مقترحات الأحزاب السياسية لمواجهة تداعيات كورونا
إعداد: محمد اليوبي- النعمان اليعلاوي
بدأ المغرب في التخفيف تدريجيا من إجراءات الحجر الصحي، وأصبحت جهود الجميع منصبة نحو مواجهة التداعيات الاقتصادية والاجتماعية التي خلفتها جائحة كورونا، وفي هذا الصدد أطلق رئيس الحكومة مشاورات مع الأحزاب السياسية والنقابات ومختلف الفاعلين، لتقديم مقترحات الخروج من الأزمة، وذلك تزامنا مع إعداد الحكومة لمشروع قانون للمالية تعديلي، سيحال قريبا على المجلس الوزاري، قبل المصادقة عليه بالمجلس الحكومي، ثم مجلسي البرلمان. وفي هذا الملف نستعرض المذكرات التي قدمتها الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، سواء من موقع التدبير الحكومي أو من موقع المعارضة، تستعرض من خلالها آفاق ما بعد رفع الحجر الصحي، وكذلك مقترحاتها لإعادة إنعاش الاقتصاد الوطني الذي تكبد خسائر جسيمة بسبب الجائحة.
حزب العدالة والتنمية يقترح التدرج في إجراءات تخفيف الحجر الصحي
قدم حزب العدالة والتنمية تصوره لمرحلة ما بعد جائحة فيروس كورونا المستجد، داعيا إلى اعتماد التدرج في إجراءات تخفيف الحجر الصحي عبر مراحل بطريقة منسقة، معتبرا أن خطة إنعاش الاقتصاد الوطني يجب أن تأخذ بعين الاعتبار ثلاثة مستويات تهم الأوراش ذات الأولوية، ودعم العرض والطلب، ودعم المقاولات وفرص الشغل.
فبخصوص تخفيف الحجر الصحي، أكدت الوثيقة على أهمية المبادئ الأساسية التي اقترحتها الحكومة في هذا الصدد، «من خلال التدرج باعتماد إجراءات تخفيف ورفع الحجر الصحي عبر مراحل، مصحوبة بتدابير مواكبة، حسب تطور الوضعية الوبائية؛ والبعد الترابي أخذا بعين الاعتبار التفاوت الملاحظ في الوضعية الوبائية بين مختلف الجهات والعمالات والأقاليم؛ وأيضا المرونة وإمكانية المراجعة عند بروز بؤر جديدة أو ارتفاع عدد الحالات، على المستوى الترابي المعني أو البؤرة المعنية؛ فضلا عن التمييز الإيجابي عبر توفير حماية أكبر للفئات الهشة صحيا».
وشددت الوثيقة على ضرورة اعتماد رفع الحجر الصحي بطريقة منسقة، بناء على الدلائل المرجعية التي أعدتها الحكومة لهذا الغرض بتنسيق مع القطاعات المعنية، والسماح باستئناف هذه الأنشطة، مع الإبقاء على التدابير الوقائية التي اتخذت خلال الحجر الصحي، والممارسة المنتظمة لاختبارات الكشف على المصابين والمخالطين، وإيلاء عناية خاصة بالمسنين وبالأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة، وكذا مواصلة التحسيس واليقظة وتعبئة كل المواطنين لمواصلة الانخراط في هذه المرحلة على غرار مرحلة الحجر الصحي.
خطة لإنعاش الاقتصاد
بسط حزب العدالة والتنمية، في مذكرته، خطة لإنعاش الاقتصاد الوطني، والتي يرى أنها ينبغي أن تنبني على تعبئة كبيرة وشاملة لتسريع وتيرة إنجاز الإصلاحات الهيكلية والقطاعية وتنفيذ الأوراش ذات الأولوية والمشاريع الكبرى لتنشيط الاقتصاد الوطني وتعزيز الاستثمار وإنعاش سوق الشغل، وتوسيع الحماية الاجتماعية وتقليص الفوارق. واعتبر الحزب أن الأجوبة المقدمة لضمان الاستئناف الناجح بطريقة متضافرة وشاملة ومنظمة يجب أن تكون الأجوبة المقدمة لضمان الاستئناف والانتعاش الناجح بطريقة متضافرة وشاملة ومنظمة، وتأخذ في الاعتبار ثلاثة مستويات متكاملة، وهي الأوراش ذات الأولوية، ودعم العرض والطلب، ودعم المقاولات وفرص الشغل. فعلى مستوى الأوراش ذات الأولوية، ركز الحزب على ضرورة الاسترسال في تعزيز المنظومة الصحية وتجويد حكامتها ومواصلة الإجراءات المتخذة لصالحها إبان مواجهة جائحة كورونا، مع تحفيز وتعزيز الموارد البشرية العاملة في هذه المنظومة بالرفع من مردوديتها ومضاعفة أعدادها.
ودعت مذكرة الحزب أيضا، بخصوص تطوير شبكات الأمان الاجتماعي وإدماج القطاع غير المنظم، لتسريع برنامج تعميم التغطية الصحية والاجتماعية وإدماج القطاع غير المنظم، معتبرة أن تسريع تنزيل السجل الاجتماعي الموحد يشكل فرصة لضمان التنسيق والاندماج والشفافية في العمل الاجتماعي من قبل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، فضلا عن توفير الحد الأدنى من الدخل بالنسبة للأشخاص غير القادرين على العمل، ما سيشكل فرصة من أجل تحقيق العدالة والكرامة والتماسك الاجتماعيين والرفع من الإنتاجية.
أوراش ذات أولوية
دعت وثيقة الحزب، كذلك، في إطار الأوراش ذات الأولوية، إلى تسريع تنفيذ برنامج تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، وأيضا مواصلة سد الفجوة الرقمية وتسريع التحول الرقمي وجعل التكنولوجيا والرقمنة في قلب السياسات العمومية الوطنية، من خلال تسريع مواصلة تنفيذ خريطة الطريق للتحول الرقمي وبرنامج تعميم ربط التراب الوطني بالأنترنيت والمخطط الوطني للصبيب العالي والعالي جدا وتطوير الشبكة البينية للألياف البصرية، بالاعتماد على الإمكانيات المالية التي يوفرها الصندوق الخاص بالخدمة الأساسية للمواصلات.
وعلى مستوى دعم العرض والطلب، طالبت وثيقة الحزب، في ما يتعلق بدعم الطلب، بتسريع وتيرة برمجة وإنجاز المشاريع ومواصلة المجهود الاستثماري العمومي للدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، بما يعالج التأخر الحاصل في بعض المناطق على مستوى البنيات التحتية الاقتصادية والاجتماعية، عبر اعتماد جدولة الاستثمارات المبرمجة منذ سنوات. أما بخصوص العرض، فقد ركز الحزب على الدور المحوري والحيوي للجان الجهوية الموحدة للاستثمار، حيث يجب إعطاء انطلاقة جديدة من خلال تسريع اتخاذ القرارات بشأن المشاريع الاستثمارية بما سيعود بالنفع على الاستثمار والتشغيل، داعيا أيضا إلى إعادة النظر في منظومة التحفيزات الجبائية والعقارية والدعم المالي العمومي، وتوجيهها نحو الاقتصاد الحقيقي والاستثمار المنتج والتصنيع المحلي. كما ينبغي، حسب الوثيقة، استثمار الإمكانيات والفرص الجبائية المتاحة على مستوى الجماعات الترابية، بتبسيط وتخفيض عدد الضرائب والرسوم وتخفيض العبء الضريبي الإداري دون المردودية الثابتة.
وبخصوص إعداد مشروع قانون المالية التعديلي، أكد حزب العدالة والتنمية أن القانون يكتسي بعدا استراتيجيا كبيرا، إذ سيعطي إشارات ورسائل للمجتمع وللفاعلين والمستثمرين من الداخل والخارج، من خلال إعطائه دفعة قوية لإنعاش الاقتصاد الوطني وتسريع مجموعة من السياسات والبرامج والمشاريع العمومية، ودعم تموقع المغرب على مستوى إعادة توزيع وتوطين سلاسل الإنتاج والتوزيع على المستوى العالمي.
ثلاثة أسئلة لمحمد زين الدين أستاذ القانون العام بكلية الحقوق بالمحمدية : «الدولة لجأت لمناطق الظل أمام ضعف القوة الاقتراحية للأحزاب خلال أزمة كورونا»
1- ما تقييمك لمشاركة الأحزاب في تدبير آثار جائحة كورونا؟
يجب التأكيد على أن حضور الأحزاب السياسية في تدبير الجائحة ببلادنا، ضعيف جدا من حيث الكم كما من حيث الكيف، وهذا راجع لكون الأحزاب السياسية أصبحت فارغة من الكفاءات التي من شأنها صياغة مشاريع مجتمعية وبلورة تصورات تستجيب لانتظارات الدولة. وهذه ليست أول مرة تتخاذل فيها الأحزاب عن الاستجابة للانتظارات السياسية الملقاة عليها، وبلورة حلول للمشاكل المطروحة على الجانب الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، وبالتالي فهي أزمة حقيقية تعيشها الأحزاب التي لم تعد قادرة على إنتاج النخبة التي تستطيع بلورة الحلول الواقعية والمنطقية والمقبولة لدى الرأي العام، ولا ينبغي هنا أن ننسى أن جلالة الملك كان قد وجه الأحزاب السياسية إلى ضرورة استقطاب الكفاءات، وتشكيل مراكز للتفكير من قبيل ما بات يطلق عليها «تينك تونك»، وأرى أن الأحزاب السياسية تعي جيدا هذا الأمر، لذلك فهي لديها حساسية من الفاعل الأكاديمي، وهذه الحالة الموسومة بالانتظارية السلبية هي التي تدفع الدولة إلى اللجوء إلى «مناطق الظل» وهي تلك الكفاءات التكنوقراطية، لما تراه الدولة من ضعف القدرة الاقتراحية للأحزاب السياسية، والمفروض أن الأحزاب السياسية عليها، بالإضافة إلى مهامها التي بينها الدستور، من تأطير وتنظيم، الاضطلاع بمهام المساعدة في بلورة واقتراح مشروع مجتمعي، لكن عمليا لا نجد أن الأحزاب السياسية تقوم بهذه الوظيفة، وكما أشرت هنا فإن الدولة تلجأ لمناطق الظل التي يمثلها أولئك الأطر من مشارب متعددة، في السياسة والاقتصاد والاجتماع، وغيرها، ولعل أفضل مثال على هذا هو لجنة اليقظة الاقتصادية التي تم إحداثها، وهذا الأمر يشكل كافة المستويات، المحلية والجهوية والوطنية، إذ إن هناك لجانا محلية لليقظة الاقتصادية، وهي اللجان التي لا يتوفر المنتخبون المحليون فيها على تمثيلية، ولا ينتظر أن يقدموا الشيء الكثير والاقتراحات الفعالة في تدبير الأزمة.
2- هل الأمر مرتبط بمشكل بنيوي لدى الأحزاب أم بتغييبها من طرف الحكومة؟
أعتبر أن الأمر من الجانبين، أولهما مرتبط بمشكل ذاتي في الأحزاب، والتي، كما أشرت لك، لم تستطع استقطاب الكفاءات، وهذه الكفاءات هي التي من شأنها تقديم المقترحات الفعالة والجادة في تدبير مرحلة الأزمة المرتبطة بانتشار وباء كورونا، خصوصا إذا ربطنا هذا بمؤشر نسبة تأطير الأحزاب للمواطنين، والتي تبلغ 1 في المائة، ولكم أن تتخيلوا كم من الأطر والكفاءات التي ستكون ضمن هذه النسبة الضئيلة جدا، وهم الذين تعول عليهم الأحزاب لإنتاج برامج وإعداد المخططات، بالإضافة إلى أنه ليس لدينا أحزاب سياسية تتوفر على مشاريع مجتمعية قوية ومتكاملة، ومن شأنها تقديم إجابات واقعية وعملية، خصوصا خلال الظرفية الحالية التي تتسم بالدقة. هناك أخطاء مجانية في تدبير الفاعل الحزبي لهذه الأزمة، وهذا يضعف صورة الأحزاب السياسية في التعامل مع الأزمة، ويستدعي طرح سؤال مدى توفر نخب حزبية مؤهلة للتعامل مع هذه الأزمة بفعالية، ولعل ما يوعز الأحزاب هو القدرة على استشعار الأزمات، والمطلوب في هذا الوضعية الدقيقة، كما أشرت، ليس هو ارتكاب أخطاء قليلة في تدبير الأزمة، بل يجب عدم ارتكاب أي خطأ، في حين أننا سجلنا في هذه الأشهر الثلاثة عددا من الأخطاء المجانية كان بالإمكان تفاديها، من قبيل انعدام التواصل، والارتباك الذي بدا في مرحلة الإعلان عن إجراءات تخفيف الحجر الصحي، وبالتالي فإن الأمر يتطلب معالجة معقولة وفعلية، وهناك أسباب بنيوية لدى الأحزاب، مرتبطة بسنوات من العمل السياسي لدى تلك الأحزاب، وهو المشكل الذي لا يمكن أن يحل بالنصوص القانونية، بل هو مرتبط بالإرادة لدى الفاعل الحزبي والسياسي من أجل امتلاك قوة اقتراحية.
3- هل تخلت الأحزاب عن وظائفها الأساسية خلال هذه الأزمة؟
إن الأحزاب السياسية مطالبة بالبحث عن الكفاءات التي تكون قادرة على تقديم إجابات واقعية وقوية وعملية وعلمية للأزمات والملفات الراهنة، ولا يمكن الوصول إلى مشروع حداثي تنموي ما لم تكن لدينا أحزاب قوية، فهانز كينسن يقول إن «الدولة الديمقراطية هي دولة الأحزاب»، ولكن ليس بالمشهد الحزبي الحالي، حيث إن الأحزاب لا تقوم بوظائفها الدستورية من التأطير والتمثيل وتشكيل قوة اقتراحية وقوة ترافعية، والقدرة على الاندماج، والقدرة على الوساطة، وهذه الأخيرة مهمة خصوصا في مرحلة تدبير الأزمات، وهذه المهمة ضرورية في هذه المرحلة بالتحديد، على اعتبار أن الأزمة الحالية مست فئات مجتمعية واسعة، وحدود التماس بينها وبين الدولة مسألة صعبة جدا، لذلك على الأحزاب أن تضطلع بمهام الوساطة والترافع أمام المجتمع.
أخنوش: تعافي الاقتصاد سيتطلب شهورا والتقشف خطأ جسيم
وجه حزب التجمع الوطني للأحرار مذكرة إلى رئيس الحكومة، تتضمن خلاصة مساهمات المواطنين، الموضوعة في منصة «ما بعد كورونا» التي أطلقها الحزب خلال الفترة ما بين 10 و19 أبريل المنصرم، للتفكير الجماعي في مستقبل المغرب بعد جائحة «كوفيد-19»، ونهج الحزب مقاربة تشاركية، عندما فتح المجال أمام جميع المغاربة في الداخل والخارج، لطرح مقترحاتهم وتصوراتهم لآليات الخروج من مرحلة الحجر الصحي، وسبل النهوض بالاقتصاد الوطني والدفع بالمقاولات المغربية بعيدا عن حافة الانهيار.
تشريح للوضعية الاقتصادية
قبل إطلاق المنصة نشر عزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، مقالا مفصلا حول الظرفية المتوقعة بعد نهاية أزمة كورونا، أكد من خلاله أن الوقت يعتبر عاملا حاسما في العالم الجديد ما بعد «كوفيد- 19»، مشيرا إلى أنه «من أجل إعادة التشغيل السريع لهياكل الإنتاج والأنشطة التجارية، من المحتمل أن يستغرق الأمر ثلاثة أشهر على الأقل»، حسب ما أكده أخنوش، مضيفا أن إعادة تحريك عجلة الاقتصاد ستكون شاقة في محيط عالمي هش بدوره «فحتى لو توقف الوباء عن الانتشار وتم الحد من الإصابات، فإن الفيروس المسبب للضرر لا يزال على قيد الحياة.. لا يمكن للبشرية أن تكون بمأمن إلا بعد تطوير لقاح وإتاحته على نطاق واسع، وسيتطلب ذلك لا محالة شهورا عديدة»، حسب أخنوش.
من جانب آخر، أشار أخنوش إلى أنه «لا يجب أن نتوقع خلال الأشهر القليلة المقبلة، عودة حقيقية إلى الحياة الطبيعية، ما دام اللقاح لم يطرح بعد»، وأنه «يتعين علينا تدبير الوضع عبر ضمان صحة جميع المواطنين وكبح الفيروس من الانتشار، ثم المحاولة قدر المستطاع، الحد من تداعياته الاجتماعية والاقتصادية»، مؤكدا أنه «بفضل الرؤية المتبصرة لصاحب الجلالة نصره الله، قد تمكن المغرب، بشكل استباقي وحاسم، من اتخاذ قرارات صائبة وحكيمة في الوقت المناسب، بأن أعطى الأولوية لحماية أرواح المغاربة واتخذ قرارات اقتصادية حكيمة وشجاعة، أبانت عن مقدرة تدبيرية عالية»، حسب المصدر نفسه، الذي دعا المغاربة إلى «الافتخار بالقائد الإنساني الملك محمد السادس، الذي أظهر في وقت الأزمة أولويته الحقيقية، بالتركيز على دعم الفئات الهشة قبل كل شيء»، يضيف أخنوش.
وبخصوص أزمة كورونا وتأثيرها على المقاولات، اعتبر أخنوش أن هذه الأزمة «خلفت أيضا خللا على مستوى العرض، كما عطلت أو خفضت من دورة الإنتاج بسبب حالة الطوارئ»، مشيرا إلى أنه وفي الأشهر المقبلة «علينا حتما التفكير في آليات للحفاظ على الحد الأدنى من الطلب الداخلي والقدرة الشرائية»، وأنه «إذا كان من المؤكد أن الدعم المقدم سيقوم بهذا الدور لفترة، فسيتعين على المقاولات تولي هذه المهمة تدريجيا، بإعادة إدماج موظفيها وصرف أجورهم، مع ضمان تأمين ظروف صحية آمنة لمزاولة عملهم..وهذا هو السيناريو الوحيد الممكن والقابل للتطبيق، لكي يمر الخروج من الأزمة في أحسن الظروف وفي مناخ اجتماعي ملائم».
وأكد أخنوش أن المقاولات المغربية ستعاني من صعوبات مُعدية ومتفاقمة، نتيجة لتداخل مكونات نسيجنا الاقتصادي، وأردف: «ومن أجل تنظيم مرحلة الخروج من الأزمة، لن يكون أمام الدولة من خيار سوى الرفع من مستوى المديونية وتحمل المخاطر، ومواكبة الفاعلين حتى يتمكنوا من تخطي المرحلة». وأبرز رئيس حزب «الحمامة» أن المغرب اختار منذ البداية ولمواكبة حالة الطوارئ، دعم الطلب الداخلي وتقوية القدرة الشرائية للأسر، وإعادة جدولة القروض الاستهلاكية والالتزامات المالية للشركات. ومخطئ من يعتقد أن هذه الالتزامات المؤجلة سيكون بالإمكان استخلاصها فورا، بعد الخروج من فترة الحجر الصحي، لأنه يلزم من الوقت ما يمكن المستفيدين من الوفاء بالتزاماتهم، وإن اقتضى الأمر تمديد الآجال النهائية للأداء».
تمتين روابط الثقة
حسب أخنوش، فقد خلفت هذه الأزمة أيضا خللا على مستوى العرض، كما عطلت أو خفضت من دورة الإنتاج بسبب حالة الطوارئ، وتابع قائلا: «وفي الأشهر المقبلة، علينا حتما التفكير في آليات للحفاظ على الحد الأدنى من الطلب الداخلي والقدرة الشرائية. وإذا كان من المؤكد أن الدعم المقدم سيقوم بهذا الدور لفترة، فسيتعين على المقاولات تولي هذه المهمة تدريجيا، بإعادة إدماج موظفيها وصرف أجورهم، مع ضمان تأمين ظروف صحية آمنة لمزاولة عملهم»، معتبرا هذا هو السيناريو الوحيد الممكن والقابل للتطبيق لكي يمر الخروج من الأزمة في أحسن الظروف وفي مناخ اجتماعي ملائم، وحتى يتأتى ذلك، يضيف أخنوش، سيحتاج الفاعلون الاقتصاديون بدورهم إلى دعم ومواكبة الدولة. لذلك، يجب أن يتوقف ذلك الخطاب، الذي يولي الأسبقية لمداخيل الدولة، ويضع على كف المعادلة الاختيار بين إنقاذ الدولة أو المقاولات، معتبرا «الترويج لسياسة تقشفية خطأ جسيما».
وقال أخنوش في هذا الصدد، إن الوقت الراهن ليس مناسبا للتقشف، موضحا: «إذ إن مستوى الدين في لحظة ما لا يهم، بقدر ما يهم منحى الدين على المديين المتوسط والبعيد، كما أن لجوء الدولة إلى الاقتراض من أجل التغلب على أزمة خارجية، لا مفر من تداعياتها، أمر جد طبيعي، فلحسن الحظ يتمتع المغرب بمقومات جيدة ومالية عمومية متينة، وذلك بفضل سنوات من التدبير العقلاني والاستباقي، وهذا يتيح لنا مجالا لتعبئة المزيد من الموارد، إن لزم الأمر»، مضيفا: «ومع ذلك، فإن نجاعة برنامج تدبير ما بعد الأزمة لا تعتمد فقط على ضخ موارد جديدة، إذ تعد هذه الأزمة الصحية غير مسبوقة، لأنها تسائل الوصفات الماكرواقتصادية التي تم اعتمادها سالفا لإنعاش الاقتصادات. فقصد جني ثمار الجهود التي تبذلها الدولة وحتى تكون الديون رافعة تنعش الاقتصاد الوطني، يبقى العامل الأساس هو تمتين روابط الثقة بين الدولة والمواطن والمقاول».
لشكر يدعو إلى تشكيل كتلة وطنية لإعادة بناء نموذج تنموي جديد
شدد إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، في أرضية توجيهية لتأطير النقاش الاتحادي حول تدبير الوضعية الراهنة، تحت عنوان «استشراف المستقبل.. جائحة كورونا فرصة لانطلاق النموذج التنموي الجديد على أسس سليمة»، على أهمية التناغم الحاصل بين الدولة بمؤسساتها وسلطها التنفيذية والتشريعية والقضائية التي تحمي حياة ومصالح مواطنيها، والمجتمع الملتزم بقرارات وإجراءات مؤسساته، داعيا إلى ضرورة تشكيل كتلة وطنية لا تستثني أحدا، والحفاظ على اللحمة الوطنية وحمايتها من أي تشويش أو حسابات سياسية ضيقة، لأن البلاد أمام فرصة تاريخية لإعادة البناء على أسس سليمة من أجل ترسيخ المكتسبات وتقوية الخصوصية المغربية.
تبعات أقوى من الحروب
أبرز إدريس لشكر أن تبعات الجائحة أقوى من الحروب والأزمات الاقتصادية، وأنها تسائل المنظمات الدولية والإقليمية التي عجزت عن التعامل معها بكل المقاييس، مؤكدا الحاجة إلى تعاقد عالمي جديد للدفاع عن حقوق الكوكب والأجيال الصاعدة، ومتعهدا بالترافع الدولي عن هذا التوجه ضمن الأممية الاشتراكية والتحالف التقدمي.
وسجل لشكر تأثر الاقتصاد الوطني، على غرار باقي اقتصادات دول العالم، بما فرضته جائحة «كورونا» من توقيف للآلاف من المقاولات الصناعية والفلاحية والخدماتية، معتبرا أن رد فعل الحكومة، خاصة عبر «لجنة اليقظة الاقتصادية»، كان سليما وحيويا للتخفيف من المخاطر الاقتصادية والمالية. وفي هذا الإطار، أثار الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي مسألة تأميم بعض المقاولات كليا ولو بشكل مرحلي لحمايتها من الإفلاس وإنقاذ آلة الإنتاج الوطني وحماية مناصب الشغل.
ودعا لشكر إلى مواجهة الآثار الأولى على الميزان التجاري المغربي، عبر اتخاذ تدابير للحد من واردات المواد الكمالية ومراجعة اتفاقيات التبادل الحر التي فيها غبن للفاعل الاقتصادي المغربي، ودعا أيضا إلى النهوض بالإنتاج الوطني الذي أبان عن قدراته في مجال صناعة الكمامات، والاستثمار في الاقتصاد الأخضر، وسن سياسة جبائية منصفة ومتوازنة لمغرب ما بعد «كورونا»، ودعم القطاعات المتضررة، وعلى رأسها القطاع السياحي وقطاع الخدمات والتجارة.
ومن أجل تدبير أفضل لهذه الأزمة الاقتصادية، أكد إدريس لشكر أنه من المستعجل طرح تعديل قانون المالية 2020 على البرلمان والبدء بإعداد سيناريوهات مشروع قانون المالية 2021.
وعلى الصعيد الصحي، ألح الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي على معالجة اختلالات المنظومة الصحية عبر إقرار نظام شامل للمساعدة الطبية يقوم على الإنصاف والعدالة الترابية واعتماد تصور متكامل للتغطية الاجتماعية الشاملة. وأوصى بضرورة تطوير نظام شبكات الأمان الاجتماعي، واستغلال الفرصة لتوسيع قاعدة المنخرطين في نظام الضمان الاجتماعي من جهة، ولتسجيل كل الفئات الأخرى في نظام «راميد» الذي يتعين مضاعفة تبسيط مساطره وتحيين معلوماته لتدبيره بسلاسة وبما يخدم مصلحة المواطنين ويصون كرامتهم.
التربوي والسياسي والمرأة
على الصعيد التربوي، نوه إدريس لشكر بقدرة المنظومة التربوية على التأقلم، وبأسرة التعليم التي كانت في مستوى اللحظة، سواء من حيث اتخاذ القرار في الوقت المناسب أو تجنيد كل الإمكانيات التقنية لمباشرة الدراسة عن بعد. وأكد لشكر أن الظرفية كشفت أن الإصلاح ممكن بفعل الإرادة السياسية القوية واللحمة الوطنية، مذكرا بالموقف الاتحادي الذي يعتبر المنظومة التربوية وسيلة أساسية لبناء المواطن، ويعتبر مجانية التعليم حقا للشعب المغربي والتزاما وتعاقدا من طرف الدولة مع المجتمع، مع ضرورة توفير العدالة الرقمية واللغوية لكافة المتمدرسين.
وعلى الصعيد السياسي، أوضح لشكر أن التعبئة الوطنية، التي بدأت مع الدعوة إلى نموذج تنموي جديد وترسخت في زمن الطوارئ الصحية، تقتضي مواصلة الإصلاحات السياسية، وخاصة مراجعة المنظومة الانتخابية، حيث جدد الدعوة إلى إجراء حوار شامل مع الهيئات السياسية، أغلبية ومعارضة، لتعزيز نزاهة العملية الانتخابية، ودعا، مرة أخرى، «المجلس الوطني لحقوق الإنسان» و«الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها» إلى المساهمة في الإصلاحات الانتخابية المرتقبة ومراقبة نزاهة العمليات الانتخابية والإعلان عن ذلك في آنه، انسجاما مع المهام الموكولة لهما، دستوريا وقانونيا، كما دعا إلى تسريع تنفيذ ميثاق اللاتركيز الإداري، والإسراع بتطوير رقمنة إدارة المحاكم قبل التفكير في رقمنة المحاكمات، والتسريع بتفعيل القرارات والإجراءات المتعلقة برقمنة الإدارة العمومية بغية تعميم وتحسين الخدمات الأساسية لفائدة المواطن والمقاولة.
وبالإضافة إلى ذلك، واعتبارا لما تعانيه المرأة في هذه الظرفية، دعا إدريس لشكر إلى الانكباب، بعد الخروج من حالة الحجر الصحي وبشكل مستعجل، على مراجعة المقتضيات والقوانين التي تمس النساء بما يتناغم مع الوثيقة الدستورية خاصة الفصل 19 منها، والتوجه نحو المستقبل بمساهمة كاملة من المرأة باعتبارها فاعلا محوريا في البناء الديمقراطي وطرفا أساسيا في معادلات التنمية والرقي المجتمعي.
التقدم والاشتراكية.. منطلقات التنمية ما بعد كورونا
قدّم حزب التقدم والاشتراكية مقترحاته لمرحلة ما بعد كورونا، في وثيقة جاءت بعنوان «التعاقد السياسي الجديد»، معتبرا أنها «إسهام منه في جهود بلورة خطة ما بعد كورونا»، كونها تتأسس على مضامين نداء اللجنة المركزية للحزب وكذا وثيقة الحزب حول النموذج التنموي البديل، إضافة إلى الاستشارات الواسعة داخل الحزب وخارجه.
وأوضح الحزب أن مقترحاته، تتأسس على قناعة راسخة مفادها «ضرورة وضع الإنسان في قلب العملية التنموية، وإعادة ترتيب أولويات السياسات العمومية الوطنية، واضطلاع الدولة بأدوار جديدة على مستوى التوجيه والضبط والتدخل المباشر في مجال توفير خدمات اجتماعية أساسية جيدة وضمان الولوج إليها وفي الأنشطة الإنتاجية ذات الطابع الحيوي والاستراتيجي»، مع التأكيد على الدور الذي يمكن أن يلعبه «قطاعٌ خصوصي منتج وناجع، مسؤول اجتماعيا وبيئيا، في هذا المجهود التنموي بتكامل وتناغم مع الأولويات الوطنية المحددة من طرف الدولة».
ومن منظور حزب التقدم والاشتراكية، لا يمكن الفصل بين الأسئلة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وبين المسألة السياسية، بل هناك ربط جدلي بين مختلف هذه المستويات، وأي تعثر في أحدها ينعكس سلبًا على المستويات الأخرى. على هذا الأساس، يكشف في مقدّمة الوثيقة التي نشرها، فـ «مقترحات الحزب تروم بناء تعاقد سياسي جديد تشمل، بشكل متلازم، الجوانب الاقتصادية والبيئية والاجتماعية والثقافية والسياسية»، مضيفا أنها تتضمن «ما هو آني وقابل للإنجاز فورا، وما يهم المدى المتوسط، وذلك في أفق أجرأة النموذج التنموي الجديد».
وتهم أبرز مقترحات حزب التقدم والاشتراكية بلورة خطة للدعم، والإنعاش الاقتصادي، والقطاعي عبر منهجية تشاركية تقوم على جرد، وترتيب القطاعات المتضررة، وتشخيص وضعيتها، وتقييم خسائرها، وتحديد آليات دعم القطاعات المتضررة، ومواكبتها، بطريقة تشاركية بين الحكومة، والبرلمان، وممثلي كل من المقاولات، والشغيلة، والأبناك، فضلا عن الجماعات الترابية، و القضاء على الهشاشة والفقر وإعمال العدالة الاجتماعية والنهوض بالثقافة، وتعميق المسار الديموقراطي والبناء المؤسساتي.
ومن بين مقترحات التقدميين إجراء مفاوضات بين أرباب العمل، وممثلي الشغيلة، وبلورة بروتوكولات اتفاقات خاصة، واستثنائية، ومرحلية، برعاية، وإشراف من الحكومة، وإقرار إجراءات تحفيزية لفائدة المقاولات، التي تحافظ على مناصب الشغل، وتلك التي تخلق مناصب شغل جديدة. وطالب الحزب بالحفاظ على الالتزامات الاستثمارية للإدارات، والمؤسسات، والمقاولات العمومية، والجماعات الترابية، وتسريع تنفيذها، مع تبسيط مساطر إعلان، وتنفيذ الصفقات العمومية، في مقابل تقوية المراقبة البعدية، وتقليص أجل الإعلان عن الصفقات العمومية إلى 20 يوما، كإجراء استثنائي يمتد العمل به إلى نهاية عام 2020.
وفي الشق الاجتماعي، طالب الحزب بتنفيذ إجراءات اجتماعية، وصحية مستعجلة لفائدة الأجراء، والفلاحين الصغار، تتضمن تفعيل التعويض عن فقدان الشغل بالنسبة إلى جميع الفئات المهنية، وإقرار دعم استثنائي خاص بالفلاحين الصغار، بالإضافة إلى تأمين الحماية الصحية في فضاءات العمل، ومراقبة مدى تفعيل الإجراءات الاحترازية، والوقائية المقررة.
الحركة الشعبية يقدم 49 إجراء ومقترحا لمواجهة تداعيات الجائحة
قدم حزب الحركة الشعبية مذكرة حول تدبير الحجر الصحي وما بعده واقتراحات الحزب بخصوص تعديل القانون المالي للسنة الحالية في اقتران ببعض الأولويات الاقتصادية والاجتماعية إلى جانب مقترحات ذات الصلة بالإصلاحات المؤسساتية والسياسية والقانونية والحقوقية المصاحبة.
وأوضح عدي السباعي، عضو المكتب السياسي والناطق الرسمي باسم الحزب، أن المذكرة تتضمن 49 إجراء ومقترحا تتوزع على 13 إجراء استعجاليا، و9 تدابير ذات الصلة بالحكامة المالية لمواجهة 12 إكراها وتحديا مطروحة على المالية العمومية، كما تتضمن المذكرة 11 أولوية ذات الطبيعة الاقتصادية والاجتماعية والمجالية، ثم 16 إجراء وإصلاحا مؤسساتيا وقانونيا وحقوقيا.
القطاعات ذات الأسبقية
بخصوص رفع الحجر الصحي، يعتبر الحزب أنه أضحى ضروريا، وذلك على أساس مبدأ التدرج، وإعطاء الأسبقية للقطاعات الاقتصادية والخدمات ذات الأولوية، إلى جانب المجالات والمناطق الخالية من الفيروس، مع تنظيم التنقل من وإلى الجهات والأقاليم التي لازال فيها مؤشر الفتك حاضرا ومرتفعا، كما يتطلب الأمر بلورة مخطط شمولي بأجندة زمنية محددة للرفع الشامل للحجر الصحي وبأولويات قطاعية مرتبة ومصنفة، وبموازاة ذلك نؤكد على مواصلة اليقظة والتحسيس بضرورة الالتزام بالتدابير الصحية والوقائية في الفضاءات العمومية، وتعبئة الجهود لتوفير التجهيزات والأدوات اللازمة للوقاية والعلاج من الوباء تحسبا، لا قدر لها، لأية عودة مفاجئة للبؤر أو إعادة انتشار الفيروس الذي لا مفر من التعايش معه بحذر في غياب لقاح فعال وحاسم.
وبخصوص الانعكاسات الآنية الناجمة عن الجائحة، أشاد الحزب بمبادرة الملك محمد السادس، بإحداث صندوق لتدبير الجائحة، والتدابير التي اتخذتها لجنة اليقظة الاقتصادية، وفي هذا الصدد أكد على مواصلة دعم الأسر المعوزة وكافة الفئات المتضررة من الجائحة خاصة ونحن مقبلون على مناسبة عيد الأضحى المبارك، إلى جانب موسم الدخول المدرسي الذي يثقل كاهل الأسر خاصة المعوزة منها، والتعجيل بإيصال الدعم إلى باقي الأسر والعاملين في القطاع غير المهيكل والتي لم تستفد من هذا الدعم منذ المرحلة الأولى، و اعتماد إحصاء ميداني عن طريق السلطات المحلية والجماعات الترابية لإدماج الفئات المقصية من الدعم خاصة في المناطق القروية والجبلية لأسباب ترتبط بعدم استفادتها من بطاقة الرميد، أو لصعوبة تصنيفها وكذا لجهلها بالمساطر المطلوبة للاستفادة، و خاصة العمال الزراعيين الموسميين، والفلاحيين الصغار، والكسابة والرحل والرعاة، وكذا فئة العامليين في الصناعة التقليدية، والتجار الصغار خاصة في المناطق النائية، وأعضاء التعاونيات والجمعيات النسائية والعاملين والعاملات بها، ومختلف الفئات المحرومة من أية تغطية اجتماعية.
تدخلات تتطلب الاستعجال
يطالب الحزب بالتدخل بشكل مستعجل لصرف اعتمادات برامج الدعم الاجتماعي والصناديق ذات الصلة لمستحقيها من قبيل صندوقي التكافل والتماسك الاجتماعي، وبرنامج تيسير، ومسار ومنح الطلبة وغيرها… دون انتظار الآجال المسطرة لذلك في زمن ما قبل الجائحة، وتسريع وتيرة معالجة الملفات لدى صناديق التقاعد والتأمين والتعويض عن المرض وصرف المستحقات، ويقترح الحزب كذلك العمل بالتنسيق مع أرباب المدارس الخصوصية على إيجاد تسوية مرنة لمستحقات الأشهر الثلاثة الأخيرة في اتجاه تخفيف العبء عن الأسر، كما تقترح المذكرة اتخاذ إجراءات ضريبية تحفيزية لفائدة مهنيي النقل ومختلف الخدمات القطاعية مقيدة بالحفاظ على مناصب الشغل المحدثة قبل جائحة كورونا.
وأكدت الوثيقة على إعمال نوع من المقاصة لدعم الأعلاف وتثمين المنتوجات الزراعية لدعم الفلاحين، وبالتالي الحفاظ على مستوى الأسعار خاصة في ظل موسم مطبوع بالجفاف وارتباك سلاسل الإنتاج والتسويق، واتخاذ تدابير لإنجاح محطة عيد الأضحى من خلال تنظيم الأسواق الأسبوعية وخلق فضاءات مهيكلة لتسويق الأضاحي بشكل مباشر، والحد من تدخلات الوسطاء و”الشناقة”، كما طالب الحزب بتسريع وتيرة إعادة المغاربة العالقين بالخارج، وتمكين مغاربة العالم المحاصرين بأرض الوطن جراء الجائحة للعودة إلى بلدان الإقامة لمباشرة التزاماتهم المهنية والإدارية والدراسية عبر اتخاذ التدابير الدبلوماسية ذات الصلة، وإطلاق وتنظيم عملية مرحبا لاستقبال مغاربة العالم الراغبين في زيارة وطنهم الأم، واتخاذ التدابير الوقائية اللازمة لإنجاحها.
ومن بين مقترحات الحزب، إعلان بداية الموسم السياحي لانقاد القطاع، واتخاذ التدابير الضرورية لتشجيع السياحة الداخلية خاصة الجبلية والثقافية وسياحة الواحات، ودعم مهني القطاع بمختلف المتدخلين فيه عبر تحفيزات ضريبية وإعمال المرونة في الولوج إلى التمويل وبفوائد معقولة ومشجعة (2%) مع حثهم على تقديم عروض مناسبة للأسر المغربية، كما يقترح مواصلة رقمنة الخدمات القضائية، وعمل المحاكم، وإعمال العقوبات البديلة لتقليص الاعتقال الاحتياطي، بغية تخفيف الضغط والاكتظاظ في السجون وتقليص التكاليف المترتبة عن ذلك، وشدد على ضرورة انخراط الأبناك ومختلف مؤسسات الائتمان في هذا المجهود التضامني الوطني، عبر مواصلة تأجيل الديون وإلغاء الرسوم والفوائد على تأخير السدد، لفائدة المقاولات والأشخاص الذاتيين، وتبسيط مساطر الولوج الى التمويل من طرف المقاولات خاصة المتوسطة والصغيرة و الصغيرة جدا وقطاع الخدمات.
حزب الاستقلال.. خمسة محاور لمغرب ما بعد كورونا
قدم حزب الاستقلال مذكرة حول تصور الحزب لمغرب ما بعد جائحة كورونا، ورصدت مذكرة حزب «الميزان» التي تحمل عنوان «إنعاش اقتصادي مسؤول وحماية اجتماعية قوية لبناء المستقبل»، وجود ما وصفته بـ«مظاهر الهشاشة التي يعاني منها المغرب على مستوى التراجع المستمر للنمو ومعه محتوى الشغل، وضعف قدرة المقاولات المغربية، خاصة الصغيرة والمتوسطة على الصمود والمنافسة، بالإضافة إلى هشاشة منظومة الحماية الاجتماعية، واستفحال الفوارق الاجتماعية والمجالية».
وقال نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، إن «فيروس كورونا عمق هذه الهشاشة، وسنواجه أزمة اجتماعية واقتصادية خطيرة ستشهد بالتأكيد زيادة مخيفة في البطالة، وستؤدي كذلك إلى تقهقر الطبقة المتوسطة، وإلى ازدياد حدة الفقر»، وأضاف أن «حوالي 10 ملايين شخص في وضعية هشة معرضون لخطر العيش تحت عتبة الفقر، مما سيؤدي إلى اتساع الفوارق الاجتماعية، إذا لم تتحرك الحكومة بالسرعة والفعالية اللازمتين لمعالجة الأمر، وإطلاق خطة شجاعة للإنعاش الاقتصادي».
وتابع بركة أن «بلادنا في حاجة إلى خطة لإعادة بناء نموذجها التنموي، وليس مجرد إجراءات وتدابير معزولة لإنعاش الاقتصاد»، مشيرا إلى أن المغاربة بـ«حاجة إلى مشروع مجتمعي حقيقي يقوم على تقوية السيادة الوطنية في جميع أبعادها، وعلى تعزيز مفهوم دولة الرعاية الاجتماعية، وعلى النهوض بالتنمية المستدامة، والقطيعة مع الاختيارات الفاشلة والمفرطة في الليبرالية».
ويقترح حزب الاستقلال، في مذكرته التي وجهها إلى رئيس الحكومة، ستة محاور استراتيجية لتحقيق الإنعاش الاقتصادي، وتقوية الحماية الاجتماعية، وبناء المستقبل. ويتعلق المحور الأول بتعزيز وتقوية دور الدولة، وجعل المواطن في صلب أدوارها الأساسية، وضمان فعلية التمتع بالحقوق المنصوص عليها في الدستور، وإقرار تكافؤ الفرص، وضمان الأمن الصحي والتعليم الجيد للجميع، وتقوية السيادة الوطنية وتحقيق الأمن الغذائي والطاقي والصحي، ومنح الأفضلية الوطنية في الصفقات العمومية.
ويتعلق المحور الثاني بإعطاء دينامية جديدة لمحركات النمو الاقتصادي، وتقوية ومواكبة النسيج المقاولاتي الوطني، ودعم القطاعات المتضررة، وإنشاء بنك عمومي وطني للاستثمارات من أجل المساعدة في تمويل وإعادة هيكلة المقاولات الصغيرة جدا والمقاولات الصغرى والمتوسطة، ووضع علامة «صنع في المغرب» وعلامة «المسؤولة صحيا»، للاستجابة للمعايير الصحية لفترة ما بعد الجائحة، والعمل على ضمان تموقع بلادنا في الخريطة الاستثمارية والاقتصادية الجديدة لأوربا، وكذا في طريق الحرير الجديد، فيما المحور الثالث فيركز على إعطاء دينامية جديدة للشغل والمحافظة عليها، وتكييف المناصب المالية حسب الحاجيات المستعجلة لبلادنا بعد مرحلة كورونا، وإطلاق أوراش كبرى ذات منفعة عامة، كالبنى التحتية الصحية والماء وفك العزلة عن العالم القروي.. ومنح تحفيزات للمقاولات مرتبطة بقدرتها على توفير فرص الشغل، ودعم برامج التكوين والتأهيل بالنسبة إلى الشباب والمقاولات الذاتية والصغيرة جدا والصغيرة، بالإضافة إلى دعم المقاولات.
ويركز المحور الرابع على دعم القدرة الشرائية للمواطنين، وتقوية الطبقة الوسطى والاستهداف المباشر للأسر الفقيرة ودعمها، والقيام بالإصلاح الضريبي بتخفيف العبء الضريبي على هذه الفئات، وخصم عدد من التكاليف من قاعدة الإلزام الضريبي. وفي ما يخص المحور الخامس، فقد ركز على تقوية التماسك الاجتماعي، عبر تقليص الفوارق الاجتماعية والترابية وفي ما بين الأجيال، وضمان نجاعة الخدمات الاجتماعية وتقوية الرعاية والحماية الاجتماعية، وإقرار التضامن المجالي والاجتماعي. ويؤكد المحور السادس على ضرورة تحقيق التحول الرقمي لبلادنا، وتوفير الخدمات والمعاملات الإدارية عن بعد، والنهوض بالتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي، بالإضافة إلى حتمية إنجاز الانتقال البيئي لتحقيق التنمية المستدامة، وتأمين حقوق الأجيال المقبلة.
الأصالة والمعاصرة يقدم برنامجا لإعادة الإقلاع الاقتصادي والاجتماعي
قدم حزب الأصالة والمعاصرة مذكرة تتضمن مقترحاته لإعادة الإقلاع الاقتصادي والاجتماعي بعد أزمة كورونا، واعتبر الحزب تدبير أزمة جائحة كوفيد 19، محورا أساسيا في السياسات العمومية الوطنية في المرحلة المقبلة، مشيرا إلى أن هذه الأزمة صحية بالأساس، لكن أثرها على صحة المواطنين ليس هو النتيجة الوحيدة، حيث سيكون على المغرب، بعد محاصرة الجائحة، أن يقيم الحصيلة الاقتصادية والاجتماعية المثقلة بأسابيع من ركود الأنشطة الاقتصادية على مستوى العالم، سيؤثر بلا شك على الاقتصاد الوطني المرتبط بالاقتصاد العالمي.
عمق الأثر الاقتصادي
أوضحت المذكرة أن أولى الدراسات التشخيصية وتحاليل الظرفية التي أنجزتها المندوبية السامية للتخطيط، قد أبانت عن عمق الأثر الاقتصادي السلبي الذي ستخلفه الجائحة الوبائية على قطاعات عدة من الاقتصاد الوطني، بشكل يستوجب علينا بلورة حزمة من الإجراءات والمبادرات ذات الصبغة الاقتصادية والمالية والضريبية والاجتماعية لإنقاذ الاقتصاد الوطني وتوفير شروط إعادة الإقلاع، لذلك سيكون من الواجب القيام بجرد شامل للواقع، حتى نتمكن من اقتراح أفضل السبل لتحقيق تحريك الاقتصاد، وتمكين مواطنينا المتأثرين بنتائج الأزمة من إعادة الاندماج في سوق الشغل وتحريك عجلة الاستهلاك، وفي هذا الصدد نبه الحزب إلى ما تكتسيه مسألة الدفاع عن السيادة الغذائية والطاقية من أهمية استراتيجية، وإلى ضرورة اعتماد توزيع عادل للثروة الوطنية وتعزيز المساواة بين جهات المملكة، ومحاربة الهشاشة والفقر بسياسات عمومية ناجعة.
ويقترح الحزب على الحكومة، أن تنتبه لما هو موجود في واقعنا الوطني من هشاشة مختلفة الأوجه، ومن الضروري اعتماد الاستباقية والتصدي للتحديات الجديدة، ومن الأهمية بمكان أن تنطلق الحكومة من اعتبار عنصر تجديد الثقة بين مختلف الفاعلين، كمدخل أساسي لبناء استراتيجية الخروج من الأزمة، وفق رؤية شمولية تتناول الاقتصاد الوطني كوحدة مترابطة بعيدا عن أي مقاربات قطاعية، ودعا الحزب الحكومة إلى تيسير استمرار الدولة في لعب أدوارها بفعالية باعتبارها مُحركة وضامنة للمصلحة العامة، عبر قدرات تفاوضية حقيقية، وصرامة فيما يخص احترام الأولويات الوطنية، لإنتاج أفضل الاستراتيجيات والبرامج لتحريك الاقتصاد الوطني.
وعلى الحكومة، تضيف الوثيقة، أن تركز على سياسات وإجراءات تمزج بين تشجيع الاستهلاك الموجه لكل ما هو «منتوج بالمغرب» في كل القطاعات، وبين تشجيع الصناعة الوطنية والاستهلاك المحلي، وبذلك، ستتمكن بلادنا من تجاوز الأزمة الاقتصادية التي تسببت فيها جائحة فيروس كورونا، وتعزيز الاندماج في اقتصاد العالم لما بعد كورونا، من خلال مراجعة شاملة بعيدة عن المقاربات الدغمائية والمعيارية السابقة على هذه المرحلة الاستثنائية، وأكدت الوثيقة، أن المغرب، يتوفر اليوم، على مقومات القوة الاقتصادية التي يمكنها أن تعيننا على التحرر الاقتصادي وتمكين بلدنا من أن يصبح قطبا اقتصاديا وصناعيا هاما، يستفيد من موقعه الجيوستراتيجي وتجربته المتراكمة خلال العشرين سنة الماضية، لجلب مزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتشجيع تحويل صناعات مهمة من شرق آسيا إلى المغرب لتكون أقرب إلى السوق الأوروبية، خصوصا الصناعات الدوائية التي برزت أهميتها خلال الأزمة.
وشدد على ضرورة تعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني، وتقوية الموقف التفاوضي تجاه شركاء المغرب، وتكثيف قدرتنا على اختراق أسواق جديدة، وتنزيل محاور استراتيجيات تفاعلية مع الشركاء والمنافسين والخصوم، ويقترح الحزب وضع مقاربة شمولية لا تهون من أي معطى اقتصادي، وإلى رؤية متكاملة لتحريك الاقتصاد الوطني والتنفيس عن المالية العمومية المنهكة بأثر ثلاثة أشهر من الأزمة.
مبادئ أساسية
تقدم الحزب بحزمة من المقترحات بناء على ثلاثة مبادئ يعتبرها أساسية، وهي أن السياسة الاقتصادية يجب أن تكون وحدة متكاملة. وعليه، لا يجب التعاطي التجزيئي والقطاعي مع الأزمة، بل يتعين حل مشكل أزمة النسيج الاقتصادي الوطني من خلال التعاطي بشكل شمولي وعدم تجاهل الارتباط والتكامل الموجود، في الزمن والمجال، بين إجراءات السياسة الاقتصادية وتشابك تفاصيلها، والمبدأ الثاني، الذي هو مبدأ التجانس في تنزيل السياسات الاقتصادية، تم الابتعاد عنه في مناسبات عديدة. ويبقى احترام هذا المبدأ في الاستراتيجيات العمومية هو الكفيل بأن نمكن الدولة من بلورة وفرض اختيارات قابلة للتنفيذ بشكل لا يخلق تصادم بين استراتيجيات قطاعية أو بين مراكز قرار، بل يسهل التكامل الإيجابي، وهذا المبدأ هو أيضا ما سيمكن من تنزيل إجراءات وعمليات تخلق القيمة المضافة والإلتقائية بين السياسات في كل التراب الوطني، وتيسر التأقلم الجيد مع رؤية الاستراتيجية العمومية بالنسبة لكل الفاعلين والمتدخلين.
أما المبدأ الثالث، وهو مبدأ العقلانية، بمعناها المرتبط بالفعالية الاقتصادية، حيث نبه الحزب إلى أن وضع السياسات لم يكن دائما يستحضر التعاطي مع المشاكل المطروحة وواجب الحسم بين اختيارات متعددة بناء على هاجس «الفعالية الاقتصادية»، إما لاعتبارات سياسية أو تحت ضغط لوبيات معينة، مما ضيع فرصا عديدة لتحقيق القيمة المضافة الممكنة، لذلك يتعين عدم الإرتكان لتوجيهات المؤسسات المالية الدولية، كما لا يجب تطبيق نماذج مستوردة من الحلول والبرامج، دون مراعاة الواقع الوطني وإكراهاته، بما فيها المكونات الهيكلية الاقتصادية والمالية والثقافية والسياسية الوطنية، وذلك لتجنب الدخول في حلقة مفرغة تمنع تحقيق أهداف الإقلاع الاقتصادي والاجتماعي المرجوة.
وحسب وثيقة الحزب، يبقى الخيار الأنجع هو تجديد الأولويات ووسائل التدخل العمومية، وتحديد دقيق للأهداف وفق أولويات أساسية تحتاجها بلادنا لاسترداد نسبة نمو الاقتصاد الوطني تمكن السلطات العمومية من إعداد سياسات اقتصادية بديلة ومواكبة الفاعلين لتحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.