محمد اليوبي
في سابقة من نوعها، وضع الراضي السلاوني، المرشح رابعا في لائحة حزب التجمع الوطني للأحرار بدائرة فاس الجنوبية، خلال الانتخابات التشريعية التي جرت يوم 8 شتنبر 2021، طعنا أمام المحكمة الدستورية ضد المرشح الثالث ضمن اللائحة نفسها، محمد كنديل، الذي عوض عبد السلام البقالي، عمدة مدينة فاس، بعد تقديم استقالته من مجلس النواب.
وبعد إعلان المحكمة الدستورية عن شغور مقعد بمجلس النواب كان يشغله النائب البرلماني السابق الموجود رهن الاعتقال، رشيد الفايق، تمت دعوة عمدة مدينة فاس، عبد السلام البقالي، لشغل هذا المقعد، باعتباره المترشح الثاني في لائحة الفايق، لكن البقالي وجد نفسه في وضعية تناف بين منصب العمودية والعضوية بمجلس النواب، واختار تقديم استقالته من البرلمان، للحفاظ على منصبه رئيسا للمجلس الجماعي للعاصمة العلمية، حسب القانون التنظيمي لمجلس النواب، وهي الاستقالة التي وافقت عليها المحكمة الدستورية، ودعت المرشح الثالث في لائحة الفايق إلى شغل المقعد البرلماني المثير للجدل، ويتعلق الأمر محمد كنديل، رئيس جماعة سيدي حرازم، لكن المرشح الرابع ضمن اللائحة ذاتها قدم طعنا أمام المحكمة الدستورية، واعتبر نفسه الأحق بهذا المقعد، لأن كنديل لا يحق له الانتماء للأحزاب السياسية والترشح للانتخابات، لكونه يشتغل متصرفا بوزارة الداخلية، كما صدر في حقه حكم قضائي نهائي يقضي بإلغاء نتائج الانتخابات بدائرته الانتخابية ليوم 8 شتنبر 2021.
وأكدت المصادر أن دفاع السلاوني وضع عريضة طعن أمام المحكمة الدستورية داخل الأجل القانوني، بعد الإعلان عن التحاق محمد كنديل بمجلس النواب، ويستند الطعن على كون هذا الأخير يعتبر موظفا بوزارة الداخلية في منصب متصرف ممتاز، وبالتالي لا يحق له بهذه الوضعية لا الانتماء إلى أحزاب سياسية ولا المشاركة في انتخابات سياسية من الأساس. واستغرب دفاع السلاوني كيف أن مصالح الداخلية غضت الطرف عن هذا المعطى القانوني لمدة 30 سنة، وتركت المعني بالأمر يمارس مهام انتخابية، سواء على مستوى الجماعة أو المجالس الإقليمية والجهوية الأخرى، كما أنه تنقل بين ثلاثة أحزاب سياسية وهي حزب الاستقلال، والعدالة والتنمية، قبل أن يحط الرحال بحزب التجمع الوطني للأحرار.
ويواجه محمد كنديل، رئيس جماعة سيدي حرازم بضواحي مدينة فاس، شكاية جديدة أمام القضاء، وذلك بعد صدور قرار نهائي عن محكمة النقض يقضي برفض الطعن الذي تقدم به ضد قرار محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط بتأييد الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية بفاس، بإلغاء نتائج الانتخابات الجماعية بدائرته الانتخاببة ليوم 8 شتنبر 2021.
ووضعت هندة بودان، بصفتها منافسة كنديل بدائرته الانتخابية، رفقة خمسة مستشارين أعضاء بجماعة سيدي حرازم، شكاية لدى وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بفاس، أوضحوا من خلالها أن بودان طعنت بالإلغاء في نتيجة الانتخابات الجماعية المجراة بتاريخ 8 شتنبر 2021، وأن المحكمة الإدارية بفاس أصدرت حكمها بتاريخ 24 شتنبر من السنة نفسها، قضت من خلاله بإلغاء نتيجة ذلك الاقتراع، وأن المشتكى به محمد كنديل استأنف الحكم المذكور أمام محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط، فأصدرت قرارها بتاريخ 13 يناير 2022، قضت من خلاله بتأييد الحكم المستأنف، وأن المشتكى به طعن بالنقض في القرار الاستئنافي المذكور، فقضت الغرفة الإدارية لدى محكمة النقض برفض طلبه بمقتضى قرار صادر بتاريخ 15 يونيو 2023.
وأشارت الشكاية إلى أنه على الرغم من صدور قرار قضائي نهائي باسم الملك، وطبقا للقانون من أعلى هيئة قضائية بالمملكة، ينزع عن المشتكى به صفته كعضو جماعي، وبعد حضور المشتكى به إلى جلسة 15 يونيو 2023، وسماع المرافعة الشفوية المتعلقة بطعنه، فإنه لا يزال يمارس مهام رئيس مجلس جماعة سيدي حرازم، ويوقع القرارات بصفة رئيس المجلس ويستخدم ممتلكات المجلس، علما أن الفصل 262 من القانون الجنائي المغربي ينص على معاقبة الموظفين العموميين المنتخبين، إذا استمروا في مباشرة مهامهم بعد زوال الصفة التي خولتهم إياها.
وأكدت الشكاية أن كنديل يوجد في وضعية الإلغاء النهائي للانتخاب المنصوص عليها في المادة 9 من القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات الترابية، ويكون بذلك بصدد ممارسة مهام انتخابية، بالرغم من صدور قرار قضائي نهائي قضى بإلغاء عملية انتخابه، وبذلك يكون في وضعية خرق للفصل 262 من القانون الجنائي. وطالبت الشكاية بفتح تحقيق قضائي بخصوص استمرار كنديل في ممارسة مهام رئيس المجلس الجماعي، وتسيير مرافقه في خرق واضح للقانون الجنائي، وتحد لقرارات السلطة القضائية.
وبصدور قرار محكمة النقض أصبح الحكم القضائي نهائيا بإلغاء نتيجة الانتخاب بالدائرة التي ترشح بها رئيس المجلس، وطبقا لمقتضيات المادة 20 من القانون التنظيمي للجماعات، يعتبر رئيس المجلس في وضعية انقطاع عن مزاولة مهامه في حالة الإلغاء النهائي للانتخاب، وتنص المادة 21 من القانون نفسه على أنه إذا انقطع رئيس المجلس عن مزاولة مهامه لأي سبب من الأسباب، ومنها الإلغاء النهائي للانتخاب، اعتبر مقالا، ويحل المكتب بحكم القانون، ويستدعى المجلس لانتخاب رئيس جديد وباقي أعضاء المكتب، وفق الشروط والكيفيات المنصوص عليها في القانون التنظيمي للجماعات، داخل أجل 15 يوما من تاريخ معاينة الانقطاع بقرار من عامل العمالة أو الإقليم.