شوف تشوف

الرأي

من سرق كأس إفريقيا؟

حسن البصري

حين ينضب معين الصحافيين وتجف مصادرهم، يجدون في «سرية التحقيق» مبررا لطي صفحة التقصي. في مصر لا حديث إلا عن سرقة كأس أمم إفريقيا من داخل مبنى الاتحاد المصري لكرة القدم. أصل الحكاية يرجع إلى نهاية أشغال بناء متحف في مقر الاتحاد المصري بعد مرور قرن على ظهور الكرة في أرض الكنانة، تقرر تخصيص مكان يليق بالكأس التي احتفظت بها مصر حين ظفرت بها ثلاث مرات متتالية، لكن الكأس تبخرت في السماء ولا أثر لها في خزينة الاتحاد.
تحولت القضية إلى قضية رأي عام، بل إنها فاقت من حيث المتابعة قضية محاكمة بطرس غالي، الأمين العام السابق للأمم المتحدة، الذي تجري وقائع محاكمته بتهمة فساد، فالمصريون لا يطالبون غالي برد المال المنهوب بل يلحون على استرجاع الكأس وإحضار السارق حيا أو ميتا.
بدأ البحث من لاعب مصري قيل إنه آخر لاعب حمل الكأس إلى بيته، فتشوا منزله فلم يعثروا إلا على كؤوس وفناجين في المطبخ، فاعتمد المحقق «كونان» المصري على قاعدة جنائية «حاميها حراميها» وشرع في التحقق من هوية الحراس الخصوصيين والعموميين بمقر الاتحاد المصري بالقاهرة، لكنهم لجؤوا للقاعدة المغربية «سبق الميم ترتاح».
كتب عضو سابق في اتحاد الكرة المصري نداء على صفحته في منصة تويتر، ناشد من خلاله السارق المفترض بإعادة الكأس مقابل جائزة نقدية، وناشد كبار حراميي مصر بالتعبئة لإعادة الكأس إلى مكانها. لكن المحققين استغربوا لانقطاع التيار الكهربائي عن مطار القاهرة قبل أسبوع وتساءلوا عما إذا كان وراء الانقطاع مخطط لتهريب الكأس كما حصل ليلة تهريب الآثار. علما أن الكأس المسروقة تزن ستة كيلوغرامات وعليها طبقات من الذهب الخالص ما يغري حرامية الذهب.
نحمد الله أننا لا نملك في خزينتنا كأسا ولا فنجانا، فالكأس اليتيمة التي فاز بها منتخبنا المغربي عام 1976، سلمت للاتحاد الإفريقي في العام الموالي لتكون من نصيب منتخب غانا الذي احتفظ بها لأنها اللقب الثالث في رصيده.
أما مقرات الفرق المغربية فنادرا ما تخصص متحفا لجمع شتات الألقاب ما ظهر منها وما بطن، وإن وجدت المتاحف فتتحول في الغالب إلى واجهة لعرض الصور القديمة، بشكل يجعل الزائر يخال نفسه أمام واجهة محل تصوير في حي قديم.
أعرف كثيرا من رؤساء الفرق المغربية الذين يزينون صالونات بيوتهم بالكؤوس والدروع الخاصة بالنادي، ويجدون متعة في سرد علاقتهم بالكأس ودورهم في انتزاعها وكأنهم اقتحموا الملعب وسجلوا هدف الخلاص. وحين تقرر القيام بحملة لجمع الكؤوس في أفق خلق متحف ينعش الذاكرة تبين أن حصيلة التعبئة لم تتجاوز صورا بالأبيض والأسود وكرات وأقمصة قيل إنها من صنع مغربي.
ولأن الشيء بالشيء يذكر، فإن مغربيا يدعى عبد القادر أيت سيدي ينحدر من مدينة ورزازات، كانت له لمسة على كأس إفريقيا وكأس العالم وكأس أوربا، بحكم عمله في شركة بيرتوني الإيطالية المتخصصة في صناعة الكؤوس. هذا التقني المغربي عبر عن استعداده لاستنساخ نسخ من الكؤوس والمساهمة برأيه في إنشاء متحف للكرة المغربية التي تعاني من هشاشة على مستوى الذاكرة.
نعود إلى السرقات التي لا يسلم منها مقر فريق، ونتوقف عند مداهمة مقر نادي الترجي التونسي بباب السويقة في العاصمة، حيث استولى مجهولون على مجموعة من الوثائق المتعلقة بالنادي، حينها وجهت أصابع الاتهام لمغربي قيل إن ميولاته ودادية ولا يستبعد أن يكون الغرض هو السطو على مستندات تفيد في ملف النزاع القائم بين الوداد والترجي في محاكم الكرة، لكن المحققين أكدوا أن الرجل لا علم له بخلاف الفريقين، ولم تطأ قدماه ملعب رادس ولا المنزه طيلة مقامه في تونس.
أكبر السرقات في الأندية الرياضية هي سرقة الفلوس وليس الكؤوس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى