علم لدى مصادر جيدة الاطلاع أن ملف المخدرات الشهير الذي يتابع فيه موظفون ومسؤولون كبار في الدرك الملكي، بينهم خمسة كولونيلات، يقترب من ساعة الحسم، بعد استنطاق المحكمة، أخيرا، لحوالي 90 في المئة من المتهمين، والاستماع إلى الدفوعات الشكلية التي تقدم بها دفاع المتهمين في هذا الملف المثير للجدل.
وأفادت مصادر «الأخبار» بأن الطلب المشترك في مرافعات هيئة دفاع مسؤولي الدرك المتهمين هو استدعاء ثلاثة متهمين مدانين ابتدائيا بعقوبة سجنية تناهز 32 سنة في ملف مرتبط له علاقة بالاتجار الدولي للمخدرات ويتابع فيه 46 شخصا، منهم 24 متهما موزعين على عمداء بسلك الأمن والداخلية وإدارة السجون والجمارك، سبق لغرفة جرائم الأموال الابتدائية أن أدانتهم بحوالي 176 سنة سجنا نافذا، في انتظار البت النهائي في الملف استئنافيا.
وطالب ملتمس هيئة الدفاع بإحضار بارون مدان بعشر سنوات سجنا نافذا كشاهد، رفقة شخصين آخرين كمصرحين ويعتبران متهمين رئيسيين في ملف التهريب الدولي للمخدرات الذي جر حوالي 60 مسؤولا للدرك، أحدهما مدان بعشر سنوات والآخر يقضي عقوبة تناهز 12 سنة سجنا نافذا وهي أقصى عقوبة تم النطق بها في ملف الأمن والدرك المتداول حاليا أمام القضاء.
وينتظر أن تبت المحكمة في قبول أو رفض الملتمس خلال الجلسة القادمة، وفي الحالتين معا تؤكد مصادر «الأخبار» يضع كبار المسؤولين المتابعين في هذا الملف رفقة مرؤوسين لهم بالقيادات الجهوية والسرايا التي تحملوا فيها المسؤولية بمناطق الشمال والجنوب أيديهم على قلوبهم، بالنظر للتصريحات السابقة الخطيرة التي سبق أن أدلى بها الشاهد خلال المرحلة الابتدائية، والتي كانت الجريدة قد تابعت كل تفاصيلها خلال جلسة مثيرة حبست معها أنفاس الحاضرين في القاعة.
المتهم المطلوب بإلحاح من طرف هيئة الدفاع للإدلاء بشهادته والمدعو (م. م) سبق أن أدين بـ 10 سنوات سجنا من طرف القضاء في أكادير، ثم تم استقدامه إلى جرائم الأموال بالرباط على خلفية ملف المخدرات الذي يتابع فيه الأمنيون ورجال الدرك، حيث أدين مجددا بعشر سنوات سجنا نافذا، وكان قد فجر حقائق خطيرة في جلسة سابقة، عندما اعترف بأنه هرب لوحده عبر شاحنات ومقطورات كان مكلفا بقيادتها ما يناهز حوالي 423 طنا من المخدرات إلى أوروبا ودخل التراب الإسباني آمنا بشاحنات الشيرا 18 مرة، مسهبا في تقديم تفاصيل جد خطيرة حول الترتيبات التي كانت تسبق شحن ونقل شحنات المخدرات من ضيعات بأكادير إلى الشمال وأوروبا بحضور مسؤولين ذكرهم بالاسم، وهي التصريحات التي صنفها محامون، آنذاك، بأنها تدخل في إطار مناورة تروم ابتزاز المسؤولين والبارونات .
أما بخصوص المتهمين المدانين في الملف نفسه بـ 22 سنة، المطلوبين من طرف هيئة الدفاع للإدلاء بشهادتهما في ملف كولونيلات ومسؤولي الدرك، فقد سبق أن أنكرا جملة وتفصيلا معرفتهما وعلاقتهما من أي موقع بمسؤولي الدرك والأمن المتابعين في هذه القضية، ولم يسبق التعامل معهم أو إرشاؤهم.
وتتابع المحكمة في هذا الملف حوالي 26 دركيا بينهم مسؤولون كبار برتبة ضباط سامين، وكومندار وأجودان ورتب أخرى عادية، وقد تمت إدانتهم ابتدائيا بأحكام بلغت في مجموعها حوالي 62 سنة سجنا نافذا، وتراوحت بين البراءة وخمس سنوات سجنا نافذا، حيث وزعت الهيئة 12 سنة على أربعة ضباط كبار برتبة «كولونيل» و«كولونيل ماجور»، فيما برأت كولونيل خامسا من التهم المنسوبة إليه ومتعته بالبراءة. وعرف هذا الملف هو الآخر تأجيلات كثيرة في الآونة الأخيرة بسبب تداعيات الوضعية الوبائية وغياب الضباط ورجال الدرك الذين قضوا عقوباتهم السجنية، ويتابعون في حالة سراح، حيث لم يتبق في وضعية اعتقال سوى كولونيل مدان بخمس سنوات، وينتظر أن تستكمل الهيئة القضائية، خلال الجلسة المقررة الأسبوع المقبل، باقي الاستنطاقات والدفوعات الشكلية، في انتظار الشروع في المناقشة التفصيلية التي يرتقب أن تشهد مواجهات وتطورات حارقة، حسب مصادر «الأخبار».