مـزايا الفيـروس
حسن البصري
أصبح للثوم شأن كبير، وأضحى سعر الكيلو غرام الواحد يضاهي سعر برميل النفط، وبدا واضحا أن هذه المادة تستحق مؤتمرا لمنتجيها ومصدريها بعد أن نفض عنها فيروس كورونا الغبار، وعلى المنوال نفسه سار الحرمل والخزامى ومشتقاتهما.
في ظل اجتياح حمى الخوف من فيروس كورونا، هناك مستفيدون من الوضع المقلق وتجار أوبئة يغتنون من الرعب الذي يسكن العالم، يسارعون إلى الاستثمار الاستعجالي في مواد وخدمات تساير الوباء.
ولأن الوضع الصحي العالمي صادر حق الجماهير في ولوج المدرجات ومنعها من التجمع، فإن القرار أسعد الأمن الرياضي ونزع فتيل القلق من مباريات يراق حول جوانبها الدم. في ظل هذا الوضع ستزدهر خدمات البث التلفزي ويجد المشجع نفسه ملزما بالمكوث في منزله، فيجدد الصلة بالتلفزيون ويتمدد خلفه لمتابعة آخر الأخبار والمسلسلات والأفلام، ولسان حاله يقول: «دع القلق وتمسك بالتيلي كوموند».
صالح الفيروس الناس مع بيوتهم، فيهرعون إليها مباشرة بعد انتهاء التزاماتهم المهنية أو الدراسية، بينما تؤكد بعض المعطيات تفادي العديد من محبي الرياضة الذهاب إلى الصالات الرياضية خوفا من الإصابة بالعدوى، فارتفع الطلب على الدراجات الرياضية المنزلية، لذا نصح أحد أبطال الدرجات الهوائية الجامعة بتنظيم طواف المغرب من بيوت المتسابقين ودون الحاجة إلى الوقوف في سرب مهدد بالوباء.
عرضت بعض الشركات على الأندية خدمة بث الاجتماعات عن بعد، وعزا خبراؤها السبب إلى تفضيل الكثيرين العمل من المنزل خوفا من الفيروس، كما تزايد الإقبال على شراء الكمامات الحاملة لشعارات الفرق الرياضية، حيث تغيرت ألوانها بألوان الأندية، فترى الوداديين يحملون كمامات حمراء والرجاويين ينافسونهم بأخرى خضراء، فيما اختار البركانيون الكمامات برتقالية اللون، ولكل لونه المفضل حتى في عز الأزمات.
في ظل الإقبال على شراء الكمامات وأدوات التعقيم للوقاية من فيروس كورونا، يتسابق مصنعو هذه السلع على مواكبة الطلب المتزايد ويجنون من وراء ذلك مكاسب طائلة. لذا شرع أحد المضاربين في تصنيع كمامات للرياضيين تراعي مشاعرهم وتحترم ميولاتهم، وقد تحمل يوما اسم مستشهري الفريق ورعاته الرسميين.
العارفون بخطورة الوضع الصحي، يروجون للمنتوج المحلي ويؤكدون أن التعاقد مع لاعبين قادمين من إيطاليا هو ضرب من الجنون، لذا بادر مجموعة من وكلاء اللاعبين إلى إطلاق هشتاغ «كورونا تنصفنا»، ويروجون لمواهب مغربية لا تحتاج إلى فحص مضاد ضد الفيروس. أما فقهاء الكرة فشرعوا في تنقيح النصوص القانونية للعقود التي تربط المدربين واللاعبين الأجانب بالأندية، حيث أصبح الفحص القبلي ووجود الفيروس من دواعي فسخ العقود، قبل إحالة المصابين على العزل الطبي.
على الرغم من مخاوف الخبراء من انتشار الوباء، فإن الفيروس اقتحم السجال الرجاوي- الودادي، حيث طالب أحد الوداديين إدارة ناديه باقتناء بذل بيضاء شبيهة بتلك التي يرتديها الأطباء العاملون في معازل الوباء، حتى يرعبوا خصومهم في مباراة بلا جماهير.
مهما تعددت المخاوف، فإن لكل وباء مزاياه التي تكرس مقولة «في طي كل نقمة نعمة»، فحراك المدرجات مؤجل إلى يوم يرحل كورونا، والاحتجاج على الحكام ممنوع والعناق بعد تسجيل الأهداف يستحق إنذارا. مهما كبر رعب الوباء فإن مزاياه تنتشر كما ينتشر الداء، فالقنصليات سترحب بالمسافرين بعد الكساد، و»الفيزا» ستمنح لكل راغب شريطة الإدلاء بشهادة عدم السوابق الطبية، وكثير منا سيلغي جولات التسوق في المراكز التجارية لتجنب الحشود البشرية، وسيعفى من ميزانية اقتناء منتجات صينية، وفي البيت سينعم براحة البال مادامت زوجته تقضي وقتها في قناع يجبرها على إلجام اللسان. وستصرف الحكومة النظر عن ميزانية مواجهة الجفاف، لأنها لأول مرة تتمنى أن يطول الحر وتتأخر الأمطار.
هذا ليس فيروسا إنه نعمة واختبار.