شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

مضيق واحد.. ثلاث دول

يونس جنوحي

كل صحف العالم كتبت عن استضافة المغرب، وإسبانيا والبرتغال، لنسخة كأس العالم لكرة القدم لسنة 2030.

ولم تكد بعض الصحف المعادية للمغرب تتعافى من تداعيات خبر استضافة المغرب لنسخة كأس أمم إفريقيا لكرة القدم للعام 2025، حتى نزل عليها خبر استضافة نسخة المونديال، في ذكراه المائوية، بكل ما تحمله من رمزية للعالم أجمع، كالصاعقة.

الصحافة الفرنسية نقلت خبر الحسم في استضافة كأس العالم لسنة 2030 بكثير من الحذر، وبدا وكأن بعض محرري الأخبار يمشون بأصابعهم فوق حقل للألغام، وليس فوق لوحة مفاتيح لصياغة خبر انتشر في كل المنابر العالمية خلال دقائق معدودة.

ماذا يعني أن يستضيف المغرب مباريات المونديال؟

هذا يعني أن البلد يتحول إلى القبلة السياحية الأولى في العالم. وأن الدول التي لا تتقاطع دوائرها سياسيا واقتصاديا مع المغرب، حتى لو كانت في الثلث الخالي من الكرة الأرضية، سوف تتعرف على البلاد لأول مرة.

الترويج للثقافة المغربية بدأ سنوات قبل الترشح لنسخة كأس العالم مع إسبانيا والبرتغال، ولهذا السبب بالذات سوف يكون الترويج للبلاد سنة 2030 تلقائيا.

اعتبار المغرب وجهة سياحية مفضلة، جاء قبل المنافسات الرياضية. إذ إن الموقع الجغرافي للمغرب، ظل لقرون طويلة مصدر جذب نحو البلاد وليس العكس.

يمكن أيضا استثمار الإرث التاريخي بين المغرب وإسبانيا والبرتغال، والذي يعود إلى أزيد من خمسة قرون من العلاقات الدبلوماسية، التي تخللتها الحروب الطاحنة بطبيعة الحال، وتوظيفه في الدعاية السياحية لحضور المباريات والتنقل بين الدول الثلاث.

هناك رحلات جوية يومية بين المغرب وإسبانيا والبرتغال، وهناك أيضا خطوط بحرية لا تهدأ، ويمكن تعزيزها لتغطي الطلب الذي سوف يتزايد لحضور المباريات.

بعض المدن المغربية، مثل الجديدة والصويرة وآسفي، تشبه كثيرا المدن القديمة في البرتغال، ولا يمكن التفريق بين بعض بناياتها إلا بصعوبة، خصوصا بعد حملات الترميم التي أطلقت أخيرا في المغرب لتأهيل وترميم المدن العتيقة.

أما في إسبانيا، فإن جل المدن التي تحظى فيها كرة القدم بشعبية كبيرة وتتوفر على ملاعب بمعايير دولية، تتوفر أيضا على بنايات تاريخية تعود إلى فترة انتشار الإسلام في إسبانيا. وهكذا فإن توظيف إسبانيا لتاريخها لجذب السياحة خلال مباريات المونديال، سوف يكون المغرب حاضرا فيه وبقوة.

تجربة كأس العالم التي حُسم في استضافة المغرب وإسبانيا والبرتغال لها، سوف تكون استثنائية جدا، إذ إن متابعي كرة القدم سوف يكونون لأول مرة أمام حدث رياضي يجمعه مضيق جبل طارق.

هذا المضيق الذي كان على مر الزمن، وقبل مئات السنين، بوابة ينتقل فيها المسافر من أوروبا إلى إفريقيا، ويعود في رمشة عين قرونا إلى الوراء مودعا «حضارة» أوروبا، لكي يعانق القرون الوسطى التي كانت لا تزال تخيم على أجواء إفريقيا كلها.

أما اليوم، فعبور مضيق جبل طارق، يفتح أعين الزوار على ضفة مغربية يجمعها مع إسبانيا والبرتغال أكثر مما يجمعها مع دول أخرى في المنطقة.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى