شوف تشوف

الرئيسية

مغاربة يتخلون عن الطب الحديث ويلجؤون إلى العلاج بالكي داخل «الزاويات»

كوثر كمار
يلجأ عدد من المغاربة للعلاج بالكي بدل الذهاب إلى الطبيب، فمنهم من يعاني من الروماتيزم وآلام الظهر، ومنهم من تعرض لكسور خطيرة فقام بـ«تجبيرها» لدى معالجين تقليديين.
وبالرغم من شفاء بعض المرضى بواسطة عملية الكي والجبيرة غير أن آخرين يتعرضون لمضاعفات خطيرة.
«الأخبار»، تكشف عن خبايا العلاج بالكي داخل «الزاويات»، وتستقي شهادات المرضى.
انتقلنا إلى «زاوية الحاج إدار» الموجودة بحي الفرح بمدينة الدار البيضاء حيث يتم العلاج بالكي.
يصطف العشرات من المرضى أمام الزاوية منتظرين دورهم بفارغ الصبر منذ بزوغ الفجر، فمنهم من شدوا الرحال من مدن بعيدة للخضوع للكي بنار «الشريف» والحصول على البركة.
يقول مساعد «الشريف» خلال حديثه مع «الأخبار»: إن الزاوية تستقبل ما بين 60 و100 شخص في اليوم الواحد من مختلف المدن والدول، فالجميع سواسية يحترمون دورهم، إذ يتم تقسيم المرضى إلى أفواج من الرجال وأخرى من النساء للدخول عند «الشريف»، فكل فوج يضم 10 مرضى»، ويضيف أن الزوار معظمهم يعانون من الروماتيزم وآلام في المفاصل، فيما آخرون مصابون بكسور خفيفة يتم تجبيرها.

الحاج إدار والبركة
ذاع صيت زاوية الحاج إدار في مختلف أرجاء المملكة منذ عقود، حيث دأب المرضى على تلقي العلاج بالكي والكسور بـ «الجبيرة».
فبالرغم من وفاة الحاج إدار، إلا أن مهنته لم تمت، بل ورثها أحفاده أبا عن جد وصاروا على نهج أسلافهم.
محمد الملقب ب»الشريف» هو حفيد الحاج إدار، إذ يحظى باحترام كبير من قبل الزوار، يجلس داخل غرفة صغيرة، حيث يقوم بكي المرضى بواسطة القضبان الحديدية «الحامية»، فالعملية لا تتعدى خمس دقائق ليقوم بالنفث مع قراءة بعض الآيات القرآنية.
بالإضافة إلى الكي يقوم الـ «شريف»، بتجبير الكسور الخفيفة بعدما يطلب من المرضى القيام بالفحص بالأشعة، ووفق ما عايناه يستعين حفيد الحاج إدار بأدوات بسيطة كالكارطون والعود ولفافات القطن.
يحكي «الشريف» في تصريح لجريدة «الأخبار»، أنه ورث هذه المهنة عن أجداده الذين مارسوا الكي منذ أزيد من مائتي سنة.
يقوم بعلاج العديد من الأمراض بواسطة الكي كمرض الروماتيزم والقولون العصبي، كما يساعد على تقوية المناعة لدى المريض، حسب ما يؤكده «الشريف» للجريدة معتقدا أن الكي غير مضر بالصحة، فهو لا يتسبب في حروق، بل له إيجابيات عديدة، وفق ما جاء في السنة النبوية، حسب تصريحه، مشيرا إلى أن ابن سينا والقرطبي كانا يعالجان المرضى بالكي الذي يدخل ضمن الطب البديل.
وبالإضافة إلى الكي فمحمد «الشريف» يقوم بمعالجة الكسور عن طريق «الجبيرة»، ويوضح خلال معرض حديثه أنه اكتسب خبرة تزيد عن 30 سنة مكنته من تشخيص حالات المرضى المصابين بالكسور، لكنه لا يستطيع معالجتهم إلا بعدما ينصحهم بالقيام بالفحص بالأشعة وزيارة الطبيب، ثم يردف أنه لا يقبل حالات الكسر الخطيرة، بل فقط الخفيفة التي تتطلب بعض لفافات القطن والكارطون والعود.
بعد انتهاء «الشريف» من الكي، يقوم المرضى بوضع بضعة دريهمات في جبيه، والتي لا يراها في حين يتقاضى حوالي خمسين درهما للجبيرة كما هو معروف منذ القدم، إلا أن «الشريف» لا يفرض على المرضى أجرا معينا.
يقول «الشريف»: «نحن لا نهدف إلى الربح المادي، بقدر ما نسعى إلى مساعدة الآخرين، فنحن نعيش من البركة، والنية هي سبب الشفاء، لذا ننصح بعدم الذهاب إلى النصابين والتحري قبل الذهاب عند المعالجين».
ويتمنى «الشريف» أن يتطور مجال الكي ويدرس بشكل علمي في المستقبل من أجل استفادة الأجيال القادمة لخدمة المرضى.

العلاج بالكي
يلجأ العديد من المرضى للعلاج بالكي بسبب التواء الكاحل، أو الإصابة بمرض الروماتيزم.
فاطمة الملقبة بـ «الصحراوية»، صادفناها بزاوية الحاج إدار، حيث خضعت للعلاج بالكي، وتحكي فاطمة خلال حديثها مع «الأخبار»، أنها تجاوزت الخمسين سنة، إذ أصبحت تعاني من آلام في الظهر والمفاصل، فرغم استعمالها للأدوية الطبية غير أنها لم تشف من المرض، وتضيف أنها بفضل الكي بدأت تستعيد عافيتها.
وتعتقد أن بركة «الشريف» حفيد الحاج إدار السبب الرئيسي في العلاج، قبل أن تقاطعها صديقتها لتقول: «بالرغم من أن العلاج بالكي يشفي المرضى غير أن بعض النساء لا يلتزمن بإرشادات «الشريف» والمتمثلة في عدم الذهاب إلى الحمام الشعبي، فجارتي لم تأخذ بالنصيحة وأصيبت بمضاعفات صحية ترتبت عنها تقرحات في مكان الكي». ثم تردف المتحدثة ذاتها، أن العديد من المرضى يثقون في»الشريف» بسبب سمعة جده الحاج إدار الحسنة، فضلا عن قيامه أحيانا بعملية الكي مقابل درهم واحد وأحيانا بالمجان، فتكونت بينه وبين الزوار علاقة مبنية على الاحترام والثقة.

فوائد وأضرار الكي
يستخدم بعض الملقبين بـ»الشرفا»، قضبان الكي بشكل خاطئ، مما يترتب عنه مشاكل صحية تنعكس على المرضى، ويرى عدد من الأخصائيين أن الكي يمكن أن يحرق الجلد وقد يؤدي إلى حدوث ندبات وبثور زيادة على تلف الأنسجة.
وكشفت وكالة أعشاب ألمانية أن استخدام الشيح أثناء الكي على الجلد يتسبب في تفاعلات سامة، وتضيف الوكالة أن الكي يمكن أن يسبب أيضا حروقا خاصة بالنسبة لمرضى السكري والسرطان.
وأفاد المختصون أن الكي بشكل خاطئ يؤدي إلى تشويه الجلد وخاصة عندما يكون على الوجه أو اليدين، وقد يؤدي الألم الشديد عند كي الجلد في حدوث صدمة عصبية.
وينصح بتفادي كي الأعصاب وما فوق الشرايين، والامتناع عن كي فوق الاكتاف لمرضى ضغط الدم المرتفع .
لكن بالرغم من بعض مخاطر الكي إلا أن المختصين في هذا المجال يؤكدون مدى فعاليته في تقوية العضلات وتماسكها، بالإضافة إلى قدرة الكي على تنشيط الدورة الدموية وتقوية الجهاز المناعي، وكذا إنتاج خلايا الدم البيضاء والحمراء وإنتاج الهيموجلوبين.

الجبيرة لعلاج الكسور
بالإضافة إلى العلاج بالكي يقوم «المعالجون التقليديون»، بتجبير كسور المرضى بواسطة أدوات بسيطة، فوفق ما عايناه يقوم المعالج بوضع لفافة قطنية أو ناعمة مباشرةً على الجلد قبل البدء بوضع الجبيرة. هذه اللفافة القطنية حسب المعالجين الهدف منها هو توفير حماية للجلد وتوفير طبقة عازلة بين الجبيرة الطبية وبين الجلد لكي تحمي الطرف المصاب. وعادةً ما يتم وضع الجبيرة بحيث تثبت المفصل الذي يقع فوق المنطقة المكسورة والمفصل الذي يقع تحت المنطقة المكسورة، بالإضافة إلى تغليف المكان المكسور بالكارطون واللفافة.
«الشريف» البخاري معالج تقليدي عن طريق الكي والجبيرة يجوب الأسواق الأسبوعية بالبوادي المغربية ويحظى بقبول كبير من طرف المرضى المعوزين.
يحكي البخاري خلال حديثه مع «الأخبار» أنه يعتمد على أساليب تقليدية من أجل علاج الكسور كاستعمال (الطحين والصابون والبيض) ويفضل أن يكون البيض (بلدي) لأن مكوناته مستمدة من الأعشاب الطبيعية، فيتم خلط المواد المذكورة ومدها على قطعة قماش رقيقة جداً ومن ثم يوضع الجزء المكسور في الماء الساخن ويغسل بالصابون ويشد رويداً رويداً حتى ينطبق العظم على مكانه ثم تلف القماشة مع المكونات على الكسر.
ويضيف أن بعض الكسور التي مضى عليها أكثر من أسبوعين، تؤدي إلى تكلس في العظم المكسور، ما يؤدي إلى صعوبة علاجه ففي هذه الحالة يتم التعامل مع الكسر بإحضار بعض النباتات البرية وتوضع في ماء يغلي على النار ومن ثم يعرض الجزء المكسور لبخار الماء ولفترة زمنية تقدر بحوالي (15) دقيقة ما يؤدي إلى ليونة العظم المتكلس ويضغط على مكان الكسر بشكل مفاجئ لكسره مرة ثانية ثم تتم عملية وضع الجبيرة. ويؤكد الملقب بـ»الشريف» أنه لا يحدد سعرا معينا مقابل خدمته تلك.
رغم تلقي البعض العلاج لدى الطبيب عند وقوع حادثة الكسر غير أنهم يصرون على وضع الجبيرة معتقدين أنها لا تستغرق وقتا طويلا من أجل العلاج والحصول على النتيجة المرجوة.
راضية سيدة في عقدها السادس تعرضت لكسر على مستوى اليد فالبرغم من تلقيها العلاج لدى الطبيب الذي قام بتجبيس يدها، إلا أنها لم تتقبل الأمر فلجات إلى الطب التقليدي، لإزالة الجبس وتعويضه بالجبيرة».
وتقول راضية وعينيها مغرورقة بالدموع «إنها ستذهب إلى العمرة خلال شهر رمضان إلا أنها ترفض وضع الجبس لأنه يستغرق أزيد من شهر»، وتضيف أن الحل بالنسبة لها هي الجبيرة التي تدوم لحوالي خمسة عشرة يوما فقط.
هذا ويحذر العديد من الأطباء من الجبيرة التي تشكل خطورة على صحة المرضى، إذ أنها قد تتسبب في اعوجاج العضلات مما يستعدي حينها الخضوع لعملية جراحية.

هذه مخاطر الكي بواسطة عشب «الموكسا» الصيني
يخضع بعض المرضى للعلاج بالكي داخل عيادات الطب الصيني، إذ تعتمد على عشبة «الموكسا»، وهي عبارة عن طريقة علاجية مستخدمة في الطب الصيني التقليدي قائمة على أساس حرق عشب «الموكسا» للحصول على حرارة علاجية الغرض منها هو تحسين قوة تدفق الدم والحفاظ على الصحة العامة.
وفقا لنظريات الطب الصيني التقليدي، فإن الحرارة المنبعثة من «الموكسا» تزيد من تدفق طاقة الحياة المعروفة باسم «قوة تشي» تصل إلى الجسم عبر ممرات الطاقة التي تعمل على تحفيز هذه القوة للحفاظ على الصحة الجيدة والتخلص من المرض، حيث إن الأمراض تكون نتيجة لانسداد ممرات الطاقة وعدم تدفق «طاقة تشي» إلى الجسم وفق الصينين.
وهناك طريقتان للعلاج بـ «الموكسا»: الطريقة المباشرة التي تقوم على أساس حرق «الموكسا» فوق الجلد مباشرة مثل العلاج بالكي، هذه الطريقة في العلاج تسبب بعض الحروق في الجلد. أما الطريقة الأخرى حسب الخبراء الصيني فهي غير مباشرة أي استخدام الحرارة الناتجة عن حرق «الموكسا» للعلاج بدون حروق أو ألم في الجلد. وتتم هذه الطريقة بحرق عمود «الموكسا» وتقريبه يدويا إلى المنطقة المراد تحفيزها، بحيث تبقى مسافة بينها وبين الجلد تحدد على أساس شعور المريض بالحرارة، أو باستخدام شريحة من الزنجبيل الأخضر والملح كحاجز بين «الموكسا» والجلد. كما أن هناك طريقة تسمى الإبر الدافئة وهي إحدى أكثر الطرق استخداما في الصين، حيث يتم حرق «الموكسا» فوق الإبر المستخدمة في الوخز وبالتالي الحصول على علاج مزدوج بالإبر الصينية و»الموكسا» في الوقت نفسه.
غير أن بعض الدراسات أكدت أن الكي المباشر بواسطة «موكسا» يؤدي إلى بعض الآثار غير المرغوب فيها مثل تقرحات، وعلامات الحرق وظهور ندبات في موقع الكي.
ولا ينصح الأطباء بـ «موكسا» للمرضى الذين يعانون من مرض السكري، وانخفاض الحساسية للألم، أو الأشخاص الذين يعانون من ضعف الجهاز المناعي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى