شوف تشوف

الرأيالرئيسيةرياضة

منابع التحرش الرياضي

 

 

 

حسن البصري

بدأت الحكاية في حي أناسي الشعبي، و«تورخها» في شاطئ الجديدة.. كانوا تسعة أطفال وعاشرهم مدربهم، والباقي من اليافعين.

بدأت القصة بإعلان في الصفحة الرسمية لجمعية اختار لها صاحبها اسم «أبطال أناسي»، لكنه أصر أن يكون هو البطل في كل خرجاته. دعا الرئيس إلى رحلة استجمام ورياضة في شاطئ الجديدة، وحدد ثمنها ومزاياها، واعتبرها معسكرا مغلقا استعدادا لموسم رياضي جديد.

في تطبيق «واتساب» نشر الدعوة وأقنع الآباء والأطفال ببرنامج رياضة وسباحة وأشياء أخرى، وردد على مسامع أولياء أمور اللاعبين لازمته «ديرو النية».

بدأت الحكاية من أناسي واكتملت شروط التحرش الجنسي بطفل في الهواء الطلق والناس مستلقون على بطونهم، ثم انتهت في مخفر الشرطة وفي سجن سيدي موسى، وعلى صفحات الجرائد والمواقع.

علاقة الرياضة المغربية بالتحرش راسخة في القدم، فقد بدأت الظاهرة في زمن الملاعب المتربة، على يد مدربين يملكون خططا جهنمية للإطاحة بأطفال حالمين، ويمتعونهم بفيض حنان زائد تارة وتعنيف قاس تارة أخرى. يخشى الضحايا وأسرهم الفضيحة فيختارون القطيعة والاعتزال المبكر، كي لا يصبح أبناؤهم رهائن في قبضة مدرب برتبة «متحرش».

التحرش ضارب في عميق التاريخ ويشكل مع الكرة خطين متوازيين، سواء في أناسي أو مانشستر، فقد كشف ديفيد وايت، النجم السابق لنادي مانشستر سيتي، في سيرته الذاتية، عن تعرضه لاعتداء جنسي من مدربه باري بينيل، وقال وايت: «أود أن أؤكد أنني تعرضت للتحرش الجنسي من قبل مدربي السابق لكرة القدم، باري بينيل، في أواخر 1970 وأوائل 1980، وكان ذلك عندما كنت ألعب مع فريق وايت هيل في مانشستر».

وتحدث لاعب كرو السابق، أندي وودوارد، لصحيفة «الغارديان» البريطانية عن الانتهاكات التي ارتكبها المدرب بينيل، ما دفع زميله السابق، ستيف والترز، إلى الحديث عن اعتداءات مشابهة للمدرب نفسه. وفي غمرة البوح تلاهم بول ستيوارت، لاعب توتنهام هوتسبير السابق ومهاجم إنجلترا، الذي قال لصحيفة «ديلي ميرور» البريطانية، إنه قد تعرض لاعتداءات مسيئة على مدار أربع سنوات من قبل مدرب لم يكشف عن اسمه.

حصل هذا حين اعترف المدرب بينيل بالاعتداء الجنسي على أكثر من لاعب، وأنهى حياته في السجن، قبل أن يتحرش به الزهايمر ويرديه قتيلا. لذا لا يمكن أن يكون رصيد ضحايا مدرب «أبطال أناسي» طفلا واحدا، فغريزة التحرش لا تختلف في عالم الكرة عن شهية تسجيل الأهداف.

التحرش يسجل أرقاما قياسية في محيط الرياضة، فلم تسلم ملاكمات المنتخب الوطني من نزوة مدرب قرر الظفر بذوات القوام، وأصر على وضع ميزان قياس أوزان الملاكمات في غرفته، ولمتعة العين يمسح بنظراته الجائعة أدق تفاصيل أجساد بطلات لطالما لففن أجسادهن بالعلم المغربي، ورفعن رايته خفاقة في الملتقيات القارية والعالمية.

من يتحمل المسؤولية؟

المدرب الذي يقتات من جيوب الآباء ومن أجساد أبنائهم؟

الآباء الذين يسلمون أبناءهم إلى مدرب بدون ضمانات، ولا يعترضون على اقتسامه الفراش مع فلذات أكبادهم؟

عصبة الدار البيضاء لكرة القدم التي تبيح لأشباه الجمعيات المشاركة في المنافسات، دون شرط أو قيد؟

الإدارة التقنية الوطنية التي لا يدخل برنامج «حماية» ضمن محاور التأهيل في دورات تكوين المدربين؟

السلطات المحلية التي تصر على تفريخ الجمعيات الرياضية وتشجيع التناسل الكروي؟

الجماعة الترابية التي تعلم أن حي أناسي بكل كثافته السكانية الرهيبة، لا يتوفر على ملعب لكرة القدم؟

مجلس المدينة الذي ازدهرت في عهده ملاعب القرب وتحرش القرب وعنف القرب؟

وزارة الشباب التي تتعامل مع التخييم الجماعي غير المرخص كتعامل دركي مع النقل السري؟

تتناسل الأسئلة كما يتناسل متحرشون يرتدون بذلا رياضية، تحت سيطرة نزوات يقترفونها في الملاعب، بكل روح رياضية.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى