى جانب مسيرين آخرين دبروا الشأن الرجاوي في فترات تاريخية متفرقة، وظل يحضر الجموع العامة ويقدم فتواه بكل حكمة ورزانة، ولا يخلف المحطات الكبرى لناديه المفضل بنفس الحماس الذي يميز حضوره في معارض الكتاب.
في آخر أيامه فتح عبد القادر الرتناني، بصفته مؤسس دار للنشر، ضد الكاتب الفرنسي اليميني المتطرف إيريك زمورر، وتوعده بإجراءات قانونية بتهمة انتهاك الملكية الفكرية المتعلقة باسم الدار. طالب الرتناني زيمور بتغيير اسم موقعه على الشبكة العنكبوتية «ملتقى الطرق» الذي استولى عليه، وانتدب عبد القادر المحامي الشهير «فيغارو هوبرت سيلان» للدفاع عن قضية ما أسماه بالاحتيال الفكري. وقال: إن زيمور، «يقوض شرف هذه الدار التي نشرت العديد من الكتب، لا سيما حول حقوق المرأة في المغرب أو المغرب العربي، أو عن الحرية الدينية».، مضيفاً أن «الاسم هو اسم شركة نشر تأسست عام 1980 في الدار البيضاء، وتدافع عن القيم التي تريد أن تكون متعارضة تماما مع تلك التي يتبناها زيمور الداعي إلى طرد جميع المسلمين والعرب».
لقجع.. مهندس فلاحي يقود ثورة الكرة
ولد فوزي لقجع في مدينة بركان سنة 1970، في يوم ميلاده كان المغرب يعيش تحولا سياسيا كبيرا، حيث جرى استفتاء شعبي حول دستور المملكة، وفي يوم ولادته كانت الشعوب العربية تعرف مخاضا سياسيا بعد تفشي الفكر الماركسي.
تربى الولد في كنف أسرة محافظة تتكون من أم ربة بيت وأب كان يشتغل في سلك التدريس، وثلاثة إخوة تقاسموا معه طفولة جمعت بين الدراسة والكرة. كانت تعليمات والده المدرس تحث على جعل التعليم أولى الأولويات، حين اشتد عود فوزي أصبح لاعبا ضمن فريق النهضة البركانية، وظل يتسلق درجاته إلى أن حاز على شهادة الباكالوريا بمسقط رأسه بالمدينة الشرقية، لذا لم يحقق حلمه بحمل قميص الفريق الأول للنهضة واستنساخ زمن الهراس وبوسحابة والبرازي وغيرهم من نجوم الفريق البرتقالي.
حصل على الباكلوريا سنة 1988 شعبة العلوم التجريبية بميزة «جيد جدا» ليتجه صوب العاصمة الرباط، بحثا عن العلم، بعد أن نجح في مباراة ولوج معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة، حيث قضى فيه ست سنوات ليتخرج برتبة مهندس.
بعد نيله شهادة مهندس زراعي من معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة بالرباط، التحق فوزي لقجع بوزارة الفلاحة، لكن حقينة الرجل من العلم كانت أحوج لصبيب أكبر في الزاد العلمي فاختار التدبير المالي، قبل أن يقرر استكمال دراسته بالمدرسة الوطنية للإدارة، وهو ما منحه الضوء الأخضر للاشتغال في المفتشية العامة للمالية التابعة لوزارة المالية، كرئيس لشعبة المجالات الإدارية سنة 2000 لمدة ثلاث سنوات، وبعد مرور ثلاث سنوات في هذا الجهاز الرقابي، انتقل الرجل البركاني إلى قسم المقاصة حيث استمر به سبع سنوات، وفي يناير 2010، عين في منصب مدير ميزانية الدولة التابعة لوزارة المالية. على الرغم من طغيان اهتماماته الزراعية بالهم المالي.
حين كان يرأس جمعية مفتشي المالية، تم انتخابه رئيسا لفريق النهضة البركانية سنة 2009، فغير طرق وآليات التسيير ثم قاده لقسم الأضواء، حيث خلق ثورة سابقة لأوانها في القسم الوطني الثاني، بانتدابه لأسماء عدة، ساهمت في تحقيق الفريق البركاني لحلم الصعود للقسم الأول، لقد كان يؤمن بأن الانتصارات تصنعها الأقدام حين تؤطرها الكفاءات وتحتضنها البنيات التحتية المساعدة على النجاح. بعد انتخابه رئيسا للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، خلفا لعلي الفاسي الفهري، أحدث الرجل ثورة حقيقية في الكرة المغربية بعد أن تسلمها شبه «مفشوشة»، في عهده نجح في إعادتها إلى الواجهة وأجبرها على ركوب صهوة الألقاب القارية العربية والعالمية. فضلا عن هيكلة وتطوير حكامة وتدبير الأندية الوطنية وتحويلها إلى شركات رياضية.
اليوم يعين فوزي لقجع وزيرا منتدبا لدى وزارة الاقتصاد والمالية المكلفة بالميزانية، لتكون بذلك مهمة جديدة لرجل بصيغة الجمع.
بلقشور.. مستثمر فلاحي يدبر العصبة الاحترافية بـ «زرعوا فأكلنا»
رغم انتمائه للعمق الدكالي في تقاطعه مع عبدة، إلا أن عبد السلام بلقشور عاش فترة طويلة في الدار البيضاء، حيث تابع دراسته الجامعية وكان متشبعا بالفكر الماركسي الثوري، وحين ارتبط بالحي المحمدي حتى أصبح عاشقا لمجموعة «لمشاهب» ليتحول مع مرور الوقت إلى أحد رعاتها ومدعميها.
في الزمامرة، راكم عبد السلام الحقائب السياسية، بدءا بانتخابه رئيسا لبلدية المدينة وبرلماني المنطقة، قبل أن يصبح رئيسا لنهضة الزمامرة، وهو المنصب الذي عبد له الطريق نحو الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم ويصبح عضوا في المكتب الجامعي للجنرال حسني بن سليمان.
في المنظومة الكروية، راكم بلقشور عدة مناصب أبرزها رئاسة العصبة الاحترافية لكرة القدم، التي كان ناطقا رسميا باسمها، إلى أن عين رئيسا للعصبة الاحترافية لكرة القدم معلنا نفسه استمرارا لفترة صديقه الناصري.
خبر عبد السلام مجال التسيير مبكرا وهو الوحيد الذي انضم لأربعة فرق بشكل متفرق، نهضة الزمامرة رئيسا وحسنية أكادير رئيسا والدفاع الجديدي عضوا في المكتب المسير ثم الرجاء البيضاوي منخرطا.
على المستوى السياسي، لا يجد بلقشور حرجا في تغيير الأحزاب بنفس العزيمة التي تنتابه وهو يغير مدربي فريق نهضة الزمامرة. وحين لاحت في سماء السياسيين مذكرة لفتيت، أعلن عبد السلام بلقشور، استقالته من رئاسة المكتب المديري للفريق، وذلك في بلاغ نشره الفريق عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي. الاستقالته جاءت «تجاوبا مع دورية وزارة الداخلية الأخيرة حول تنازع المصالح، وتفاديا لوجود حالة التنافي، بصفته رئيس المجلس الجماعي لمدينة الزمامرة». لكن الرجل ظل يسود ويحكم في النادي وفي الجماعة، قبل أن يعلن استقالته من تدبير الشأن الجماعي بالزمامرة.
ويعد عبد السلام بلقشور من بين رجال الأعمال في المجال الفلاحي الذين لا يطالهم تصنيف «فوربس»، لأنه يختار الاستثمار في الظل، وتسيير الفرق في الظل بعيدا عن الأضواء.
الناصري.. وسيط سوق السيارات يهيمن على بورصة الكرة
ينحدر سعيد الناصري من منطقة أمزرو التابعة لإقليم زاكورة، ويستمد اسمه العائلي من الزاوية الناصرية بهذا الإقليم. عاش فترة شبابه في حي سيدي عثمان بالدار البيضاء، وتابع دراسته في المدرسة التعليمية الخاصة «الناصرية» والتي هي في ملكية أحد أفراد العائلة. وحين توقف مساره الدراسي عند عتبة الباكلوريا، دخل عالم «البزنس» مبكرا، حيث دخل عالم التجارة في درب غلف، قبل أن يدخل تدريجيا سوق بيع السيارات المستعملة بمنطقة سباتة، ومنه دخل عالم الوكالات العقارية ما رفع مؤشر صعوده في دائرة الوجاهة.
وحين ترأس الوداد قلص من محيط دائرة القرار، بل وجعل من سائقه الخاص المنتمي أيضا لإقليم زاكورة العلبة السوداء، وفوض لأقاربه مجموعة من المهام في تدبير شأن الوداد.
كان لا بد للرجل أن يدخل عالم السياسة حتى يضمن لنفسه حصانة تعبد طريقه نحو الوجاهة، فاختار تمثيل منطقة زاكورة في البرلمان حين دخلها راكبا الجرار بعدما فسح له المجال الحركي جواد الناصري الذي اعتاد الترشح في الدائرة الانتخابية نفسها، والفوز فيها بكل سهولة، معولا على بركة الزاوية الناصرية.
في الانتخابات التشريعية السابقة غير سعيد الناصري رئيس فريق الوداد البيضاوي، وجهته من زاكورة التي كان ممثلها في قبة البرلمان إلى الدار البيضاء، حيث ضمن مقعدا لحزبه الأصالة والمعاصرة بدائرة الدار البيضاء-أنفا، إذ حل خلف كل من عبد الصمد حيكر وعبد الحق الناجي عن حزب العدالة والتنمية، بينما تقدم على مرشح حزب الاشتراكي الموحد مصطفى الشناوي.
وفي الـ28 شتنبر 2021، سيصبح سعيد الناصري بصفته وكيل لائحة حزب الأصالة والمعاصرة بدائرة آنفا، رئيسا جديدا لمجلس عمالة الدار البيضاء. وفي مقر ولاية جهة الدار البيضاء سطات تم انتخابه لرئاسة مجلس العمالة خلفا لمحمد نجيب عمور من حزب العدالة والتنمية المنتهية ولايته، وكان رئيس الوداد المرشح الوحيد لمجلس عمالة الدار البيضاء..
بعد ذلك سيقدم النائب البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة، سعيد الناصري، استقالته من عضوية مجلس النواب، وقال مكتب مجلس النواب إنه توصل باستقالة الناصري بسبب حالة التنافي، إذ يشغل في الوقت نفسه منصب رئيس مجلس عمالة الدار البيضاء. لكن سعيد الناصري سيواصل مهمته في التحكم والسيطرة على القرارات داخل النادي، مستغلا صفته كمدير عام للشركة الرياضية للوداد. وبنهاية الموسم سيكون الناصري قد أنهى فترة ولايته الثانية للوداد، بحيث سيخضع لقرار وزارة الداخلية، بعدم الجمع بين مناصب قيادية في الجماعات الترابية.
بودريقة.. «مول الملاسة» يجري تجاربه على الرجاء
ينحدر محمد بودريقة من منطقة تاونات، وينتمي لعائلة استثمرت في الحمامات الشعبية، قبل أن تلج عالم المضاربات العقارية. لا أحد ينكر أن الرجل من خريجي مدرجات «المكانة» فقد كان حريصا على التواجد في «الفيراج» الجنوبي وترديد أهازيج الإلترات التي تماهى معها، قبل أن يرافق نواتها الصلبة في كثير من تنقلات جمهور الرجاء داخل الوطن وخارجه.
بودريقة من مواليد سنة 1983، عاش في «قطع ولد عايشة» غير بعيد عن درب السلطان، الذي ترعرع بين دروبه وأزقته، واستنشق فيه هواء الرجاء.
نصحه المقربون بالانخراط داخل هيئة النادي، حتى ينتقل من مشجع بلا صوت إلى صوت يملك القوة الاقتراحية، ووجد في رشيد البوصيري أحد قدماء المسيرين عكازه في ظلام الليل.
من تدبير الحمامات إلى بناء وتشييد المساكن، وبالشراء أو البيع أو حيازة الأراضي، البناء، وغيرها.ففي ظرف زجيز أصبح بودريقة أو عائلة بودريقة تملك هولدينغا في مجال العقار بالدار البيضاء، بالرغم من المتاعب التي واجهته وجرته إلى المحاكم خاصة بعد سقوط إحدى عماراته أو باتهام شقيقه بالسطو على العقارات وهي التهمة التي يقضي من أجلها عقوبة حبسية.
نصح مقربون منه بدخول عالم السياسة، على غرار سابقيه من رؤساء الفرق المغربية، الذين تحصنوا وراء متاريس العمل السياسي، وقبل أن يدخل المغامرة اختار نفس الخطة التي قادته لرئاسة الرجاء الرياضي حيث تزامنت فترة ولايته مع حصول الرجاء على لقب وصيف بطل أندية العالم، حيث جند مليشيات فيسبوكية، مهمتها الأساسية هي نهش خصومه السياسيين بإشارة منه، لإيمانه بأن السياسة تبيح الخدع.
اقتنع الرجل بالخطة التي قادته إلى كرسي الرجاء والجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، وعلى نهجها دخل حزب الحمامة وضدا على منطق القواعد أصبح عضوا في المكتب التنفيذي لحزب أخنوش، فوجد نفسه من نواب رئيس مجلس النواب ورئيسا لمقاطعة مرس السلطان، ورغم أنه حديث العهد بالشأن المحلي، إلا أنه استطاع استعارة خرجاته الكروية من أجل موقع قدم بين السياسيين.
نور الدين بيضي.. رجل المضاربات العقارية والكروية
أنهى نور الدين بيضي عقوبة أصدرتها في حقه لجنة الأخلاقيات التابعة للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، والقاضية بإيقافه لمدة أربع سنوات نافذة ومنعه من ممارسة أي نشاط كروي، مع تغريمه مبلغ مئة ألف درهم، على خلفية التصريحات التي أطلقها عقب نهاية مباراة فريقه أمام الجيش الملكي، حين أقر بتفويت مباراة سابقة للكوكب المراكشي، قبل أن تخفض من العقوبة. لكن لا يمر موسم رياضي دون أن يثير نور الدين بيضي الجدل بخرجاته الإعلامية، ومعاركه مع مكونات الكرة، حتى أصبح زبونا للجنة الأخلاقيات يقف أمامها لينكر تصريحا في حالة غضب ويتبرأ من اتهام جاهز يتغير فيه الأشخاص فقط.
وجدت الجامعة نفسها في حرج مع رئيس برشيد لأنه كان يشغل مهمة داخل هياكلها، فقد كان إقراره بالتلاعب ضربا لمصداقية المكتب الجامعي، لذا بادرت اللجنة إلى تجريده بشكل تلقائي من كل مهامه الرياضية، خاصة عضوية المكتب المديري للجامعة الملكية المغربية.
خرجات نور الدين بيضي، رئيس يوسفية برشيد، وعضو المجلس الوطني لـ «البام»، وعضو فريقه النيابي، ظلت تسرق الأضواء حتى في علاقته بالحزب، حيث أزعج في مرات عديدة رئيس الأصالة والمعاصرة، كما كلفه احتجاج على أسرة القضاء ببرشيد مساءلة قانونية انتهت بالتسوية.
وحين توصل برسالة من عامل الإقليم تذكره بتنازع المصالح بين السياسة والكرة، اختار الرئيس الموقوف رئاسة شركة يوسفية برشيد على غرار كثير من الرؤساء الذين يرتدون معطفين ويضعون على رؤوسهم قبعتين.
بعدما أصبح التوقيف ساري المفعول ومذكرة لفتيت تطوق تحركاته، اختار بيضي البقاء في الظل بناء على نصيحة الراسخين في السياسة، وحول بيته إلى مقر للشركة يمسك من خلالها خيوط الفريق الذي عين رئيسا لكن دون أن تغيب لمسة الرئيس الموقوف. بل إن جميع وثائق يوسفية برشيد في حوزة برلماني المدينة الذي أعلن مرارا أن الفريق هي البركة التي يموت لمجرد الخروج منها.
بيضي كان لاعبا في فريق اليوسفية، وحين تحولت أرض في ملكية عائلته إلى بقع في المجال الحضري، أصبح مضاربا عقاريا يجني من مهنته ملايين السنتيمات، وهو ما عبد له الطريق ليصبح رئيسا للفريق الحريزي الذي قاده من قسم المظاليم إلى قسم الصفوة. بل إنه لا يجد إحراجا في تدريب الفريق كلما ضربه فراغ تقني.
جودار.. مدرس للرياضيات أصبح أمين حزب وعضوا جامعيا
محمد جودار من مواليد منصف أبريل 1956 بحي اسباتة بالدار البيضاء، عين أستاذا لمادة الرياضيات بإحدى المؤسسات التعليمية بعمالة ابن امسيك سيدي عثمان، وكان حينها لاعبا لكرة القدم في فرق للأحياء قبل أن يدخل غمار السياسة ويعلن مغادرته للفصل الدراسي.
نشأ جودار داخل عائلة ناضلت من أجل القضية الوطنية، والده هو المقاوم محمد جودار الذي يحمل أحد شوارع الدار البيضاء اسمه. حين تخرج مدرسا للرياضيات امتلك الحلول المنطقية لدخول عالم الوجاهة، فآمن بمسلكين لا ثالث لهما: الرياضة والسياسة.
دخل جودار غمار السياسة حين انضم لحزب الاتحاد الدستوري، وعبره خاض الانتخابات الجماعية فأصبح رئيسا لمقاطعة ابن مسيك بعد إعادة التقطيع الانتخابي للمنطقة. كانت هذه التجربة كافية ليعلن جودار القطيعة مع التعليم، ويتفرغ للسياسة التي ستفتح شهيته لمناصب أخرى، حين وضع نصب عينيه المقعد البرلماني، وتأتى له ذلك بعد أن أصبح من صقور الاتحاد الدستوري منذ زمن محمد أبيض، لينتهي به المطاف أمينا عاما لحزب «الحصان» ونائبا لرئيس مجلس النواب، فضلا عن مهام أخرى على مستوى مجلس مدينة الدار البيضاء الذي دخله بالرغم من عدم اصطفاف حزبه ضمن الثالوث الحزبي الحاكم.
لا يجد الرجل حرجا في جمع المناصب الرياضية، إذ أصبح رئيسا لفتح اسباتة لكرة القدم الذي حمل قميصه لسنوات، وعبر هذا المنصب أصبح رئيسا لعصبة الدار البيضاء لكرة القدم، ونائبا لرئيس الجامعة الملكية المغربية، ومسؤوليات أخرى أبرزها رئاسة لجنة البنيات التحتية في الجامعة، ومنخرطا في الرجاء البيضاوي لفترة قصيرة، ظل خلالها أقرب لرئيس الوداد منه إلى رئيس الرجاء.
يقول المقربون من جودار، إن الرياضة أسدت له خدمات كثيرة حيث ساعدته على اختراق مجموعة من المناصب، ويضيفون بأن الرجل ظل يطارد منصبين دون أن يحكم قبضته عليهما، وهما: الأمانة العامة لحزب الاتحاد الدستوري وحقيبة وزارة الرياضة التي لطالما راودته في حلمه ويقظته.