محمد اليوبي
أحال المكتب الوطني لمكافحة الجريمة المالية والاقتصادية، التابع للفرقة الوطنية للشرطة القضائية، على أنظار النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالرباط، أول أمس الخميس، ثمانية أشخاص، من بينهم ثلاثة موظفين للشرطة، وذلك للاشتباه في تورطهم في تبديد واختلاس أموال عمومية والتزوير وصنع إقرارات تتضمن معطيات زائفة.
وذكر بلاغ للمديرية العامة للأمن الوطني أن الأخيرة كانت قد باشرت، في وقت سابق، عملية افتحاص داخلي للتدبير المالي لمدرسة الخيالة، رصدت على إثرها شبهة التلاعب في صفقات عمومية، وهو ما استدعى اتخاذ قرار التوقيف المؤقت عن العمل في حق المدير السابق للمدرسة، وهو برتبة مراقب عام، مع إخضاعه لبحث قضائي تحت إشراف النيابة العامة المختصة.
وأضاف أن الأبحاث والتحريات المنجزة في هذه القضية شملت سبعة مشتبه فيهم آخرين، من بينهم خمسة مسيري شركات متعاقدة، وموظفان آخران للشرطة مودعان بالسجن على ذمة التحقيق في قضية منفصلة، وذلك للاشتباه في تورطهم جميعا في المساهمة والمشاركة في ارتكاب هذه الأفعال الإجرامية.
وأشار المصدر ذاته إلى أنه قد تم إيداع الأشخاص المحالين رهن الاعتقال بأمر من الجهة القضائية المختصة، مع إخضاع سيدة من بين المشتبه فيهم لإجراء المراقبة القضائية. وخلص البلاغ إلى أن هذه القضية تندرج في سياق الجهود التي تبذلها مصالح الأمن الوطني لمكافحة جرائم الفساد المالي، وتوطيد مبادئ النزاهة والتخليق في عمل المرفق العام الشرطي.
وحسب معطيات حصلت عليها «الأخبار»، فقد أحيل المتهمون على أنظار الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، من بينهم مسؤولون أمنيون، ومقاولون، وقد أحالهم الوكيل العام على القاضي المكلف بالتحقيق في الجرائم المالية وقد قرر متابعة خمسة مدنيين في حالة اعتقال، ومقاولة في حالة سراح، كما قرر متابعة مسؤول أمني برتبة مراقب عام في حالة اعتقال، يشغل منصب مسؤول بمدرسة الخيالة التابعة لمديرية الأمن العمومي، رفقة المسؤولين الأمنيين المعتقلين، وقررت النيابة العامة متابعتهم بتهمة اختلاس وتبديد أموال عمومية وتزوير فواتير واستعمالها والمشاركة وإفشاء السر المهني واستغلال النفوذ.
وجاءت عملية الاعتقال إثر تحقيق داخلي أنجزته المفتشية العامة لمديرية الأمن الوطني، وكذلك أبحاث وتحريات قامت بها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بعد دخولها على الخط، وكشفت تلاعبات خطيرة طالت صفقات واقتناء معدات وتوسيع مقر تابع للأمن.
وأشارت المصادر إلى أن عمليات الافتحاص شملت صفقات تتعلق بشراء الخيول ومراقبة صحتها، وتسيير حضيرة السيارات التابعة للشرطة بمدرسة الخيالة، واقتناء شاحنة كبيرة عبارة عن مصحة بيطرية متحركة، وكذلك صفقات تخص أشغال توسيع مدرسة الخيالة، بالإضافة إلى عملية اقتناء وتركيب ممشى كهربائي.
وفي ملف آخر، وبعد جلسات تحقيق تفصيلية دامت لأكثر من 14 شهرا تقريبا من طرف القاضية المكلفة بالتحقيق بغرفة جرائم الأموال بالرباط، مثل، الاثنين الماضي، رجل أعمال ومسؤولون أمنيون كبارا متابعون في حالة اعتقال، في ملف الاختلاسات والتزوير والصفقات المشبوهة، التي واجهها عبد اللطيف حموشي، المدير العام للأمن الوطني ومديرية مراقبة التراب الوطني، بصرامته المعهودة، من خلال عرض المشتبه فيهم على القضاء، مباشرة بعد اكتشاف فضائحهم من خلال لجان التقصي الداخلية بالمديرية العامة.
المتهمون الثمانية، وهم خمسة مسؤولين أمنيين ورجل أعمال متابعون في حالة اعتقال، وشخصان آخران توبعا في حالة سراح، بينهم تاجر ذهب وزوجة مسؤول أمني، يعتبر المتهم الرئيسي في الملف، كان يشغل مركزا مهما بمصلحة الصفقات بالمديرية العامة، مثلوا، صباح يوم الاثنين الماضي، في أول جلسة محاكمة أمام الهيئة القضائية بغرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بالجرائم المالية لدى محكمة الاستئناف بالرباط، في انتظار أطوار جد مثيرة، من خلال الاستنطاقات والمواجهات المباشرة بين كل المتهمين في هذه القضية، ارتباطا بخلاصات البحث المنجز من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، وكذا التحقيقات التفصيلية التي أنجزتها القاضية المحنكة بغرفة التحقيق المتخصصة في الجرائم المالية.