شوف تشوف

الرئيسية

معطيات تفضح سوء التدبير وتزوير النقط والشهادات بجامعة ابن زهر وتحرج بنكيران والداودي

أكادير: محمد سليماني

لمدة تقارب الأربعة أشهر، ما تزال الأنظار متجهة كل خميس إلى المجلس الحكومي، لعله يفرج عن الاسم المختار لتسيير جامعة ابن زهر. أربعة أشهر من الانتظار، رغم انتهاء ولاية الرئيس الحالي يوم ثاني مارس المنصرم، دون أن تفرج رئاسة الحكومة عن قرارها بخصوص هذا المنصب، لتتناسل أسئلة كثيرة حول دواعي هذا التأخير. بعض المتتبعين ربط الأمر بشكاية حول «خروقات واختلالات» توصل بها بنكيران من بعض الأساتذة المعارضين لسياسة الرئيس الحالي، الأوفر حظا. «الأخبار» نبشت في الموضوع، وعادت بالتحقيق التالي..
في الوقت الذي كان مقررا في مجلس الحكومة المنعقد يوم 26 فبراير 2015 أن يتم تعيين رئيس لجامعة ابن زهر، وبالتالي إنهاء أطوار من الانتظار والتشويق، تفاجأ الجميع بإرجاء ذلك إلى موعد لاحق، دون تقديم مبرر. ومنذ ذلك الحين، تتجه أنظار أساتذة وأطر جامعة ابن زهر نحو المجلس الحكومي في انتظار الحسم في منصب الرئيس، لكن لا شيء تحقق. في هذه الأثناء تناسلت الكثير من الأسئلة حول هذا التأجيل الطويل مع العلم أن ولاية الرئيس الحالي الأوفر حظا انتهت منذ بداية شهر مارس الفائت.
حيرة بنكيران وقلق الداودي…
حسب بعض المعطيات التي توصلت بها جريدة «الأخبار»، فإن رئيس الحكومة توصل قبيل انتهاء مدة ولاية الرئيس الحالي لجامعة ابن زهر عمر حلي بشكاية من أحد أساتذة جامعة ابن زهر يشير فيها إلى ما أسماه «التلاعبات والتجاوزات الخطيرة» التي تتخبط فيها جامعة ابن زهر، الأمر الذي دفع بنكيران إلى التريث ووضع ملف ترشيحات رؤساء جامعة ابن زهر جانبا إلى حين أن تتضح الرؤية ويتأكد مما ورد في تلك الشكاية. من جانب آخر كشفت مصادر أخرى أن لحسن الداودي وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر منزعج من هذا التأخير الطويل في الإعلان عن رئيس جامعة ابن زهر. فالداودي لما توصل من طرف لجنة اختيار رئيس الجامعة بثلاثة ملفات تهم ثلاثة مرشحين للمنصب، أشر بحسب مصادر مطلعة على الرئيس الحالي للجامعة عمر حلي لولاية ثانية، بل أكثر من ذلك أشاد بأداء الرئيس الحالي وصرح أمام ممثلي الأمة في مجلس النواب أن ما تحقق في جامعة ابن زهر خلال الثلاث سنوات الأخيرة يفوق ما تحقق فيها منذ 25 سنة، سواء من حيث البنايات الجامعية الجديدة أو الرفع من عدد الأساتذة. الداودي الآن وجد نفسه محرجا أمام عاصفة ترفض الرئيس الحالي لولاية ثانية يتزعمها بعض الأساتذة الجامعيين، بل إنهم اتهموا الداودي بالتواطؤ ومحاولة فرض الأمر الواقع دون فتح أي تحقيق في ما يقولون إنه اختلالات تشوب تدبير هذه الجامعة.
بين التقدم والاشتراكية والعدالة والتنمية
في الوقت الذي يطالب فيه الأساتذة الجامعيون بأن تكون الجامعة بعيدة عن أي صراع أو تنافس حزبي قد يؤثر على أداء وفعالية المؤسسة، وفي الوقت الذي يراهن فيه الأكاديميون على أن يظل البحث العلمي الأكاديمي داخل الحرم الجامعي ومختبراته وفرقه العلمية بعيدا عن أي تأثير يشتم من رائحة الحزبية، نجد أن مناصب المسؤولية بالمؤسسات الجامعية لا تتم إلا تحت غطاء الأحزاب السياسية، بحيث أن الطامحين من أساتذة الجامعات للظفر بأي منصب مهما قل شأنه أو كبر لا يمكن أن يمر بسهولة دون أن تكون من ورائه قوة سياسية تدافع عن المرشح الذي ينتمي إليها، دون اعتبار أحيانا للكفاءة أو التجربة. وقد تعزز هذا المنطق بقوة بعد دستور 2011 الذي أعطى للحكومة صلاحية التعيين في المناصب السامية، مما جعل الكثير من رؤساء الجامعات والعمداء والأساتذة الجامعيين يعيدون حساباتهم ويجددون اصطفافاتهم بجانب الحزب الذي يمكن أن يدافع عن مناصبهم أو يمنحهم مناصب أعلى.
بجامعة ابن زهر لا يختلف المشهد كثيرا، حيث إن منصب رئيس الجامعة يتنافس عليه ثلاثة أشخاص، اثنان هما الأوفر حظا، بالرغم من أن التكهنات تسير نحو تجديد الثقة في الرئيس الحالي الذي التحق بحزب التقدم والاشتراكية، أحد أحزاب الأغلبية. ويحاول عمر حلي الاستفادة من التقارب الكبير ما بين الأمين العام للحزب محمد نبيل بن عبد الله، ورئيس الحكومة عبد الإله بنكيران. وأشارت مصادر مقربة إلى أن حلي حصل على تطمينات من بنعبد الله لنيل هذا المنصب لولاية ثانية. أما منافسه القوي عبد اللطيف مكريم الأستاذ بكلية العلوم بأكادير، فقد امتطى صهوة حزب العدالة والتنمية، محاولا الاستفادة من عطف هذا الحزب والدفع بملفه لنيل هذا المنصب، بالرغم من أن مناضلين بحزب بنكيران يرون في أن التحاق هذا الأخير بحزبهم لم يكن اختيارا مبنيا على رؤية واضحة، ما عدا الرغبة في الحصول على منصب، كي يحسب لحزب بنكيران. مكريم المنافس القوي لحلي، كان نائبا للرئيس الحالي قبل أن يقدم استقالته في ظرفية مفاجئة قبل سنة أثارت الكثير من التساؤلات. ويرى مكريم أن نيله هذا المنصب هو ضربة موجعه للرئيس الحالي الذي همشه. وبحسب بعض المعطيات، فإن كل المؤشرات كانت تسير في اتجاه تعيين مكريم رئيسا للجامعة مكان حلي سنة 2011، خصوصا وأنه كان اليد اليمنى للرئيس السابق للجامعة عبد الفضيل بناني، فقد كان هو الآمر والناهي، وهو المحاور في كل صغيرة وكبيرة، بل كان هو العلبة السوداء داخل رئاسة الجامعة، بل ويعتبره أساتذة الكلية جزءا من المنظومة المسيرة حتى في عهد الرئيس الحالي. فالتنافس الآن على منصب رئيس الجامعة هو تنافس بين حزبين كبيرين يشاركان في تحالف حكومي، الأمر الذي يوحي بحسب مصادر مطلعة أن الحسم في هذا المنصب سيكون من طرف جهات خاصة بناء على تقارير ستعدها حول كل شخص من المتنافسين.
ملفات حارقة أجلت التعيين
لما توصل بنكيران بشكاية تحمّل الرئيس الحالي لجامعة ابن زهر مسؤولية «الاختلالات والتجاوزات» التي تشهدها هذه الجامعة، توارى رئيس الحكومة إلى الخلف، خوفا من أن يقدم على أي قرار قد تكون له عواقب وخيمة، خصوصا وأن الشكاية تضمنت اتهامات كثيرة واختلالات عديدة، الأمر الذي جعله يتراجع إلى حين التحقق مما ورد في الشكاية التي توصل بها بطريقة غير مباشرة. أول هذه الملفات مشكل تزوير النقط، والتي تفجرت قبل أسابيع بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، بحيث تشير بعض المعطيات إلى أن طلابا حصلوا على شهادات بنقط مزورة، غير تلك التي حصلوا عليها. وتشير المعطيات المتوفرة إلى أن موظفين داخل إدارة الكلية يلجون إلى النظام المعلوماتي الخاص بنقط الطلاب، فيقومون بتغيير نقط البعض، الشيء الذي مكن عددا منهم من الحصول على شهادات بمعدلات مرتفعة أهلتهم لولوج ماسترات عليا، في المقابل سهلت على البعض الحصول على شهادات في أقصر مدة ممكنة. وبحسب المصادر ذاتها، فإن أصابع الاتهام تتجه نحو موظفين اثنين متورطين في هذه العملية التي تضرب في الصميم مسألة تكافؤ الفرص. ويتم تغيير نقط الطلاب بمقابل مالي مهم يحصل عليه الموظف. والى حدود اللحظة لم تفتح الضابطة القضائية بولاية أمن أكادير أي تحقيق في هذا الملف، بحيث ما تزال تنتظر أن تتوصل بشكاية في الموضوع، بالرغم من أنها توصلت بمعلومات حول هذا الملف، غير أنها تنتظر من عمادة كلية الحقوق أن تحصر لائحة الطلاب الذين تم تزوير نقطهم. وتشير بعض المصادر المتتبعة إلى أن عدد الحالات المزورة إلى حدود الساعة بلغت 54 حالة. كما تشير المصادر ذاتها، إلى أن من بين المستفيدين من تضخيم النقط أبناء شخصيات نافذة وميسورة بمدينة أكادير. ومن شأن فتح تحقيق في هذه القضية أن يطيح برؤوس عديدة داخل إدارة كلية الحقوق.
الملف الثاني الحارق تفجر بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، وقد وضع رئيس الجامعة وعميد الكلية السابق في وضع حرج. فبعدما صادق مجلس الجامعة في وقت سابق على إحداث ماسترات جديدة طبقا للقانون 00-01 المنظم للتعليم العالي، وطبقا للمرسوم 2.04.89 المتعلق بتحديد اختصاص المؤسسات الجامعية، تبين أن أحد هذه التكوينات تارة يسمى ماسترا عاما وتارة أخرى يسمى ماسترا متخصصا، وهذا تناقض كبير لأن اللجنة الوطنية لتنسيق التعليم العالي عندما تتوصل بملف بيداغوجي لأي تكوين جديد سواء كان ماسترا أو شهادة جامعية، فهو يكون أما عاما أو متخصصا أي مهنيا، ولا يمكن أن يكون هما معا، غير أنه بكلية الآداب والعلوم الإنسانية فقد قام رئيس الجامعة وعميد الكلية السابق بالتوقيع على شهادات ماستر في السياحة والتواصل لفوج سنة 2010/2008 تارة كماستر عام وتارة أخرى كماستر متخصص. وقد مكنت هذه الماسترات والشهادات الجامعية التي يتهافت عليها عدد من الموظفين سواء بالقطاع العام أو الخاص من الحصول على ترقيات في وظائفهم وتحسين وضعياتهم الاجتماعية.
تدبير مختل للميزانية
بلغت ميزانية جامعة ابن زهر خلال سنة 2012 حوالي 120 مليون درهم أي 12 مليار سنتيم، غير أن توزيع هذه الميزانية على جميع الفصول لم يكن متوازنا، بحيث صرفت مبالغ مالية كبيرة في أمور ثانوية. وبلغة الأرقام فقد صرف ما يزيد عن 14.390.000.00 درهم للأساتذة العرضيين والساعات الإضافية، بينما حصدت تعويضات تنقل الأساتذة بما فيها إلى الخارج ما مجموعه 7.587.000.00 درهم أما المطعمة والأنشطة المختلفة والمؤتمرات والندوات، وكل ما يتعلق بالتواصل فقد نال حوالي 8.870.000.00 درهم، وخصص حوالي 3.588.000.00 درهم لشركات النظافة والحراسة والمساحات الخضراء، في حين نال فصل الصيانة 4.537.000.00 درهم، و700.000.00 للهاتف والاتصال. غير أن الملاحظ في هذه الميزانية أنها لم تخصص للبحث العلمي سوى أقل من 20 في المائة، و أقل من 5 في المائة للطلاب.
وتشير معطيات إلى أن الجريدة التي يصدرها حزب الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية حازت سنة 2012 على مبلغ 197289 درهما (ما يقارب 20 مليون سنتيم) كمقابل عن الإعلانات الإدارية الخاصة بجامعة ابن زهر. ومن بين الفصول التي أثارت الكثير من القيل والقال فواتير الهاتف، إذ إن فاتورة الرئيس لوحدها سجلت خلال شهر شتنبر 2012 ما مجموعه 14.694.39 درهما، منها مبلغ 13980.65 درهما سجلت خلال فترة وجوده بروسيا لعقد اتفاقيات شراكة مع جامعة هناك. كما تروج فاتورة أخرى مسجلة باسم جامعة ابن زهر مبلغها 1091.39 درهما عن شهر شتنبر 2012، تشير المصادر إلى أن زوجة الرئيس هي التي كانت تستعملها، قبل أن ينكشف أمرها ويقوم رئيس الجامعة بتحويلها إلى اسمه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى