حسن البصري
في سنة 1988، انتخب عيسى حياتو رئيسا للاتحاد الإفريقي لكرة القدم خلفا للإثيوبي تيسيما. نال الكاميروني دعم ومساندة المغرب، وفي بيت عبد اللطيف السملالي، وزير الرياضة، زف عيسى رئيسا للكاف. وما أن اشتد عوده، حتى «جر» المغرب للمحكمة الرياضية الدولية في ما يعرف بقضية «إيبولا».
لم ينس المغاربة تنكر حياتو، الذي كان يخضع لعمليات تصفية الدم في إحدى مصحات الرباط، فساندوا الملغاشي أحمد أحمد ونصبوه رئيسا للكاف من قلب أديس أبابا، بلد الرئيس تيسيما الذي أطاح به حياتو وكافأه المغاربة بإطلاق اسمه على ملعب تحيط به مقبرة آدمية ومقبرة للسيارات «لافيراي».
سيعيد التاريخ نفسه في مارس 2021، وستنتهي صلاحية أحمد أحمد في الرباط، بعد أن نال سخط رئيس الفيفا إينفانتينو، وسط إجراءات احترازية، حرصا على ثبات المواقف وخوفا من كورونا.
وجد موتسيبي نفسه في موقف حرج، بسبب الجزائر الحليف الاستراتيجي لجنوب إفريقيا. غضب منه المغاربة بسبب حشر أنف حفيد نيلسون مانديلا «الصايع» في شؤون الكرة الإفريقية، وبسبب إغلاق المجال الجوي الجزائري في وجه طائرة المنتخب المغربي.
اعتقد حكام الجزائر أن وجود حليفهم موتسيبي على رأس «الكاف» سيعزز حضورهم في أجهزة الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، وسيساعد رئيس الاتحاد الجزائري جهيد زفيزف لكسب مقعد في الكونفدرالية خلال الجمع العام الاستثنائي شهر يوليوز القادم في كوتونو. لكن المنافس الليبي، الحكم عبد الحكيم الشلماني، حسم الأمر وبات المرشح الأوفر حظا للمنصب الشاغر.
ضرب رئيس الاتحاد الجزائري كفا بكف، وهو يعيش مسلسل النكبات، فملف الترشيح لاحتضان كأس إفريقيا 2025 في كف عفريت، والإخفاقات الكروية المتتالية لكل المنتخبات الجزائرية عنوان المرحلة، ليبدأ العد العكسي لرئيس وعد بكسر شوكة المغرب، وتبين أنه شوكة في قدم الكرة الجزائرية.
في ظل هذا الوضع، بات رحيل الجنوب إفريقي باتريس موتسيبي وشيكا، حتى لا يتحول إلى فزاعة في مقر الكاف التي يبدو أنها تعيش تحت حماية الفيفا. في البينين، ستتضح الصورة أكثر بعدما شوهدت الأمينة العامة الحالية للفيفا، السنغالية فاطمة سامورا، وهي تقوم بعملية إحماء لدخول الميدان الإفريقي خلفا لموتسيبي، هذا إذا صرف رئيس الاتحاد السنغالي أوغوستان سنغور، النائب الأول لرئيس الاتحاد الإفريقي، النظر عن منصب هو الأقرب إليه.
باتريس موتسيبي تستهويه السياسة أكثر من الكرة في الظرفية الحالية، وهو منشغل، أكثر من أي وقت مضى، بقيادة حملة ترشح قريبه الرئيس الحالي لدولة جنوب إفريقيا في الرئاسيات المقررة بداية السنة القادمة. موتسيبي تجمعه علاقة مصاهرة برئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، الذي تزوج شقيقة رئيس الكاف، كما تجمعه علاقة مصاهرة سياسية أخرى، براديبي عضو الحزب الحاكم في
جنوب إفريقيا، والذي كان من نصيبه الشقيقة الصغرى لباتريس.
باستثناء الإقبال على شقيقتيه، فإن مقربين منه يقولون إن تجارته تضررت منذ أن جلس على كرسي الكاف، وأن مناجمه تعرف احتقانا وأنه تائه بين الكرة والسياسة وعالم المال والأعمال ويقضي أيامه في المطارات حتى لقب بالرجل الطائر. بل إنه عجز عن «ترويض» نوابه في الكاف الذين لم يخترهم بل فرضوا عليه، مثلما لم يكن له تأثير على العديد من القرارات التي صنعت في زيوريخ.
في ظل هذه الأجواء، سيرحل منتخبنا إلى جنوب إفريقيا في مهمة ظاهرها رياضي وباطنها سياسي، خذوا حذركم في جوهانسيبورغ، حتى لا يشوش الولد «الصايع» على عناصر المنتخب، رغم أن نتيجة المباراة غير مؤثرة.
حين سئل موتسيبي عن تجربته كرئيس للكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، أجاب: «أحب كرة القدم حبا غبيا وغير مسؤول».