شوف تشوف

الدوليةالرئيسيةسياسية

من هو زعيم «فاغنر» الذي تحول من حليف إلى متمرد ضد بوتين

من طباخ للرئيس الروسي إلى قائد لأكبر مجموعة مسلحة في البلاد

بعدما امتهن السرقة وبيع النقانق، انتقل يفغيني بريغوجين إلى افتتاح وإدارة أرقى المطاعم، ووسع إمبراطوريته الغذائية وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين زبونه الوفي، ليسطع نجمه ويستفيد من كرم الرجل الأقوى في روسيا، مما سمح له بالحصول على عدد من المزايا وصلت إلى تشكيل مجموعة مسلحة من المتطوعين وتدريبهم بتزكية من بوتين، لكنه سرعان ما تجاوز قائده وتمرد عليه بجرأة عالية.

مقالات ذات صلة

 

 

سهيلة التاور

ولد بريغوجين في مدينة لينينغراد عام 1961، وهي سان بطرسبرغ حاليا، ونشأ الصبي المعروف لدى أصدقائه باسم «زينيا» على يد أمه الوحيدة التي عملت في مستشفى محلي. وتوفي والده عندما كان صغيراً، حيث كافحت من أجل البقاء أثناء رعاية جدته المريضة.

وفي عمر مبكر، قام زوج والدته مدرب التزلج، صموئيل فريدمانوفيتش زاركوي، بتربيته، وبفضله درس في مدرسة داخلية للتزلج، لكن بريغوجين لم يصبح رياضياً محترفاً، وإنما قرر سلوك «الطرق الملتوية» بعد التخرج مباشرة.

في سن الثامنة عشرة، أدين بريغوجين بسبب أول عملية سرقة له. ففي إحدى أمسيات عام 1980، قررت المحكمة الحكم عليه مع «وقف التنفيذ»، وذلك من أجل الاستفادة منه من خلال إرساله للعمل في مصنع كيماويات في نوفغورود، وهي فرصة له لإثبات جديته في العمل للحصول على وظيفة هناك، بعد انتهاء فترة محكوميته، لكنه لم يقضِ سوى بضعة أسابيع ليفر هارباً في اتجاه سانت بطرسبرغ مجدداً، وفقاً لما ذكرته وكالة Rosbalt  الروسية.

وفي غضون عامين، عاد مرة أخرى، ولكن هذه المرة إلى جرائم أكثر خطورة.

وأُدين بريغوجين بالسرقة والاحتيال وحُكم عليه بالسجن لمدة 12 عاماً في معسكر سجن شديد الحراسة، وبعد إطلاق سراحه عام 1990، عاد إلى عالم مختلف تماماً، حيث افتتح محلاً لبيع النقانق في سان بطرسبرغ، مسقط رأس بوتين.

 

طباخ بوتين

كان فلاديمير بوتين يتردد على مطعم راقٍ افتتحه بريغوجين بعدما وسع إمبراطوريته الغذائية من خلال سلسلة من المطاعم ومحلات «السوبر ماركت» الخاصة وخدمات تقديم الطعام.

وبحسب ما أفادت به تقارير إعلامية، فإن أول لقاء لبريغوجين مع فلاديمير بوتين قد حدث في أحد مطاعمه الراقية في جزيرة نيو آيلاند.

وأشارت إلى أن بوتين كان قد أحضر نظيره الفرنسي إلى أحد مطاعم بريغوجين قبل نحو عام من تنظيمه عشاء عيد ميلاد للرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش في المطعم ذاته، وهو العشاء الذي انتشرت صور منه تظهر كيف كان بريغوجين مسؤولاً بنفسه عن الخدمة لبوتين وبوش في المطعم.

وأدت صداقة بريغوجين مع بوتين إلى حصوله على عقود مربحة مع الحكومة الروسية لتقديم الطعام وأعمال البناء، وهو ما جعل من الرجل الذي بات يُعرف بـ «طباخ بوتين» ثرياً للغاية.

وحصلت شركة «كونكورد كاترينغ» التابعة له على عقود مهمة، أهمها خدمة مدارس النخبة في سانت بطرسبرغ وموسكو، وحفل عشاء تنصيب ديمتري ميدفيديف الرئاسي، وفي النهاية إطعام قوات بوتين بعقد لمدة عامين بلغت قيمته نحو 2.4 مليار دولار حينها.

لكن مع مرور السنين تحول «طباخ بوتين» من إعداد وجبات الرئيس إلى تنفيذ مهمات أخرى، ففي عام 2013 أنشأ وكالة أبحاث الإنترنت (IRA) كانت مهمتها توظيف مئات الشباب الروس لإنشاء شخصيات مزيفة تروج لأجندة الكرملين، ولاحقاً اتهم جيش بريغوجين على الأنترنت بتدخله في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

وفي عام 2017، اتهم أليكسي نافالني، وهو شخصية معارضة ومحارب للفساد، شركات بريغوجين بخرق قوانين مكافحة الاحتكار من خلال تقديم عطاءات لحوالى 387 مليون دولار في عقود وزارة الدفاع.

 

تأسيس «فاغنر»

مع توالي السنوات، كرس بريغوجين صورته كرجل بوتين الأول وصديق الكرملين الأقرب، إلى غاية العام 2014 حيث بدأت  تقارير إعلامية متعددة تربط بينه وبين مجموعة عسكرية لم تكن معروفة آنذاك تقاتل إلى جانب القوات الروسية في منطقة الدونباس الشرقية في أوكرانيا.

البداية كانت حسب تقارير بريطانية خلال اجتماع رفيع المستوى في مقر وزارة الدفاع الروسية حضره بريغوجين بصفته أحد مموني الجيش، تقدم خلاله بطلب غريب، وهو توفير قطعة أرض لاستخدامها كمركز تدريب «متطوعين» يمكن استخدامهم لمساعدة الجيش الروسي.

لم يكن كبار القادة في وزارة الدفاع الروسية معجبين بالرجل أو بطريقة حديثه المتعجرفة، فأبدوا رفضهم للفكرة، لكن بريغوجين أوضح أن الأمر لا يعود إليهم وأن الأوامر جاءت من «بابا» في إشارة إلى الرئيس بوتين وقربه منه.

ظل الكرملين لسنوات ينفي ارتباطه بمجموعة «فاغنر»، بالرغم من الحقائق على أرض الواقع، إذ تشير التقارير الاستخباراتية الغربية إلى تدخل قوات «فاغنر» في أكثر من 30 دولة خدمة لمصالح موسكو السياسية. ومن جهة أخرى، ظل بريغوجين ينفي علاقته بالمجموعة إلى حدود شهر شتنبر الماضي عندما أقر بتأسيس مجموعة «فاغنر» العسكرية لإرسال مقاتلين إلى منطقة الدونباس الأوكرانية عام 2014، ليتخذ التنظيم شكلاً مؤسساتيًا بدرجة أكبر ويتم تدشين أول مقر له في مسقط رأس بريغوجين، سان بطرسبورغ.

وبعد خروجه إلى الواجهة، لم يعد بريغوجين يجد حرجًا في إظهار عمليات التجنيد التي كان يقوم بها في المؤسسات السجنية في روسيا، وإظهارها عبر صفحاته على وسائل التواصل الاجتماعي، ومع توالي مهماته الناجحة في مختلف بؤر التوتر حول العالم، تعزز موقع بريغوجين ضمن الدائرة الضيقة المقربة لبوتين، وزادت ثقته في نفسه، وبلغت ذروتها خلال الحرب في أوكرانيا.

 

اتفاق لإنهاء التمرد

عندما دخل الروس إلى أوكرانيا، كان العالم يتوقع من ثاني أقوى الجيوش في العالم إنهاء المعركة في هجوم خاطف، لكن تعنت الأوكرانيين والدعم اللامشروط من الغرب كبد الروس خسائر غير متوقعة، وظهر أن الدب الروسي ربما لا يملك مقومات قوة غير حجمه.

تدخلت مجموعة «فاغنر» وأصبحت تتولى الخطوط الأمامية وتقود الأدوار الهجومية على الجبهة، وقدمت أداءً أفضل من القوات الروسية النظامية. ومع توالي النجاحات، توالت الانتقادات اللاذعة للقيادة العسكرية الروسية والاتهامات بالفساد وغياب الكفاءة من بريغوجين، وبلغت ذروتها في الأسابيع القليلة الأخيرة التي سبقت إعلان التمرد، عندما أصبحت تصريحات زعيم «فاغنر» تطول بوتين نفسه، الذي قال في الـ13 من يونيو إن المجموعات المسلحة مثل «فاغنر» يجب أن تخضع لسلطة وزارة الدفاع، وهو الأمر الذي يرفضه بريغوجين بشدة.

عندما حاربت قواته، وماتت بأعداد كبيرة في أوكرانيا، ثار بريغوجين غضباً ضد القادة العسكريين الروس. وفي مقطع فيديو نشره فريقه الشهر الماضي، وقف بريغوجين إلى جانب صفوف من جثث قال إنها لمقاتلي «فاغنر». واتهم الجيش الروسي النظامي بعدم الكفاءة وقطع قواته عن الأسلحة والذخيرة التي تحتاج إليها للقتال.

وقال بريغوجين حينها: «هؤلاء هم آباء وأبناء شخص ما. الحثالة التي لا تعطينا الذخيرة ستتعذب في الجحيم».

وقبل تطور الأحداث، اتسمت تصريحات بريغوجين ضد القيادة العسكرية الروسية، وتحديدا ضد وزير الدفاع سيرغي شويغو، بالحدة ووصلت حد الإهانات، وذلك على خلفية تزويد جماعته بالذخيرة والأسلحة.

ونشر بريغوجين مقطع فيديو صعد فيه من نبرة خلافه مع كبار الضباط العسكريين في روسيا، ولأول مرة يرفض مبررات موسكو الأساسية للعملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا.

واتهم بريغوجين القوات الروسية بقصف قوات «فاغنر» الأمر الذي تسبب بمقتل الآلاف من رجاله، وتعهد بالرد.

وفي سلسلة من التسجيلات الصوتية اللاحقة على تلغرام، قال بريغوجين إن «شر» القيادة العسكرية الروسية «يجب أن يتوقف» وإن قوات فاغنر سيقودون «مسيرة من أجل العدالة» ضد الجيش الروسي.

ورد جهاز الأمن الفيدرالي الروسي بفتح قضية جنائية ضد بريغوجين، قائلا إنه دعا إلى «تمرد مسلح».

وفي أول تعليق له على العصيان العسكري، الذي أعلنه قائد فاغنر، يفغيني بريغوجين، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن الرد على أي تمرد سيكون صارما وحاسما وقاسيا. وتعهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بسحق «التمرد المسلح» بعدما سيطرت قوات فاغنر على مدينتي روستوف وفورونيج وزحفت قوة من 5 آلاف رجل في اتجاه موسكو.

كما اعتبر في كلمة متلفزة بثت السبت الماضي على القنوات الرسمية في البلاد، أن تلك التصرفات تشكل طعنة في الظهر، وستتم محاسبة كل الخونة الداخليين، في إشارة إلى بريغوجين.

وقد انتهى التمرد المسلح، الذي قاده رئيس مجموعة «فاغنر» العسكرية الخاصة يفغيني بريغوجين، باتفاق بعد وساطة من الرئيس البيلاروسي ألكساندر لوكاشينكو، وينص على مغادرة بريغوجين، الذي حاول الإطاحة بالقيادة العسكرية الروسية إلى بيلاروسيا.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى