شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرملف الأسبوع

مغاربة في زنازين «فلوري».. سجناء اعتقلوا بالسجن الفرنسي الرهيب

يعتبر سجن «فلوري ميروجي»، الذي لا يبعد عن العاصمة الفرنسية باريس إلا بحوالي 30 كيلومترا، أكبر معتقل في أوروبا، رغم أنه ليس الأقدم على مستوى المؤسسات العقابية في فرنسا. صحيح أن سجن «الباستيل» هو أقدم سجن في جمهورية المساواة، إلا أن «فلوري»، الذي يرجع تاريخ تدشينه إلى سنة 1968، قبل أن يتم تجديد مرافقه خلال ثمانينات القرن الماضي، يوصف بكونه الأكثر حركية والأوسع على مستوى المساحة وتعدد الوحدات وصعوبة الانفلات من القضبان.

في منتصف الستينات، انتدبت الحكومة الفرنسية أربعة مهندسين معماريين لإنجاز مؤسسة عقابية على مساحة تصل إلى 140 هكتارا، من أجل تخفيف الضغط الحاصل على معتقل «الباستيل». ويتعلق الأمر بكل من: «غيوم جيلي» و«بيير فان» و«جاك ديغان» ثم «روني بوف». هذا الرباعي وزع في ما بينه الأدوار وتم الاتفاق على بناء سور هو الأعلى بين أسوار السجون في أوروبا، إذ يصل علوه إلى خمسين مترا. هذا السجن الفرنسي الرهيب محروس بساتليت، ويتضمن ثلاثة أجنحة للذكور والإناث والقاصرين، فضلا عن مرافق اجتماعية من مصحات وملاعب وفصول دراسية وأوراش للعمل..

تصل الطاقة الاستيعابية لسجن «فلوري» إلى 3000 معتقل، بين عابري الزنازين والمقيمين لمدة طويلة، لذلك فقد صنف كأكبر مؤسسة عقابية على مستوى الاتحاد الأوروبي.

لم يشغل المعتقل الفرنسي بال المغاربة، رغم استضافته للعديد من الشخصيات المغربية والمغاربية. لكن ما أن وطئت قدما الفنان سعد لمجرد أرض السجن، حتى سلطت عليه الأضواء وأصبح موضوعا للبحث من قبل العديد من محبي المغني الذي اقتيد إليه بتهمة أخلاقية، ويقبع في زنزانة غير بعيد عن المكان الذي اعتقل فيه زميله الجزائري الشاب مامي وغيره من المشاهير، الذين يحتفظون بذكريات داكنة عن هذا السجن الرهيب.

 

لمجرد يعود إلى معتقل «فلوري» من جديد

في أبريل 2017، أعلن إريك دوبون، محامي الفنان المغربي سعد لمجرد، أن المحكمة الفرنسية وافقت على إطلاق سراح مؤقت لموكله المتهم بقضية «محاولة اغتصاب»، شريطة أن لا يغادر الأراضي الفرنسية. وأضاف دوبون أن لمجرد سيغادر سجن «فلوري» بضواحي العاصمة باريس، لكن حريته ستبقى مقيدة بسوار إلكتروني، لتجنب مغادرته التراب الفرنسي، إلا أن لمجرد سيسمح له بمغادرة فرنسا للمشاركة في بعض الحفلات، قبل أن يعود إلى المحكمة من جديد.

حين نسي المغاربة القضية، سيفاجأ الرأي العام بحكم صادر عن محكمة فرنسية يقضي بالسجن ست سنوات في حق المغني المغربي سعد لمجرد، بعد إدانته في اتهامات بضرب شابة واغتصابها في غرفة فندقية بباريس.

استمرت مداولات المحكمة وانتهت باقتناع القضاة بوقوع الاغتصاب، على النحو الذي وصفت المدعية وقائعه بشكل دقيق، فأصدرت أمرا بإيداع لمجرد في سجن «فلوري»، وذلك بعد أن طالب المدعي العام جان كريستوف موليه بحظر دخول لمجرد إلى فرنسا مدة خمس سنوات بعد قضاء عقوبته. وقد اتهمت لورا بريول المغني المغربي بأنه رافقها إلى مقر إقامته في فندق بشارع الشانزليزيه، حيث اغتصبها وضربها، بحسب شكايتها.

وسبق لجون مارك فيديدا، محامي الفنان المغربي، أن أكد خلال تصريحات صحفية أن ثلاثة قضاة مختصين وقعوا على وثيقة تثبت عدم وجود حالة اغتصاب، «غير أن غرفة التحقيق ترى الموضوع من زاوية أخرى دون أن تعيد الاستماع إلى موكلي أو المدعية»، وفق تعبير دفاع لمجرد.

ورغم أن القضية تعود إلى شهر أكتوبر 2016، عندما ألقي القبض على سعد لمجرد داخل فندق «لاماريوت» في باريس بتهمة «الاغتصاب والعنف»، بناء على شكوى تقدمت بها شابة فرنسية تدعى لورا بريول، وأطلق سراحه في أبريل 2017، إلا أن القضاء الفرنسي أصر على إعادة فتح الملف وإعادة المغني المغربي إلى الزنزانة.

وأعلن محامي المغني لمجرد أن الأخير عانى من اكتئاب حاد داخل محبسه في فرنسا، منذ اعتقاله، ونقلت مصادر إعلامية فرنسية أن الحالة النفسية لسعد تزداد سوءا مع مرور الوقت، نافية ما تردد في فترة اعتقاله الأولى عن محاولة الانتحار خلال اعتقاله. وكان موقع «ميديا بارت» الفرنسي، نقلا عن مصدر لم يسمه، أن أحد أصدقاء لمجرد أكد أن المغني الشهير تراوده فكرة الانتحار بعد توالي تهم الاغتصاب عليه، ما دفع المحامي جان مارك فديدا إلى تقديم ملتمس إلى المدعى العام الفرنسي، بشكل عاجل، بغاية إيداع لمجرد في مصحة نفسية، بدلا من اعتقاله في السجن، وهو الملتمس الذي تم رفضه.

 

تبرئة مهاجر مغربي بعد قضاء 19 سنة بسجن «فلوري»

قضى المهاجر المغربي رحول ساشا سنوات طويلة في سجن «فلوري»، وكاد أن يصبح في عداد المحكومين رغم أن قضيته ظلت تتداول في القضاء الفرنسي، وبعد حوالي 19 سنة، من اتهامهِ بالضلوعِ فِي مقتل البطل الفرنسي في الشطرنج، جيلِيس أندروِي، أمكن للمهاجر المغربِي بفرنسا، رحول ساشا، أن يتنفسَ الصعداء، بعد أن برأ القضاء الفرنسي ذمته، من دم الهالك، الذِي وجد في الثاني والعشرين من غشت 1995، جثة هامدة في بلدية «سول لي شاطرو».

بعد صدور الحكم قال المغربي رحول الذي دخل السن شابا وغادره شيخا، «كان لي النفس الطويل لانتظار براءة لمدة عقدين من الزمن، لقد حان الوقت لتقوم المنابر الإعلامية التي وصفتني بالمجرم بعملها وتكذب رواياتها، أقصد منابر الإعلام التي سبق لها أن أولت اهتماما كبيرا للقضيَة، إننل بريء من دم الهالك، أشعر بارتياح كبير بالنسبة إلي، كما بالنسبة إلى أبنائي الذِين سيكبرون مع أب بريء. رحول الذي تعرضت سمعته للشرخ بصورة كبيرة، على إثر مقتل جيليس، هو الآن بريء».

جاءت تبرئة المغربِي رحول بعد طلب من النائب العام، على اعتبار أنه لا وجود لدليل ملموس جرى تقديمه خلال المحاكمة، بما يفيد أنه متورط في مقتل بطل فرنسا السابق في الشطرنج. وكان هذا مطلب إريك ديبون مورتِي، محامي رحول، الذي ظل متمسكا بقرينة البراءة.

ورغم تبرئة رحول، إلا أن القضاء الفرنسي لم يعرض الجاني على المحكمة، ولا يوجد أي متهم في مقتل جيليس أندروِي، رغم مضي أزيد من 30 عاما، على مقتل ابن بطل السيارات الشهير، جون كلود أندروِي، الذِي وجد في حوض ماء في منطقة إسون، مضرجا في دمائه. لم يجد محامي هذا الأخير بدا من القول بعد تبرئة المغربي رحول: «يبدو أن موكلي قد قتل نفسه».

محامِي رحول، قال إن ظمأ الأب إلى تحقيق العدالة في مقتل ابنه، ما كان ليتحقق عبر أي سبيل، ولا خيط يقود لإدانة المهاجر المغربي، في قضية «لا ناقة له فيها ولا جمل، بحكمِ غيابِ أي دليل على ما يثبت تورطه».

للإشارة فإن القضاء المغربي هو من سلم رحول للقضاء الفرنسي، استنادا إلى اتفاقية بين وزارتي العدل الفرنسية والمغربية، وكان رحول أثناء اعتقاله يدير مؤسسة فندقية في المغرب.

 

الدبوز يقضي ساعات في معتقل «فلوري»

منذ ولادته في 18 يونيو 1975 في حي إيفلين بالضاحية الجنوبية لباريس، عاش جمال الدبوز طفولة قاسية، وعانى والده المنحدر من ضواحي مدينة تازة صعوبات في تدبير أسرة مكونة من ثمانية أفراد. لكن الفتى جمال عرف بشغبه الطفولي وإصراره على مواجهة الحياة وتدبير لقمة العيش حتى ولو اضطر إلى ممارسة السرقة، فقد كان يعتقد بأن السرقة من أجل لقمة عيش «فعل حلال»، بل إنه كاد أن يتعرض للتصفية الجسدية حين داهم هو وبعض رفاقه محلا تجاريا ليفاجأ الجميع بصاحب المحل وهو يشهر بندقيته فلاذوا بالفرار. اعترف جمال بامتهان السرقة خلال فترة المراهقة والشباب وقدم بعض رفاقه شهادات حول مواهبه في اقتحام السيارات، وكشفوا عن سقوطهم في كمين الشرطة وقضاء أيام في المعتقل. يقول بعض خصوم الدبوز إن جمال كان عابرا في «فلوري»، لكن المعني لا ينفي التهمة ولا يؤكد ولا ينفي العبور.

قبل أربع سنوات، سيعود الدبوز إلى السجن ليقدم مهرجانا سينمائيا لفائدة نزلاء سجن فلوري ميروجي، وحرص على تنشيط فقرات فكاهية شكر فيها المعتقل الذي مكنه من لقاء أصدقاء الطفولة والمدرسة الابتدائية. دام المهرجان أربعة أيام وحضره كبار المخرجين والفنانين الفرنسيين والعرب، وكان أبرز فيلم تم عرضه هو «عمر قتلني»، الذي يجسد قضية البستاني المغربي الذي قضى في المعتقل نفسه سنوات من الاعتقال بتهمة حار القضاء الفرنسي في فك شيفراتها. لم تتح إدارة المعتقل لكل السجناء فرصة الحضور إلى قاعة العرض وتم الاقتصار على نخبة في حدود 400 سجين، بينما تم تمكين الباقي وعددهم 4000 من النزلاء من متابعة العروض وهم في زنازينهم. كما حلت بالمرفق العقابي لجنة تحكيم لتقييم الأفلام المعروضة، خاصة وأن الموضوع المشترك بينها هو «السجن». قال الدبوز للمعتقلين: «أنتم ضحايا المجتمع، لا يوجد شخص ولد مجرما بالفطرة».

 

«ميستر يو».. رابور مغربي كتب أغانيه في زنزانة

اسمه الحقيقي يونس لطيفي وهو من أصول بيضاوية، إذ ظل يتردد باستمرار على حي سيدي معروف ليستحضر الشغب الطفولي. وشاءت الأقدار أن يعيش هذا «الرابور» خلف قضبان فلوري، وينشط بين الفينة والأخرى زملاءه السجناء حين يداهمهم رعب الانتظار.

في الرابع من دجنبر 2010، اعتقل «ميستر» وأحيل في اليوم الموالي على المحكمة التي استمعت إلى دفوعاته في عدة جلسات، قبل أن تصدر حكمها بوضعه رهن الاعتقال لمدة ثلاث سنوات من بينها سنة موقوفة التنفيذ، وغرامة مالية قدرها 5 آلاف أورو، بتهمة تهريب المخدرات.

كانت قاعة الجلسات على غير العادة مليئة بأشخاص تظهر من خلال تسريحات شعرهم وهندامهم أنهم من عشاق فن الراب ومن أنصار المعتقل، بل إن محامي المغني المغربي، طوماس مايير، بدا سعيدا بالحكم الصادر عن المحكمة، وقال أمام استغراب أسرة المعتقل، إن الإجراء التأديبي المتخذ كان منتظرا لأنه يساير التوجه العام للحكومة، قبل أن يشكر رئيس الجلسة ويصافح محامي النيابة العامة وينسحب تحت تصفيقات «رابورات».

كان الوكيل العام يطالب بعقوبة قدرها ثلاث سنوات نافذة وغرامة مالية في حدود 15 ألف أورو، قبل أن يحصل التخفيض، خاصة وأن المغني المغربي سبق له أن اعتقل سنة 2007، حيث أدين بعقوبة حبسية بذات التهمة، ودار سجال في المحكمة حول سبب اختفاء «يو» وإصراره على مراوغة الشرطة، بل واستفزاز الأمن الذي كان يطارده من خلال إصدار ألبوم غنائي تحت عنوان: «اعتقل «يو» لو تستطع»، لكن بعد ثلاثة أيام وضعت الشرطة اليد على «الرابور».

غادر المغني المغربي السجن، وشرع في إصدار ألبوم كتب ولحنت أغلب أغانيه في السجن، بل إنه طار صوب وهران حيث ألهب معني الراب الفرنسي من أصول مغربية «مستر يو» الجمهور الغفير المتشكل خاصة من الشباب الذين تفاعلوا مع هذا المغني وقاموا بترديد كل الأغاني التي قدمها خلال السهرة.

 

عمر الرداد.. بستاني سجن بـ «فلوري» أيضا

أصبح البستاني البسيط عمر الرداد أشهر سجين، ليس فقط في سجلات معتقل فلوري ميروجي، بل في تاريخ القضاء الفرنسي. فقد جاء ابن منطقة ميضار التابعة لإقليم الدرويش إلى فرنسا أملا في جمع المال فوجد نفسه أشهر معتقل، بعد إدانته بتهمة قتل مشغلته الثرية جيزلين مارشال، التي كان يرعى حديقة منزلها في جنوب فرنسا. وعلى الرغم من إنكاره التهمة ومواصلة التمسك ببراءته من الجريمة، فقد أدانته المحكمة بعد أن استند القضاة إلى عبارة كتبتها الضحية بدمها على باب القبو الذي وقعت فيه الحادثة وقالت فيها «عمر قتلني».

حضرت زوجة عمر لطيفة رفقة والده عبد السلام، جميع أطوار المحاكمة، وعندما نطق القاضي بالحكم بالسجن لمدة 18 عاما على عمر الرداد، صرخت لطيفة وانتحبت ولطمت رأسها وهي تقول: «زوجي بريء.. زوجي مظلوم». وانهارت قبل أن تستفيق في سرير مصحة لا تبعد كثيرا عن المحكمة. لكن لطيفة ستتحول إلى مخاطب رسمي لكبار مستشاري الملك الحسن الثاني، الذي ظل يرسل لها موفدين من القصر لإبلاغها بجهود الملك من أجل تبرئة زوجها عمر، فآمنت بأن الملف بيد راعي البلاد.

ظل عبد السلام الأب والزوجة لطيفة على اتصال مع مستشاري الملك الراحل، وظلا ينتظران على أحر من الجمر حلوله بفرنسا، بعد أن اطمأنا على وجود ملف عمر الرداد في مكتبه، فكان اللقاء العابر الذي كشف فيه الملك للأسرة المكلومة عن تعيين جاك فيرجيس محاميا مدافعا عن عمر بقرار ملكي، وهو الرجل الذي ظل يردد في المحكمة عبارته الشهيرة «لقد وجدتم المتهم المثالي الذي يوفر عليكم مشاق التقصي.. إنه عربي ومهاجر وفقير، فلماذا تبحثون عن غيره؟».

نجح المحامي في إجراءات إعادة المحاكمة، وانتهت القضية بإطلاق سراح العامل المغربي الذي تعاطف معه الفرنسيون، بعفو رئاسي خاص من الرئيس جاك شيراك، وبتدخل من الملك الراحل الحسن الثاني من دون تبرئته من التهمة.

قضى الرداد فترة طويلة في سجن فلوري، وتحول إلى بستاني هذه المؤسسة، حيث كانت لمساته واضحة على فضاء المعتقل. وحين أفرج عن عمر بعفو رئاسي، قررت لطيفة الاستمرار في نضالها من أجل استخلاص البراءة، ولاحظ الرداد أن لطيفة تغيرت كثيرا، وعاب عليها خروجها إلى الواجهة، حين تفاوضت مع منتج فيلم حول قضيته بعنوان «عمر قتلني». فقد خططت ليتم الاحتفاء به رسميا، في عرض خاص جدا بالمسرح الوطني محمد الخامس، وسط العاصمة المغربية الرباط، تحت إشراف الأميرة للا مريم. حصل الفيلم على دعم مادي ومعنوي من الحسن الثاني الذي آمن ببراءة عمر إلى النهاية.

 

ترحيل عبد السلام لسجن بلجيكي بسبب صافرات استهجان

حين سلمت السلطات البلجيكية لنظيرتها الفرنسية، صلاح عبد السلام، المتهم الرئيسي في اعتداءات 13 نونبر 2015، في باريس، وإحالته رفقة آخرين على قصر العدالة في العاصمة الفرنسية، ليدلي بإفادته أمام قضاة مكافحة الإرهاب، كانت عائلة المتهمين تمني النفس بنقل المحاكمة وحتى الاعتقال من باريس إلى بروكسيل إلا أن الملتمس لم يراوح مكانه.

وكشفت قناة فرنسية عن تفاصيل الليلة الأولى لصلاح عبد السلام، المتورط في تفجيرات باريس داخل سجن فلوري ميروجي الفرنسي، وقالت: «بينما كان أعوان الأمن بصدد اقتياده إلى حبسه الانفرادي، تعرض عبد السلام إلى صافرات استهجان من قبل عدد من السجناء المتهمين أيضا في قضايا إرهابية. وبحسب القناة، فإن هذه الصافرات جاءت احتجاجا من الموقوفين على صلاح عبد السلام، بسبب عدم إتمامه للعملية في باريس وعدم تفجير نفسه، حسب مرافعة أحد المحامين.

في الجناح رقم 3، وتحديدا بالطابق الأعلى، يقضي صلاح السجين الأكثر خضوعا للرقابة، يومه داخل الحبس الانفرادي برتابة. فقد كان بث ترحيله مباشرة على قناة بلجيكية من بروكسيل إلى باريس كافيا لجعله السجين الأشهر والأخطر أيضا. يقول حارس بالسجن إن صلاح مهدد على الدوام، ففي السجن هناك أفراد من عائلات الضحايا، لهذا يحرص السجين على التزام الصمت، مما أغضب محاميه الذي لطالما هدد بالانسحاب من القضية.

في صيف سنة 2022، نقل صلاح عبد السلام في الصباح الباكر من زنزانته في سجن فلوري ميروجي، في موكب خاضع لحراسة مشددة إلى المحكمة. ومنذ نقله من بلجيكا إلى فرنسا في 27 أبريل، يلزم الناجي الوحيد من بين منفذي الاعتداءات التي أوقعت 130 قتيلا في باريس وسان دوني، الصمت الذي فسره محاميه فرانك برتون بـ «خضوع المعتقل الأشد حراسة في فرنسا للمراقبة المتواصلة عبر الفيديو في سجنه الانفرادي، وحتى لا يقوم بأي محاولة للهرب أو الانتحار، تتم مراقبة عبد السلام بكاميرتين في زنزانته، وبكاميرات أخرى في قاعة رياضة وخلال فسحته اليومية».

وقالت مصادر إعلامية إن مجموعة التدخل التابعة للدرك تسلمت العضو الذي بقي على قيد الحياة من المجموعات المسلحة التي قتلت 130 شخصا في باريس وسان دوني في نونبر 2015 من السجن ونقلته إلى مطار لوضعه بطائرة متوجهة إلى بلجيكا، قبل بدء مسلسل قضائي طويل وجديد بعدما حكمت محكمة الجنايات الخاصة في باريس على صلاح عبد السلام بالسجن المؤبد غير القابل للتخفيف، علما أنه لم يقدم طلب استئناف، لذلك أصبح الحكم الصادر عليه نهائيا، فيما صدرت على المتهمين الـ19 الآخرين أحكام بالسجن لمدد تتراوح بين عامين والسجن المؤبد غير القابل للنقض.

وعلى الرغم من أن عبد السلام كان واحدا من بين 20 شخصا يخضعون للمحاكمة، فإنه الوحيد الذي حوكم بتنفيذ أكثر الهجمات دموية التي شهدتها فرنسا في وقت السلم.

ياسين الصالحي.. انتحار في زنزانة انفرادية بـ «فلوري»

لم يقض المغربي ياسين الصالحي، المتهم بذبح رئيسه في العمل ومحاولة تفجير مصنع كيميائي في منطقة إيزير شرق فرنسا، فترة طويلة في سجن فلوري، فقد أصر على إنهاء الجدل القائم حوله، وأقدم على الانتحار شنقا داخل زنزانته.

وذكرت إدارة المعتقل أن الصالحي أقدم على الانتحار بواسطة بعض الأغطية داخل زنزانة انفرادية، وهو السجين الذي لطالما تعاملت معه الحراس بحذر شديد لأنه مصنف بين عامي 2006 و2008 لدى أجهزة الاستخبارات في خانة الأشخاص الذين يمكن أن يشكلوا تهديدا محتملا على أمن الدولة.

ياسين الصالحي البالغ من العمر 35 عاما أب لثلاثة أبناء، وهو من أب جزائري وأم مغربية، استغفل الحراس حين كان يقضي سحابة يومه في لف الأغطية على شكل حبل ربطه على قضبان الزنزانة وتدلى منه، واضعا حدا لحياته.

وكان القضاء الفرنسي وضع الصالحي في السجن، بعدما وجهت إليه رسميا تهم ارتكاب جريمة قتل على علاقة بتنظيم إرهابي وخطف واحتجاز مشغله بهدف الشروع في القتل وتدمير ممتلكات وارتكاب أعمال عنف متعمدة.

وخلافا للجهاديين محمد مراح والأخوين كواشي واميدي كوليبالي أو حتى الجهاديين الذين نفذوا اعتداءات باريس، فإن الصالحي نفى وجود أي دافع ديني خلف فعلته، بل واعترف أمام المحكمة بجريمته، إلا أنه قال بأنه ارتكبها لأسباب شخصية بحتة ليس لها أي علاقة بمعتقداته الدينية رغم تنفيذها على طريقة الجهاديين، ولكن النيابة العامة رفضت ذلك مؤكدة أن للجريمة دوافعها الإرهابية، خاصة وأن الصالحي ذبح رب عمله هيرفي كورنارا وعلق رأسه على سياج وأحاطه بعلمين إسلاميين، والتقط للرأس المقطوعة صورتين، إحداهما صورة له مع الرأس المقطوعة، والثانية صورة للجثة وعليها العلمان الإسلاميان والرأس موضوعة فوق الجسد، تماما كما يصور تنظيم الدولة الإسلامية جثث رهائنه بعد ذبحها. وبحسب المحققين فإن الجاني أرسل هاتين الصورتين إلى صديق له، هو جهادي فرنسي موجود في سوريا، طالبا منه أن يرسلها إلى تنظيم الدولة الإسلامية ليبثها.

أزروال.. يهودي مغربي رمته مذكرة بحث في المعتقل

 

قضى يعقوب أزروال، رجل الأعمال المغربي اليهودي الديانة، فترة إقامة في سجن فلوري ميروجي، وذلك بعد إدانته من طرف محكمة بالعاصمة الفرنسية باريس بتبييض الأموال وتهريب الذهب والمخدرات.

وجاء اعتقال أفراد من شبكة تنشط بين المغرب وفرنسا وإسرائيل وألمانيا بمثابة الحبل الذي تم لفه حول عنق رجل الأعمال، الذي عرف باستثماره في مجال العقار، لكنه ظل موضوع مذكرة بحث دولية، قبل أن يلقى عليه القبض سنة 2004 في الولايات المتحدة الأمريكية، وإدانته بتهم ترجع لسنة 2000، حولته إلى نزيل بالسجن المذكور لمدة ثلاث سنوات.

ويعتبر يعقوب الابن البكر لليهودي مايير أزروال، الذي عاش طويلا في ملاح مدينة آسفي، قبل أن ينتقل إلى مراكش والدار البيضاء، حيث كان يمارس مهنة شراء وبيع المتلاشيات، قبل أن يمتد نشاطه إلى التجهيز.

تمكن يعقوب من تنمية الثروة التي ورثها عن والده، خاصة بعد أن شاركه ثريان يهوديان في هوسه العقاري، وهما سيمون ودافيد شتريت، قبل أن يطول يعقوب الاعتقال خلال حملة التطهير في بداية التسعينات، إبان عهد وزير الداخلية الأسبق إدريس البصري. هذه الحملة جرفت هذا اليهودي المغربي ورمت به في السجن، بعدما حكم عليه بـ12 سنة سجنا، قبل أن يفرج عنه بعد قضاء سنتين فقط، إثر تدخلات من الطائفة اليهودية التي كانت لها مكانة خاصة لدى الملك الحسن الثاني.. وحين غادر يعقوب السجن اختار الاستثمار في مجال النقل الدولي والسياحي بين المغرب وأوروبا، ما مكنه من ممارسة هواية التهريب التي أسقطته في معتقل فلوري الرهيب.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى