شوف تشوف

الرئيسيةسياسية

من اليسار إلى اليمين

نجح تحالف الأحزاب اليسارية في إنقاذ فرنسا من السقوط في براثين اليمين
المتطرف الذي اكتسح نتائج الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية، بعدما
استطاع تحالف اليمين اكتساح هذه الانتخابات في جولتها الأولى، وبذلك انتقلت
الجمهورية الفرنسية في ظرف أسبوع من اليمين إلى اليسار.
أما في المغرب، لا نستغرب، كيف ارتمت أحزاب يسارية في حضن حزب العدالة
والتنمية أثناء اكتساحه للانتخابات التشريعية في سنتي 2011 و2016، وتابعنا
كيف أن أحزابا تاريخية تخلت عن مرجعيتها وإيديولوجيتها وتحالفت مع هذا
الحزب مقابل حقيبة أو حقيبتين وزاريتين، عوض بناء جبهة يسارية قوية تصطف في
المعارضة للحفاظ على القيم الديمقراطية والحداثية.

مقالات ذات صلة

وتوجه اتهامات لبعض الزعمات اليسارية بإفشال مشاريع الوحدة والإندماح، وهو
حلم ظل يراود قادة أحزاب اليسار المغربي، منذ أن تعرض لـ “نكبة” التشتيت
والانشقاقات، بسبب الرغبة في كرسي الزعامة والمصالح الشخصية الانتهازية
الضيقة، ولاحظنا كيف خرجت نبيلة منيب، “زعيمة” الحزب الاشتراكي الموحد من
مشروع إدماج ثلاثة أحزاب يسارية في إطار فيدرالية اليسار، رغبة منها في
الحصول على مقعد برلماني بمجلس النواب.

وشكلت التحولات النوعية التي شهدها المشهد السياسي المغربي بعد الدستور
الجديد ونتائج الانتخابات التشريعية التي أفرزت فوز حزب العدالة والتنمية
ذو التوجه الإسلامي ووصوله إلى قيادة الحكومة لولايتين، فرصة ذهبية لإعادة
هيكلة التقاطبات السياسية برمتها، وخاصة بالنسبة للأحزاب المتحدرة من
العائلة اليسارية، والتي من المفروض أن تختار إما خيار الإندماج  أو خلق
تحالفات موسعة تجمع كل هذه الأحزاب في قطب واحد، وخاصة الأحزاب التي تؤمن
بالعمل من داخل المؤسسات.

وتبقى المهمة المطروحة اليوم على الأحزاب اليسارية، هو بناء تحالفات قوية
مؤسسة على أرضيات إيديولوجية وسياسية واضحة المعالم، وهو المدخل الأساسي
للحفاظ على التوجه الديمقراطي الحداثي في الساحة السياسية، لكن هناك مجموعة
من العراقيل التي يمكن أن تشكل عائقا أمام هذه الوحدة، وهي الطموحات
الشخصية لزعماء الأحزاب، لأنها مستعدة لبيع تاريخ هذه الأحزاب مقابل صحن
عدس، كما يقال.

والدليل على ذلك، فإن التجربة الحكومية لحزب العدالة والتنمية، أثبتت خيبات
وانكسارات اليسار المغربي، ودخوله مرحلة التراجع والانحسار، حيث سارع حزب
التقدم والاشتراكية للانخراط في هذه التجربة من منطلق انتهازي محض، بعدما
تراجع حجمه الانتخابي، وهرول الرفيق الحاج نبيل بنعبد الله لوضع يده في يد
عبد الإله بنكيران، وتحالف مع حزب العدالة والتنمية،  دون أية مبررات
تاريخية أو سياسية أو أيديولوجية، وهو ما اعتبره رفاقه في الحزب انحرافا
تاريخيا وإعلانا صريحا للخروج من اليسار والاصطفاف إلى جانب القوى الرجعية
المعادية للتقدم، أو بمعنى آخر فقد أسس هذا التحالف لانتقال معاكس للانتقال
الفرنسي من اليسار إلى اليمين.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى