يونس جنوحي
شركات كبرى في صناعة السيارات، رسخت صورة الفخامة والمتانة على مدى قرابة قرن من الزمن، تعيش الآن أسوأ أيامها بسبب السيارات الكهربائية.
كبريات الشركات العالمية، الأمريكية والألمانية وحتى البريطانية، وغيرها، استنكرت تقليد شركات صينية متخصصة في صناعة السيارات الكهربائية لهياكل هذه السيارات بشكل يطابق صورتها الخارجية تماما، دون أن تُفرض عقوبات جادة على هذه الشركات الصينية.
وبحسب ما نشرته صحيفة «اليوروبيان تايمز» المتخصصة، فإن كندا فرضت الآن تعريفة بنسبة 100 بالمئة على السيارات الكهربائية الصينية الصنع، متبعة بذلك الخطوة نفسها التي أقدمت عليها الولايات المتحدة الأمريكية.
وذهبت الصحيفة إلى أن سبب فرض التعريفات الجمركية على السيارات الكهربائية الصينية، بسيط، والهدف منه منعها من خلق منافسة تفتقر إلى ما أسمته «أخلاقيات العمل». ووُصفت سياسة التسويق والترويج لبعض الشركات في سوق السيارات بـ«غير السوقية»، ومن بين هذه الشركات تحتل الشركات الصينية الصدارة.
آخر الأرقام المرصودة تؤكد أن الصين حاليا أكبر صانع للسيارات الكهربائية في العالم، وتستحوذ على 58 بالمئة من الطاقة الإنتاجية العالمية، وهي نسبة ضخمة جدا. في سنة 2023 وحدها، صدّرت الصين مليونا ونصف مليون سيارة كهربائية، هذا دون احتساب السيارات الكهربائية الأخرى التي وُجهت للسوق الداخلية.
يفسر المحللون، دائما، ارتفاع الإنتاج بالطاقة الزائدة المرتبطة بمعدل القدرة الصناعية. إذ إن صانعي السيارات الكهربائية الصينية يلجؤون إلى القدرة المفرطة على الإنتاج لتحقيق أفضل استفادة من الإعانات التي تقدمها البلدان الأخرى، وذلك عن طريق إغراق أسواقها بالسيارات الكهربائية الرخيصة، وهو ما يؤدي إلى إخراج الشركات المحلية لتلك الدول من المنافسة. وهذا الأمر بالضبط تضررت منه دول على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا.
الرئيس الأمريكي جو بايدن، رغم انشغاله بالانتخابات الأمريكية، وفي عز المنافسة بينه وترامب قبل أن يعلن انسحابه، أعلن عن مضاعفة التعريفات الجمركية على السيارات الصينية، ولم تفسر خطوته وقتها على أنها استجداء لأصوات الناخبين الأمريكيين، بل فسرت على أن مستوى الخطورة بلغ حدا لم يعد معه ممكنا السماح للشركات الصينية، المتخصصة في صناعة السيارات الكهربائية، بالتغول داخل تراب الولايات المتحدة الأمريكية، خصوصا مع ارتفاع الأصوات المطالبة بمساءلة هذه الشركات عن الجودة والسلامة.
القرار الأمريكي لم يشمل السيارات الكهربائية الصينية وحسب، بل تجاوز ذلك إلى فرض ضرائب إضافية على المواد التي تدخل في صناعة هذه السيارات، مثل الموصلات والخلايا الشمسية -ضوعفت الضرائب المفروضة عليها- وأيضا بطاريات الليثيوم التي عرفت زيادة في الضريبة المفروضة عليها بنسبة 25 بالمئة.
إجراءات حكومات الدول الرائدة في مجال صناعة السيارات، ضد الصين، حركتها كبريات الشركات العالمية.
أقام المتخصصون مقارنة تعكس مدى جسامة الوضع الحالي لسوق السيارات في العالم، وقارنوا بين حجم إنتاج الصين من السيارات الكهربائية فور الإعلان عن تصنيع «تيسلا» الأمريكية قبل أكثر من 15 سنة، وخلصوا إلى أن الإنتاج الصيني ارتفع بـ460 في المئة السنة الماضية، أي أن الشركات الصينية اكتسحت حرفيا السوق العالمية.
ورغم تفوق «تيسلا» الأمريكية في السلامة والتكنولوجيا والقيادة الذاتية وكل الخصائص التي اعتدنا على مشاهدتها في الأفلام السينمائية التي تحاكي المستقبل، إلا أن الشركات الصينية تستحوذ على القطاع بإنتاج السيارات الرخيصة التي سُجلت ضدها شكايات مستهلكين حول العالم فوجئوا بمدى سوء جودة أغلبها.
السؤال الذي يطرحه الفاعلون والمتخصصون الآن حول العالم هو كيف ستؤثر التعريفات الجمركية المفروضة حديثا على السيارات الصينية، على المشترين في جميع أنحاء العالم؟ هناك تخوف من أن يدفع الناس الفرق من جيوبهم بعدما دفعوه من سلامتهم الشخصية مسبقا.