ظل البرلماني، مهما كانت غرفته وفريقه ولونه السياسي أو النقابي، محصنا ضد عاديات المساءلة القضائية، فالحصانة البرلمانية كانت حافزا كبيرا شجع عددا من السياسيين على دخول القبة البرلمانية، حين كانت الحصانة مرادفا للوجاهة، وحقل ألغام يمنع الاقتراب من كل من يحمل صفة برلماني.
منذ أول مؤسسة تشريعية إلى الآن، ظل البرلمان تحت رحمة القصر، الذي كان يملك القدرة على ضبط إيقاع الجالسين تحت قبة مجلس النواب والواقفين في منصة الخطابة،عبر وزراء الداخلية، فلا يحدث زلزال مرعب يهز ممثلي الأمة، إلا إذا تجاوز مؤشر الغضب حدوده القصوى عند الحسن الثاني، فيعلن حل البرلمان وإعادة البرلمانيين إلى بيوتهم غاضبين.
على امتداد الحياة البرلمانية، ظل ممثل الأمة «فوق القانون» أو بتعبير أصح، مسؤولا «فائق السرعة»، يكفي أن يعلن صفته البرلمانية أو يكتفي بوضع شارة «البرلمان» على الزجاج الأمامي لسيارته، التي تعفيه من كل مساءلة محتملة. لذا تضاعفت «جرائم» ممثلي الأمة وتجاوزت حدود الفساد الانتخابي إلى قضايا أخرى منها ما وصل إلى الإعلام ومنها ما تم تطويقه كي لا تخدش صورة ممثل الشعب، ويتحول البرلماني إلى متهم يتقاسم مع المواطنين «قفة» السجن ومحنة التحقيق ودواليب المحاكم.
مع مرور الأيام تجاوزت القضية جور البرلمانيين، وأصبح أبناؤهم وزوجاتهم وأقرب المقربين منهم يمارسون بدورهم شغب الوجاهة التشريعية، حيث رسم كثير منهم خدوشا عميقة على أجساد بسطاء أحيانا ورجال السلطة أحيانا أخرى، لكن عوض أن تطبق عليهم تفاصيل القانون بحذافيره أسوة بغيرهم من المواطنين المغاربة، يحصل الاستثناء بمكالمة هاتفية أو بإشعار بالصفة البرلمانية.
ظلت الحصانة البرلمانية درعا يحمي البرلماني من القانون المطبق على الشعب، قبل أن ينتبه الجميع إلى اختلالات مرتبطة بهذا الدرع، فيعلن الملك محمد السادس عن وقف العمل بالحصانة الشاملة، حيث حصرها، خلال خطاب ملكي، في التعبير عن الرأي فقط، وعدم شمولها لجنح وجرائم الحق العام، مما بعثر أوراق الكثير من رجال السياسة الذين يتقدمون للانتخابات التشريعية أملا في الحصانة البرلمانية واستغلالها في ممارسة أعمال محظورة.
ينص الدستور الجديد، على إلغاء المحكمة العليا الخاصة بكبار المسؤولين من وزراء وبرلمانيين، تكريسا لمساواتهم مع المواطنين أمام القانون والقضاء، حيث تتولى المحاكم العادية محاكمة المسؤولين في حالة تورطهم في خروقات قانونية أو قضايا نهب الأموال وسوء تدبيرها.
في هذا الملف ترصد «الأخبار» حكايات «تجبر» فيها ممثلو الأمة، واعتقدوا أن الحصانة البرلمانية قادرة على إعفائهم من «مونوطونية» السين والجيم.
منتخبون يدشنون مهامهم بتهمة الفساد
ينص الدستور الجديد على أن «كل شخص خالف المقتضيات والقواعد المتعلقة بنزاهة وصدق وشفافية العمليات الانتخابية سيعاقب على ذلك، كما يلزم السلطات العمومية بالحياد التام إزاء المرشحين وبعدم التمييز بينهم». لم يعر كثير من السياسيين اهتماما لهذا «التحذير الرسمي»، ودخلوا الانتخابات الجماعية والجهوية بمنطق «جوع الناخب يتبعك»، فامتلأت دواليب المحاكم بالشكايات والشكايات المضادة، وأصبحت نتائج الانتخابات المعلن عنها مؤجلة إلى ما بعد الحسم القضائي، قبل أن تخرج اللجنة الحكومية لتتبع الانتخابات عن صمتها وتعلن في بيان رسمي أن «عدد الأشخاص اللذين تمت متابعتهم أمام قضاء التحقيق بمختلف محاكم المملكة بلغ لحدود يوم 7 أكتوبر 2015، ستة وعشرين شخصا، من بينهم أربعة عشرة مرشحا لهذه الانتخابات أعلن عن فوز عشرة منهم بمقاعد في مجلس المستشارين».
وقالت وزارة الداخلية في بلاغ لها، «إنه تبعا للبلاغ الصادر بتاريخ 04 أكتوبر 2015 حول الاشتباه في استعمال المال لاستمالة الناخبين خلال انتخابات مجلس المستشارين، أن المعنيين بالأمر هم: مصطفى حركات والفاضلي أهل أحمد والشكيل عابد وعبد القادر سلامة والجيلالي صبحي وحميد زاتني وجمال بن ربيعة ومحمد سعيد كرم وثمان عيلا وعصام الخمليشي ويوسف بن جلون ولحبيب فانا ونوفل وشقيقه نبيل شباط ومحمد الغازي ومحمد العبوس وعبد الصمد أعرشان وجمال التبتي ورضوان اليوسفي وإدريس سحيسح وفدوى كريم ومحمد بوهدود وسعيد الدور ولدعو رشيد والعربي أكناسي وإبراهيم حافضي. وهو ما وضع العديد من الأحزاب في سلة واحدة.
سقطت الحصانة فاعتقل مغتصب داعية وزارة الأوقاف
حين كان أهل السياسة منشغلين بانتخابات مجلس المستشارين، كانت محكمة الاستئناف بالرباط تنهي تفاصيل قضية شغلت الرأي العام في عين عودة وما جاورها، وقضت بتأييد الحكم الابتدائي القاضي بحبس المستشار البرلماني ورئيس جماعة عين عودة سنة واحدة سجنا نافذا وتعويضا ماليا قدره 150 ألف درهم لفائدة الموظفة بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المطالبة بالحق المدني، بعد أن استوفى ملف التهمة «الاغتصاب الناتج عنه افتضاض البكارة» شروطه بعد أن ظل منذ صيف 2009 يجوب ردهات المحاكم ومخافر الدرك.
بعد ست سنوات من المداولة القضائية، سقط سور الحصانة الذي كان يفصل بين المحاكمة العادلة وقضاء الأعيان، حيث كانت الضحية تملك نفسا طويلا مكنها من متابعة القضية إلى آخر رمق، فقد تغير رجال الدرك وانتقل القضاء وموظفو المحكمة لكن المطالبة بالحق المدني ظلت تتابع القضية، بين المخافر والمحاكم ومختبرات الدرك الملكي لانتزاع خبرة طبية «لإثبات أن المتهم هو الأب البيولوجي للمولود بعدما ترتب عن هذا الاغتصاب حمل» بل إن المعنية استعانت في معركتها مع البرلماني بأشرطة صوتية وتسجيلات هاتفية ورسائل نصية كتبها الرئيس في لحظة نزوة عابرة.
تحفل المحاكم بالعديد من قضايا الاغتصاب، لكن ما يميز هذا الملف عن غيره هو أن المتهم يحمل صفة مستشار برلماني ورئيس جماعة عين عودة، ولكون الضحية موظفة بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في قسم الوعظ والإرشاد.
حين انتهى الشوط الابتدائي من المحاكمة وإعلان براءة مبدئية للبرلماني، أقام أتباع هذا الأخير حفلا في عين عودة، جعل منه رفاقه لحظة لترويج البراءة وتسويق صفاء النية والسريرة، وحين كان الجميع يرقص على «فوز قضائي» كانت الضحية تهدد بإضرام النار في جسدها أمام خيمة الاحتفال، في ما يشبه أفلام الرعب، وأمام صرخاتها تم اعتقالها وتقديمها أمام قاضي التحقيق بتهمة إهانة القضاء، وهي التهمة التي عرض عليها تقديم اعتذار مقابل سحبها، لكنها رفضت وتشبثت بموقفها. فتبين أن الأمر جد لا هزل فيه، وأن الواعظة تصر على السير بعيدا في قضية حياة أو موت، بل إنها تعرضت لمحاولات تصفية لكنها نجت بأعجوبة من حادثتي سير في عين عودة.
رفعت الواعظة لافتة تقول مضامينها «ثابت عين عودة لا بد أن يفضح»، فانخرط في صفوفها حقوقيون من القرية وخصوم الرئيس، ومرشحون كانوا يستعدون لدخول الانتخابات الجماعية، تحت مسمى محاربة رموز الفساد، بل إنها استغلت زيارة الملك محمد السادس لعين عودة لتقرر الاعتصام في باب البلدية مما أعطى للقضية بعدا آخر، دفع بالرئيس إلى فتح قناة تفاوض معها رفضتها جملة وتفصيلا. كان مطلبها أن يأخذ العدل مجراه وهو ما حصل حين أحيلت القضية على الوكيل العام للملك في الرباط بعيدا عن قضاء تمارة. وعلى امتداد مراحل المحاكمة ظلت الضحية ترفض إغراءات التسوية والتي تعدت حدود تمليك بقع أرضية في اسمها أو الحصول على شيك على بياض، أو وعد بالزواج مؤجل إلى ما بعد الانتخابات. إلى أن صدر الحكم القاضي بإدانة برلماني كان قبل أسابع يجوب شوارع القرية متحدثا عن برنامجه الاستعجالي لإنقاذ عين عودة من الضياع.
إصدار شيكات بدون رصيد.. هواية برلمانيين
لا يمر يوم دون أن تتوصل إدارة البرلمان بغرفتيه بإشعار من جهات قضائية، تدعو فيه أحد مكونات المؤسسة التشريعية إلى تسوية عارض قضائي، يقول موظف في البرلمان رفض الكشف عن اسمه، إن أغلب القضايا التي يتابع فيها البرلمانيون تتعلق بإصدار شيكات بدون رصيد، قبل أن يضيف «الرصيد السمين وليس شيكات البسطاء».
توصل البرلمان بإرسالية من وزارة العدل حول مستشار ممثل للغرفة الفلاحية الجهوية لجهة تادلة أزيلال وابنه بعدما ضبطتهما فرقة من الدرك الملكي تابعة للقيادة الإقليمية للفقيه بن صالح، وتبين أن البحث يطال المستشار بسبب إصدار شيكات بدون رصيد قاربت قيمتها 17 مليار سنتيم.
وأفادت نفس المصادر، أن النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بالفقيه بن صالح، أمرت بمباشرة التحقيق مع المتهمين منذ شهر يوليوز الماضي، للنظر في التهم المنسوبة إليهما، بعد أن تقدم أزيد من أربعين ضحية بشكايات، يتهمون فيها المشتكى بهم بالنصب والاحتيال وإصدار شيكات بدون رصيد، وحيازة دفاتر شيكات لأشخاص آخرين.
التمس ابن المستشار مهلة 15 يوما لتسوية ما بذمته من مستحقات مالية، واستجابت النيابة العامة للطلب بعد موافقة الضحايا، وبعد انقضاء المهلة بتاريخ 8 من الشهر الجاري، تبين أن المتهمين لم يفيا بالتزاماتهما، وبالتالي تم إيقافهما في اليوم الموالي، ووضعهما تحت تدابير الحراسة النظرية، ليتم وضعهما رهن الاعتقال الاحتياطي بالسجن الفلاحي بإقليم الفقيه بن صالح.
اتهم الضحايا البالغ عددهم أزيد من أربعين ضحية، المستشار البرلماني وأبناءه بالنصب عليهم، إذ سبق لهم أن تعاملوا مع أسرة المستشار البرلماني في أعمال تجارية تخص بيع المعدات الفلاحية وزيوت المائدة لإعداد طحين الفلفل الأحمر، فضلا عن بيع أعلاف المواشي. حسب محاضر التحقيق القضائي.
لم تقف القضية عند هذا الحد، بل إن المستشار البرلماني المشتكى به، رفع شكايات ضد كل من تسلم شيكاته من الضحايا، متهما إياهم بالنصب على أبنائه «بعدما حازوا مبالغ مالية، مقابل ريع مادي كان يستخلص من فوائد المعاملات التجارية التي كان يشرف عليها»، إلا أن الضحايا نفوا كل الاتهامات، علما أنهم تقدموا بشكايات مرفوقة بشيكات بدون رصيد لدى النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بالفقيه بن صالح في ملكية المتهم.
وأوقفت عناصر من الفرقة الاقتصادية والمالية بالمصلحة الولائية للشرطة القضائية بولاية أمن مراكش، عضوا بمجلس المستشارين في نسخته السابقة، بناء على مذكرة بحث وطنية صدرت في حقه بخصوص إصداره شيكات دون رصيد، تجاوزت قيمتها مليار سنتيم، تم الاعتقال بأحد كازينوهات المدينة، قبل أن يصاب ممثل الشعب بوعكة صحية نقل على إثرها إلى مصحة خاصة بحي جليز، تحت حراسة أمنية مشددة، بعد إخضاعه لتدابير الحراسة النظرية قبل عرضه على النيابة العامة، لكن الرجل المتابع في حالة سراح اختفى عن الأنظار ولم يظهر له أثر في السجال الانتخابي الأخير.
وتعود تفاصيل هذه القضية إلى سنة 2012، عندما اختفى المستشار البرلماني المذكور، وغادر التراب الوطني إثر علمه بتقديم شكايات ضده من قبل عاملين اكتشفوا أن الشيكات التي تسلموها منه لا تتوفر على مؤونة، قبل أن يتمكن من تسوية وضعيته المالية مع عدد من المشتكين، إلا أن مجموع المبالغ المتبقية في ذمته الخاصة بالشيكات دون رصيد بلغت حوالي 340 مليون سنتيم، حسب تغطية وقائع المحاكمة التي انتهت بإيداعه السجن الفلاحي عين علي مومن بسطات، ووضعه رهن الاعتقال.
وفي ذات المدينة تابع أبناء مديونة محاكمة صاخبة لرئيس بلديتهم محمد مستاوي، الذي تم اعتقاله بتهمة سرقة الفيول الصناعي، وهي القضية التي توبع فيها إلى جانب البرلماني الاستقلالي عدد من المتهمين.
وكانت عناصر الدرك الملكي بالمركز القضائي بسرية برشيد قد أوقفت البرلماني محمد مستاوي عن حزب الاستقلال بدائرة مديونة، حين حضر بنفسه إلى مقر الدرك الملكي بعدما ظل موضوع مذكرة بحث لمدة ثمانية أشهر خلت، ليتم الاستماع إليه في محضر رسمي ووضعه تحت تدابير الحراسة النظرية على خلفية الاعترافات التي سبق أن أدلى بها المتهمون، من ضمنهم ابن البرلماني نفسه في قضية سرقة الفيول الصناعي. ولم يمض إلا وقت قصير على مغادرته لسور السجن الفلاحي عين علي مومن بسطات، حتى تمت عملية اعتقال البرلماني الاستقلالي عن دائرة مديونة من جديد، بتهمة إصدار شيكات بدون رصيد فاقت قيمتها 160 مليون سنتيم، بعدما ظل المعني بالأمر مبحوثا عنه بموجب مذكرة بحث، وحين انتهى التحقيق دخل غمار الانتخابات الجماعية والجهوية في مديونة وكان بشهادة السلطات الإقليمية مهندس المجالس.
البرلماني رئيس الرجاء الحسيمي في حالة شرود
حين كان فريق الرجاء الحسيمي ينافس من أجل الصعود إلى القسم الأول، وهو في بحبوحة من النعيم، فوجئ اللاعبون بخبر اختفاء رئيس الفريق ومموله سعيد شعو، منذ ذلك الحين ساءت أحوال النادي الذي ضاع في دهاليز قسم الهواة وانتقل كثير من لاعبيه إلى شباب الريف الحسيمي.
مرت سنوات قبل أن تطالعنا الصحف الهولندية بخبر اعتقال سعيد المطلوب للعدالة المغربية بتهمة «الاتجار الدولي في المخدرات»، والمحررة في حقه مذكرة بحث دولية، والهارب منذ سنة 2010 إلى بلاد الأراضي المنخفضة.
وأفادت مصادر الشرطة الهولندية المتخصصة في مكافحة المخدرات أنها اعتقلت سعيد شعو، وبحوزته 140 ألف يورو، وآلة مخصصة لعد النقود، فيما كشفت التحريات الأمنية امتلاكه لحساب بنكي بهولندا يضم ثروة هامة تقدر بعشرات الملايين من اليورو.
غادر سعيد شعو، البرلماني السابق المغرب نحو هولندا، بعد الضجة الإعلامية التي أثيرت حول متابعته قضائيا لتورطه في ملفات تتعلق بالتهريب الدولي للمخدرات، واختار ابن الحسيمة نفس الطريقة التي هرب بها رئيس المغرب التطواني السابق التمسماني حين قطع البوغاز واختفى في الأندلس. حيث اقتنى مطعما وظل يتابع أخبار فريقه عن بعد، نفس السيناريو استنسخه شعو الذي هاجر لأول مرة إلى هولندا في بداية الثمانينات واشترى مقهى بمدينة روندال، قبل أن يتم إغلاقه بسبب بيع المخدرات بجرعات غير قانونية. ليعود إلى مسقط رأسه الحسيمة ويمارس النشاط السياسي ضمن حزب «العهد»، الذي وصل بلونه إلى قبة البرلمان في استحقاقات 2007.
في رده على الحصار الأمني كشف شعو في تصريحات للإعلام الهولندي بأن «تعرضه للمضايقات البوليسية يراد منه إقصاؤه سياسيا من الريف».
غارات زوجات البرلمانيين
ورطت زوجة برلماني زوجها حين اعتقلتها عناصر الأمن بمدينة الدار البيضاء، بعد اتهامها بصفع رجل شرطة أثناء مزاولته لعمله، بدأت الغارة حين أوقف شرطي مرور سيارة البرلماني بعد رصده وهو يستعمل هاتفه النقال أثناء القيادة، وبعد أخذ ورد بين الطرفين، تدخلت زوجة البرلماني وصفعت رجل الأمن وسط دهشة كل الذين تابعوا المشهد، وهي تصيح في وجهه بلكنة غريبة.
وقد تم نقل المتهمة، التي تحمل الجنسية البرازيلية، إلى دائرة الأمن للتحقيق معها فيما تم إخلاء سبيل زوجها البرلماني، الذي بذل جهودا مضنية لإنهاء اعتقال زوجته، وقبل أن يطوى الملف نقلت قاعة المواصلات بولاية أمن مراكش، واقعة سائقة سيارة فارهة وهي تنهال بالسب والشتم على شرطي مرور. أمرت النيابة العامة باعتقال زوجة البرلماني ومصادرة السيارة، لكن فاعلي الخير من رؤساء المصالح الأمنية تحولوا من مطالبين بالحق المدني إلى موفدين من البرلماني لتلطيف خاطر الشرطي بكلمات معسولة ومبلغ مالي، مقابل تنازل عن الدعوى القضائية. علما أن القانون الأساسي الجديد لرجال الشرطة خول للمديرية العامة الحلول محل الشرطي المعتدى عليه، حتى لا يكون عرضة للتهديد أو المساومة للتنازل عن حقه. إذ من بين النصوص التي جاء بها القانون الأساسي لرجال الأمن تبني المديرية العامة للأمن الوطني ملفات رجال الأمن الذين يتعرضون للاعتداء والإهانة، وإمكانية أن تنصب نفسها مطالبا بالحق المدني في هذه القضايا، لأن الاعتداء على رجل الأمن خاصة من طرف أشخاص نافذين يعد إهانة ومساسا بالمؤسسة الأمنية.
لكن عددا من البرلمانيين يعيشون داخل أسرهم تبعات الحصانة، حيث تتبع الرأي العام الوطني حكاية اعتقال المستشار البرلماني السابق التازي، الذي كان مختبئا في فيلا أحد الأشخاص من جنسية عراقية، هروبا من غارة زوجته الفاسي الفهري التي وضعت شكاية لدى النيابة العامة تتهمه «باقتحام الفيلا التي تسكنها بحي السويسي بالرباط والاعتداء عليها» معززة ذلك بشريط فيديو انتشر بالموقع الاجتماعي يوتوب ظهرت فيه الفاسي الفهري،، وهي تتعرض لهجوم على يد أشخاص، طوقوا الفيلا التي تقطنها بحي السويسي، باستعمال شاحنات وسيارات وحاولوا النفاذ إلى داخلها وهاجموها بالعصي، وقد أدت المواجهات إلى إصابتها بجرح في يدها. بسبب نزاع بين الزوجين. تم إيداع البرلماني السجن، بتهمة محاولة القتل قبل أن يغادره للضرورة الصحية، فالرجل يحتاج حسب محاميه لحصص سباحة يومية.
اعتقال قبل افتتاح البرلمان
في تاريخ القضاء المغربي واقعة شهيرة أثير فيها هذا النزاع أمام محكمة العدل الخاصة وتعرف بقضية النائب محمد حمادي اضبيب، الذي انتخب نائبا عن دائرة تاركيست إقليم الحسيمة بمجلس النواب في الانتخابات العامة التي جرت بتاريخ 3 يونيو 1977 وبتاريخ 6 أكتوبر من نفس السنة ألقي عليه القبض من طرف الضابطة القضائية وتمت متابعته بتاريخ 8 نونبر، بينما افتتحت أشغال مجلس النواب المنتخب يوم 14 أكتوبر من نفس السنة.
«خلال سير الدعوى تقدم دفاع النائب المذكور بدفع للمحكمة قصد التصريح ببطلان إجراءي إلقاء القبض والمتابعة اعتبار لكونها مخالفين لمقتضيات الفصل 37 من دستور سنة 1972، ولكونهما تما دون رفع الحصانة البرلمانية عن النائب اضبيب من قبل مجلس النواب ومن غير توفر حالة التلبس».
وقد ردت المحكمة هذا الدفع معتبرة أن الحصانة مرتبطة بالحالة البرلمانية، وأن عبارة خارج مدة دورات المجلس الواردة في الفقرة الثالثة من الفصل 37 من دستور سنة 1972 تفيد أن مجلس النواب «قد افتتح رسميا وأصبح يزاول أعمال بكيفية منتظمة خلال فترات معينة»، وهذا المعنى تؤكده الفقرة التي تنص على أن «إلقاء القبض على أي عضو إلا بإذن من مكتب المجلس»، مما يستخلص منه، تقول المحكمة في حكمها، «أن مقتضيات هذه الفقرة لا تنصب إلا على الفترة الزمنية الموالية لافتتاح أول دورة لمجلس النواب أي خلال ممارسة النواب للسلطة التشريعية التي انتدبوا لها والمحددة مدتها في أربع سنوات تنتهي في اليوم السابق لافتتاح دورة أكتوبر في السنة الرابعة التي تلي الانتخابات حسب ما نص عليه الفصل 43 من الدستور، والفصل 3 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب وانتخاب أعضائه.
أقرت المحكمة أن إلقاء القبض على النائب حدث قبل افتتاح اول دورة للبرلمان يوم 14 أكتوبر 1977، واعتبرته لا يتضمن خرقا لأي نص تشريعي. وعن متابعة النائب التي تمت بأمر مكتوب لوزير العدل يوم 8 نونبر 1977، قالت المحكمة إنها لا تشكل خرقا لمبدأ الحصانة لأنها استندت لإلقاء القبض الذي تم بصفة مشروعة «في وقت لم يكن المتهم قد مارس فيه بعد مهام النائب داخل مجلس النواب، فان القيام بمتابعته بعد ذلك لم يكن بالأحرى في حاجة للحصول على إذن خاص من المجلس المذكور».
كان البرلمان المغربي بمقتضى دستور 1972 الذي صدر الأمر بتنفيذه لمقتضى ظهير 10 مارس 1972 بالجريدة الرسمية عدد 3098 المؤرخة في 15/03/1972 يتكون من غرفة واحدة هي مجلس النواب الذي كان ينتخب لمدة أربع سنوات، وأصبح البرلمان المغربي بمقتضى الدستور المراجع لاستفتاء 13 شتنبر 1996 يتكون من غرفتين: مجلس النواب ينتخب أعضاؤه بالاقتراع العام المباشر لمدة خمس سنوات ومجلس المستشارين الذي ينتخب أعضاؤه بكيفية غير مباشرة (من قبل هيئات ناخبة تتكون من ممثلي الجماعات المحلية وممثلي المنتخبين في الغرف المهنية وممثلي المأجورين لمدة تسع سنوات.
ملاحظ مصري يورط رئيس حزب الأحرار وينتقد الإسلاميين
بثت قناة الفراعين المصرية في نهاية الأسبوع الماضي، مقابلة صحفية بين مدير القناة توفيق عكاشة، والإعلامية حياة الدرديري، تحدث فيها عن ملخص زيارته الأخيرة للمغرب، وانطباعاته كملاحظ حول انتخابات الرابع من شتنبر الماضي وما تلاها من انتخابات موازية.
كشف عكاشة عن حقائق خطيرة، وقال إنه زار المغرب بدعوة من صلاح الدين مزوار وزير الخارجية المغربي، الذي عرض عليه تغطية كافة نفقات هذه الزيارة، لكنه رفض ذلك، وأصر على تحمل نفقات رحلته للمغرب،حسب قوله، وأضاف أنه عاش حالة انبهار من أشواط «التنمية الاقتصادية الناجحة التي حققتها المملكة المغربية في ظرف أقل من 8 سنوات، على مستوى الطرقات والمعمار واستقطاب الاستثمارات»، كما تحدث عن السياسة المغربية وعن الحزب الحاكم وبالتحديد من اعتبرهم «الإخوان المغاربة» في إشارة إلى حزب العدالة والتنمية.
وقال عكاشة إن «ستة وزراء من حكومة بنكيران وقعوا في فضائح جنسية وأخرى مالية»، مؤكدا أنهم وبعد فوزهم في انتخابات 2011، كرسوا جهودهم لمحاربة الفساد لكن كثيرا منهم وجد نفسه في قعر الاتهام ومنهم من أدين في قضايا المال العام.
وتابع عكاشة أن «الشعب المغربي بذكائه وحنكته تمكن من محاصرة هذه الجماعة وإعادتها لحجمها الأول، الذي عرفت به على مر العقود». يذكر أن توفيق عكاشة صاحب قناة الفراعين، يعد أحد أكثر الإعلاميين المثيرين للجدل في مصر، كما ترشح لرئاسة جمهورية مصر سنة 2012، وعرف بعدائه لممثلي مجلس الأمة المصري خاصة الذين كانوا متعاطفين مع الحزب الإسلامي.
الحصانة البرلمانية.. سوء الفهم الكبير
في دراسة أكاديمية أعدها محمد عبد النباوي، حول الحصانة، أسهب الباحث القانوني في تفكيك المصطلح الذي عرفه اصطلاحا بالمناعة وفقها بـ«إعفاء بعض الناس أو بعض الحالات من تطبيق القواعد العامة عليهم في المسائل القضائية».
والحصانة القضائية «نوع من الحماية أوجدها المشرع لتجنيب فئات معينة من الأشخاص أو المؤسسات من الخضوع للإجراءات القضائية». وهي في نظر القانون الجنائي، امتياز يجعل هؤلاء الأشخاص بمنأى عن كل أو بعض الإجراءات الجنائية. وهي تعتبر لذلك خروجا عن مبدأ المساواة أمام القانون إذ أن يد القضاء لا تطال الشخص المتمتع بها.
والحصانة القضائية أنواع: حصانة دبلوماسية ممنوحة للدبلوماسيين بمقتضى أعراف واتفاقيات دولية، وحصانة قنصلية، وحصانة برلمانية، وهناك حصانات أخرى تكفلها القوانين الداخلية كحصانة الدفاع، بالإضافة لبعض الامتيازات التي منحتها المسطرة الجنائية لبعض أصناف الموظفين أو رجال الدولة.
بيد أن الاختلاف يطرأ في تحديد بداية النيابة البرلمانية، وهل يتعين احتسابها منذ تاريخ الإعلان عن نتائج الانتخابات البرلمانية أم اعتماد مقياس آخر؟