ممارسة التدريس(7 /10)
الامتحانات التجريبية
الامتحانات التجريبية هي إعداد احترافي للامتحان الرسمي و لها مزايا عديدة في نواحي مختلفة: تهييئ نفسي و جسدي و زماني و مكاني و معرفي، و كل كلمة لها مدلولها و معناها المباشر.
شخصيا مع تلاميذ البكالوريا عندما ننهي المقرر الدراسي و بعد حصص للمراجعة أنظم امتحان تجريبي فقط للمادة التي أدرّسها و يكون غالبا في نهاية ماي و يشمل جميع التلاميذ الراغبين فيه على صعيد الثانوية، ثم تتلوه حصص أخرى، و قد درجت على هذه العادة سنوات و سنوات، وبعمل تطوعي بعيد عن تدخل إدارة المؤسسة.
لكن هناك نوع آخر من الامتحانات التجريبية، هو الذي يكون على صعيد المؤسسة أو النيابة ويشمل جميع المواد،هذا النوع من الامتحانات له فوائد أكثر لكنه يطرح إشكالات تنظيمية كثيرة:
* رغبة المتعلمين و جديتهم في إجرائه.
* رغبة الإدارة في توفير الاقسام و الحجرات و السهر على تنظيمه و توفير الظروف المشابهة للوطني.
* رغبة الاساتذة في عملية التصحيح و استثمار النتائج.
* توقيت إجراء هذا التجريبي، قبل إنهاء المقرر أو بعده.
و قد كانت هناك محاولات من طرف الوزارة لتنميط إجراء التجريبي و جعله في وقت محدد وبشكل مفروض، فجعلوه في ماي ثم قرروا أن يكون في بداية أبريل ثم حاولوا أن تكون نقطه محتسبة حتى ينخرط فيه التلاميذ بشكل جدي، لكنها محاولات فاشلة و لم تعط النتائج المرجوة.
- الامتحان التجريبي يجب أن يكون تجريبيا و لا يحتسب في المراقبة المستمرة
- الامتحان التجريبي يجب أن يكون متاحا لمن يريد أن يسجّل فيه من التلاميذ و ليس إلزاميا
- الامتحان التجريبي ينظم حسب حالة و ظروف كل مؤسسة أو مقاطعة أو نيابة
- توقيته حسب المواد و حسب ظروف الاشتغال و مستوى التلاميذ و مدى جاهزيتهم.
إن الانخراط الناجح يجب أن ينطلق من الرغبة الداخلية و من الفاعلية الحقيقية للتجريبي و إلا سيكون عنوانا دون مضمون.
الغش
داء انتشر و عمّت عدواه مقاطع و مفاصل كثيرة في المجتمع و أصبح مُرادفا للنجاح و الذكاء و التميز و الغَلَبَة و التفوق على الآخرين، و وصل إلى قطاع التعليم، و أصبح حقاً مكتسباً مشروعاً لا يجوز المسّ به، و كل ممارسٍ له يعطي له تبريرات برّاقة ناعمة كل حسب موقعه و مستوى استعمال هذا الغش.
فتلاميذ يبرّرونه بتضخّم المقرارت و صعوبتها، و ظروف التعلم و إكراهاتها، و استعماله من طرف الآخرين، و تعوّدهم عليه منذ الصّغر، و تداوله في مناحي الحياة الأخرى.
و ممارسون للتدريس يبرّرونه بظلم المنظومة في الأجرة و الترقية و الانتقال، و ظروف التدريس و ساعات العمل و مستوى التلاميذ المعرفي و أخلاقهم، و كذلك انتشاره بين الأقران و مناحي الحياة كذلك، و يبرّرونه حتى في الامتحانات المهنية لنفس الأسباب و غيرها.
و هيأةٌ إدارية في التعليم لنفس المبرّرات تقريبا.
إنها مشكلة كبيرة معقّدة مركّبة، و لا يمكن حصْر أسبابها فيما يواكب التدريس فقط أو مناهج التدريس و ظروفه فقط لكن هي أزمة في قيم المجتمع التي أصابها خلل كبير لعب فيها الإعلام أدواراً كبيرة، و لعبت فيها الفوارق الصارخة في الحقوق و المكانة و الفرص المُتاحة، ممّا عمّم انتهازيةً و وصوليةً في تركيبة الشخصية عند الممارسين للغش تبحث عما تعتبره حقا مهضوما بكل الطرق.
قد تعبر غمامة في مسيرة المُمارس الحيّ للتدريس بها بواعث تبيح الغش في صور بسيطة قد تتطوّر مع الوقت و يصبح أسيرَها و لا يجد نفسه و ما كان عليه في بداية مشواره خاصة عند شعور بالغبن أو الظلم أو الحرقة أو غيرها مما نكابده جميعاً. إلا أن الإيمان القوي بالله و استبيان ثقل الأمانة التي على كاهله و دور عمله السامي و قيمة مهنته الغالية و منطق القدوة الصالحة الذي عليه ترسّمه هي أدوية ناجعة إن شاء الله تزيل الغمامة و توضّح الطريق و السبيل و تعطي راحةً في الضمير لا تقدّر بثمن.
إن تفاني الممارس في عمله و القيام بمهمته على أكمل وجه هي وسيلة كفيلة بمحاربة الغش بين تلامذته و لو على مستوى حذف المشروعية عن أفهامهم و مفهومهم و معتقدهم، كما أن العدالة و ظروف الشرح و التعلّم و الفروض المعتدلة تفقدهم التبريرات التي يختبئون وراءها و تعطي مصداقية للقيام بما يلزم حيال أي غش مرتكب.
فمعاقبةُ مرتكبي الغش لن تكون مجديةً و الظلم سائدٌ و الفوضى سائدة و ظروف التعلم غير سليمة، و مكونات الفروض غير مناسبة و الغش في التدريس من طرف الممارس واقعٌ بأشكال و صور مختلفة يعرفها التلاميذ و يقتفونها و لا تخفى عليهم رغم مداراتها.
على المُمارس للتدريس أن يتوقع في الظروف الحالية غشا شائعا عند مجموعة من تلامذته في صور مختلفة و مستويات متباينة و لا فرق بين الذكور و الإناث في ذلك إلا في حالات قليلة، و قد يجد نفسه في بيئة أو مؤسسة أو منطقة تعمّ فيها هذه الظاهرة حتى تكون عرفا سائدا، أو تقلّ فيها حتى تكون قليلة، و قد وضّحنا طرقا و تقنيات كثيرة لمجابهة ذلك في هذا المقال و فيما سبقه.
أخطاء التعلم
أشرنا في المقال التاسع إلى معالجة الأخطاء و الأغلاط الخاصة بالممارس للتدريس لكن هناك أخطاء التلاميذ في التعلم، التي يُعايشها المُمارس يوميا بشكل متواتر و متباين و متنوع و متجدّد و تفاجئه أحيانا في ثقلها و زمانها و كثرتها كما تتبلور خلاصتها أثناء عملية تصحيح أوراق الفروض المحروسة.
* هي حاضرة و طبيعية و متوقعة في عملية التعلم و في مراحله، و تكون تجربة إيجابية للتمرّس أكثر و التمرّن أكثر و بالتوالي فاستحضار هذا المُعطى يقي كثيرا من التوتر و القلق الذي قد ينتاب المُمارس حين وقوعها.
* إعطاء هامش كبير من الحرية للتعبير الحقيقي للتلاميذ أثناء تعلّمهم سواء في السبورة لحلّ تمرين أو شفهيا لشرح وضعية أو في أوراقهم في الأعمال التطبيقية داخل الفصل كلّها تسهّل إظهار هذه الأخطاء الطبيعية الصحية التي تساهم بشكل كبير في بناء تعلّم صحيح بقواعد متينة و تفضي إلى فهم أعمق و تجلّي بواطن الإشكالات و المعيقات.
* الابتعاد عن منطق الزجر الجارح و الكلمات أو التعابير أو المعاملة المحقّرة عند ارتكاب أخطاء التعلم و هذا لا يجب أن يخفى على الممارس المحترف.
* محاولة التعرف على نوعية الأخطاء التي يقع فيها كل صنف من التلاميذ و إبرازها لهم حتى يسهل عليهم معالجتها فأول مراحل العلاج التعرّف على نوع العلّة، و هذا يظهر للممارس مع
الفروض المنزلية و المحروسة و طريقة الإنجاز في الحصة لكل نشاط تعلّمي جديد.
* بعد تجربة الممارسة الحيّة للمناهج الدراسية يتعرّف الأستاذ على نوعية الأخطاء المرتكبة بصفة عامة من طرف التلاميذ التي تواكب كل حلقة دراسية أو مفهوم جديد و يتمكّن من استشراف الأخطاء التي سترتكب و يمكنه بناء عملية الشرح بناءً على ذلك.
* هناك أخطاء مستفزّة كإعادة نفس الخطأ بعد تصحيحه في نفس الحصة و في نفس الظروف أو التي تعتبر فادحة ناجمة عن نقص متراكم في المستوى الدراسي من سنوات فارطة أو الناتجة انعدام التركيز، و قد توصّلت إلى قناعة مفادها أن إعادة تصحيحها من جديد دون قلق داخلي أسلم للطرفين و أفْيَدُ لصحة الاستاذ و هذا تعاقد بينه و بين نفسه يعتبر أي نوع من الأخطاء متوقع الحدوث.
* هناك أخطاء سلوكية تؤثّر سلبا على التعلّم و سنفرد إن شاء الله مقالا خاصا عنها.
* قد يستعمل الممارس طريقة في الشرح تولّد فهما خاطئا لدى بعض التلاميذ مبنيا على استنباط غير صحيح من مقصود الأستاذ في شرحه و هذا قد يقع و لا ينتبه له الأستاذ إلا بعد مدة، و هنا يستحسن دائما قياس طبيعة فهم التلاميذ لِما يصل عليهم و هذا القياس له تقنيات معتمدة منها ما هو مباشر و لحظي و منها ما يكون في حصص أخرى أو في الفروض أو في المراجعة و الإعداد و سنحاول إن شاء الله مقاربته في مقال مستقل.
* هناك أخطاء معروفة خاصة بكل مادة و بكل مستوى عامة و شائعة يتحدث عنها الأساتذة
فيما بينهم و تتعاقب عبر الأجيال مما يؤكد أن الأمر عائد إلى كونها طبيعية و تواكب التعلم أو أنها مرتبطة بالمنهاج الدراسي الذي قد يغذيها و ينميها بطريقة تركيبته غير السليمة.