حسن البصري
قبل المونديال يعز اللاعب أو يهان، قبل العرس النهائي تشرئب الرؤوس للائحة النهائية التي ستنال رضى الناخب الوطني، قبل السفر إلى حيث يجثم كأس العالم، ستسقط أسماء من لائحة المدرب، سيحرم نجوم من حضور أكبر تجمع كروي في الكون.
حين يرفض المدرب جميع محاولات التسوية مع لاعب رأسه مطلوب حيا أو ميتا، سيفتح جبهة ثانية، لأن جنود نجوم الكرة لا يسلمون أسلحتهم عند الهزيمة، ولا يخلفون الوعد مع القطيعة، حينها سيلملم الصحافيون ذخيرتهم ويسكبون على القضية ما تبقى في مخزونهم من مداد، وسيصقل المدرب لسانه تحسبا لأي هزيمة.
تحول حكيم زياش إلى مطلب شعبي، وحين عين وليد الركراكي مدربا للمنتخب المغربي، حمل معه تباشير عودة اللاعب المتمرد إلى معسكر «الأسود»، وأغلق جبهة الخلاف، وبعد مباراتين تبين أن الفتى المدلل لا يملك عصا سحرية، وأنه لا يمت بصلة بماجد نجم المباريات الكارتونية.
اليوم الجميع يطالبون بعودة حمد الله إلى صفوف المنتخب الوطني، بل إن المساندين لزياش أعلنوا انضمامهم إلى جبهة المطالبة بالصفح عن عبد الرزاق حمد الله، ومنحه فرصة المثول أمام الجمهور في مونديال قطر، حتى لا نضيع الوقت في صياغة بيانات الاحتجاج.
كلما أهدر لاعب فرصة تراقص أمام أعيننا طيف حمد الله، فوددنا لو أن رزق الله، رئيس ودادية المدربين، يوجه ملتمسا إلى الناخب وليد، يذكره بقولة الحسن الثاني: «إن الوطن غفور رحيم».
قال الناخب الوطني إنه قد وضع اسم يوسف النصيري في اللائحة الرسمية للمنتخب المغربي، وقام بترسيمه قبل كل اللاعبين، ردا على المشككين، فليفرح يوسف بهذا الحجز المبكر لتذكرة الحضور في نهائيات كأس العالم.
تاريخيا، كلما اقترب موعد المونديال ذرفت عشيرة الكرة دموعها على لاعبين سقطوا من لائحة المنتخب يقضون أيامهم بين الحزن والخزي، وحين يعود المنتخب مكسور الوجدان، يصبح الاختيار الأخير سرا من أسرار النكبة.
قبل أن تقلع طائرة المنتخب المغربي إلى المكسيك للمشاركة في كأس العالم سنة 1970، خضع اللاعبون لآخر معسكر تدريبي في مدينة إفران، في ختامه أعلن المدرب اليوغوسلافي فيدنيك عن لائحته النهائية، سقط مدافع الوداد عبد العزيز أنيني والرايس وآخرون أمام استغراب الجميع، وحل اللاعب أحمد دحان، ابن سيدي قاسم، بتوصية من أحمد الدليمي، رغم أنه لم يلعب ولو دقيقة واحدة طيلة أيام المونديال.
وقبل أن يشد المنتخب المغربي الرحال إلى المكسيك للمشاركة في كأس العالم سنة 1986، سقط من لائحة المدرب فاريا لاعبان شاركا في التصفيات والتربصات، وهما الفاضلي والعثماني، وحين تأهل المنتخب الوطني إلى الدور الثاني، ابتلع الناس غضبتهم ورددوا: «وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم».
لكل مونديال ضحاياه، نذكر كيف أسقط الناخب الوطني بليندة من لائحة مونديال أمريكا 1994، مجموعة من اللاعبين الذين رافقوه في رحلة البحث عن تذكرة العبور، كالغريسي وفرتوت، ثم أبرامي، هذا الأخير عاش حالة اكتئاب قصوى، وظل يقضي ساعات طوال في شاطئ عين الذئاب وهو يسأل موج البحر وفيروز الشطآن.
وقبل السفر إلى فرنسا للمشاركة في نهائيات كأس العالم 1998، ركب المدرب الفرنسي هنري ميشيل رأسه، وأسقط بجرة قلم اللاعب رغيب وحارس المرمى العراقي، تاركا للصحافة مادة لزجة قابلة للاشتعال الإعلامي، ولأن أداء الفريق الوطني كان مقبولا، فقد طرد المغبونون غمهم واصطفوا في جنبات الطريق، لتحية منتخب خرج مبكرا من المونديال.
لم يسلم هيرفي رونار من سياط الصحافة، حين أبعد فتى الرجاء بدر من لائحة كأس العالم روسيا 2018، لكنه امتلك مناعة كافية ضد غارات استهدفت حياته الخاصة، وحين انقطع حبل الود بين المنتخب ورونار، ضرب منتقدوه كفا بكف وطلبوا منه الصفح.