شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

منتخبنا في بيروت

حسن البصري

كثفت دول عربية وغربية دعواتها لمواطنيها إلى مغادرة لبنان، مع إعلان بعض شركات الطيران تعليق رحلاتها، وسط تزايد المخاوف من الحرب.

شاءت الأقدار أن يبحث الناس عن مخرج من لبنان، بعدما كان السفر إليها حلما لا يحققه إلا الراسخون في الوجاهة.

جمعني لقاء مع اللاعب الدولي المغربي الحسين الزاز، وكان له شرف اللعب ضمن أول منتخب وطني لكرة القدم سنة 1957، في البطولة العربية التي احتضنتها لبنان، خلال شهر أكتوبر من السنة نفسها.

لم يتبق من أول منتخب سوى لاعبين وهما: المدافع الزاز والمهاجم ولد ما، ما زال الرجلان يراوغان المرض ويتعايشان مع الدواء، ويخضعان لنظام حمية بتوصية الأطباء، لكنهما يتذكران أول رحلة مع المنتخب الوطني فور تأسيسه وكانت الوجهة هي بيروت.

بعد حصول المغرب على الاستقلال، تقرر تكوين منتخب وطني يضم خيرة العناصر الوطنية، وكلف الملك محمد الخامس ولي عهده مولاي الحسن بإنشاء منتخب يمثل المغرب في المحافل الدولية، وأحال عليه رسالة من محمد عبد الخالق حسونة، الأمين العام لجامعة الدول العربية، تتضمن دعوة إلى انضمام المغرب لهذه الهيئة، وحضور الدورة الرياضية العربية في نسختها الثانية، قبل أسبوعين عن انطلاقتها.

على الفور، اختار ولي العهد العربي بن مبارك مدربا لأول منتخب وطني، وذلك لمعرفته بأبرز اللاعبين المغاربة، وطلب منه القيام بجولة في المدن المغربية، لجمع منتخب وإعداده للحدث العربي الكبير.

قبل أن يسافر المنتخب المغربي إلى لبنان، تقرر استقبال البعثة المغربية المكونة من كل المنتخبات المغربية، من طرف الملك محمد الخامس، رفقة ولي العهد مولاي الحسن، والأمير مولاي عبد الله بالقصر الملكي بالرباط.

كانت العلاقات المغربية اللبنانية تعيش على إيقاع استعدادات في بيروت لإقامة حفل خطوبة الأمير مولاي عبد الله بلمياء الصلح، ابنة الزعيم اللبناني رياض الصلح، حيث اغتنم ولي العهد مولاي الحسن الفرصة للتوجه رفقة شقيقه إلى حيث يرابط المنتخب الوطني في بيروت، وتحديدا بفندق سميراميس ضواحي بيروت.

قال اللاعب «الزاز» إنه بعد زيارة ولي العهد، حل بالفندق الأمير مولاي عبد الله، وطلب من عناصر الفريق بإلحاح الفوز على المنتخب التونسي، ووعدها في حالة الفوز على تونس بمنح كل واحد منها 500 ليرة لبنانية.

لكن وجود الأمير مولاي عبد الله، كان بغرض ترتيب خطبة مرتقبة بين الأسرة الملكية وعائلة الصلح، وهي العملية التي استغرقت مدة زمنية قاربت السنة، ليرحل الملك محمد الخامس شخصيا إلى بيروت، رفقة الأمير مولاي عبد الله سنة 1959 من أجل خطبة الحسناء لمياء الصلح، لكن القران الرسمي لم يتم إلا سنة 1961، أياما قبل وفاة المغفور له محمد الخامس.

لم يكمل المنتخب المغربي المنافسات، حيث غادر بيروت بعد أن قررت اللجنة المنظمة حسم مباراته ضد سوريا بالقرعة، علما أن المباراة انتهت بالتعادل وكان متفقا سلفا على إعادة المباراة، في الوقت الذي احتج الوفد المغربي على اللجنة المنظمة دون جدوى، فاختار الانسحاب من الدورة.

على امتداد إقامة المنتخب الوطني في بيروت، ظل الأمير مولاي عبد الله يتردد على البعثة يختلي بالمدرب بن مبارك، يستفسره عن مدى جاهزية هذا اللاعب وذاك، فقال عنه المدرب يوما: «لقد اكتشفت في الأمير حسا تقنيا لا يختلف كثيرا عن ولي العهد مولاي الحسن».

ما زال بهو فندق سميراميس ببيروت يحتفظ بصور هذه الزيارة التاريخية، التي حظي فيها منتخب للكرة بزيارة أمراء ليس فقط من المغرب، بل من الأردن أيضا، بل إن مجموعة من الفنانين المصريين البارزين استغلوا الفرصة لالتقاط صور مع لاعبي المنتخب المغربي والأميرين.

لم يتبق من أول منتخب مغربي إلا لاعبان، سقطا من مفكرة القائمين على المنتخب.

مقالات ذات صلة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى