ملفات مؤجلة
لماذا تأخرت الإصلاحات المرتبطة بالتعليم العادي والعالي؟ ما سبب عدم تنفيذ السجل الاجتماعي إلى الآن، مع ما يترتب عنه من دعم عمومي مباشر للأسر المحتاجة؟ لماذا لم تنطلق حتى اليوم قرارات دعم المسنين؟ ومن يقف وراء تأخير إصلاح صناديق التقاعد؟ هذه بعض من الأسئلة التي تدور الآن بمختلف الصيغ والمستويات على امتداد الرأي العام، حول القضايا الاجتماعية المؤجلة.
صحيح أن إصلاح الأعطاب المزمنة والتركة الثقيلة لا يمكن أن يتم بالجملة، لكنه في الوقت نفسه لا يقبل التأخير، خصوصا في ملفات يفرضها السياق فرضا، تماما كما أن المريض الذي يريد أن يتناول جرعة كبيرة من الدواء تعوضه عما فاته سينتحر، لكنه لا يمكن أن يظل بدون علاج مستعجل لإيقاف مزيد من النزيف.
الجميع يدرك أن تعليمنا اليوم في حاجة مستعجلة إلى إصلاح عميق وجوهري يطول مضامينه ومحتواه، ويخلق مجالات بيداغوجية وعلمية للتلاميذ والطلبة للتفكير والخلق والإبداع والإنتاج، عوض الإبقاء على منظومة أثبتت فشلها وخرّجت نسخا تكاد تكون متطابقة من الخريجين – مع وجود استثناءات – الذين يعيشون بطالة وفقرا وغياب أمل هائلا يشعرون معه بضياع يفقدهم كل قدرة على الاندماج في سياسات بلدهم.
لن ننكر هنا بعض الإجراءات الإصلاحية في مجال التعليم بكل مراحله التي تم اتخاذها، والتي رغم أهميتها تبقى سطحية ولا تطول ما يحتاج فعلا إلى الإصلاح العميق. والأكيد أنه لو تابعنا كل ما تعهد به وزيرا التعليم في البرلمان، ولو استعرضنا الوعود المتضمنة في البرنامج الحكومي، وطموحات النموذج التنموي، لوجدنا أن كل ما وعد وتعهد به وزيرا التعليم يتوزع بين الإنجاز المؤجل والمنسي. فبعد مرور ثلث الولاية لا إنجازات تحققت في مجال التعليم، ولا قوانين تهم منظومة التربية والتكوين تمت المصادقة عليها، ولا تطورا حدث على مستوى الواقع المزري الذي تعيشه مدارسنا وجامعاتنا.
إن الشيء المطلوب للجواب عن المرحلة الصعبة التي نعيشها اجتماعيا واقتصاديا، هو عدم التسويف في التجاوب مع التعهدات التي أعلنها وزراء الحكومة وتأجيل أو تأخير معالجة الملفات الحارقة إلى ربع الساعة الأخير من الولاية، أو ربما تصديرها للولاية المقبلة، هذا سيكون خطأ جسيما سنؤدي ثمنه غاليا، فليس من المقبول أن تضيع فرص الإصلاح مع حكومة اجتمعت فيها الشروط السياسية والدستورية لتحقيق الإصلاحات، لكنها تتأخر في فعل ذلك.