شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

من يوقف حرب الطُرق؟

يونس جنوحي

تعددت الأسباب والموت واحد. في انتظار ما سوف يتم الإعلان عنه منتصف هذا العام، من أرقام عن حوادث السير في الربع الأول من هذه السنة، فإن بعض الفاعلين في المجتمع المدني يتوقعون أن يُسجل ارتفاع في ضحايا الحوادث المميتة مقارنة بالسنة الماضية. لماذا؟

أخبار حرب الطرق تتقاطر الواحدة تلو الأخرى. حوادث إما بسبب الإفراط في السرعة، أو رداءة الطرق، أو عدم احترام تنبيهات أشغال الصيانة، وفي بعض الحالات يكون السبب تهالك المركبات وعدم جاهزيتها للجولان في الطرق المغربية.

مختلف الحكومات المغربية رفعت تحدي تخفيض حوادث السير، بتعزيز ترسانة الغرامات والعقوبات في حالات الإفراط في السرعة، أو عدم احترام قوانين السير.

لكن هناك حوادث سير أخرى سببها رداءة بعض المسالك، وصعوبة الأحوال الجوية، وهذا النوع من الحوادث غالبا ما يحصد ضحايا بالجُملة، عند أول تسجيل للتساقطات الثلجية في المناطق الجبلية.

في الأطلس المتوسط مثلا، تُسجل كل سنة وفيات، بسبب انزلاق المركبات إلى أسفل الجبل، ونادرا ما يكون السبب إفراطا في السرعة، أو سوء حالة المركبات. بل إن حوادث سُجلت في الأشهر الأخيرة، كان ضحاياها سائقو وركاب سيارات نقل عمومي استفادت أخيرا فقط من دعم الوزارة المخصص لتجديد أسطول سيارات الأجرة، أي أن حالة المركبات لا علاقة لها بهذا النوع من الحوادث. ويبقى السبب، بالإضافة إلى قضاء الله وقدره، صعوبة المسالك الوعرة، وانهيار حوافها، رغم أن بعض النقاط السوداء عرفت إصلاحات متكررة منذ سيول 2010.

مسألة أخرى، تتعلق برداءة وضع بعض القناطر التي أشرفت عليها وزارة التجهيز في العقود الأخيرة. هذه النقاط عرفت إصلاحات في خمسة مواسم مطرية، وجرفها التيار المائي، رغم أن التساقطات المسجلة في السنوات الأخيرة ليست في مستوى السيول الجارفة.

بعض الحافلات ومركبات النقل العمومي لا تهتم بوضع الوديان والقناطر المغلقة، رغم أن سائقيها يحملون رخصة الثقة – يا حسرة- ويقررون عبور الوديان أو البحث عن طرق ثانوية للعبور، وهو ما يتسبب في حوادث سير مميتة، يكون جميع الركاب ضحايا لها، ونادرا ما يُسجل ناجون لكي يرووا ما وقع أمام عدسة كاميرا نشرة الأخبار.

التساقطات الثلجية هي الأخرى تتسبب في حوادث سير، بسبب عدم احترام السائقين لتعليمات السلامة. وهناك سؤال دائما ما يشكل موضوع إحراج لشركات النقل الطرقي، والسائقين المهنيين، يتعلق بمدى التزامهم بتغيير العجلات وفق حالات الطقس، في المناطق التي تعرف تساقطات ثلجية.

المواطنون المغاربة الذين لا بديل لهم عن استعمال النقل العمومي يدركون جيدا أن شركات نقل كبرى، رغم أنها تتوفر على أسطول حافلات بعشرات ملايين الدراهم، إلا أنها لا تراقب مسألة التزام السائقين، والتقنيين لديها -إن وُجدوا طبعا- بتغيير العجلات وفق حالات الطقس، خصوصا أثناء موسم التساقطات الثلجية.

في الطريق السيار، تسير الحافلات المثقلة بالركاب بسرعة جنونية، وكثيرا ما تتجاوز سيارات خفيفة في الطرق، وكأن سائقيها مشاركون في سباق داخل مضمار مفتوح.

وطبعا، فإن معظم الشركات الآن في المغرب تتوفر على نظام الملاحة وتحديد المواقع، وتعرف متى يتوقف السائقون العاملون لديها للاستراحة والتزود بالوقود، وتتوصل برسالة فورية بمجرد ما يتجاوز السائق السرعة المحددة في الطريق السيار. لكن هل سمعنا يوما عن شركة نقل عمومي تُسرح سائقا لديها لعدم التزامه بالقانون، أو تُخطر السلطات بالتجاوزات الخطيرة التي تُقترف في الطرق، وتتسبب في وفاة المغاربة بالجُملة؟

لا حاجة طبعا إلى البحث عن جواب، الأجوبة موجودة في الطرق حولنا. ويكفي أن ترفع رأسك في أي مكان لكي تجد أن لوحات التشوير، بل وأعمدة الإنارة العمومية، لم تسلم هي الأخرى من المجانين، الذين يتجولون بيننا وفي جيوبهم رخص سياقة سارية المفعول.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى