شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

معارضة من أجل المعارضة

خلال جلسة الأسئلة الشفوية التي عقدها مجلس النواب، أول أمس الاثنين، انسحبت فرق المعارضة من الجلسة، وذلك بعد حصة من الصراخ احتجاجا على ما أسمته منعها من الكلام داخل المؤسسة التشريعية، قبل أن تعود هذه الفرق لمواصلة أشغال الجلسة التي توقفت حوالي ساعة من الزمن.

ما يعيشه مجلسا البرلمان، خلال هذه الولاية، يؤكد تراجع مستوى النخب البرلمانية التي تُمارس التشريع والرقابة على الحكومة، وأصبحت المعارضة تُمارس من أجل المعارضة فقط، بالصراخ والمزايدات الفارغة عوض ممارسة النقد البناء وتقديم الأفكار والمقترحات الوجيهة لكي تحرج بها الحكومة وأغلبيتها أمام المواطنين.

ومن بين الانتقادات الموجهة لفرق المعارضة، أنها غير قادرة على ممارسة دورها الدستوري في مراقبة العمل الحكومي، وخير دليل على ذلك مستوى النقاش الذي يروج تحت قبة البرلمان، وهذا طبيعي، لأن الأحزاب السياسية أصبحت عاجزة عن إنتاج نخب وأطر في المستوى، وأصبحت تراهن على “أصحاب الشكارة” لضمان حصتها من المقاعد البرلمانية، وهذا في حد ذاته يشكل تهديدا حقيقيا بإفلاس الحياة السياسية وتدني مستوى الوعي السياسي لدى النخب الحزبية التي تسهر على تدبير وتسيير الشأن العام من خلال المناصب الانتخابية.

ويتضح من خلال مقتضيات الدستور المغربي الجديد، أن المعارضة البرلمانية تتمتع بوضعية دستورية متميزة، حيث بإمكانها بقوة الدستور أن تشارك في التشريع كما في الرقابة على العمل الحكومي، وهذا الأمر فيه رفع للحيف والتهميش الذي كان يمس المعارضة في ظل الدساتير السابقة، فالوسائل والآليات التي كان منصوصا عليها في الدساتير السابقة، لم تكن لتمكن المعارضة من القيام بمهامها.

ويضمن الدستور بصفة خاصة للمعارضة مجموعة من الحقوق، أهمها حرية الرأي والتعبير والاجتماع، وحيزا زمنيا في وسائل الإعلام العمومية يتناسب مع تمثيليتها، والاستفادة من التمويل العمومي وفق مقتضيات القانون، والمشاركة الفعلية في مسطرة التشريع، سيما عن طريق تسجيل مقترحات قوانين بجدول أعمال مجلسي البرلمان، والمشاركة الفعلية في مراقبة العمل الحكومي، خاصة عن طريق ملتمس الرقابة، ومساءلة الحكومة، والأسئلة الشفوية الموجهة للحكومة، واللجان النيابية لتقصي الحقائق، والمساهمة في اقتراح المترشحين وانتخاب أعضاء المحكمة الدستورية، وتمثيلية ملائمة في الأنشطة الداخلية لمجلسي البرلمان، ورئاسة اللجنة المكلفة بالتشريع بمجلس النواب، والمساهمة في الدبلوماسية البرلمانية، وغيرها من الحقوق.

لكن المثير للاستغراب، وأمام كل هذه الحقوق والصلاحيات الدستورية، هو أن المعارضة لم تقدر حتى على وضع مقترح قانون تنظيمي يحدد كيفية ممارسة الحقوق التي منحها لها الدستور بموجب الفصل العاشر، وكأنها تنتظر من الحكومة أن تضع قانونا يحدد للمعارضة كيف تُمارس صلاحياتها في المعارضة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى