محمد اليوبي
في سابقة من نوعها، أصدرت غرفة جرائم غسل الأموال التي تم إحداثها مؤخرا بالمحكمة الابتدائية بفاس، حكما يقضي بمصادرة ممتلكات برلماني سابق، وكذلك الممتلكات المسجلة باسم زوجته وابنته، كما قضت المحكمة في الملف نفسه بمصادرة ممتلكات مستشار جماعي، كان يشغل منصب نائب العمدة الأسبق لمدينة فاس، حميد شباط، وذلك على خلفية تورطهما في اختلاس وتبديد أموال عمومية.
وحسب منطوق الحكم، فقد قررت الغرفة المتخصصة في جرائم غسل الأموال الحكم على البرلماني السابق عن إقليم تاونات، بوعزة الركبي بالحبس النافذ لمدة سنة واحدة، وغرامة نافذة قدرها 50 ألف درهم، كما حكمت على زوجته «ح.خ» وابنته «م.ر» بالحبس موقوف التنفيذ لمدة سنة واحدة، وغرامة نافذة قدرها 20 ألف درهم، والحكم على المستشار الجماعي السابق، حميد شهبار، بالحبس النافذ لمدة سنة واحدة، وغرامة نافذة قدرها 50 ألف درهم، وقضت المحكمة بمصادرة جميع الممتلكات العقارية والمنقولة والحسابات البنكية المملوكة للمتهمين والمكتسبة بعد تاريخ 03 ماي 2007، لفائدة الدولة المغربية، وبرفع العقل والحجز عن الممتلكات العقارية والمنقولة والمكتسبة قبل هذا التاريخ ، ما لم تكن محجوزة لسبب آخر مع تحميل المتهمين الصائر تضامنا والإجبار في الأدنى.
وتمت إحالة ملف المتهمين على غرفة جرائم غسل الأموال، بعد تسجيل وجود شبهة تبييض الأموال العمومية المتحصل عليها، والتي أصدرت بشأنها غرفة الجنايات الاستئنافية المختصة في جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بفاس، أحكاما بالسجن النافذ في حق 15 متهما في ملف تصاميم البناء المزورة المعروفة بـ «بلانات الشينوا»، ضمنهم البرلماني السابق، والمستشار الاستقلالي السابق، ومنعشون عقاريون ومهندسون معماريون، وكانت «الأخبار» قد فجرت هذا الملف قبل ست سنوات بنشر معطيات صادمة معززة بالوثائق حول تزوير تصاميم البناء.
وخفضت محكمة الاستئناف العقوبة الحبسية المحكوم بها على النائب البرلماني السابق بوعزة الركبي الذي كان يشغل منصب النائب السادس للعمدة الأسبق حميد شباط، من ثلاث سنوات إلى سنتين حبسا نافذا، وخفضت المحكمة العقوبة الحبسية المحكوم بها على حميد شهبار، الذي شغل منصب النائب الثالث لشباط، من ثلاث سنوات إلى سنتين حبسا نافذا، كما خفضت الحكم من سنة إلى ثمانية أشهر حبسا نافذا في حق 10 متهمين، وإلى ستة أشهر حبسا نافذا بالنسبة لثلاثة متهمين، مع إبقاء المقتضيات الأخرى على حالها وعلى المحكوم عليهم الصائر تضامنا والإجبار في الأدنى باستثناء أربعة متهمين.
وتوبع المتهمون في هذا الملف، ضمنهم مهندسون ومقاولون، من أجل «اختلاس وتبديد أموال عامة والتزوير في محررات رسمية وإدارية والارتشاء والغدر»، بالنسبة لنائبي العمدة السابق، و«المشاركة في اختلاس وتبديد أموال عامة والتزوير في محررات إدارية واستعمالها»، بالنسبة لخمسة مهندسين معماريين، و«المشاركة في اختلاس وتبديد أموال عامة والمشاركة في تزوير وثائق رسمية وإدارية وجنحة الإرشاء»، بالنسبة لثمانية منعشين عقاريين.
وكان نائب الوكيل العام للملك المكلف بجرائم الأموال قد استمع لأزيد من 20 متهما في هذا الملف المثير، وقرر متابعة 15 منهم في حالة سراح، مقابل كفالة مالية تتراوح ما بين 5 آلاف درهم و10 ملايين سنتيم، ومن ضمن المتهمين نائبا عمدة فاس الأسبق، حميد شباط، المكلفان بالتعمير، بالإضافة إلى منعشين عقاريين الذي استعملوا تصاميم البناء المزورة، وكذلك مهندسين معماريين، كما مثل أمام الوكيل العام وقاضي التحقيق موظفون ومهندسون وتقنيون بالوكالة الحضرية، وكذلك موظفون بجماعة فاس لهم علاقة بقطاع التعمير.
وتفجر هذا الملف بعد ضبط حوالي 2500 ترخيص للبناء مزور، وكانت هذه التصاميم معروفة وسط المنعشين العقاريين وكبار المجزئيين (أصحاب التجزئات) بـ«بلانات الشينوا»، وهي تصاميم «مزورة» يتم تعديلها وتكون مخالفة للتصاميم الأولى الأصلية المصادق عليها، ويتم الحصول عليها بعد عملية البناء التي تكون مخالفة للتصاميم الأصلية، من أجل استعمالها في استكمال إجراءات التحفيظ داخل المحافظة العقارية، والخطير في الأمر أنه تحمل نفس التواريخ والبيانات التي تخص التصاميم الأصلية، لكن بعد الحصول على الترخيص وفق التصميم الأصلي، يشرع المنعش في بناء المشروع، لكنه يدخل تعديلات وتغييرات مخالفة للتصميم المرخص به، إما بإضافة طوابق أو شقق أو تغيير المساحات، أو تحويل طوابق تحت أرضية من مرائب إلى شقق سكنية، وإحداث تغييرات في واجهات البنايات.