ملك يصنع السنة
من حق المغاربة أن يتساءلوا وهم يودعون السنة الميلادية، ما الذي لم يفعله الملك محمد السادس خلال السنة التي نودعها؟ فمع كثرة التعليمات والتوجيهات والقرارات ذات الطابع الظرفي والاستراتيجي وطنيا ودوليا والمواقف الدبلوماسية المصيرية والاتفاقيات الدولية التي أشرف عليها، والأوراش المفتوحة التي أعطى انطلاقتها لمواجهة تداعيات زلزال الحوز أو الدعم المباشر للأسر والطاقة والماء والبنية التحتية، كل هذه الدينامية الملكية تضعنا أمام وضعية يصعب فيها حصر إنجازات الملك محمد السادس.
لقد عرفت سنة 2023 قرارات ملكية استراتيجية حاسمة في معادلة بناء الدولة الاجتماعية كجواب على تنامي الطلب الداخلي في تحسين وضعية معيشة المواطن، وفي نفس الوقت تمكنت الواقعية الملكية من فرض مواقف سيادية لدولة ذات المصداقية على المستوى الخارجي، مما جعل من الملك صانعا للأحداث، وباحثا عن السلام العالمي، وداعما للأمن والتنمية والاستقرار في الشرق الأوسط وإفريقيا.
وبغض النظر عن السنة التي نودعها، لقد نجح محمد السادس على مدار عقدين ونصف من توليه العرش في إثارة إعجاب قادة وشعوب العالم بكاملهم على اختلاف أعراقهم وأديانهم وتوجهاتهم الفكرية، بل ومستوياتهم الاجتماعية والثقافية، والسبب بسيط للغاية لأنه ملك يقول ما يعلم، ويفعل ما يقول، وظهر ذلك في اتخاذ الملك القرارات الصعبة والمصيرية بكل ثقة وبكل إصرار وبحكمة وبعد نظر.
لقد أظهرت السنة المنتهية أننا أمام ملك لا يغفو قبل إتمام المشاريع التي أطلقها في مواقيتها، وكدليل يكفي الرجوع إلى الجلسات المتتالية المصغرة التي ترأسها الملك خلال زلزال الحوز أو الماء أو الطاقة الهيدروجينية.
وما يبعث الاطمئنان في نفوس المغاربة سيما أثناء الأزمات الطبيعية والصحية وجود ملك يدبر الأوضاع العادية بدبلوماسية جريئة، ورؤية ثاقبة، وحكمة في الطرح، ورزانة في الفكر، بل ويحول الأزمات إلى فرص للتنمية، وما وقع خلال وباء «كوفيد 19» وزلزال الحوز لهو أكبر دليل على ما يتمتع به الملك، من بعد نظر جعل منه ملكا يصنع أحداث السنة وطنيا ودوليا.