شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةتقاريرمجتمع

ملك في خدمة الإنسانية

مع كل حادث مأساوي نقف لنبحث في قاموس اللغة عن أدق المفردات لوصف سلوك الملك محمد السادس، فلا نجد سوى الملك أب الجميع، أو الملك النبيل، أو ملك في خدمة الإنسانية، فعطف الملك على الذين تصيبهم النوائب وتألمه من أي ضررٍ قد يلحق بهم، حذا به لتتبع التفاصيل في مثل قضية الطفل ريان، وحرصه الشديد على تسخير كل الإمكانيات التقنية واللوجيستية والبشرية لإنقاذ روح الطفل الذي حبس أنفاس العالم.

فالملك يصر في كل مرة على تكسير تلك الصورة الكلاسيكية للملوك الذين يجلسون فوق عروشهم ولا ينشغلون بقضايا فردية ولا يكترثون لتفاصيل مأساة مواطن علق في بئر، لهذا فإن المتأمل في سلوكات هذا القائد الكبير بإنسانيته وأبويته يجعله يتساءل: أي محرض على الخير بداخله يجعله مختلفاً بذلك القدر؟ وأي إنسانية بيضاء تنبع من داخله لتحرك قلبه تجاه أن يتابع بالتفاصيل جميع مراحل إنقاذ الطفل، ويبادر إلى تقديم التعازي لوالديه قبل الجميع؟

الأكيد أنه لن يفهم قيمة الدعم المعنوي والمادي من طرف ملك البلاد إلا عائلة الطفل ريان، صحيح أن خسارة أم مكلومة وأب مصدوم لابنهما لا تعوض بثمن، لكن العطف الملكي مهم في هذه الفترة العصيبة لأنه يجبر خاطر أهل الفقيد ويجبر معه خاطر شعب بكامله. ولأن الالتفاتة الملكية لها ما بعدها حيث تتجاوز لا محالة التضامن العابر، فبعد أيام أو ربما أسابيع على أبعد تقدير، ستنطفئ الأضواء وينفض القوم، وعندئذ، تبقى الأسرة وحيدة تكابد غياب فلذة الكبد لكن بهذا الاحتضان الملكي ستظل مغمورة بدفء لا يبرد.

ومما لا ريب فيه أن الاحتضان الملكي لقضية ريان في صميمه قرار إنساني محض، لكنه يحمل دلالة تفوق الاعتبارات الإنسانية بكثير، والتي تؤكد أن الاستثمار في الإنسانية والنبل والأبوية هو الكفيل بكسب المزيد من القلوب والعقول، فنحن اليوم أكثر من أي وقت مضى بحاجة ماسة إلى ملك مفعم بالتضامن الإنساني التي تعكس القيم المتأصلة في الوجدان الإنساني الجمعي، ويترك في كل مرة بعطفه ودعمه الأبوي أثرا طيبا ودرسا جديدا نتعلم منه الكثير، وتضعه باستمرار في أعين شعبه في مرتبة عليا، وتجعله موضع احترام وتقدير وحب.

التذكير بهذا الحس الإنساني في شخصية الملك محمد السادس ضروري ومفيد جدا لبعض المسؤولين والنخب السياسية والإعلامية الذين يعانون من نقص فادح في هاته المادة الإنسانية، لعلهم يأخذون الدرس ويستلهمون المعنى من أخلاق أعلى سلطة في البلد.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى