ممثلون بدون تمثيلية
مازال السؤال العريض حول الجدوى من وجود 30 ألفا و663 مستشارا يسيرون شؤون 1503 جماعات ترابية يطرح نفسه بقوة.
ماذا ننتظر من خطط للتنمية المحلية في جماعات 4739 مستشارا لم يلجوا مدرسة في حياتهم؟ وأي نموذج تنموي ناجح يمكن أن يساهم فيه جيش المستشارين و8792 الذين لم يتجاوز مستواهم الدراسي المستوى الابتدائي؟
نطرح هاته الأسئلة ليس من باب التجني على الممثلين المحليين، فبعد مرور ثلاث سنوات تقريباً على انتخابات مجالس الجماعات، وهي فترة زمنية تبقى كافية لقراءة الحصيلة الجماعية، يمكن أن نجزم بأنها حصيلة عاجزة وفاشلة. فطيلة هذه المدة بقيت الجماعات التي تصل مداخيلها العادية 2500 مليار سنتيم مجرد كيان لا يحقق أية فائدة للمواطن الذي انتخب أعضاءها. لقد وجدنا أنفسنا أمام مجالس بلدية بصلاحيات معطلة واستقلالية منقوصة وقرارات تفتقد التنفيذ وإنجازات ضعيفة.
فبدل أن يحول الدستور والقوانين التنظيمية والعشرات من المراسيم الجماعات الترابية إلى فضاءات حقيقية للتدبير الشفاف والمؤسساتي والديمقراطي للشأن المحلي، والإيفاء بخدمات القرب في النظافة والتطهير والإنارة والنقل والمجازر والأسواق، لم تتوفق في أن تكون في مستوى تطلعات المواطن العادي، وتحولت لفضاء لتصفية الحسابات السياسية التي تعطل مصالح المواطنين، وأصبحت مصدرا للاغتناء غير المشروع وغطاء لممارسة السمسرة مع لوبيات العقار.
لقد كان بإمكان هاته المجالس أن تتجاوز حالة الشلل وأن تكون نقطة ضوء في التدبير المحلي وتخفف من مظاهر الاحتقان الاجتماعي، وتساعد على امتصاص مظاهر البطالة والهشاشة والإقصاء لو تحرر أعضاؤها من الحسابات السياسوية الضيقة ومن ضغوطات حروب المركز، وبدؤوا يشتغلون في إطار التعاون الذي يعود على الجماعة بالخير والنماء. لكن، للأسف، تحولت الجماعات إلى ساحات حروب بالوكالة لما يجري في الرباط، مما عطل مصالح المواطنين.
وأمام هاته الوضعية المزرية لجماعاتنا بسبب انشغال المنتخبين بالحروب السياسية واستقالتهم الفعلية من المهام المنوطة بهم، أطلقت شركات التنمية المحلية يدها على كل أوجه التدبير الترابي، مما زاد في تعقيد المشهد بعد سحبها البساط من تحت أرجل المنتخبين وتحولها بشكل فعلي إلى صاحبة القرار المحلي بدل أن تكون منفذة فقط لقرارات المجالس المنتخبة.
لقد أصبح المواطن بسبب هذا العبث السياسي أمام كيانات بيروقراطية وتجارية غير منتخبة تتحكم في مصيره وتحدد حجم ونوع الخدمات المقدمة، ضاربة بعرض الحائط المجالس المتمتعة بشرعية الانتخاب والمتبوعة بمحاسبة الناخب للمنتخب عند كل استحقاق.