مصير مشترك
لا يتردد عاقل في القول إن العلاقات المغربية- الموريتانية ظلت تعاني من أعطاب مزمنة جعلتها لا ترتقي لمتطلبات القرب الجغرافي والامتداد التاريخي ورهانات المصير المشترك. وما يزيد أو ينقص من درجة حرارة العلاقة بين الرباط ونواكشوط هي حصى الانفصال التي زرعها النظام العسكري الجزائري في حذاء المغرب، حيث حرصت موريتانيا على أن تلتزم الحياد السلبي ما أمكن في موضوع قد لا يهدد وحدتها الترابية لكن، بلا أدنى شك، سيهدد أمنها القومي بوجود حركة متمردة حاملة للسلاح مستعدة لفعل أي شيء لزعزعة الاستقرار بالمنطقة، ونستحضر هنا أزمة معبر الكركرات التي كادت أن تصيب الاقتصاد الموريتاني بخسائر كبيرة لولا تدخل القوات المسلحة الملكية لإعادة الأمور إلى نصابها في أقل من 24 ساعة.
ومما لا ريب فيه أن صناع الديبلوماسية في المغرب يدركون جيدا أن نواكشوط توجد في موقع المحرج، بحكم الترابط الجغرافي بين بلدنا والجزائر فهي مثل ذلك الشخص الذي يوجد بين المطرقة والسندان، لكن المبادئ الدولية تفرض على موريتانيا أن تكون في جانب قيم السيادة الوطنية للدول ومع عدم المس بوحدتها، ومع حسن الجوار، وهذا هو المعنى الحقيقي للحياد الإيجابي والتعاضد الصادق الذي يطالب به المغرب كل الدول العربية لا سيما دول المغرب الكبير.
إن هذا التردد في بناء علاقات استراتيجية حقيقية تترجم على أرض الواقع، هو ما جعل نسبة التبادل التجاري بين البلدين لا تتجاوز 220 مليون دولار سنويا، وهو ما يبين ضعف التبادل التجاري المغربي- الموريتاني، لذلك فإن هاته العلاقات تحتاج إلى دفعة أكبر وأعمق، واليوم، بمناسبة الزيارة الرسمية التي قام بها الوزير الأول الموريتاني لبلدنا في إطار اللجنة العليا المشتركة، فإن الدولتين معا مطالبتان بتعميق علاقاتهما الديبلوماسية والاقتصادية والتجارية، للوصول إلى معدلات تبادل أعلى مما هو عليه الحال، وبمقدورهما القيام بالكثير من أجل تعظيم نتائج علاقاتهما الاستراتيجية، طالما أن مسار علاقاتهما السياسية مدعوم برصيد تاريخي وديني من علاقات الأخوة والتعاون المشترك.
ولنتذكر الرسالة التي وجهها الملك محمد السادس إلى الرئيس الموريتاني «محمد ولد الشيخ الغزواني»، في نونبر من السنة الماضية، حيث أكد فيها حرصه القوي على مواصلة العمل سويا من أجل المضي قدما في ترسيخ علاقات التضامن الفاعل والتعاون البناء بين بلدينا الجارين، وتوسيع آفاقها بما يخدم مصلحتهما المشتركة. والأكيد فقد شكلت مضامين الرسالة ورمزية بعثها بمناسبة استقلال موريتانيا بالغ الأهمية إشارة قوية لما يمكن أن يحققه البلدان من إنجازات في مجال التكامل والتعاون والنماء والأمن المشترك.