محمد اليوبي
أفادت مصادر مطلعة بأن مديرية الأدوية والصيدلة التابعة لوزارة الصحة تعتزم إطلاق منصة رقمية لتلقي ومعالجة كل الطلبات والملفات المرتبطة بالصناعة الدوائية والترخيص باستيراد وبيع الأدوية بالمغرب، وذلك بشراكة مع إحدى الجمعيات التي تضم شركات متعددة الجنسيات، التي تعتزم تمويل هذا المشروع، وهو ما ترفضه شركات الصناعة الدوائية المغربية.
وعقد وفد يمثل الفدرالية المغربية للصناعة الدوائية والابتكار المنضوية تحت لواء الاتحاد العام لمقاولات المغرب، اجتماعا مع مديرة الأدوية والصيدلة بوزارة الصحة، بشرى مداح، لطلب معلومات حول هذا المشروع، والتعبير في نفس الوقت عن رفض أرباب شركات الصناعة الدوائية المغربية للطريقة التي تتم بها عملية الإعداد لمشروع الرقمنة من طرف الشركات الأجنبية، ما قد يهدد مصالح الشركات الوطنية، لكونها تنافس الشركات المتعددة الجنسيات، التي تخطط لضرب الصناعة الوطنية، والاستحواذ على سوق الدواء بالمغرب، لأن بيانات ومعطيات الشركات المغربية ستكون متاحة لهذه الشركات المنافسة عبر المنصة الرقمية.
وأكد علي السدراتي، رئيس الفدرالية، أن الشركات الوطنية ترفض المنهجية المعتمدة من طرف مديرية الأدوية والصيدلة، لأن مشروع الرقمنة يهم بالدرجة الأولى المستثمرين المغاربة، موضحا أن الفدرالية تضم في عضويتها 30 شركة مغربية تمثل 75 في المائة من سوق صناعة الدواء بالمغرب، وهذه الشركات تصنع 90 في المائة من الأدوية الجنيسة التي يتم ترويجها بالسوق الوطني، وكذلك التصدير نحو الخارج، وخاصة البلدان الإفريقية، ما يساهم في تعزيز الصادرات المغربية وجلب العملة الصعبة.
وأضاف السدراتي أن مشروع المنصة الرقمية يهم صناع الدواء المغاربة بالدرجة الأولى، ولذلك كان من اللازم فتح مشاورات معهم، عوض منح المشروع للشركات المتعددة الجنسيات، مثيرا أن «مسطرة الرقمنة تهمنا، لذلك كان أضعف الإيمان أن تكون الفدرالية مساهمة في إعدادها، لأنها تهم المستثمرين في المغرب»، ومحذرا من خطورة استهداف الأمن الدوائي المغربي، من خلال وضع البيانات والمعلومات الخاصة بالشركات الوطنية رهن إشارة شركات أجنبية منافسة، وأضاف «طرحنا هذا المشكل مع مديرة الأدوية والصيدلة، ولم نتوصل بأي رد».
ويطالب أرباب الشركات الوطنية للصناعة الدوائية بالمساهمة في إعداد مشروع الرقمنة، أو فتح طلب عروض لتمكين الشركات المتخصصة المحايدة من الإشراف على هذا المشروع، مع وضع دفتر للتحملات، وحماية المعطيات الشخصية. وكشفت المصادر أن جمعية الشركات المتعددة الجنسيات هي التي اقترحت مشروع الرقمنة، وهي التي ستكلف شركة متخصصة لإعداده، ما يطرح إشكالا حول الصيغة القانونية لهذا المشروع، ومصادر تمويله، في ظل الجدل المطروح داخل المديرية حول تغلغل لوبي الصناعة الدوائية الأجنبية، وعرقلته لتراخيص الإذن ببيع أدوية جنيسة مصنوعة محليا، بالأسواق المغربية، وتشتكي الشركات الوطنية من تأخر معالجة ملفاتها، ما يدفع العديد من الشركات إلى استيراد الأدوية عوض إنتاجها بالمغرب.
وكشفت المصادر عن مؤشر آخر، يتعلق بتراجع معدل تغطية الاحتياجات الدوائية من قبل الصناعة المحلية، حيث انخفض من حوالي 80 في المائة في سنة 2010 إلى أقل من 60 في المائة خلال السنة الماضية، مع العلم أن نصف الأدوية المستوردة إلى المغرب يمكن تصنيعها محليا، مما يشكل تهديدا للسيادة الوطنية في مجال الصناعة الدوائية، لأنه نظرا لارتفاع هامش الربح في الأدوية المستوردة، يتم تشجيع الفاعلين في القطاع على اللجوء إلى الاستيراد عوض التصنيع المحلي، وتحولت شركات صناعية إلى شركات للاستيراد، وبذلك ارتفعت واردات الأدوية من 4.8 مليارات درهم في سنة 2014 ، وهي السنة التي دخل فيه المرسوم الجديد حيز التنفيذ، إلى 5.7 مليارات في سنة 2017، بمتوسط نمو 7 في المائة سنويًا ، ومن المنتظر أن ترتفع إلى 7 ملايير درهم، خلال السنة الحالية، أي بزيادة 46 في المائة خلال مدة ست سنوات.
هذا، وبدأت الفدرالية المغربية للصناعة الدوائية والابتكار، أخيرا، جولة محادثات مع القوى السياسية الوطنية وفعاليات المجتمع المدني، بهدف تقاسم استراتيجيتها لتنمية الصناعة الدوائية الوطنية، وأكدت الفدرالية، في بيان صحفي، أن الهدف من هذه المحادثات يكمن في بحث مع مختلف الفاعلين السياسيين وفعاليات النسيج الجمعوي، آليات ووسائل تطوير النظام الصحي الوطني، وتعزيز السيادة الصحية والعلاجية، وتحسين الخدمة المقدمة للمريض، ودعم القدرة التنافسية للنسيج الصناعي الخاص بالأدوية، وأوضحت أن أرضية النقاش هاته تأتي في لحظة أساسية حيث يواجه المجتمع المغربي تحديا قويا بشأن الحاجة إلى ضمان وتعزيز متانة النظام الصحي مع المساهمة في زيادة القيمة المضافة على صعيد التراب الوطني، من أجل خلق المزيد من فرص العمل في القطاع وتحسين الولوج للأدوية من قبل الساكنة، وبالإضافة إلى ذلك، يضيف البلاغ، يعد هذا العمل جزءا من النهج التشاركي للفدرالية بهدف جعل القطاع واحدا من رواد الصناعة الوطنية، وفي خدمة المرضى، وتعزيز إشراك جميع القوى الحية في البلاد في مساعي تطويره واقتراح الحلول الملموسة لتوسيع دائرة الحماية الاجتماعية، ومكافحة الوباء وتحقيق التعافي الاقتصادي مع إرساء صناعة دوائية تصديرية تستهدف السوق الأوروبية والإفريقية.