النعمان اليعلاوي
لم تثن جولات الحوار الوطني الذي باشرته وزارة النقل واللوجستيك مع مهنيي قطاع النقل، نقابات القطاع عن خوض إضراب وطني احتجاجا على ارتفاع أسعار المحروقات، وهو ما أوقع القطاع، حسب المضربين، في «أزمة خانقة جراء الارتفاع المهول لأسعار المحروقات وتأثيرها المباشر على التوازنات المالية، أدت بالعديد من السائقين إلى إشهار إفلاسهم»، مقابل ما اعتبروه «تجاهل» السلطات الحكومية للدعوات الموجهة إليها من أجل الجلوس لطاولة الحوار لمعالجة المشاكل التي يعانيها مهنيو النقل، حسب مصطفى القرقوري، الكاتب العام للنقابة الوطنية لقطاع النقل الطرقي للبضائع، المنضوية تحت لواء الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، والذي أوضح أن الإضراب الذي خاضه مهنيو القطاع «سجل نجاحا خلال الساعات الأولى من تطبيقه، خاصة في بعض المدن مثل أكادير وتارودانت والجرف الأصفر وحد السوالم».
في السياق ذاته، شهدت مدينتا الرباط وسلا شللا تاما لحركة سيارات الأجرة بصنفيها الصغير والكبير، وأعلن مهنيو سيارات الأجرة في عدد من المدن انخراطهم في الإضراب الوطني ضد ارتفاع أسعار المحروقات. وطالب السائقون، في تصريحات متفرقة لـ«الأخبار»، الحكومة بـ«التعجيل بتنزيل الوعود السابقة المتعلقة بتوفير الكازوال المهني، وهو صنف من المحروقات مخصص لمهني النقل، مدعم من طرف الدولة، أو تسقيف أسعار المحروقات التي ارتفعت في الأشهر الأخيرة بشكل متزايد»، حسب السائقين، الذين قالوا إن «السائق المهني هو الذي يتحمل أعباء الزيادة في أسعار المحروقات، وليس صاحب رخصة سيارة الأجرة أو محطات التوزيع»، مهددين بـ«الرفع من تسعيرة التنقل بسيارات الأجرة من أجل تغطية العجز الذي تسببت فيه الزيادات الأخيرة في أسعار المحروقات».
وفي مقابل الإضراب الوطني الذي تخوضه بعض النقابات، دعت جامعة النقل واللوجستيك، التابعة للاتحاد العام لمقاولات المغرب، مهنيي قطاع النقل الطرقي إلى العدول عن الإضراب معتبرة أن «الأوضاع الحالية في المغرب غير مواتية للدخول في أي إضراب». وقالت الجامعة، في بلاغ سابق لها، إنها «تدرك ثقل مشاكل القطاع وتقدر معاناة الفاعلين فيه، لكن الأوضاع الاقتصادية الحالية الناجمة عن تداعيات كورونا والظروف المناخية التي تعرفها البلاد هي ظروف غير مواتية لخوض إضراب».
ومن جهته، أكد وزير النقل واللوجيستيك، محمد عبد الجليل، أن الوزارة قامت، منذ انطلاق الحوار مع المهنيين، باتخاذ حزمة من الإجراءات والتدابير التي تصب في تسهيل المساطر الإدارية وتبسيطها لفائدة المهنيين ودعم تنافسية المقاولة العاملة في قطاع النقل.
وأفاد الوزير، في كلمة خلال اجتماع للجنة الداخلية والجماعات الترابية والبنيات الأساسية بمجلس المستشارين، أول أمس الاثنين، حول موضوع: «قطاع نقل المسافرين والنقل السياحي»، بأنه تم تخصيص 250 مليون درهم من ميزانية الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية برسم سنة 2022 لفائدة برنامج تكسير وتجديد الحظيرة، ومواصلة برنامج تكوين السائقين المهنيين بتكلفة 100 مليون درهم من ميزانية الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية برسم سنة 2022، ومواصلة إجراءات تبسيط المساطر المتعلقة بشهادة تسجيل المركبات، حيث سيمكن قبل متم شهر مارس الجاري استبدال واستخراج نظير هذه الشهادات عن طريق «بريد بنك» و«بريد كاش».
كما تم الشروع، يضيف عبد الجليل، في رقمنة تقديم الشكايات والطعون المتعلقة بمخالفات قانون السير عن طريق الرادارات الثابتة؛ وستتم، قبل متم السنة الجارية، إضافة خدمة أخرى تتعلق بتفويت الملكية بالنسبة للمركبات عن طريق مؤسستي «بريد بنك» و«بريد كاش»، وعقد خمس دورات للجنة النقل بحيث تمت معالجة 74 ملفا خاصا بنقل المسافرين، علاوة على الشروع ابتداء من مارس الجاري في تفعيل نظام معلوماتي يمكن من تجديد البطاقة الخضراء، والتوافق حول كيفية استفادة السائقين المهنيين من التغطية الاجتماعية، مشيرا إلى أنه تم إعداد مشروع مرسوم في الموضوع سيتم عرضه على أنظار الحكومة قريبا.
وحسب الوزير، فقد بادرت الوزارة إلى دعوة المهنيين لإطلاق مشاورات موسعة وبناءة مع كل التمثيليات المهنية للقطاع، وذلك في إطار المنهجية المتبعة لبلورة تصور جديد لعصرنة قطاع النقل الطرقي وتأهيل المقاولات العاملة فيه. كما تم، خلال شهر دجنبر 2021، تنظيم أزيد من عشرة لقاءات مع المهنيين، «سادها جو من الثقة المتبادلة، وتم خلالها الاتفاق والالتزام بمنهجية للعمل في إطار مؤسساتي تطبعه روح المسؤولية والتشاركية».
وسجل الوزير، في هذا الإطار، أن هذه المنهجية تلخصت في عقد سلسلة ثانية من الاجتماعات برئاسة الكاتب العام للوزارة خلال شهر يناير الماضي. ثم، ابتداء من فبراير 2022، تنظيم ورشات تقنية مشتركة بين مديرية النقل الطرقي والوكالة الوطنية للسلامة الطرقية والمهنيين لتدارس المواضيع التي تم تحديدها ضمن الأولويات والتي ستشكل برنامج العمل المشترك بين الوزارة والتمثيليات المهنية خلال سنة 2022.