كريم أمزيان
في تطورات الوقفة التي دعا إليها عبد المولى عبد المومني، رئيس التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، ضد جريدة «الأخبار»، قررت الكتابة العامة للاتحاد العام للشغالين بالمغرب حل نقابة التعاضدية، بعد تجاوزات كاتبها العام. وأكد النعم ميارة، الكاتب العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، في اتصال مع «الأخبار»، أن لجنة التأديب والتحكيم قررت التوقيف النهائي لأحمد النعّاس كاتبها السابق في التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، بعد بثها في خروقاته، واتخذت قرار حل مكتبها النقابي في التعاضدية، مشيرا إلى أن هذه المؤسسة لا تتوفر حاليا على مكتب نقابي، وستتشكل لجنة تحضيرية لانتخاب مكتب جديد لنقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، وأن أي استعمال لطابع وخاتم النقابة سيعرض صاحبه للمتابعة القضائية.
ومن جهة أخرى، تحدى عبد المولى عبد المومني، رئيس التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، قرارات وزارتي الشغل والإدماج المهْني والاقتصاد والمالية، وشرع في تسويق بطاقة الشامل في غياب لقرار مشترك للوزارتين، وبعيدا عن تدخل هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي، لتقويم تجاوزات التعاضدية ووضع حد لها، خصوصا ذات الطابع المالي، على الرغم من الاختلالات التي يعرفها المشروع. ويكرر عبد المولى عبد المومني سيناريو «بطاقة صحتي» التي استعملتها جمعية «أماصوم» سنة 2007، والتي تعاقدت مع محماد الفراع، الرئيس السابق للتعاضدية، بعد تطبيق الفصل 26 من ظهير التعاضد، وانتهى الأمر برئيسها بسجن الزاكي.
وتوصل عبد المولى، في 11 دجنبر الجاري، بتقرير إداري حول خدمات الشامل وحصيلته منذ شهرين على انطلاقه. ويتبين من خلال هذا التقرير أن التعاضدية العامة توفر كل الدعم اللوجيستيكي والموارد البشرية للمجموعة التجارية «السرايا هولدينغ»، من مستخدمين مكونين تم تعيينهم بكل المرافق الإدارية المركزية والجهوية التابعة لها، وتجهيزات ومستلزمات مكتبية وربط معلومياتي مندمج، إضافة إلى استغلال بنك معطيات منخرطين بكنوبس وتفويت معلومات شخصية سرية لشركات لا علاقة لها بتدبير التغطية الصحية الأساسية، وهي المعطيات التي تباع بملايين الدراهم لتوظيفها في دراسة سوق شركات التأمينات أو الخواص الراغبين في إحداث مشاريع صحية أو صيدليات، وهو ما يتناقض مع القانون رقم 08-09 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي.
وتشير المصادر إلى أن هذا المشروع وطريقة تدبيره يرهق مالية التعاضدية العامة بتكاليف زائدة عن مبلغ التعاقد المبالغ فيه، لكونها تحملات كان من المفروض على الشركة المتعاقد معها أن تتحملها لتسويق منتوجاتها في سوق بـ436000 منخرط و900 ألف من ذوي الحقوق.
وتكشف وثيقة حصلت «الأخبار» على نسخة منها، مؤشر عليها من طرف مدير المؤسسة (ف.م)، وهو ابن بلدة عبد المولى عبد المومني، أن الرئيس أحدث وحدة إدارية ضمن المنظم الهيكلي لم يصادق عليها المجلس الإداري ولم تعرض عليه، وانفرد بها الرئيس لبسط سيطرته عليها والتحكم فيها وتدبيرها بشكل مباشر، كما هو الشأن بالنسبة لقسم الأداءات المكلف بمعالجة ملفات المرض الذي يخضع بعض مسؤوليه لتحقيق مع الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بخصوص شبهة تزوير ملفات واختلاس تعويضات.
وبحسب ما جاء في التقرير، فقد سماها وحدة الشامل وعزلها عن هيكلة الإدارة المكونة من 59 قسما ومصلحة وهو عدد المصالح الإدارية التي تتوفر عليها تسع تعاضديات مجتمعة تنتمي للقطاع العمومي. تفعيل الشامل جاء، وفق المصادر ذاتها، كتحد لوزير الشغل الحالي، ولإعطاء الانطباع بإنهاء حالة الخوف بين التعاضديات وسلطات الوصاية، وتكسير حاجز احترام القانون والمسؤوليات والاختصاصات لتعبيد الطريق لفرض انهيار سلطة الحكومة، ومحاولة من الرئيس لخلق سابقة تعميم الفوضى في القطاع بعد تجاوز سلطة وزير وصي. ولم يكترث عبد المولى بفحوى رسالته الموجهة إليه تحت رقم 67 / 2018/ م.ح.ج.ع بتاريخ 12 أكتوبر الماضي، والتي حدد فيها مدة أسبوع لكي يتراجع عبد المولى عن هذا التعاقد وقرارات أخرى لها علاقة بإحداث وحدات صحية واجتماعية دون ترخيص من الوزارات المعنية والتراجع عن قرارات تعسفية في حق المستخدمين والمستخدمات، إلا أنه تجاوز المهلة ولم يكترث للوزير يتيم ورسالته.
وأوردت المصادر نفسها، أن تقرير الإدارة بمثابة رسالة تحد تبين أن وحدة الشامل المحدثة، خلق لها الرئيس فروعا في مختلف مصالح التعاضدية، ومكنها من 30 ألف بطاقة كدفعة أولى قصد توزيعها على منخرطي الجهات، ولم تسلم منها سوى 2046 ربعها من مستخدمي المؤسسة، البالغ عددهم 500، من أصل 436.000 منخرط ومنخرطة بالتعاضدية العامة. وأضافت المصادر أن هذا من غرائب التدبير بالتعاضدية، فبدل أن تقدم حصيلة بمؤشرات رقمية حقيقية لخدمات الشامل المسداة للمنخرطين، قامت بإحصاء عدد المكالمات الهاتفية التي توصلت بها، وحددت في 372 مكالمة والتصريح بالولادات التي بلغت 19، وتم إخبار ذويها بعدم أحقيتهم في تعويض 300 درهم لانعدام توفر الشروط المطلوبة، لتكون هذه حصيلة شهرين من خدمات الشامل التي صرف قسطها الأول بمبلغ يقارب المليارين.
والخطير، وفق المصادر نفسها، في تدبير العمليات الحسابية وميزانية هذه الخدمات التي لا يحترم التعاقد بشأنها المقتضيات القانونية لنظام التعاضد والأنظمة الداخلية للمؤسسة، فقد سدد الرئيس مبلغ 1.9 مليار سنتيم لشركة «نوفا تأمينات» كقسط أول من مبلغ إجمالي يقدر بـ 3 مليارات سنتيم بواسطة أمر بالأداء رقم 01662 لشهر أكتوبر الماضي، كما سدد مبلغ 557.650 درهما لجهة مجهولة الهوية تظهر فقط من خلال محققات الميزانية لسنة 2018. ومن بين التجاوزات الأخرى، إبرام اتفاق مع شركة تأمينات كان يشن عليها دائما هجومات بحكم أنها تعاكس مبادئ التعاضد المبني على قيم التكافل والتضامن، فوقع اتفاقية معها بمبلغ 30 مليون درهم، دون توفر الاعتمادات المالية بميزانية سنة 2018، ودون برمجة هده الخدمات من طرف المجلس الإداري.
ووفق المعطيات ذاتها، فقد أصبح مسك حسابات التعاضدية العامة لا يخضع للمساطر القانونية والمخطط المحاسبي للتعاضديات لسنة 2008، بل لهوى عبد المولى، خصوصا أن الجميع يتحدث عن أي حساب ميزانياتي جرى سحب مبلغ القسط الأول البالغ 19.557.650 درهما. ويظهر من خلال مشروع ميزانية 2019، أن خانة تمت إضافتها لهذه الميزانية، وتحمل المبلغ الكلي لتكلفة الشامل برسم سنة 2018، وما تحقق خلال هذه السنة إضافة إلى خانة توقعات سنة 2019، التي تحمل مبلغ 30 مليون درهم أخرى لتصل خدمات الشامل ما بين 2018 و2019 إلى 60 مليون درهم أي 6 مليارات سنتيم.