شوف تشوف

الرئيسيةسري للغايةسياسية

من يكون الضابط السمراوي مهندس البيولوجيا الذي أراد الجنرالات تصفيته؟

يونس جنوحي

وصلنا، إذن، إلى نهاية قاصدي مرباح بعد أن استعرض لنا هشام عبود أهم ملامح شخصيته الأسطورية، والتي ارتبطت عند الجزائريين بالذكاء والتكتم على أسرار الدولة.

كان يوما كئيبا جدا من أيام غشت القائظة، سنة 1993. حيث كان قاصدي مرباح يقضي عطلته في «عين الطايع»، إذ تم اغتياله على الفور في كمين مُحكم نصب له وهو يهم بالعودة إلى المنزل الصيفي. حيث توفي على الفور بمعية ابنه وسائقه وحرسه الخاص.

كان تطويقا محكما نفذه قتلة مُدربون جيدا.

 

صفر

كانت نسبة الخطأ في عملية اغتيال قاصدي مرباح لا تتعدى الصفر نهائيا. وفي النهاية قدمت «مافيا الجنرالات» إخراجها لإنهاء «الفيلم»، ونشر في الإعلام الجزائري أن الأمر يتعلق بعملية إرهابية استهدفت قاصدي مرباح. ولكي يظهر الأمر على أنه عملية إرهابية، نُسبت العملية إلى شخص يدعى حسن حطاب، وهو أحد المتهمين في الجزائر بتنفيذ عمليات إرهابية خلال العُشرية السوداء.

يقول هشام عبود إن الاسم الذي قُدم للرأي العام الجزائري على أنه المسؤول عن تنفيذ «المذبحة» التي أنهت حياة قاصدي مرباح كان اسما غامضا ومجهولا.

يقول هشام عبود: «لاحقا، سوف يتم التخلص من منفذي هذه الجريمة السياسية، وهم نشطاء عسكريون، وسوف يتم اغتيالهم بدورهم».

لم يكن أعضاء مافيا الجنرالات يريدون للسر أن يعمر طويلا خارج معسكرهم الضيق، لذلك تمت تلك التصفيات، يقول هشام عبود، بهدوء شديد لضمان وفاة كل الشهود المحتملين على تورط الجنرالات في الترتيب لعمليات الاغتيال وتقديمها على أنها عمليات إرهابية تقض مضجع الجزائريين.

كما أن خيرة العناصر المخابراتية التابعة للجيش الجزائري، والذين كُلفوا في الإدارة بمهام مراقبة وتتبع تحركات بعض عناصر المجموعات الإرهابية، كانوا أيضا موضوع عمليات اغتيال منظمة من طرف الجنرالات.

فقد كان هؤلاء العسكريون الأكفاء يعرفون معلومات لم يكن يريد الجنرالات أن يطلعوا عليها.

 

تصفيات بالجملة

يقول هشام عبود إن الليوتنان كولونيل محمد السمراوي تعرض لأربع محاولات اغتيال متفرقة، كلها باءت بالفشل، ونجا منها بأعجوبة. والسبب أنه كان يعرف تفاصيل ملفات سرية تتعلق بمراقبة وجمع معلومات مهمة جدا عن أشخاص وضعهم النظام الجزائري في خانة الانضمام إلى التنظيمات الإرهابية والتحرك داخلها.

يحكي عبود قائلا: «محمد السمراوي، الملقب بحبيب، والذي كان يعرف جيدا الكوماندان عمار گطوشي، بحكم أنه كان يشاركه نفس المكتب في ثكنة «عنتر»، وكان أيضا من الشهود الذين عاشوا ميلاد وانطلاق مجموعات الـGIA، نجا بأعجوبة معجزة من أربع محاولات اغتيال، آخرها كانت في آخر يوم قبل مغادرته صوب ألمانيا حيث عين ملحقا عسكريا في مدينة «بون». في فبراير 1994».

كان السمراوي مهندسا في البيولوجيا، وهو من الكفاءات النادرة في الأجهزة التابعة للجنرالات. وبحكم تكوينه العلمي كان يعرف أسرار ملفات ثقيلة عن كبار الشخصيات العسكرية. ولكي لا يظهر أثر للجنرالات في عملية التخلص منه، تمت ترقيته، كما يحكي هشام عبود، ثم حاولوا التخلص منه يوما واحدا فقط قبل التحاقه بمهمته الجديدة في ألمانيا، لكنه نجا من الكمين الذي نصب له.

ويبدو أنه كان أوفر حظا من قاصدي مرباح الذي كان مسؤولا كبيرا في الدولة، ورغم ذلك فإن محاولة اغتياله كانت الأعنف، وراح ضحيتها ابنه ومرافقوه جميعا، وهو ما كان يطرح السؤال عن كفاءة الأمن الذي تكلف بسلامته الشخصية أثناء قضائه عطلته.

يصف هشام عبود السمراوي قائلا: «إنه أحد أذكى الضباط، والذي كان شاهدا على جرائم كثيرة للمافيا منذ إلحاقه بجهاز CRI داخل المنطقة العسكرية الأولى، ثم عندما ألحق على وجه الخصوص بالخلية المكلفة بمقر إدارة الأركان في يناير 1992. كان يشرف على ملفين حساسين للغاية: ملف مرتبط بغرفة التجارة والآخر بالشركة الوطنية التي تمثل قطب استيراد السكر والمواد الأساسية».

ملفان تورط فيهما عدد من الجنرالات بالفساد، وكان هذا الضابط يعرف كل الأسرار المرتبطة بتفاصيل عمليات نهب المال العام الجزائري والتلاعب في المواد الأساسية التي تشكل الأمن الغذائي للدولة، ولهذا السبب تحديدا حاولوا اغتياله ونسب الأمر لاحقا للجماعات الإرهابية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى