شوف تشوف

الرأيالرئيسيةرياضة

معركة الزلاقة الثانية

بين معركة الزلاقة التي جمعتنا بالقوة العسكرية الإسبانية ومعركة بطولة كأس العالم التي سيلاقي فيها اليوم منتخبنا قوة كروية إسبانية، أكثر من أوجه تقارب وتنافر.

صحيح يختلف التاريخ والجغرافيا، من 1086 ميلادية إلى 2022، فقرون مرت على المعركة، ومن سهل الزلاقة في الأندلس إلى ملعب المدينة التعليمية في قطر، يختلف ميدان التباري. لكن لم يكن لمعركة الزلاقة حكم ولا جمهور ولا تقنية الفار ولا وقت قانوني وآخر مستقطع ولا فيفا. لكن كان هناك تكتيك وخطط وهجوم ودفاع ومرتدات وتسلل وإصابات، وكان لكل فريق قائد يرسم الخطة ويسهر على تنفيذها ويضع الجندي المناسب في الجبهة المناسبة.

في شبه الجزيرة الإيبيرية، فزنا على الإسبان في مباراة الزلاقة بقيادة أمير المرابطين يوسف بن تاشفين، الذي سانده جيش أندلسي بقيادة المعتمد بن عباد حاكم إشبيلية. ألحقنا هزيمة نكراء بجيش مملكة قشتالة بقيادة ألفونسو السادس، إذ كان نصرا خارج القواعد بلغة الكرة.

حصل هذا في العصور الوسطى، واليوم يمكن للتاريخ أن يعيد نفسه بصيغة رياضية، فللمنتخب قائد اسمه وليد الركراكي، يملك ما يكفي من خطط لهزم القائد الإسباني لويس إنريكي السادس، ابن مدينة خيخون، والذي قرأ وهو طفل دروس التاريخ ووقف على سيطرة المغاربة على الأندلس وهزمهم للإسبان ذهابا وإيابا.

إذا كان يوسف بن تاشفين اعتمد على المعتمد بن عباد حاكم إشبيلية لهزم جيش ألفونسو، فإن وليد الركراكي يعتمد بدوره على قائدي نادي إشبيلية رمح الهجوم يوسف النصيري وحارس العرين ياسين بونو، فهما من «أهل مكة» العارفين بتضاريس شبه الجزيرة الإيبيرية.

اليوم أصبحت الكرة قضية قومية تستوجب رص الصفوف لمواجهة «العدو» المفترض لمدة تسعين دقيقة أو أكثر، بعدها تنتهي المعركة بدون تبادل أسرى أو توقيع معاهدة الاستسلام، يصافح قائد الفريق المنهزم خصمه وقد يتبادلان القمصان، ويختمان المعركة بندوة صحفية لتبرير الفوز والخسارة، ثم يمضي كل إلى غايته وهو يردد في قرارة نفسه «لا تقل شئنا فإن الحظ شاء».

جمعتنا مع الجارة الإسبانية مواقع كروية حاسمة، أبرزها معركة 1961، حيث كان الإسبان آخر عقبة في طريقنا إلى مونديال الشيلي 1962، إذ حكمت علينا الفيفا بخوض معركة من أجل تذكرة واحدة، رغم أن منطق الأشياء كان يفرض علينا المشاركة في المونديال ولو كممثل وحيد لإفريقيا.

خسرنا ذهابا في الملعب الشرفي بهدف يتيم سجل ضد مجرى اللعب، وكان على منتخبنا الثأر في مدريد وتذويب الفارق الصغير، فهزمنا الإسبان بثلاثة أهداف مقابل هدفين، في مباراة حارقة لا يستحق فيها فريقنا الوطني الهزيمة بشهادة الجميع. 

أما المباراة الثانية بين المغرب وإسبانيا فدارت رحاها في روسيا وكانت لحساب دور المجموعات في بطولة كأس العالم 2018، انتهت بالتعادل بهدفين في كل شبكة وكان التحكيم قاسيا علينا حين رجح كفة الإسبان.

في مباراة اليوم، سيكون وليد الركراكي في مواجهة منتخب يعرفه حق المعرفة، فقد لعب في البطولة الإسبانية وواجه قطبي رحى الكرة في هذا البلد الريال والبارصا، ودافع عن ألوان فريق سانتاندير العريق، بل إن أجداد وليد شاركوا في الحرب الإسبانية التي عرفت بمعركة «تيطاوين»، أي أن الناخب المغربي يعرف أدق تفاصيل خصم مكشوف واجهناه في أكثر من معركة، عشنا معه الود والقطيعة.

في السيرة الذاتية لسابينو باريناكا، المدرب الإسباني الذي أشرف على تدريب الجيش الملكي والمنتخب المغربي سنة 1972، يتحدث الكاتب عن عبور قصير ومؤثر: «اقترح علي الملك الحسن الثاني تدريب فريق الجيش الملكي والمنتخب المغربي، كان الملك عاشقا لريال مدريد وكنت هدافه، قال لي إن الكرة وحدها هي القادرة على الحد من الاحتقان الذي تعرفه المملكة بسبب انقلاب عسكري فاشل».

حسن البصري 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى