إعداد وتقديم: سعيد الباز
يستمدّ أدب الرحلة أهميته الكبرى من سعيه إلى التقريب بين الشعوب والثقافات المختلفة. لهذا حظي هذا الأدب باهتمام الأدباء والدارسين، حيث اعتبر في القديم من أهمّ المصادر الجغرافية والتاريخية والاجتماعية. من جهة أخرى، ارتكز أدب الرحلة، بالدرجة الأولى، على الاعتماد على الوصف ونقل المشاهد الحية وتصويرها تصويرا أدبيا تتخلله الانطباعات الشخصية والذاتية المرتبطة بمشاعر وأحاسيس الكاتب ورؤاه الفكرية، كما يسمو أحيانا إلى مستوى التعبير الفني والجمالي الرفيع.
أمجد ناصر.. ألف ليلة وليلة يمانية
تميّز الشاعر والكاتب الأردني الراحل أمجد ناصر بإجادته الكتابة في أدب الرحلة، حيث تتعدد إحالاته التاريخية والسياسية مع قوة الملاحظة واستكشاف الأمكنة من خلال كلّ أبعادها العمرانية والإنسانية، وليس غريبا عنه ذلك، فقد كانت حياته عبارة عن رحلة طويلة شملت بلدانا كثيرة منذ أن غادر بلاده الأردن وهو في مطلع شبابه وحتّى وفاته.
سجل ناصر زياراته المتعددة لبلدان مختلفة، من خلال رحلات إلى اليمن ولبنان وسلطنة عمان، وسوريا والمغرب وأخيرا إلى كندا في كتابه «تحت أكثر من سماء». هنا نرحل معه تحت سماء اليمن السعيد:
«… تناولنا غداء خفيفا أحضرناه معنا من عدن ثم انطلقنا. فنحن لم نقطع سوى نصف المسافة بين عدن وصنعاء وعلينا أن نبلغ العاصمة قبل حلول الليل. فالغرض من سلوكنا هذه الطريق هو رؤية القرى اليمنية فريدة المواضع والمعمار. ويبدو أن الطريق، بدءا من هذه النقطة، سيكون صعدا. فالحافلة بالكاد كانت تسير. ورأينا قرى وجبالا لا مثيل لها، على الأرجح، في أيّ بلد عربيّ آخر. الجبال في الغروب البطيء بدت وكأنّها التكوين الأول للخليقة. لها مرّة سمت البشر ومرّة أخرى شكل التماثيل العملاقة. لا سهول تتراءى على مدّ البصر. الجبال فقط تتكئ على بعضها البعض في أخوّة الطبيعة الغامرة. وفي سفوح الجبال عملت أيدي اليمنيين، منذ فجر التاريخ، على انتزاع التربة من الصخر لزرعها، فبدت الحقول المزروعة بخضر وبقول الموسم على شكل أحواض متدرجة تبدأ من النقطة التي يمكن استخلاص التراب منها وصولا إلى القاع. لكنّ البيوت لا تقوم في القاع أو في السفح، بل دائما على رابية أو مرتفع لا يتصل مباشرة بالجبل. والواضح أنّهم يتفادون بذلك السيول التي تفيض في مواسم المطر أو تلك التي تتدفق من الجبال فتجرف أمامها كلّ شيء… وليس غريبا أو نادرا أن ترى بيوتا على قمة جبل، أو على رأس مرتفع تتكون من ثلاث أو أربع طبقات ترابية اللون مزيجة بالجصّ الأبيض… كنتُ أتجاذب أطراف الحديث… مع كلاوديا زوجة الكاتب ألآن بورير… قالت كلاوديا التي زارت الشمال الأفريقي العربي أن المعمار اليمني وأسلوب التعامل مع الطبيعة لا مثيل لهما في أيّ مكان عربي آخر، بل ربّما لا مثيل لهما في العالم. وليس هذا، بالطبع، محمولا على أيّ شيء من المبالغة. فالبيت اليمني التقليدي هو قطعة فنية مثل الحلي المشغولة باليد وليس مجرّد بناء يكتفي بالوظائف الأولية المناطة بالبيت من ستر وإيواء ومعيشة. إنّه شيء شبيه بالفرس المطهمة. دون مبالغة بالزركشة ولا إبهار في اللون. ولا شك أن البيوت ذات الطبقات المتعددة هي للميسورين منهم ذوي العائلات الكبيرة. فأحد اليمنيين المرافقين لنا قال لي أن عدد الطبقات يعكس المنزلة الاجتماعية لصاحب البيت.
وصلنا إلى صنعاء مع حلول الليل… أوّل فارق يلمسه الزائر القادم إلى صنعاء من عدن هو تغيّر المناخ. فمن حرارة ورطوبة عدن إلى برودة وجفاف صنعاء. وقد احتجتُ، لأوّل مرّة، إلى ارتداء سترة بعد أن كان القميص أو «التي شيرت» كافيا لليل عدن. وحسنا أنني اصطحبتُ معي سترة جلدية كنتُ خرجتُ بها من لندن وما كنتُ ظانا أنني سأستخدمها قياسا على ما عهدتُ الطقس في عدن.
كان الوقت في حدود التاسعة ليلا. السوق شبه مغلقة. بقايا حوانيت لا تزال مشرعة الأبواب وبعض السابلة لا يزالون يروحون ويجيئون. أخذنا بهاء المعمار من مجامع الأبصار. كلّ بيت رأينا أو مررنا به كان قطعة فنية تشبه الأخرى وتختلف عنها، في الوقت نفسه، بالتفاصيل. بيوت من طبقات مشيّدة من الحجر تميّزها العقود البيض، كأنّها لوحات خرجت لتوّها من معجم ياقوت الحموي أو من ألف ليلة وليلة يمانية. الأمر الذي يجعل الرحالة والجغرافيين العرب على حق حين يجنحوا للغرائبي في وصف صنعاء ومعمارها».
محمد المخزنجي.. جنوبا وشرقا رحلات ورؤى
كتاب «جنوبا وشرقا رحلات ورؤى» للكاتب المصري محمد المخزنجي عبارة عن رحلات استطلاعية ضمّت بلدانا من أفريقيا وشرق آسيا وأوروبا الشرقية. تميّز هذا الكتاب بغزارة التفاصيل التي لاحظها الكاتب وسجّلها بأسلوب أدبي يوازي أهميتها من حيث الوصف والتعبير الفني. في رحلته إلى المغرب وقف عند مدينة طنجة ورافق الكاتب المغربي الراحل محمد شكري محاورا له، ومتأملا المكان وانطباعاته الشخصية:
«… كنّا جالسين في شرفة بمقهى «الجنينة» الصغير البديع النظيف بشارع ماركو بولو، وأشار محمد شكري إلى الشاطئ والبحر أمامنا. خليج محوّط بالتلال الخضر التي تهجع على مدارجها البيوت البيضاء ذات السقوف من القرميد الأحمر: «إنّنا الآن نطلّ على مكان يسمّى مالاباطا أو المنار، واحد من أجمل الشواطئ المغربية». طنجة هي مدينة ساحرة، السحر الذي أغوى «يوليسيس»، والسحر لا يمكن تفسيره فإذا فسرناه لم يعد سحرا. هذه المدينة إمّا أن تقبلك أو ترفضك، مدينة لا ترحم. لابد أن تعرف كيف تعيش فيها. أناس جاؤوا ليكتبوا وعادوا. أناس جاؤوا ليرسموا وعادوا. لو لم أعش في طنجة لما كتبتُ بالطريقة التي كتبتُ بها. تعدد الأشخاص وتعدد جنسياتهم. هذه مدينة تصبّ فيها معظم التيارات بصفتها جسرا. بالإضافة لكونها ميناء وهي مدينة أسطورية. المغاربة الطنجاويون يقولون أن فلك نوح رست على هضبة الشرْف فأرسل الطائر وجاء بالتراب في أقدامه مما يعني ظهور البرّ وانحسار الطوفان أي بلوغ النجاة فقالوا: «طين جا»، ومنها: طنجة!».
نعم، طنجة أسطورية، بقدرتها على الإيحاء بالخيال الذي يحلّق عاليا بارتفاع أسطورة. وكاتب طنجة هو الآخر أسطورة. فالصحافة الأدبية عرفتنا به كما لو كان قفزة مستحيلة من الأمية إلى الإبداع. محمد شكري ليس أسطورة من هذا النوع. إنّه كطنجة أسطورة صنعت نفسها بمقومات نادرة كامنة في تكوينها، فمحمد شكري كان لا يكتب حتّى سن متأخرة. نعم، لكنّه ما أن عرف كيف تُرسم الكلمات حتّى انطلق في بناء معمار كاتب عربي مهم، بل إنّه أحد الكتاب العرب القلائل القادرين على المحاورة العميقة مع الإبداع الغربي. فهو قارئ ممتاز للثقافة الغربية، الإبداعية منها خاصة، ويأخذها من مصادرها فهو يجيد الإسبانية والفرنسية ويعرف الإنجليزية أيضا. متعدد اللغات كطابع طنجة المعتق. ثم أن الغرب أتاه إلى حيث هو فعايش هذا الغرب على أرضه أي طنجة بندية إنسانية. لهذا يتحدث محمد شكري عن المثاقفة لا بمنطق صراع الثقافات بل بمنطق لقاء الثقافات. فيقول لي بينما نتناول غداءنا في أحد مطاعم طنجة الصغيرة الأنيقة وتحتنا مدارج التلال والبيوت وزرقة البحر: «هناك من الغربيين من أتى مغتصبا وهناك من أتى من أجل المصاهرة والعيش. وحتّى من يأتي مغتصبا فهو يترك أثره. لكنّه يترك من السيئ أكثر من الجيد. ولو أن الزمن أعطي للاختيار لأخذت الجانب الإيجابي دون السلبي».
مواجهة الثقافات لدى كاتب طنجة مشروع للعناق أكثر منها مشروع للصدام. وهذا منطق طبيعي في مدينة تقف عند مفترق الطرق، فهي أقرب بوابات أفريقيا إلى أوروبا، وهي زاوية الإطلال على لقاء البحر المتوسط بالمحيط الأطلسي. وهي نموذج لحوار البر والبحر. وهو حوار لم يكن دائما هادئا، بل كثيرا ما كان داميا، وقليلا ما كان عادلا. لكنها لطبيعة قوية فيها، استطاعت طنجة أن تذيب في نسيجها كلّ من هبط على برّها وإلّا لفظته».
عائشة بلحاج.. على جناح درّاجة من طنجة إلى باريس
كتاب «على جناح درّاجة من طنجة إلى باريس» للشاعرة والإعلامية المغربية عائشة بلحاج، الحائز على جائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة التي يمنحها المركز العربي للأدب الجغرافي/ ارتياد الآفاق.. يتميّز بكونه رحلة ثقافية إلى حاضرة باريس ومعالمها الحضارية والفنية بأسلوب الكاتبة الخاص وتصوراتها متأمّلة الأمكنة في سفر تتخلله محاورات وأفكار وآراء:
«في يومي الرّابع في باريس، كان الوقت قريبًا من الغروب، والإضاءة في السّان جرمان رائعة جدًا، لون رمادي خفيف مشوب بحُمرة مخفّفة، ينعكس على المدينة من السّماء التي تبدو هنا أكثر اتساعًا. أحببت الأبنية وشساعة الشوارع، وقلة الناس. بعد فترة وجدتُ دراجة، وكأنني وقعت على كنز.
كان معي شاب مصري في العشرين، التقيت به في Sacré Coeur، ورافقني إلى المدينة بعدها، كسائحين يتعكّزان على القليل من المعرفة التي لكل منهما بها، وأخبرني أنّها تتبع لتطبيق يُسمّى: OBike. قلت إنّني أريد أن أجرّبها. هل تعرفين أن تقوديها؟ سألني. قلت لا أدري؟ بيننا زمن طويل، مرت عشرون سنة لم ألمسها فيه، ولا أعرف إن كنت أذكر كيف أقودها.
ركبتُ الدرّاجة بعد أن أخفضنا مقعدها، وللمفاجأة تحرّكتُ بها بضع خطوات، بفرح وخوف حاولت الذهاب بها لأبعد حدّ، وكانت بضع دقائق مليئة بالجموح، واحتاج الأمر عدة محاولات للسّيطرة عليها، واستطعتُ ركوبها لمدة نصف ساعة، في أرصفة وشوارع باريس، ثم ركنتها بعد أن تعبت وغلبني خوفي من الأسوأ. إذ كنت خلال تلك النّصف ساعة خطرًا على ساكنة وسياح باريس اللّطيفين؛ مرتين كدتُ أصدم مقهى، حين قدتُ الدرّاجة على الرصيف، ومرّة سيارة حين نزلت الشارع، لولا أنني مددت يدي لها، لأمنع الدراجة من صدمها. هكذا حين خرج إليّ سائق السيارة، وبوجهه غضب هائل، لم يجد له متنفسا حين اكتشف أن المتضرّر الوحيد يدي. ثم رحمةً بالجميع، سلّمتها، مكتفية بمتعة اكتشاف الشعور مجددًا بعد كلّ هذه السنين.
في اليوم التالي، بعد ركوب قارب على نهر «السين» بدا لي أن ركوب درّاجة أخرى شيء مناسب تمامًا لمزاج التحليق، الذي حرّضه القارب. هذه المرة كنت أكثر استعدادًا للأمر، وقضيتُ ساعتين ونصف عليها. تجوّلت حول السّين، والمدينة، مررتُ بشوارع وأرصفة، وكان الكلّ بأمان من سياقتي هذه المرّة. كان مدهشًا جدًا ذلك الشّعور بالتّحليق في مدينة منظّمة، لا شيء فيها لتخافه، هناك أمكنة للدراجات في كلّ الشوارع، والجميع يحترم الضّوء الأحمر، وحركة السير خفيفة، ولا أحد يعترض طريقك في شوارع خالية أو شبه مظلمة.
تنقلتُ من السّين إلى الحي اللاتيني، لحضور حفل جاز، بكلّ حواسي، مع قليل من التوّجس الذي تغلّبتُ عليه خطوة، خطوة. كنت أقول لنفسي ماذا تفعلين؟ وليس معي حتى ورقة التأمين التي استخرجتها للفيزا، حتى أستفيد منها في احتمال وقوع حادث كنت أراه أمامي.
لذا، تعمّدت أن أسوق الدراجة معظم الطريق على طول السين في رصيف واسع، وفّر علي الحذر من المشاة. وفي المدينة، ساعدني الحظ لأنّ الشوارع كانت شبه خاوية بما أن الوقت كان متأخراً».
جمال الغيطاني.. مقاصد الأسفار
عُرف عن الروائي المصري جمال الغيطاني اهتمامه الشديد بأدب الرحلة الذي صنف فيه عدة كتب حول رحلاته في عدة قارات في العالم. لم يكن يخلو وصفه للأمكنة والبلدان من محاوراته الخاصة لثقافتها وخصوصياتها على شتى المستويات والتقاط التفاصيل الدقيقة التي تسهم في منح القارئ صورة واضحة عن المكان وخصوصيته. في رحلته إلى الصين يبرز لنا أوجه الاختلاف بين الصين الشيوعية والصين الحالية:
«… كلّ مطار يعدّ بوابة للمدينة، للبلد، مطار بيكين مبهر بضخامته، بنظافته، بحداثته. المسافة من باب الطائرة إلى مكاتب الجوازات تستغرق حوالي عشر دقائق مشيا، المبنى ينتمي إلى ما بعد الحداثة، أقارنه بمطار شنغهاي الذي نزلته منذ عامين، مطار بيكين أصغر حجما، لم تعد العواصم هي المدن الأهم، بل إن بعض أسماء المدن الصينية تتردد الآن باعتبارها الأغنى والأحدث، مثل مدينة تشينغن التي بدأ منها التحديث والانفتاح في الجنوب، منافذ الجوازات عديدة معظمها مخصص للصينيين بعد تزايد سفرهم ورفع كافة القيود التي كانت في الماضي، منافذ أخرى مخصصة لأهالي المستعمرات الصينية، «ما كاو» التي كانت تحتلها البرتغال (كثيرا ما أسأل نفسي بسذاجة، ماذا أتى بهؤلاء القوم إلى آخر الدنيا؟) ثم أهالي الصين الوطنية (تايوان)، ومواطنو هونغ كونغ التي عادت إلى الصين بعد انتهاء الاستعمار البريطاني واحتفاظها بالنظم الخاصة بها. الملاحظ أن الحدّية لم تعد من سمات السياسة الصينية، زالت الحدّة عن مشكلة تايوان، أيضا لم تعد هناك مواجهة إيديولوجية بين نظامين متناقضين إلى حدّ الصدام كما كان الأمر عليه في الماضي، كلّ ما لم تحصل عليه الصين بالصدام والعنف تصل إليه الآن بالحكمة والتعقل والسياسة الهادئة، عندما بدأ التغيّر في توجهات الصين، قال دنغ هسياو بنغ الذي يعتبر مهندس الصين الحديثة: لا يهم لون القط، أسود أو أبيض، المهم أن يأكل الفأر!.. مقولة دالة، تشبه مقولات حكماء الصين القدامى، فيها براغماتية؟ نعم، فيها منطق: الغاية تبرر الوسيلة. نعم، المهم تقدم الصين وقد تقدمت بالفعل. المطار مدخل لمن لا يعرف، كلّ بضائع الدنيا يمكن رؤيتها على أسقف السوق الحرة، وفي أسواق البلد، كان جور النايلون ولبان الأطفال الغربي حلما في يوم ما للنساء في الدول الشيوعية، الآن كلّ شيء متاح لمن بيده المال، على أية حال تلك تأملات سابقة لأوانها، ما زلنا في المطار.
لا زحام، وصلتُ بسرعة إلى ضابطة الجوازات، قدمتُ جوازين، جوازي والآخر يخصّ زوجتي، ما زلتُ أتصرّف كصعيدي، فأوراقها معي وعند المشي أتقدم وعيني عليها حتّى وإن كنتُ في الأمام. تبدأ الضابطة الحسناء إجراءاتها، عند لحظة تتطلع إلى ملامحي، أسمع خبطة الختم بالجواز، لم يستمر الأمر إلّا دقيقة، لم توجّه إليّ أيّ سؤال، أمام النافذة آلة صغيرة عليها أربعة أزرار لإبداء الرأي في المعاملة، حسن جدا، حسن، سيئ جدا، سيئ. بصراحة ضغطتُ الزر، حسن جدا، وخرجتُ إلى الصالة التي ننتظر فيها الحقائب، أقصدُ خرجتُ أو دخلتُ إلى الصين».
عبد الرحمان شكيب.. من كازابلانكا إلى مونتريال
رحلة الكاتب المغربي عبد الرحمان شكيب إلى الديار الكندية «من كازبلانكا إلى مونتريال» تضعنا أمام نموذجين في الحياة وطبيعتهما، يبرز ذلك بكلّ وضوح من خلال العنوان. وكما ألمح إلى ذلك الكاتب المغربي عبد الرحيم الخصار، فإذا «كان هناك من إسهاب في الوصف فقد خصصه الكاتب لمشاهد إنسانية عديدة، ولم يكن معنياً بالعمران والمظاهر المادية للحضارة بقدر ما كان مفتوناً بعقد مقارنات بين القيمة الاعتبارية للإنسان في كندا ونظيرتها في البلد العربي. لم يكن شكيب لينبهر بالتقدير الإنساني هناك، إنما كان يتحسر بالمقابل على بلدان ضيعت على أهلها فرصة التنمية الحقيقية التي ترفع الإنسان إلى الدرجة التي يستحق باعتباره صانع الحياة». ضمن هذه المقارنات نقرأ: «مونتريال أو القلب النابض لإقليم كيبيك، المدينة المحتضنة لسهول شاسعة حولتها إلى حدائق غناء تسر الزائرين الاستثنائيين والعاشقين لشساعة البحيرات العاكسة لتقلب لون السماء. حدائق الجمال، الذي صنعته تكنولوجيات حديثة حافظة لأدبيات البيئة وكاتمة لأسرار المناخ المتقلب والعنيد. تلك هي الأقاليم الممتدة عبر غابات مظلمة لا ظلال لها ترقد خلفها حقول القطاني الشاسعة. هذه الأرض الخصبة التي من قلبها الرؤوم ينشق ضوء المحبة، استطاعت أن تؤمن وشائج التقبل والاحترام، وتضع في قلبها كل الأجناس البشرية لترسم لوحة بفسيفساء بكل معاني الألفة والمودة. وأن ترسم حدود العلاقة التقبلية البريئة بين الناس. على الوجوه العابرة ترتسم علامات الانفتاح البهيج الذي يتحول إلى عامل خصوبة بامتياز حيث تكثر أشكال الأفراح والتآخي والتضامن اللامشروط. عانقت كاترين وشعرت بنبض قلبها يرقص على حديثنا الذي طال دون ملل أو كلل. قبلتها بحرارة، أحسست بها كريشة ناعمة. عيناها غائرتان يغلب عليهما بياض كيبيك الناصع. رغم التقدم في السن، لا تفارقها أناقة العائلات الثرية. حلي كثيرة ومنسجمة وألوان فستانها الصيفي. شدت على يدي طويلا وحثتني على عشق الحياة. وظلت تردد: «الحياة عميقة وجميلة وفاتنة، علينا أن نعيشها بسلام وعشق دائمين». دعتني إلى ملاحظة السلوك هنا في كندا. لا أحد يخاف القانون، الجميع يحترمه. فتراه ينساب في اليومي والمعيش. ليس هناك تأويلات ولا مراوغات ولا بحث عن مبررات. «لا تسامح مع القبح. ولا تعايش مع الفساد». قال ميشيل، وقد قادته ظروف العمل إلى العيش تحت سماوات دول عربية كثيرة. «قبح الأشياء أداء الضرائب في بلدانكم، وأقصاها ألا تراها وقد حققت إضافة للبلد. الناس هناك خلف البحار، يتنافسون في التملص من أداء المستحقات الضريبية. لأنها في الاعتقاد السائد غير مستحقة أو ليس هناك عدالة ضريبية. الشعوب التي تحترم نفسها لا تتأخر في أداء الواجب الوطني، لأنه السبيل إلى البناء التنموي الكبير وبأمانة. نتفق أو نختلف سيان. لأن تبرير الخطأ يصبح تكريسا لثقافة التخطيء المتعمد غير المسؤول، ويشكل تقهقرا خطيرا يودي بالحياة الاقتصادية. لا يمكن للزائر أو المقيم هنا في هذه الأقاليم الخيرة وعلى كل أرض كندا السعيدة والطيبة – الأرض المعطاء -إلا أن يُقبِل على الحياة.
يحتسي ميشيل قهوته المرة دون سكر يذكر، وهو ينظر إلى ساعته الأنيقة وقد جفت شفاهه من الإفراط في الكلام والنقاش الذي وصفه بالطيب. أطلق ابتسامة كبيرة. اعتقدت في البداية أنه أراد تأكيد انتصاره لمواقفه. انتظرت ما ستسفر عنه ابتسامته المتميزة. طلب مني أن أقترب منه، ففعلت. «أنا أجمل من كاترين. هي التي فازت ولست أنا». كان يتحدث إلي بصوت خافت في أذني. أما السيدة الجميلة رغم تجليات التقدم في العمر، فكانت تعرف جيدا ماذا يريد وماذا يخطط. تتصدى له بابتسامة رفيعة وسامية. انتفضتُ في وجهه ضاحكا ساخرا. قلت: «أنت من فاز بمثل هذه السيدة. دليلي على ذلك أنك تركت باريس وجئت إليها تتودد طالبا راغبا. إنها أجمل منك وأرقى. هي لا زالت شابة وأنيقة أما أنت فهرم مثلي». ضحك بملء فيه ورد علي: «أنا أكثر منكما وسامة، خذها وانصرفا معا». ميشيل مثقف ومناضل مشبع بقيم العدالة الاجتماعية، رجل دعابة ومحبة وسخرية: يسخر من كل شيء. لكنه لم يستطع، رغم اعتزاله مهنة المحاماة، نسيان طريقة الترافع والدفاع عن الرأي في وداعة شديدة الأدب والاحترام والتوقير. دعانا لتناول وجبة الغداء. يحب السمك والسلمون خاصة. غادرنا المقهى وترجلنا في اتجاه مطعم الحي الأليف والأنيق…
كاترين قارئة نهمة ومثقفة بورجوازية، امرأة فاتنة وأنيقة لا تزال تحافظ على عهد الجمال الذي مضى من خلال بوابة المساحيق الباردة والخفيفة الخالية من المواد المجففة للبشرة. عِقدها الثمين الذي لازمها عمرا طويلا. العلامات والإشارات الديبلوماسية التي تعتمدها بين الحين والآخر، كلها ملامح ثقافية للأسر الكيبيكية ذات التاريخ العريق الموشوم على جدار ذاكرة البلاد».
رف الكتب
تشينوا أتشيبي.. أشياء تتداعى
يعتبر الروائي النيجيري تشينوا أتشيبي (1930- 2013) Chinua Achebe رائدا ليقظة الضمير الإفريقي، وأيضا من رواد الرواية الإفريقية مثل مواطنه وول سوينكا والسينغالي عثمان سمبين والسوداني الطيب صالح… وذلك انطلاقا من روايته الأولى «أشياء تتداعى» سنة 1958، التي حققت له شهرة واسعة إفريقيا وعالميا حيث ترجمت إلى أكثر من 50 لغة.
ولد تشينوا أتشيبي في شرق نيجيريا من والدين مبشرين بالمسيحية، درس اللغة الإنجليزية والتاريخ في جامعة «إبادان» التي أسسها الإنجليز في الفترة الأخيرة من استعمارهم لنيجيريا..، لكنّه، كأيّ نيجيري عاش حقبة الاستعمار، عانى من الصراع بين الموروث الوثني والتقاليد الإفريقية الراسخة في وجدانه ومسيحية أبويه، والندوب التي خلفها الاستعمار الإنجليزي عبر سياسته القمعية القائمة على احتقار الشخصية الإفريقية ودمغها بكلّ ما هو متخلف وبدائي.
رواية «أشياء تتداعى» التي استمد تشينوا أتشيبي عنوانها من قصيدة معروفة للشاعر الإيرلندي ويليام بتلر ييتس يستهلها بهذا الجملة الدّالة: «إلى أن تجد الأسُود من يكتب تاريخها، تاريخ الصيد سيمجّد دائما الصياد»، التي تختصر عالمه الروائي، فالبطل الرئيسي للرواية «أُوكونكو»، الذي يقدّس آلهته وقبيلته، يتعرض للنفي بسبب ارتكابه لجريمة قتل بالخطأ، يعود من جديد بعد مدة طويلة ليجد مبشري الاستعمار الإنجليزي قد بنوا كنيسة واستمالوا العديد من أبناء القبيلة إلى الدين الجديد، وحدوث شرخ في جسم القبيلة ما جعله، رفقة غيورين على إرث الأسلاف، يعمد إلى إحراق الكنيسة بعد إخلائها. يعتقل «أوكونكو» ويضطر إلى دفع فدية لإطلاق سراحه، وأثناء اجتماعه مع رفاقه هاجمهم جنود الاحتلال لفض اجتماعهم غير القانوني فيقتل أحد الجنود بسيفه. ودون أن تناصره قبيلته، التي خذلته، تأتي قوات الاحتلال لاعتقاله لكنه سيشنق نفسه بحبل ممدود إلى شجرة دون أن يجرؤ أحد من قبيلته على دفنه. تنتهي الرواية عند قدوم الحاكم الإقليمي لتفقد جثة «أوكونكو» فيقول رفيقه القديم للحاكم: «كان هذا الرجل من أعظم الرجال… دفعتموه لكي يقتل نفسه، والآن سيدفن مثل أي كلب».
تحدث تشينوا أتشيبي، في أحد حواراته، عن دافعه القوي للكتابة عن بلده نيجيريا، خصوصا وإفريقيا عموما وعن سبب تسميته كاتب تاريخ الأسود، قائلا: «كبرتُ، وبدأتُ القراءة عن المغامرات. ولم أكن أعرف حينها أنني من المفترض أن أكون في جانب أولئك الهمج الذين واجههم الرجل الأبيض الطيب. انحزتُ إلى البيض بشكل غريزي. فقد كانوا رائعين! كانوا متميزين، كانوا أذكياء، أمّا الآخرون فلم يكونوا.. بل كانوا أغبياء، قبيحين. حينها، عرفت خطر عدم امتلاك قصصك الخاصة. هنالك مثل إفريقي يقول «حتى تجد الأسود مؤرخيها، سيظل تاريخ الصيد يمجد دائماً الصياد». لم يخطر لي ذاك المثل على بال سوى بعدها بكثير. عندما أدركت مغزاه، كان علي أن أكون كاتباً، أن أكون أنا ذلك المؤرخ». هذه الرواية التي ألهمت الكثيرين من المناضلين الأفارقة في البحث عن الجذور وبناء كرامة الإنسان الإفريقي في وجه ما تعرضت له الشخصية الإفريقية من إذلال وطمس لهويتها من قبل الاستعمار الأوروبي، فعن هذه الرواية وصاحبها كتب المناضل الجنوب إفريقي نيلسون مانديلا وهو في السجن: «كان هناك كاتب نيجيري اسمه تشينوا أتشيبي تحطمت برفقته جدران السجن».
مقتطفات
الضّجيج.. تاريخ إنساني للصوت والإصغاء
يقدم كتاب «الضجيج.. تاريخ إنسانيّ للصوت والإصغاء» نفسه على أنّه تتبع طويل، وتأمّل عميق لدور الصوت الاجتماعي، واقتفاء لأثره الإنساني، فالأصوات مليئة بالمعاني الاجتماعية، ومفعمة بالمشاعر الإنسانية.. أعطت أسلافنا، وما زالت تعطينا، إحساسا بالمكان والزمان، والخطر والراحة، وشعورا بالتواصل مع الآخرين، وجعلت منّا بشرا. تتجلى في علاقة الصوت بالمجتمع أبعاد إنسانية وتغيرات حضارية زاخرة بالمفاجآت والإثارة. وعلى مرّ العصور، أثّر الصوت وضجيجه في حياة الناس كافة وغدا، لأسباب اقتصادية واجتماعية وسياسية، ثابتا مقدّسا في قاموس الحياة اليومية. فألهم دارسيه منذ زمن طويل، إذ تأمّل الفيزيائيون ظاهرته، وتقصّى الأنثروبولوجيون آثاره وأحسّ الشعراء بجماليته.
يعرّف الكاتب الضجيج على النحو التالي: «الضجيج الذي قيل عنه إنه الصوت الذي «في غير محله» عادة ما يكون شيئا غير مرغوب فيه، وغير ملائم ومشتتا للذهن… ولكن الضجيج أكثر أهمية من هذا التمييز، فعندما يرنّ الجرس، وأصوات صفارات الإنذار في المصنع، أو تصمت السماء بعد هجوم إرهابي، فإن الضجيج أو غيابه يحمل الكثير من المعاني، وعلى مدى التاريخ الإنساني، كان الضجيج- ومازال- يقوم بدور حيوي، ومليء بالمفاجآت والإثارة..».
يدرس الكاتب، أيضا، الضجيج في علاقته بالسلطة بقوله: «العلاقة بالسلطة هي مسألة السيطرة، وأعني بذلك أن درجة السيطرة على أيّ مجموعة من الناس لها مشهد صوتي يجدون أنفسهم يعيشون فيه. وبطبيعة الحال، فإنّ الصوت، كما أكدتُ في هذا الكتاب، هو قوة متقلبة: يتحرك بحرية عن طريق الهواء، ولا يستطيع أحد أو مجموعة من الناس امتلاكه أو التلاعب به، كما لو كان ضمن ممتلكاتهم الحصرية…».
لتوضيح مسألة السيطرة وعلاقتها بالسلطة، التي يحددها لنا البعد الاجتماعي للصوت والضجيج، يقدم لنا الكاتب أمثلة لذلك من خلال هذا المقتطف: «ولا تنتهي مسألة السيطرة، ولكنّها تتغيّر. مع ذلك ظلت ميزة الصوت ثابتة إلى حد معقول، وهي أن الناس أكثر تسامحا من البيئات الصاخبة كلّما شعروا بأنّ لديهم خيار الوصول لمفتاح الإغلاق. وعلى امتداد التاريخ كان الأقوياء قادرين على الوصول إليه بسهولة أكثر من أيّ شخص آخر. تمكنت النخبة الحاكمة في روما القديمة والطبقات الوسطى في إدنبرة في القرن الثامن عشر، في الواقع، الأثرياء في كل مكان، من الفرار من صخب مراكز المدن بحثا عن الهدوء والخصوصية. وعزل العاملون في المكاتب في «مانهاتن» في القرن العشرين أنفسهم من هدير الشوارع باستخدام سخي للمواد العازلة للصوت غالية الثمن. وعلى العكس من ذلك كان الفقراء والعاجزون أقلّ قدرة على مواجهة الأصوات التي يتعرضون لها، مثلما هم اليوم يعيشون بصعوبة في مساكن متراصة بالقرب من المطار المزدحم، وهم الذين عاشوا في القرون السابقة تحت ضجيج ضربات الحدادين والمدابغ وأوراش العمل الأخرى. لذا، على الرغم من أننا قد نقول إن الصوت الذي يغضب شخصا ما قد يكون موسيقى جميلة عند شخص آخر، نحن بحاجة إلى أن نتذكر أن إمدادات العالم من الصوت غير المرغوب فيه وُزعت بشكل غير متساوٍ عموما، والفقراء يحتاجون دائما إلى النوم بقدر الأغنياء، وربما أكثر من ذلك، ولكنّ فرصتهم في الماضي أقل بكثير للحصول عليه، وبثمن غال، قبل مائة وثلاثين سنة… اليوم، يستهلك الناس الذين يعيشون في أجزاء المدينة الأكثر اكتظاظا، ومن ثم أكثر ضجيجا، المزيد من الأدوية وتحصيلهم العلمي أقلّ من الآخرين. لذا إذا أردنا حقا البحث عن النمط الكبير في قصة الضجيج، علينا أن نبحث عن ذلك ليس بالنظر إلى ارتفاع مستويات الصوت بل من حيث التفاوت المتزايد في قدرة الناس على إيجاد الهدوء. وفي النهاية يجب أن نأخذ هذه التفاوتات المتزايدة على محمل الجد، لأنّ الأدلة تشير إلى أنّنا، عندما ندرك أن الضجيج موزع بالتساوي، نصبح أكثر تسامحا وقبولا له». في الأخير يشير الكاتب إلى أهمية الصوت في مستوياته المتعددة في حياة البشر أو كما يقول: «نحن بحاجة إلى استعادة الشعور بمدى أهميته في الحياة اليومية، ومدى أهمية تلك الظاهرة التي تبدو بسيطة، ألا وهي المشهد الصوتي».
الكاتب ديفيد هندي- David Hendy مؤلف بريطاني، أستاذ الإعلام والاتصال، ومدير البحوث في كلية الإعلام والسينما في جامعة ساسكس، وزميل الجمعية التاريخية الملكية. عمل صحافيا ومخرجا في هيئة الإذاعة البريطانية (بي بيس ي) ومقدما لبرنامج في الإذاعة الرابعة يحمل عنوان (الضجيج). يتكون من ثلاثين حلقة تضمها فصول هذا الكتاب. ويشكل هذا الكتاب والحلقات الإذاعية المصاحبة له جزءا من مشروع بحثي أكبر يعمل عليه، يحمل عنوان «وسائل الإعلام وصناعة العقل الحديث».
متوجون
القائمة القصيرة لجائزة الملتقى للقصة العربية 2025
أعلنت لجنة تحكيم جائزة الملتقى للقصة العربية 2025 في دورتها السابعة عن قائمتها القصيرة برئاسة أمير تاج السر وعضوية كل من الدكتور محمد اليحيائي، الدكتورة نورة القحطاني، الدكتور شريف الجيّار والدكتور فهد الهندال. وجاء في بيان لجنة التحكيم أنها «عمِلت وفق معايير خاصة لهذه الدورة، تمثّلت في التركيز على جدّة بناء النص، ومناسبته لفنّ القص، وتمتع النص بالإبداع والقوة الملهمة الحاضرة، وكذلك ابتكار صيغ لغوية وتراكيب جديدة، وقدرة الرؤية الفنية للنص على طرح القيم الإنسانية، وحضور تقنيات القص الحديث ومحاكاة النصوص للواقع». وذكرت لجنة التحكيم أنها انكبت على تمحيص المجاميع القصصية للوصول إلى القائمة القصيرة التي تستحق بجدارة أن تقدّم مشهدًا إبداعيًا قصصيًا عربيًا دالّاً على أهمية فن القصة القصيرة العربية، ومعالجته لأهم القضايا التي تهم المواطن العربي، ضمن فضاء إبداعي أدبي عالمي.
وضمّت القائمة القصيرة المجاميع القصصية التالية: مجموعة «حفيف صندل» للكاتب المصري أحمد الخميسي، ومجموعة «الجراح تدلّ علينا» للكاتب الفلسطيني زياد خدّاش، ومجموعة «روزنامة الأغبرة أيام الأمل» للكاتب عبد الرحمن عفيف (ألمانيا/ سوريا)، ومجموعة «الإشارة الرابعة» للكاتب السعودي محمد الراشدي ومجموعة «كنفاه» للكاتبة الكويتية نجمة إدريس.
وأخيرا أوضحت لجنة تحكيم جائزة القصة العربية 2025 في دورتها السابعة أنها ستعلن عن الفائز في الكويت أواسط شهر فبراير القادم.