شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسية

مغربان وسرعتان

رقم مهول أعلن عنه المجلس الأعلى للحسابات، في تقريره السنوي، حينما كشف أن 88.5 % من الأطباء في المغرب يعملون بالمدن، فيما لا يغطي سوى 11.5 % فقط من الأطباء 36.6 % عدد المغاربة بالبوادي. هذا هو التجسيد الفعلي لمقولة إن المغرب يسير بسرعتين، والمغرب النافع والآخر غير نافع.

والحقيقة أن السياسات العمومية في مجال الصحة، التي ظلت تُنهج حتى اليوم، لم تختلف كثيرا عن فكر التركيز الاقتصادي، حيث استفادة بعض المدن من كل سياسة صحية فيما ظل العالم القروي بعيدا كل البعد عن خيرات السياسات الاجتماعية، والدليل هو ما رصده المجلس الأعلى للحسابات من فوارق صارخة.

والذي لا يمكن أن ينكره أحد أنه ما زالت آليات سياسات الجهوية المتقدمة التي نتحدث عنها منذ أكثر من عقدين وتحقيق العدالة المجالية وتقليص الفوارق الاجتماعية، لم تُفعّل بالشكل المطلوب رغم كل التضخم الموجود على مستوى الخطاب السياسي والحكومي.

والسؤال الذي يطرح نفسه هو كيف يمكن أن نتحدث عن إنجاح مشروع ورش تعميم التغطية الصحية، الذي سيحمي 22 مليون مواطن، في ظل هذه الأرقام المخيفة التي أعلنت عنها مؤسسة دستورية؟

لا يمكن أن نبني استراتيجية دولة بإرث ثقيل مثل هذا، فلا يمكن أن نقنع الفلاحين وسكان القرى النائية والجبال بخطاب تعميم التغطية الصحية، وهم يرون بأم أعينهم أن المستشفيات التي توجد بجانبهم، إذا وجدت أصلا، لا تتوفر على أطقم طبية لعلاجهم. لذلك على الحكومة والبرلمان أن يجعلا نصب أعينهما هذا الإرث الثقيل الذي وصلنا إليه بسبب الاستهتار وهدر الزمن العمومي في صراعات فارغة.

لا بد أن نبدأ، ومعظم قوانين الصحة توجد اليوم بالمسطرة التشريعية، من تجاوز هذا الواقع الذي يعكس سرعتين ومغربين، ويقسم المواطن إلى درجتين مواطن يستفيد في المدن من أدنى درجات الخدمة الصحية العمومية ومواطن في مواجهة التهميش والإقصاء ونقص الصحة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى