مصطفى بلقايد بطل سباق الدراجات الذي فاز بقلب الفنانة نعيمة سميح
ولدت نعيمة سميح سنة 1953 بدرب بوشنتوف في الدار البيضاء، وتزامن ميلادها مع الاحتقان الشعبي الذي تلا نفي السلطان محمد بن يوسف. حرص والدها أحمد سميح على تعليمها في «المسيد» قبل الالتحاق بالتعليم العمومي، وعرف عنها تألقها في تجويد القرآن الكريم، حيث سطع نجمها مجودة في المدرسة.
توقفت مسيرة نعيمة الدراسية عند عتبة السلك الثانوي، فقررت تغيير الوجهة صوب التكوين المهني بالتحاقها سنة 1966 بالمدرسة الوطنية للحلاقة، ما مكنها من الاشتغال لفترة طويلة في صالون «الكواكب» بدرب السلطان بالبيضاء، قبل أن تمتلك صالونا.. لكن تيار الفن ما لبث أن غير مسارها من الحلاقة والتجميل إلى الغناء والطرب، بالرغم من المعارضة الشديدة لوالدها «السي أحمد» الذي اكتشف أن ابنته نعيمة تشارك في المسابقات الغنائية المنظمة من طرف الإذاعة الوطنية في بداية السبعينات سرا وضدا على تقاليد الأسرة المحافظة ذات الأصول الأمازيغية، قبل أن تنكشف مواهبها من خلال «خميس الحظ» ثم برنامج «مواهب»، لتتربع على عرش الغناء بالفطرة والموهبة دون تكوين موسيقي.
تعرفت نعيمة سميح في درب السلطان، خلال بداية السبعينات، على مصطفى بلقايد، البطل المغربي في رياضة سباق الدراجات، والذي خطف قلبها وتحول إلى راع رسمي لها في بداية عهدها بالغناء. وكان من ثمرة هذا الارتباط ابن يدعى «شمس» أطل على فضاء الفن ثم اختفى.
كان بلقايد واحدا من نجوم الدراجة المغربية إلى جانب الكورش ولشهب، بل إن نعيمة زادت إعجابا به حين تمكن من خطف الأضواء في التظاهرات الرياضية، خاصة طوافات المغرب. وحين اعتزل اللعبة تحول إلى متعهد لحفلات زوجته، كما ساهم في تنظيم مجموعة من التظاهرات الرياضية لفائدة الجالية المغربية في المهجر، بحكم شبكة علاقاته مع المجتمع الرياضي، فضلا عن تنظيم حفلات كبرى لزوجته نعيمة في كثير من الدول العربية والأوربية.
اختار ابن درب السلطان، بعد اعتزاله، الاستقرار بمدينة ابن سليمان، وتحول إلى سند قوي لزوجته في محنتها الصحية، إذ رافقها في كثير من رحلات العلاج خارج الوطن، لاسيما حين يتعلق الأمر بقضاء فترة علاج طويلة في مستشفيات باريس، إذ كانت نعيمة تعاني من فقر في الدم، بل إن أداءها لمجموعة من الأغاني تم في ظل فترات نقاهة.
يقول محمود الإدريسي إنه وجد صعوبات في إقناع سميح بأداء أغنية «شكون يعمر هاذ الدار؟» لأنها كانت تمر في تلك الفترة بأزمة صحية قاسية أبعدتها عن الساحة الفنية. وكانت أشهر أغانيها «ياك أجرحي» قد أعدت خصيصا لفنانة أخرى، قبل أن تصبح من نصيب نعيمة التي أدتها سنة 1975. ومباشرة بعد تسجيل الأغنية أصيبت بمرض فقر الدم ودخلت المستشفى، فتزامنت فترة مرضها مع بث الأغنية على الأثير، فاعتقد المغاربة أنها ترجمة لمعاناة سميح مع المرض. ولم تتوقف رحلاتها العلاجية إلى فرنسا، وكانت أقساها في أبريل 2006 حيث قضت فترة علاج طويلة في مصحات باريس برفقة بلقايد.
قررت نعيمة سميح اعتزال الغناء في أكثر من مناسبة، إلا أنها تعود إلى الطرب بناء على إلحاح من محيطها، فتخلف وعد الاعتزال الذي قررته مرارا وهي على فراش المرض، خاصة فترة علاجها في باريس بعد عدة أزمات صحية ونفسية، كما انتابتها رغبة القطع مع الطرب، إلا أن هذه الرغبة ظلت تظهر وتختفي في حياة الفنانة المغربية التي زارت الديار المقدسة وقامت بعمرة سنة 2007، ما جعلها تفكر بجدية في التقاعد الفني، لاسيما وأنها حققت أمنيتها حين بدت سعيدة بزواج ابنها «شمس». ولا تتردد نعيمة في العودة إلى بدايتها مجودة للقرآن الكريم، بل شوهدت في أكثر من مناسبة وهي تضع الحجاب على رأسها، في إشارة إلى اعتزال غير مصرح به.
ومن المواقف الطريفة التي رواها الملحن أحمد العلوي، أنه خلال لقاء جمعه بالفنانة نعيمة سميح وزوجها وبعض الملحنين، في بيت مصطفى القادري، شرع يردد مقطعا من أغنية «أمري لله» على مسامع الحاضرين، فانهمرت دموع نعيمة، حينها تدخل بلقايد وثار في وجه العلوي قائلا: «مادام بكيتي لمرا خصك تلحنها ليها صحة»، وهو ما حصل.