مغاربة خطفوا قلوب الأميرات والنجمات
قرن ونصف من قصص حب مغربية أشعلت صحف العالم
يونس جنوحي:
بعض أخبار الزواج من مغاربة كانت مجرد إشاعات، مثل ما وقع مع الباشا الكلاوي الذي قيل إنه ارتبط بعارضة فرنسية شهيرة. وبعد سنوات طويلة اتضح أن ابنه فاز بقلب واحدة من حسناوات فرنسا. وقبله كان المغربي فيكتور المالح، وهو في بداية مساره قبل أن يصبح ثريا، قد نجح في خطف قلب شابة يابانية حسناء كانت من أشهر رموز الفرق الاستعراضية العالمية. وبين القصتين، وقبلهما أيضا، قصص أخرى لزيجات أحد طرفيها مغربي، أشعلت الصحف وحظيت باهتمام أكثر من نصف سكان الكرة الأرضية.
بعد أميرة بلجيكا.. المغاربة «أدمنوا» خطف قلوب نخبة الأجنبيات
خبر زواج الأميرة البلجيكية ماريا لورا، وهي ابنة شقيقة الملك فيليب، من الشاب المغربي اليهودي «ويليام إيسفي»، خلق زوبعة في الإعلام الأوروبي والدولي هذه الأيام.
أسئلة من قبيل: «من يكون هذا المغربي الذي اقتحم القلعة الملكية في بلجيكا؟»، أو «إيسفي في القصر الملكي».. كلها عناوين مثيرة لجلب انتباه البلجيكيين، لتتبع قصة زواج الأميرة ماريا التي سُلطت عليها أضواء الصحافة مبكرا، وعلى والدتها منذ أن أنجبتها، على اعتبار أنها «مدللة» الأسرة الملكية لوقت طويل.
وبما أن الأمر يتعلق هنا بالأسرة الملكية في بلجيكا، فقد كانت الصحافة تنتظر صدور بلاغ يؤكد خبر الزواج، قبل أن تنتشر صوره في كل مكان. إذ إن التقاليد المرعية في بلجيكا، تلزم الصحافة بتحري المصداقية عندما يتعلق الأمر بالحياة الخاصة للأسرة الملكية، على عكس أخبار زواج المشاهير من عالم الفن والسينما والرياضة، حيث ألفت الصحافة نشر إشاعات كثيرة بهذا الخصوص.
وأصدر الديوان الملكي في بلجيكا بلاغا يؤكد خبر الزواج وتاريخه، وهو ما جعل الصحافة البلجيكية تنطلق في سباق محموم مع الزمن، لنشر أكبر قدر من التفاصيل عن تلك العلاقة التي كللت بزواج ملكي، حضره الملك وبقية أفراد الأسرة الملكية، إلى جانب أسرة الشاب المغربي «إيسفي».
هذا الزواج الذي حظي بشعبية كبيرة في بلجيكا، يعتبر أهم حدث في البلاد هذه السنة، على بُعد ثلاثة أشهر فقط على نهايتها.
ولم يفت الصحافة البلجيكية الإشارة إلى الأصول المغربية للشاب إيسفي، وقالت إنه وُلد في باريس ويبلغ من العمر 30 سنة، وإن والده فرنسي مغربي، وأمه إنجليزية، ويحمل بالتالي الجنسيتين الفرنسية والبريطانية.
أما عن طريقة تعارف الزوجين اللذين حظيا باهتمام بلجيكا بكل طوائفها، فقد أكدت الصحف أنهما تعارفا في كندا، حيث كانا يتابعان دراستهما العليا هناك. إذ إن «إيسفي» بعد أن قضى طفولته في بريطانيا، في لندن على وجه التحديد، انتقل إلى كندا لكي يواصل دراسته العليا بجامعة «ماكغيل» في مونتريال، وهناك تعرف على الأميرة ماريا لورا، وقررا الزواج.
هذا الزواج الملكي من شأنه أن يستأثر باهتمام الصحافة البلجيكية، لكي تتابع أخباره وتفاصيله أولا بأول، وبالتأكيد، انطلاقا من تجارب سابقة في أوروبا، فإن الزوجين سيكونان مُلاحقين بالكاميرات خلال تنقلاتهما، حتى لو كانت عائلية مغلقة.
هناك تاريخ طويل عريض من الزيجات التي كان فيها المغاربة قد أدمنوا خطف قلوب الأجنبيات، وليس الشاب «إيسفي» أولهم بالطبع، ولن يكون آخرهم كذلك.
هناك تاريخ كامل من الزيجات التي أثارت انتباه العالم، لما يزيد على قرن ونصف القرن، تزوج خلالها المغاربة من نساء غير عاديات، سليلات أسر راقية وفنانات مشهورات، لم ينجح أحد من أبناء جنسهن في الفوز بمفاتيح قلوبهن، ووافقن على الزواج من مغاربة رغم ما كان يحيط بتلك «المغامرات» من مخاطر.
جاد المالح وابنة أميرة موناكو.. خبر الطلاق فاق خبر الزواج
بقدر الشهرة التي حصدها الكوميدي المغربي الفرنسي، جاد المالح، منذ تسعينيات القرن الماضي، بعد نجاحه في إضحاك فرنسا كلها، بقدر ما عانى عندما تسربت أخبار ارتباطه بابنة أميرة موناكو سنة 2012.
ورغم أن جاد المالح الذي وُلد في الدار البيضاء، بداية سبعينيات القرن الماضي، قبل أن ينتقل إلى فرنسا مع والديه، كان يُحيط حياته الخاصة بسرية كبيرة جدا، إلا أن خبر علاقته بابنة أميرة موناكو، «شارلوت كازيراغي» أسال الكثير من المداد في الصحافة الفرنسية، وظل قناصو الصور يلاحقونه خلال تنقلاته علهم يفوزون بصورة له معها، قبل خبر إعلان الزواج رسميا، والذي لم يكن مفاجئا لأحد في فرنسا.
لكن ما كان مُفاجئا، خبر الطلاق الذي دوّى بعد ثلاث سنوات. إذ في سنة 2015 أعلن رسميا خبر انفصال جاد المالح عن «شارلوت»، سليلة الأسرة الحاكمة في موناكو، ومغادرتها رفقة ابنها لشقة جاد المالح في باريس، لكي تعود إلى العيش هناك مع أسرتها.
ومن بين ما نقلته الصحافة الفرنسية، أن جاد المالح تعرض لضغوط كبيرة من الأسرة الأميرية، لكي تمنعه من إتمام طقوس ختان ابنه، حسب تعاليم الديانة اليهودية. هذا الخبر قسم الفرنسيين إلى فئتين، الأولى تعاطفت مع جاد المالح بشأن تقاليد الديانة اليهودية، وأحقيته في ختان ابنه، شأنه شأن ملايين اليهود والمسلمين حول العالم. بينما فئة أخرى اعتبرت جاد المالح «رجعيا» في اختياراته.
أما في أوساط اليهود المغاربة، ويهود فرنسا، فقد جر الزواج على جاد المالح هجومات وانتقادات لاذعة، خصوصا بعد انتشار أخبار مفادها أن جاد المالح وافق على اقتراح أصهاره، بتعميد ابنه في الكنيسة الكاثوليكية بموناكو. وهو ما اعتبروه عدم احتراما لانتمائه وأصوله اليهودية، وراجت أخبار في صحف فرنسا، سيما المواقع الإلكترونية، مفادها أن والدي جاد المالح وأسرته قاطعوه جميعا، بعد انتشار خبر تعميد ابنه في الكنيسة. وهو ما رد عليه جاد المالح بعد سنوات، من خلال نشر مقاطع توثق للحظات حميمية مع والديه، لقطع الطريق على الإشاعات التي تفيد بتدهور علاقته مع والديه، حتى بعد طلاقه مع سليلة الأسرة الأميرية في موناكو.
عانى جاد المالح كثيرا خلال فترة زواجه من انتشار الإشاعات، وكانت معاناته تزداد خلال تنقلاته لإحياء الحفلات الساخرة التي كانت تحقق رقم إيرادات خيالي، إذ في الفترة التي كان فيها في قمة مجده الفني، وكانت كبريات شركات الإنتاج تتنافس للفوز بحقوق بث وتسجيل عروضه الساخرة في أرقى المسارح حول العالم، كانت صحافة «البابارازي» تنال منه وتنشر صورا خاصة له، خصوصا عند ارتياده المطاعم محاولا عدم إثارة الانتباه، ولم يعد ممكنا له ولأسرته الصغيرة قبل الطلاق، أن يعيشوا حياتهم الخاصة كما كانوا في السابق. هذا الضغط ساهم أيضا في التعجيل بنهاية زواج جاد المالح، الذي كان لوحده حدثا هاما جدا في فرنسا، فاق في قوة وكثافة تغطيته الانتخابات الرئاسية!
بعض الأوساط الحداثية في فرنسا، اتهمت مهاجمي جاد المالح بالعنصرية في تعاملهم مع خبر زواجه من «حسناء» موناكو، سيما وأنها كانت محط اهتمام الصحافة الأوروبية، وأنهم استكثروا على ابن أسرة مهاجرة أن يفوز بقلوب الفرنسيين، بعد نجاحه في إضحاكهم، والفوز بقلب ابنة أميرة موناكو أيضا.
فيكتور المالح.. ابن الصويرة الذي تزوج أشهر «عارضة» في نيويورك
فيكتور المالح، يهودي مغربي رأى النور في مدينة الصويرة سنة 1918، وغادرها وهو بعمر الخمس سنوات، على أساس أن يزور جديه في العطلة الصيفية، رفقة والدته.
جداه اللذان كانا قد هاجرا من الصويرة إلى نيويورك بعد ولادته، تمسكا ببقائه مع أخواله، وطلبا من والدته ألا تُعيده معها إلى الصويرة، وأن تتركه في نيويورك، لكي يلتحق بالمدرسة هناك.
ترعرع فيكتور المالح مع أخواله، وعاش طفولة صعبة للغاية مع أبناء المهاجرين من كل الجنسيات تقريبا، لكن ذلك حفزه لكي ينجح. بدأت قصة تسلقه المجد، عندما درس الهندسة ونجح في الالتحاق بواحد من أشهر المكاتب في نيويورك. لكن طموحه في ولوج عالم المال والأعمال كان أكبر من الاكتفاء بوظيفة وربطة عنق.
في تلك المرحلة الانتقالية من حياته، خلال الحرب العالمية الثانية، كان فيكتور المالح يبحث عن فرصة لإطلاق مشروعه التجاري الأول. لكنه بدل أن يلج عالم المال، كان عليه أولا أن يلتقي بـ«سونو»، اليابانية التي خطفت قلبه.
وقد حكى فيكتور المالح في آخر حياته للصحافة الأمريكية، كيف تعرف على حب حياته، التي كانت نجمة في فرقة فتيات استعراض مشهورة تقوم بجولات حول العالم.
إذ عندما كان في بداية شبابه، يتملكه حلم إقامة مشروعه التجاري الخاص والتخلص من الوظيفة المكتبية، كان يتردد كثيرا على الملاهي والمسارح، وقرر أن يتابع فقرة استعراضية كانت «سونو» تلعب دورا بارزا خلالها فوق المسرح. ومنذ اللحظة الأولى التي لمحها فيها مباشرة، تعلق قلبه بها وقرر الارتباط بها.
لم يكن سهلا على شاب مغربي من أسرة محافظة ومتدينة أن يقنع محيطه، خصوصا والديه اللذين كانا لا يزالان في المغرب، بالموافقة ومباركة زواجه من شابة يابانية مشهورة.
ورغم أن والده بعث إليه رسالة من الصويرة يهدده فيها بالانتحار، إن هو تزوج من «سونو»، إلا أن فيكتور المالح وضع الجميع أمام الأمر الواقع، وتزوج «سونو» في شهر أبريل 1943.
ورغم الشهرة، فقد كانت حياتهما صعبة للغاية في البداية، سيما وأنهما كانا يكتريان مساحة صغيرة جدا في نيويورك، لكي يؤسسا داخلها أسرتهما الصغيرة، واضطرت «سونو» إلى التوقف عن عملها، وأنهت مسارها في الفن، رغم الشهرة الكبيرة التي حققتها في أوروبا وأمريكا، لكي تتفرغ لحملها ورعاية ابنهما الأول.
لكن الأمور تطورت مع تفرغ فيكتور المالح للمشاريع، حيث نجح في استيراد ماركة «فولسفاغن» التي تعرف عليها في جولته بأوروبا، وقرر احتكار استيرادها إلى أمريكا ثم إلى المغرب. واتجه بعد ذلك إلى الاستثمار في سوق المياه المعدنية والمشروبات الغازية، وهو ما جعله يحقق صافي ربح بملايين الدولارات في سنوات قليلة.
وعند مطلع خمسينيات القرن الماضي، كان الزوجان أحد أشهر الأزواج في نيويورك، ثم لاحقا في «بيفرلي هيلز»، حيث كانت الفيلا الفخمة التي استقرا بها، قبلة لكل نجوم السينما العالميين، وعلى رأسهم «مارلين مونرو».
بقيت علاقة فيكتور المالح مع «سونو» إحدى الزيجات الناجحة التي تحدثت عنها مجلات المشاهير والسينما، خصوصا بعد طلاق عدد كبير من أصدقائهما من مخرجين وفنانين وموسيقيين، وانتشار أخبار الخيانة الزوجية وانتحار بعضهم، ووفاة آخرين بجرعات زائدة من المخدرات. وهكذا بقي نموذج فيكتور المالح و«سونو» أحد أفضل نماذج علاقات الحب التي تكللت بالزواج، وسط مجتمع نيويورك المخملي، سيما وأنهما معا انطلقا من الصفر، واستقرا في قمة أثرياء أمريكا والعالم إلى أن توفي المالح سنة 2014.
إشاعة زواج الكلاوي من سيدة أعمال فرنسية
في سنة 1932 انتشرت إشاعة في الدار البيضاء، سرعان ما وصلت إلى مراكش. إذ راج أن الباشا التهامي الكلاوي تزوج سرا من سيدة أعمال فرنسية اسمها «مادام ماري»، كانت تُلمح في حفلات يحضرها أحيانا وزراء من الحكومة الفرنسية، وعسكريون من الجيش الفرنسي في الرباط.
وحسب تلك الإشاعة التي روج لها الصحافي «غوستاف بابان»، في جريدة محلية، كان يصدرها في الدار البيضاء، سنة خلال نهاية عشرينيات القرن الماضي، فإن الباشا التهامي الكلاوي، الذي كان معروفا في الصحافة الفرنسية أنه متزوج من نساء كثيرات، أعجب بـ«مدام ماري»، التي كانت برفقة أحد منتجي السينما الفرنسية المعروفين، وعرض عليها تناول العشاء معه في باريس، ودعاها إلى زيارته في مراكش ووعدها أن تكون ضيفة فوق العادة.
وسرعان ما شاع الخبر في باريس عن إعجاب التهامي الكلاوي بالسيدة «ماري»، خصوصا وأنها كانت معروفة بتصدرها الأعمال الخيرية، وإقامة حفلات لنجوم السينما الفرنسية.
لكن لم يثبت أن السيدة ماري زارت مراكش في أية مناسبة، بل زعم الصحافي المذكور أن الكلاوي التقاها مرتين لاحقا، خلال زيارته إلى فرنسا لقضاء العطلة.
احتاج الفرنسيون إلى فترة لكي ينسوا تلك الإشاعة، التي لم تظهر تفاصيلها كاملة إلى العلن. لكن الكثيرين مالوا إلى تصديقها، خصوصا وأن التهامي الكلاوي كان معروفا بحضوره حفلات الفرنسيين وإقامة أخرى في قصره الباذخ بمراكش، والذي دُعي إليه مشاهير السينما وحسناوات باريس وزوجات سياسيين كن معروفات بقصصهن الغرامية خارج الزواج، وكتبت عنها مجلات فرنسية الكثير وأسالت ما يكفي من المداد، لجعل المحافظين الفرنسيين يتقززون مما كان يقع في عالم الفنانين ومشاهير الموضة والسينما.
بعض الإشاعات التي كان بطلها الباشا الكلاوي لم تكن موضوع أي رد أو تعليق منه، رغم أنه فعلا تابع الصحافي الفرنسي غوستاف بابان أو «بابين» قضائيا، لكن على خلفية اتهامات كالها هذا الصحافي للباشا الكلاوي، تتعلق بقصة زواجه الأول، حيث اتهمه بأنه سجن زوجته لأزيد من 15 سنة وصادر ممتلكاتها، وبفضلها صار من أثرياء المغرب، وهو ما انتفض الكلاوي ضده فعلا، وقرر متابعة هذا الصحافي في المحاكم الفرنسية. وكانت تلك المرة الأولى التي يقرر فيها الباشا مواجهة ما كُتب عنه، ولم يُسقط الدعوى، إلا بعد وساطة من شخصيات فرنسية مؤثرة وعدت الباشا ألا تتكرر تلك المقالات التي تهاجمه، وتتناول حياته الخاصة. لكنه لم يتابع الصحافي عندما نشر تلك الإشاعة عن علاقته بسيدة الأعمال الفرنسية، وهو ما يترك علامات استفهام كثيرة. لكن الحقيقة أن إشاعات كثيرة انتشرت عن علاقات الباشا لم يرد عنها نهائيا، ولم يصدر أي توضيح بشأنها.
والملاحظ أن الصحافة الفرنسية سبق لها نشر صور لحضور الباشا الكلاوي إلى حفلات، سواء في الفنادق أو المسارح الفرنسية، ولم يسبق أبدا أن عرضت أي صورة له مع السيدة «ماري»، التي أشيع أنه ارتبط بها.
موسى أفلالو.. مغربي فتن نساء لندن وتزوج اسكتلندية من النبلاء
عندما غادر موسى أفلالو المغرب خلال فترة حكم المولى محمد الرابع، الذي حكم المغرب ما بين سنتي 1859 و1873، لم يكن يتوفر على أي ضمانات لكي ينجح في بريطانيا.
لكنه سرعان ما أبان عن دهاء كبير، وصار صديقا لوزراء بريطانيا وأثريائها، وعرض خدماته مستشارا اقتصاديا وتجاريا، عارفا بأسرار المغرب وخريطته ولغة المغاربة. وهكذا فقد لعب دورا كبيرا في العلاقات المغربية البريطانية، وسرعان ما دخل في اتصال مباشر مع الوزير الأعظم باحماد، الذي كان وقتها خلال فترة حكم المولى الحسن الأول، أي ما بين 1873 و1894، يشغل منصب حاجب ملكي.
كان هذا باختصار شديد مسار موسى أفلالو «المهني»، الذي توجه بكتاب ألفه بنفسه وطبع في بريطانيا، تناول فيه اقتصاد المغرب وخصائصه الجغرافية، لكنه لم يتناول أبدا حياته الخاصة التي كانت «ناجحة» جدا.
إذ إن موسى أفلالو، بعد استقراره في لندن ونجاحه في إقامة علاقات وطيدة مع الإنجليز، تزوج فعلا من سيدة من أصل اسكتلندي، واستطاع بفضل تلك الزيجة، بسط نفوذه في دوائر القرار، إلى درجة أن زواجه «الأرستقراطي» مكنه من دخول عالم الصفقات مع شركات أوروبية، كانت تنشط في استيراد المواد الأولية من مستعمرات بريطانيا في إفريقيا وآسيا.
هذا الزواج كان وقتها غير مرحب به، خصوصا من أطراف محافظة بريطانية، بحكم أن موسى أفلالو كان يهودي الديانة، بينما زوجته كانت تنتمي إلى أسرة من «رُعاة» الكنيسة، ويمثلون الوجه المحافظ لنخبة العائلات التي تحظى بالعناية الملكية في بريطانيا.
الأوساط اليهودية في لندن لم يعجبها ذلك الزواج أيضا، إذ إن زواج المسيحيات من اليهود لم يكن متداولا بين الأوساط المحافظة، وكان أمرا غير مألوف. بالإضافة إلى أن الجالية اليهودية في بريطانيا كانت معروفة أيضا بمواقفها الراديكالية الرافضة للزيجات بين المسيحيين واليهود، حتى أن بعض الحاخامات في أوروبا كانوا قد أصدروا فتاوى تُبطل زواج اليهود من المسيحيات. وما زاد أيضا من معاناته أن الأوساط اليهودية كانت تعتبره «لعوبا»، بسبب علاقاته مع نساء بريطانيات ثريات، كن يؤثتن الحفلات الراقية التي كان حضورها يتطلب توفر شروط كثيرة في ضيوفها، أهمها المال.. والكثير منه بالتأكيد.
وهكذا كان موسى أفلالو أمام امتحان عصيب يتجلى في تخلي نخبة اليهود في لندن، والذين كانوا يمسكون بزمام شركات كبرى، عن دعمه، ليلجأ إلى عائلته الجديدة، حيث إن أفرادها لم يرحبوا به جميعا، على اعتبار أنه لا ينتمي إلى الكنيسة. لكن رغم ذلك فقد استطاع أفلالو أن يبصم بقوة على صفقات كثيرة ويحظى بامتياز تدبيرها، مما جعله يحصد منافع مالية مهمة.
إذ إن أصوله المغربية جعلت الحكومة البريطانية تعتمد عليه لحل مشاكل اقتصادية وسياسية مع المغرب، خلال فترة وصول المولى الحسن الأول إلى الحكم. وهو ما جعل الاستغناء عنه بعد زواجه مستحيلا تقريبا، لأنه الوحيد في بريطانيا الذي كان يعرف المغرب والمغاربة جيدا، وبمقدوره أن يفاوض لإدخال الدبلوماسيين البريطانيين إلى قصر فاس، والحديث معهم بلسانهم، وتجنب «فخاخ» خدام المخزن، الذين كانت دول أوروبية كثيرة تتسابق للفوز بهم كوكلاء لها، للدفاع عن مصالحها في المغرب.
أشهر سيدة مغامرات في أوروبا تزوجت مغربيا سنة 1901
اسمها «إيزابيل إيبرهارت»، وقد كانت معروفة جدا في الأوساط الأوروبية ولدى دور النشر والصحف بمغامراتها وكتاباتها عن رحلاتها في إفريقيا.
هذه السيدة استقرت في الحدود المغربية الجزائرية، وكان والدها هو الشاعر الفرنسي الشهير «آرثر رامبو».
الوسط الذي نشأت فيه شجعها على الكتابة منذ سنوات شبابها الأولى. لكنها لم تكن تكتب عن عوالم الشعر سيرا على نهج والدها، بل اتجهت نحو التوثيق للسفر والمغامرات، وهو ما جعل اسمها يكون الأكثر طلبا لدى دور النشر خلال بداية القرن الماضي، بحكم أن كتابة المذكرات والمغامرات وقتها كانت تحظى باهتمام شريحة واسعة من الأوروبيين والفرنسيين على وجه الخصوص.
لكن إيزابيل سوف تصبح في مرمى هجومات الصحافة الفرنسية والسياسيين الفرنسيين أيضا، عندما قررت ارتداء الزي المحلي لسكان المغرب الشرقي، وازدادت الانتقادات عندما نشرت الصحافة خبر زواجها من رجل مغربي، بمنطقة «عين الصفراء».
ووقتها، انتشرت إشاعات أخرى لا يوجد أساس يدعمها، من قبيل أن أمها كانت كثيرة الزيجات، وأن والد «إيزابيل» ليس معروفا. وهكذا بعد أن كانت تُنسب لشاعر فرنسي معروف، أصبح نسبها موضوع تشكيك، لكي يتسنى لبعض الصحافيين الفرنسيين وصفها بـ«اللقيطة»، فقط لأنها تزوجت مغربيا، وقالوا إن والدها قد يكون قسا فرنسيا تزوجته والدتها، من بين أزواج آخرين ارتبطت بهم، وأنجبت معه «إيزابيل»، بعد أن تخلى عن الكنيسة واعتنق الإسلام.
هذه الرواية التي لا تستند إلى وثائق أو شهادة ميلاد، وجدت تجاوبا كبيرا في فرنسا، لضرب صورة «إيزابيل» في أوساط الفرنسيين والأوروبيين، الذين قرؤوا مغامراتها باللغتين الفرنسية والإنجليزية.
وسبب كل هذا الهجوم هو زواجها من مغربي من السكان المحليين في سنة 1901. إذ كان وقتها زواج الفرنسيات من مغاربة غير وارد نهائيا، سيما وأن زوجها كان محافظا، ومن أبناء زعماء قبائل المنطقة. إذ كانت القوات الفرنسية المنتشرة على الحدود الجزائرية المغربية، تجد صعوبة كبيرة في اقتحام المنطقة الحدودية عسكريا، بفضل مقاومة المغاربة الذين هبوا لمساعدة إخوانهم الجزائريين، وجعلوا مهمة الجنرالات الفرنسية في توسيع نفوذهم مستحيلة تماما.
وهو ما جعل الصحافة الفرنسية تصور سكان القبائل على أنهم «بربر» متوحشون، بعيدون تماما عن الحضارة.
وعندما تزوجت إيزابيل من هناك، وهي أيقونة في فرنسا، أصابت «البروباغندا» الدعائية العسكرية في مقتل، ونسفت جهود الإدارة العسكرية في حصد تعاطف الفرنسيين مع الجيش. إذ في الوقت الذي تكبدت فيه فرنسا خسائر كبيرة في الأرواح، كان الجيش يحتاج إلى تعاطف شعبي كبير، لكي ترفع الحكومة مقدار الميزانية المخصصة للعمليات العسكرية، وحصد موافقة السياسيين على تجنيد المزيد من الشباب الفرنسيين.
وعندما تزوجت إيزابيل من هناك، كان زواجها يعني كشف حقيقة ما يقع في المنطقة الحدودية مع المغرب. إذ لم يتقبل الرأي العام هناك أن تتزوج سيدة مقبلة على الحياة، ومغامرة من طراز رفيع، رجلا من قبيلة تعتبرها فرنسا خارج دائرة الحضارة.