مغرب الأمس ليس هو مغرب اليوم
قبل أيام صدر تقرير عن المعهد العالي لدراسات الدفاع الوطني، والمعهد الإسباني للدراسات الاستراتيجية، وهما مركزان للتحليل مقربان من دوائر صنع القرار الأمني والديبلوماسي بالحكومة الإسبانية، حذر من التقارب المغربي الإسرائيلي الأخير، مشيرا إلى أن مصالح مدريد في المتوسط قد تتهاوى بفعل هذا التقارب المتزايد، الذي يضع المغرب في موقع قوة، ويزيد نفوذه بشكل كبير في المنطقة. وقبل أسابيع صدر تقرير ألماني عن المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، المقرب من وزارتي الدفاع والخارجية في حكومة برلين، يكشف سبب الخوف والقلق من تقدم المغرب في محيطه المغاربي والإفريقي، وانعكاساته على علاقة أوروبا به، مطالبا بضرورة كبح جماح المغرب وعرقلة نموه الاقتصادي، وعدم السماح له بأن يصبح أقوى بلد مغاربي، خاصة أمام النمو الاقتصادي البطيء للجزائر وتونس.
هناك تحول جوهري مس توجهات التقارير الاستراتيجية التي ترفعها المؤسسات الأمنية لصناع القرار في دول قوية بالاتحاد الأوروبي، بالأمس القريب كانت التقارير ذات لون أسود قاتم، تتعلق بالتحذير من تسونامي الهجرة غير الشرعية الآتي من الجنوب، وتجارة المخدرات، وتداعيات الفقر والمخاطر الإرهابية، واليوم تحولت لهجة التقارير الاستخباراتية إلى الاعتراف العلني بتنامي قوة الدولة المغربية في محيطها الإقليمي، فأضحت تتوجس من مخاطر التفوق المغربي وتداعياته على الأمن القومي لبعض الدول، بفضل الشراكات الجيوستراتيجية التي يعقدها بلدنا مع القوى العظمى.
إن ما يبعث على الحنق حقا، حينما تجد مؤسسات دول عظمى تضرب تقاريرها ألف حساب للمغرب، توصي صناع القرار الأمني والديبلوماسي والاستخباراتي بإرباك مسيرة النمو المغربي ووضع عقبات لعرقلته، بينما تحاول بعض التنظيمات الداخلية الحالمة والعدمية، ترويج خطاب هزيمة وتسويق حملة التبخيس، لتضع نفسها في تحالف موضوعي مع جهات خارجية، تعمل صباح مساء للنيل من الاستقرار المغربي والإساءة لرموزه السيادية.
ليس هناك أي منطق سوي يقبل بأن تتم محاصرة المغرب من كل جهات، وتتحرك أياد خفية لاستهداف استقراره، دون أن تتحرك مؤسسات البلد للدفاع عن أمن الوطن وسيادته، والغريب أن بلدنا يتعرض لحملة داخلية وخارجية، فقط لأن المغرب يلعب أوراقه الرابحة داخل الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، التي تحتضن وجود مليون مغربي معظمهم من صناع القرار، دون أن يغير مواقفه الثابتة من القضايا القومية.