ملايير تصرف على الخيبات
ما بين إنجازات تأهل المنتخب المغربي لكرة القدم ذكورا وإناثا لكأس العالم وفوز منتخب كرة الصالة بالبطولة العربية، تختبئ الكثير من الخيبات والنكسات التي تعيشها الرياضات المغربية، كان آخرها الحصيلة المخزية لألعاب البحر الأبيض المتوسط التي لم تأخذ حقها من النقد والتقييم والمحاسبة، بل حاول البعض تعليق شماعة الفشل على سوء التنظيم والمعاملة التي كانت متوقعة من الدولة المنظمة.
فقد خرجت الجامعات الرياضية خاوية الوفاض، وعجز رياضيوها عن صعود منصة التتويج إلا قليلا، وبالتالي احتل المغرب المرتبة 15 في التصنيف من أصل 25 دولة مشاركة، لكن المؤسف حقا أن يأتي تصنيف المغرب وراء تونس وسوريا التي تعيش الويلات وحتى الجزائر البلد المنظم، وهذا الأمر يثير العديد من التساؤلات حول التسيير الإداري والتقني للجامعات الرياضية، وأيضا حول الجدوى من المنح المالية الكبيرة التي تتوصل بها سنويا من المال العام دون إنجازات تذكر.
والحقيقة التي يعلمها الجميع لكن لا تحرك ساكنا في المسؤولين أن كل الجامعات الرياضية باستثناء كرة القدم تعيش منذ سنوات عجزا في الإنجازات وسوء تدبير وفوضى غير خلاقة، ورغم ذلك لا محاسبة ولا مساءلة ولا وجود لاستراتيجية بأهداف محددة ولا تغييرات جذرية تبدأ باستئصال الوجوه المتسببة في الخيبات. إن ما نحصده من هزائم وإقصاءات متتالية في العديد من الأصناف الرياضية هو مقياس حقيقي لضعف التسيير داخل الجامعات، وباروميتر عن الفشل الذي لا يترتب عليه أي أثر يذكر.
ورغم الملايير السنوية التي تصرف على الجامعات وتحضيرات الأبطال المغاربة في عدد من الأنواع الرياضية، لا نحصد سوى النكسات، فليست هناك فضيحة أكثر من أن نشارك بـ137 رياضيا ونتوج بثلاث ميداليات ذهبية في ألعاب خاصة بدول البحر الأبيض المتوسط وليس العالم. إذن الهزيمة والفشل والإخفاق عناوين بارزة أطرت مسار الرياضات الوطنية في السنوات الأخيرة، وهو ما يستوجب إعمال سيف المحاسبة والمساءلة.
وما دام أن مختلف مسؤولي الجامعات الرياضية يشعرون بغياب المحاسبة الحكومية والقضائية والبرلمانية على نتائجهم الكارثية، ومادام أن الدعم المالي السنوي يتم من دون تقييم الإنجازات ولا حتى افتحاصات للمجلس الأعلى للحسابات لكشوف النفقات والمداخيل، ستبقى دار لقمان على حالها، فالدولة بذلت قصارى جهدها من أجل العمل على نجاح مختلف الرياضات موفرة كل الإمكانيات المالية واللوجستية وتذليل كل العقبات الروتينية، كما طورت الدولة البنية التحتية للعديد من المرافق الرياضية لتتناسب مع النتائج، لكن – للأسف – كان التراخي والإهمال وسوء التدبير هي ما حصل عليه الشعب من نتائج والآن جاء دور المحاسبة والمساءلة.