شوف تشوف

الدوليةالرئيسيةسياسية

من يكون محمد بازوم.. أول رئيس عربي للنيجر

إدانات غربية وعربية للحرس الجمهوري بعد احتجازه في مقر إقامته

أعلن أفراد الحرس الجمهوري الإطاحة بالرئيس النيجيري محمد بازوم واحتجازه بمكان إقامته مع أسرته في محاولة للانقلاب التي لا تزال مستمرة إلى حد الآن رغم وساطة الرئيس البينيني الذي انتقل إلى البلاد للتوصل إلى حل سلمي. وفي ظل إدانات دول غربية وعربية، خرج الرئيس النيجري، الذي يعتبر أول رئيس عربي للبلاد، يقر بتشبثه بمبادئه ويتعهد بحماية المكتسبات الديمقراطية «الغالية» في بلاده.

 

 

سهيلة تاور

 

محمد بازوم من مواليد منطقة ديفا أقصى جنوب شرقي النيجر، قرب الحدود مع نيجيريا، ونالت البلاد استقلالها عن فرنسا بعد ثمانية أشهر من ميلاده. ينحدر بازوم من قبيلة أولاد سليمان العربية التي يقطن فرع منها بالنيجر، بينما تتركز غالبيتها في جنوب ووسط ليبيا، وتنحدر أصولها من قبائل بني سليم العربية العدنانية القيسية وسط الجزيرة العربية.

أشار بازوم إلى أن جده الأكبر وصل إلى النيجر خلال أربعينيات القرن الـ19، وحاول منافسوه استغلال هذا الانتماء القبلي ضده خلال الانتخابات الرئاسية، واتهموه بأنه من أصول أجنبية. ويتقن بازوم عدة لغات، من بينها العربية والإنجليزية والفرنسية، والهوسا والتوبو والكانوري، وهو متزوج من السيدة خديجة بن مبروك.

 

تكوينه العلمي

درس بازوم مراحله الأساسية في النيجر، وحصل على شهادة الثانوية عام 1979، ثم توجه إلى دكار، عاصمة السنغال، لدراسة الفلسفة الأخلاقية والسياسية في جامعة دكار (جامعة الشيخ أنتا ديوب)، أكبر جامعة في غرب إفريقيا آنذاك، وأطلق عليه لقب «الفيلسوف». حينها وجد ميوله اليسارية السياسة التي برزت خلال نشاطه الطلابي، وعاد بعدها للنيجر وعمل مدرسا.

حصل بازوم على درجة الماجستير في الفلسفة السياسية والأخلاقية ثم دبلوم السنة الخامسة في التعليم العالي (DEA) متخصصا بـ«المنطق ونظرية المعرفة».

وبعد انتهائه من الحياة الطلابية، انضم بازوم إلى الأنشطة النقابية لـ«الاتحاد الوطني لمعلمي النيجر» (SNEN)، ثم انضم إلى المكتب التنفيذي لـ«نقابة عمال النيجر» (USTN)، التي مثلها في المؤتمر الوطني عام 1991.

 

مسيرته السياسية

انخرط بازوم في السياسة وهو لم يكد يتجاوز الثلاثين من عمره، إذ عين وزير الدولة للتعاون في الحكومة الانتقالية لرئيس الوزراء أمادو شيفو في الفترة من 1991 إلى 1993.

وفي انتخابات أبريل 1993 انتخب لعضوية الجمعية الوطنية مرشحا للحزب الديمقراطي الاجتماعي، في أعقاب إلغاء الانتخابات الأولية التي أجريت في فبراير بمنطقة «تِسكار».

ثم شغل منصب وزير الشؤون الخارجية والتعاون والتكامل الإفريقي والنيجريين في الخارج بحكومة حمة أمادو في 21 يناير 1995. ثم أعيد انتخابه في المنصب ذاته بعد استيلاء إبراهيم باري مناصرة على الحكم بانقلاب عسكري في 27 يناير 1996.

بعدها وضع بازوم تحت الإقامة الجبرية في 26 يوليوز 1996 مع الرئيس المنتهية ولايته محمد إيسوفو، بعد معارضة حزبه (الحزب الوطني الديمقراطي الاجتماعي) لحكومة مناصرة الانقلابية.

وبعد أسابيع قليلة من الانتخابات الرئاسية التي أجريت في العام نفسه، أفرج عنهما بأمر قضائي في 12 أغشت.

وفي أوائل يناير 1998 اعتقل بازوم مع الأمين العام للحركة من أجل الديمقراطية والتنمية حمة أمادو ومعارض سياسي بارز آخر بعد اتهامهم بالتخطيط لمؤامرة لاغتيال مناصرة، ومع ذلك لم توجه لبازوم أي تهم فأطلق سراحه بعد أسبوع.

وصار بازوم نائبا للحزب الديمقراطي الاجتماعي عام 2004، ثم انتخب لعضوية مجلس الأمة في دجنبر من العام نفسه، ثم نائبا لرئيس مجلس الأمة ورئيسا للكتلة النيابية لحزبه.

في 26 ماي 2007 كان بازوم من بين 14 سياسيا قدموا مذكرة لوم ضد رئيس الوزراء حمة أمادو، فحجبت الثقة عن حكومته في اقتراع أجري بعدها في 31 ماي، وحينها أشاد بازوم بـ«وعي الطبقة السياسية في بلاده التي أوقفت نهب المال العام».

وفي عام 2009 حث بازوم على مقاطعة الاستفتاء الدستوري الذي كان سيعقد في غشت، وعلى إثرها اعتقل وتم استجوابه لساعتين في 14 يوليوز 2009.

انتقل بازوم إلى منصب وزير الدولة برئاسة الجمهورية يوم 25 فبراير 2015، وبعدها انتخب عضوا في المجلس التشريعي بالانتخابات النيابية في فبراير 2016. وبعد أن أدى إيسوفو اليمين الدستورية لولاية ثانية، عُين بازوم وزير دولة للداخلية والأمن العام واللامركزية والشؤون العرفية والدينية يوم 11 أبريل 2016، وظلَّ يشغل هذا المنصب حتى صيف 2020، حيث استقال استعدادا للترشح للانتخابات الرئاسية.

يشهد السياسيون الذين اقتربوا من بازوم بأنه كان وزيرا فاعلا في الشؤون الخارجية، وصاحب قبضة مهيمنة خلال توليه منصب وزير الداخلية، ويقولون إنه كان يحفظ ويعي جيدا طبوغرافيا بلاده وقام بمسح كل زاوية وركن فيها.

 

 

أول رئيس عربي للنيجر

كانت لمحمد بازوم علاقة تاريخية طويلة بالرئيس المنتهية ولايته محمدو إيسوفو، إذ شارك معه في تأسيس الحزب الوطني الديمقراطي الاجتماعي عام 1990، ثم صار نائباً له في رئاسة الحزب عام 2004. وبعد تولي إيسوفو رئاسة البلاد عام 2011، تولى بازوم رئاسة الحزب، حيث يمنع القانون في النيجر رئيس الدولة من المشاركة في الحياة الحزبية.

يتمتع بازوم بشعبية لافتة، إذ نجح في الفوز بجميع الانتخابات البرلمانية التي شارك فيها، أعوام 1993 و2004، و2011 و2016، وذلك عن دائرة تيسكر بمنطقة زيندر جنوب شرق البلاد، ثم انتخب نائباً لرئيس مجلس الأمة ورئيساً للكتلة النيابية لحزبه.

انتقل بازوم إلى منصب وزير الدولة برئاسة الجمهورية يوم 25 فبراير 2015، ومنحته هذه الخطوة فرصة التركيز على قيادة الحزب، تحسباً لمسعى إيسوفو لإعادة انتخابه عام 2016.

وتم انتخاب بازوم عضواً في المجلس التشريعي بالانتخابات النيابية في فبراير 2016، وبعد أن أدى إيسوفو اليمين الدستورية لولاية ثانية، عُين بازوم وزير دولة للداخلية والأمن العام واللامركزية والشؤون العرفية والدينية يوم 11 أبريل 2016، وظل يشغل المنصب حتى صيف 2020، عندما استقال من منصبه للاستعداد للترشح للانتخابات الرئاسية.

ويشهد له السياسيون الذين اقتربوا منه بأنه كان وزيراً فاعلاً في الشؤون الخارجية، وصاحب قبضة مهيمنة خلال توليه منصب وزير الداخلية، إذ يحفظ ويعي جيداً طبوغرافيا بلاده، وقام بمسح كل زاوية وركن فيها.

وفي أبريل 2021 أدى بازوم اليمين الدستورية ليعين رئيساً للبلاد في حدث سياسي نادر في تاريخ النيجر منذ استقلالها عن فرنسا، إذ نقلت السلطة سلمياً من رئيس مدني منتخب ديمقراطياً إثر انقلاب عسكري (محمد إيسوفو) إلى آخر، وذلك بعد إنهاء إيسوفو فترتين رئاسيتين من دون تعديله الدستور من أجل أن يحظى بثالثة ومن دون انقلاب عسكري بعد أربعة انقلابات منذ الاستقلال. ولكن قبل تنصيب بازوم بيومين فقط، تم إحباط محاولة انقلاب عسكري كانت تهدف إلى منعه من تولي المنصب.

شكلت تلك الانتخابات، التي انتهت جولتها الثانية يوم 21 فبراير 2021، سابقة غير مألوفة في البلاد سمحت بصعود رئيس من الأقلية العربية في بلد تحكمه العصبية القبلية. إذ حقق بازوم فوزاً صعباً وحصل على 2.5 مليون صوت، مقابل 1.9 مليون صوت لصالح خصمه ماهامان عثمان، أي أكثر من 55 في المائة من الأصوات.

 

الانقلاب والجماعات الإرهابية

كانت شخصيات معارضة تقدمت، أثناء الانتخابات، بطلب إلى المحكمة الدستورية (أعلى هيئة قضائية في النيجر) متهمة محمد بازوم بتزوير جنسيته النيجرية، وقالت إنها لن تعترف بفوزه بالرئاسة، وستستمر في الاعتراض على نتائج الانتخابات. وأثارت هذه القضية غضب بازوم خلال الحملة الانتخابية، لكن معاونيه اعتبروا الأمر «تافهاً ولا يستحق»، وأشاروا إلى أن والد منافسه من تشاد. ورفضت المحكمة طلب شطب ترشيحه.

الاتهامات الأخرى، التي طالت بازوم، كانت قبل إعلان نتائج الجولة الأولى من الانتخابات بفترة وجيزة، إذ زعمت حملة منافسه ماهامان عثمان (أول رئيس منتخب في البلاد) وقوع عمليات تزوير واسعة النطاق، بما في ذلك سرقة صناديق الاقتراع وحشوها وتهديد الناخبين، فيما قال مساعدو بازوم إن حملة المرشح المنافس لم تقدم أي دليل يدعم هذه المزاعم.

وكان عثمان يأمل في الفوز بالرئاسة للمرة الثانية، مدعوماً بقبيلة الهوسا القوية التي ينتمي إليها، والتي يمثل أفرادها نحو 50 في المائة من إجمالي السكان، البالغ عددهم 24 مليون نسمة.

أدى بازوم اليمين في المركز الدولي للمؤتمرات بالعاصمة نيامي بحضور عدد من رؤساء الدول الإفريقية. وقال بازوم، بعد أدائه اليمين الدستورية، إن النيجر «تواجه وجود مجموعات إرهابية تجاوزت همجيتها كل الحدود»، وتقوم «بارتكاب مجازر بحق المدنيين الأبرياء على نطاق واسع وترتكب أحياناً جرائم حرب حقيقية»، وأضاف أن قادة المجموعات الإرهابية «يخضعون لسيطرة دول أخرى».

وكانت توجهات بازوم، التي أعلنها يوم تنصيبه، التركيز على ثروات بلاده المعدنية لما يمكن أن تساعد في تحقيق نمو اقتصادي سنوي بنسبة 8 في المائة  تقريباً خلال 5 سنوات، ورغم ذلك فإنه أكد أن تحديات المناخ والأمن تعوق التنمية، مضيفاً أن مشكلة النيجر الأساسية منذ استقلالها تكمن في ضعف نظامها التعليمي، وأكد أنه سيجعل إصلاح النظام التعليمي والأمن أولوية له.

وفي مواجهة بازوم للهجمات الجهادية في غرب وشرق البلاد، استفادت النيجر من دعم عدة دول غربية بما في ذلك الولايات المتحدة وفرنسا، القوة الاستعمارية السابقة التي تمتلك قواعد عسكرية هناك، حيث يوجد 1500 جندي فرنسي.

فمنذ توليه السلطة، يواجه بازوم تحدي الهجمات الإرهابية التي تنفذها جماعات تابعة لتنظيمي «القاعدة» و«داعش» (الإرهابيين المحظورين في روسيا) غربا على الحدود بين النيجر ومالي وبوركينا فاسو، وجماعة «بوكو حرام» النيجرية شرقا.

ومع استمرار الأزمة الأمنية، لم تكن التهديدات بالانقلاب بعيدة، فقبل أيام فقط من أدائه اليمين الدستورية، أعلنت الحكومة القبض على عدة أشخاص بعد محاولة انقلاب مزعومة.

وكان من بين المعتقلين المشتبه به، القائد في سلاح الجو ساني جوروزا، ووزير الداخلية السابق أسمان سيسي. وحُكم على خمسة أشخاص، بمن فيهم جوروزا، بالسجن لمدة 20 عامًا في فبراير الماضي، بينما تمت تبرئة سيسي.

شهد بازوم ثاني محاولة للإطاحة به في مارس الماضي، «بينما كان الرئيس في تركيا»، وفقًا لمسؤول من النيجر قال إنه تم القبض على شخص واحد في المحاولة التي لم تكشف السلطات علنًا عنها.

ويحفل تاريخ النيجر، البلد المترامي والفقير والصحراوي، بالانقلابات؛ فقد شهد، منذ استقلاله عن فرنسا العام 1960، أربعة انقلابات: الأول في أبريل 1974 ضد الرئيس ديوري هاماني، والأخير في فبراير 2020 ضد الرئيس مامادو تانجا، من دون تعداد محاولات الانقلاب الكثيرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى