شوف تشوف

الرأيالرئيسية

من هنا.. وهناك

علاقة المنظمات غير الحكومية الدولية مع «طالبان» ليست على ما يُرام.

آخر التقارير القادمة من هناك تؤكد أن القرار الأفغاني، القاضي بمنع النساء من العمل، يُعيق بشكل كبير أنشطة هذه المنظمات غير الحكومية التي تُعنى بتقديم الدعم للنساء وإنعاش المشاريع المدرة للدخل.

طالبان أصدرت، أخيرا، مرسوما في كابول يمنع النساء الأفغانيات من العمل في المنظمات غير الحكومية، وهو ما جعل منظمات إنسانية دولية تخرج إلى الإعلام لتؤكد أن برامجها وعملياتها المنتظمة أصبحت معطلة في أفغانستان بسبب ما أسمته «القيود القاسية على النساء»، وهو ما نشرته وكالة الأنباء الدولية «خاما بريس».

قرار من هذا النوع في أفغانستان، على يد «طالبان»، يعني أن النساء المخالفات له لن يُزج بهن في السجن أو تُفرض عليهن غرامة مالية مثلا. لا، خرق مرسوم من هذا النوع على يد النساء الأفغانيات يعني الرجم أو نصب مشنقة في ساحة عامة.

وفي الوقت الذي كان العالم يستعد لاستقبال سنة 2023، أصدرت طالبان قرارها القاضي بتعليق السماح للنساء الأفغانيات بمواصلة التعليم الجامعي حتى إشعار آخر، ومنع الفتيات من مواصلة التعليم الثانوي.

«إشعار آخر»، في دولة تعيش ظروفا مثل ظروف الأفغان، قد يصل إلى عشرين سنة على الأقل، وهو ما يعني أن جيلا بأكمله من النساء الأفغانيات سيُحرم من حقه الأساسي في التعليم.

من بين المنظمات التي تضررت أنشطتها بشكل كبير في أفغانستان بسبب قرار منع النساء من العمل، «المجلس العام النرويجي للاجئين».

هذا المجلس، الذي يتحرك بميزانية تصل إلى ملايين الدولارات سنويا، يعمل على تحسين حياة النساء الأفغانيات في القرى، وتمكينهن من إعالة أزواجهن وتربية الأبناء في مناطق تعيش تحت خط الفقر بكثير.

الأمين العام للمجلس النرويجي «يان إيجلاند» صرّح قائلا إن مكاتب منظمته صارت خالية تماما، وجميع العمليات التي تباشرها هذه المكاتب صارت مجمدة ومشلولة في جميع أنحاء أفغانستان، مضيفا أنه لم يعد بإمكانه الوصول إلى النساء والأطفال الأفغان بدون موظفات.

هل يعني هذا تدخلا نرويجيا في الشأن الأفغاني؟ ما دام القرار يتعلق بمرسوم صادر عن طالبان التي تسلمت البلاد من القوات الأمريكية عند مغادرتها الأراضي الأفغانية، فإنه يبقى قرارا سياديا رغم أنه يضرب في صميم الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها كل دول العالم تقريبا.

لكن هذا المسؤول النرويجي لم يكتف بإصدار بيان من مكتبه المريح في «أوسلو»، بل نزل في أفغانستان وحاول تفقد سير العمل في مكاتب المنظمة التي يترأسها ووقف بنفسه على تداعيات قرار تعليق عمل النساء الأفغانيات موظفات في المنظمات الدولية. وخلال لقائه مع الصحافة الدولية قال إنه من الضروري تدبر حل لإعادة أزيد من 500 امرأة أفغانية للعمل، لاستمرار إعالة ما يقارب المليون أفغاني، رجالا ونساء، يعيشون أوضاعا عصيبة.

طالبان لا تلتفت في العادة إلى مثل هذه المطالب التي تبدو لقادتها مجرد توسلات.

وفي الوقت الذي تعيش النساء أوضاعا عصيبة هناك، لا يزال بعض السياسيين في أوروبا وأمريكا ينظرون إلى واقع النساء المسلمات بالمنظار نفسه، رغم أنه لا مجال للمقارنة.

ففي الوقت الذي تُمنع النساء في أفغانستان من مغادرة المنزل والذهاب إلى الجامعة لساعات معدودة في اليوم، لدى النساء المغربيات الحق في العمل في مجال العدول، وهناك نساء «عدلات» في المغرب بإمكانهن توثيق العقود والنظر في شؤون المواطنين وقضاء مصالحهم الإدارية، بل وتُعتمد الوثائق التي يصدرنها أمام القضاء ويعتبرها القضاة كافية للبت في الملفات.

موضوع عمل النساء وحضورهن في الحياة العامة حسمنا فيه قبل سبعين سنة، لكن، في الغرب، هناك من لا يزال يعتقد أن المغاربة يتنقلون بين المدن على الأقدام ويحملون النساء مع البضائع على ظهور الجمال.

يونس جنوحي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى