شوف تشوف

الرأي

معركة آبار النفط السورية

عبد الباري عطوان
بإجراء قراءة سريعة للتطورات السياسية والعسكرية المتسارعة على الجبهة السورية، يمكن القول إن المعركة الأهم، التي يمكن أن تتقدم على سلم الأولويات هي معركة شرق دير الزور، وضد القوات الأمريكية المسيطرة حاليا على حقول النفط والغاز فيها.
الرئيس دونالد ترامب وافق على توسيع المهمة العسكرية الأمريكية لـ«حماية» حقول النفط السورية شرق الفرات، وحشد حوالي 800 جندي لهذا الغرض، علاوة على مائتي جندي آخرين في قاعدة التنف العسكرية القريبة.
ما يدفعنا للوصول إلى هذا الاستنتاج الذي يأتي عكس معظم التوقعات التي كانت تقدم معركة إدلب على معركة شرق الفرات عدة أمور أساسية:
الأول: التصريحات التي أدلى بها سيرغي شيرفنين، نائب وزير الخارجية الروسي، وقال فيها «إن بلاده لن تتعاون مع الولايات المتحدة بشأن مسألة النفط السوري لأنه ثروة للشعب السوري من حقّه التصرف بها وإدارتها»، وتوقيت هذا التصريح على درجة كبيرة من الأهمية ويتضمن رسالة دعم قوية للقيادة السورية.
الثاني: تصريحات الرئيس ترامب الاستفزازية التي تحدث فيها عن حق بلاده في التصرف بهذه الثروة، وأخذ جزء منها، وإعطاء جزء آخر للأكراد، وفتح المنطقة للشركات النفطية الأمريكية والكبرى لإدارة الحقول الموجودة، والتنقيب عن حقول غاز ونفط أخرى، لزيادة الإنتاج والعوائد بالتالي.
الثالث: تصريحات الرئيس بشار الأسد التي وردت في مقابلته مع قناة «الإخبارية» المحلية، التي أظهر فيها تصميما واضحا على عزمه والجيش العربي السوري استعادة هذه المنطقة للسيادة السورية بصورة مباشرة، أو غير مباشرة، صحيح أنه اعترف بأن الولايات المتحدة دولة عظمى ليس بمقدور سوريا مواجهتها في ظل الظروف الحالية، ولكنه ألمح إلى وسائل وطرق أخرى، قد تكون حرب عصابات على غرار تِلك التي استهدفت القوات الأمريكية في العراق، وأجبرتها على الانسحاب تقليصا للخسائر البشرية التي وصلت إلى مقتل خمسة آلاف جندي أمريكي وإصابة ثلاثين ألفا، والأجهزة الأمنية السورية تملك خبرة متميزة في هذا الصدد.
الرابع: من غير المستبعد أن تكون القوات الأمريكية شرق الفرات هي أحد أهداف، إن لم تكن الهدف الرئيسي، لأي أعمال انتقامية ثأرية لتنظيم «داعش» بعد نجاح القوات الأمريكية الخاصة باغتيال زعيمه أبو بكر البغدادي، فالبيانات التي صدرت عن التنظيم تلمح إلى هذه المسألة.
استيلاء القوات الأمريكية على مناطق النفط والغاز السورية يشكل أبشع أنواع البلطجة والابتزاز ويعكس عقلية زعماء «المافيا»، وليس زعماء دولة تدعي أنها تقود العالم الحر، وتلقي علينا محاضرات في الديمقراطية واحترام القوانين وحقوق الإنسان.
احتلال أمريكا لآبار النفط والغاز السورية، وسرقة عوائدها، بمعدل مليون دولار يوميا، هو مقدمة، أو «بروفة» لاحتلال آبار نفط عراقية وسعودية وليبية وخليجية في المستقبل القريب تحت أعذار عديدة، ربما يكون على رأسها تطبيق قانون «جاستا» لدفع تعويضات لأهالي ضحايا هجمات شتنبر عام 2001.
نحن على ثقة بأن الدولة السورية التي حررت أكثر من 80 بالمائة من أراضيها، واستعاد جيشها العربي حقل الرميلان في الحسكة، ستستعيد هذه الثروة النفطية كلها إلى سيادتها الوطنية، وقد تكون دير الزور هي إحدى أبرز الضربات لطموحات ترامب بالفوز بالانتخابات الرئاسية لدورة ثانية، هذا إذا بقي في البيت الأبيض إلى حينها..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى