شوف تشوف

الرئيسيةملف الأسبوع

مشاهير دخلوا جُبّة الإسلام..أشهروا إسلامهم في مساجد المملكة

حسن البصري
كشفت دراسة لأحد المجالس الجهوية الإسلامية بفرنسا أن حوالي ألف فرنسي مسيحي يعتنقون الديانة الإسلامية سنويا، «ويقصدون المساجد من أجل النطق بالشهادتين وتسلم شهادات اعتناق الإسلام، نتيجة اطلاع مسبق على تعاليمه أو بنية عقد القران مع مسلمات»، مشيرة إلى أن أغلب من تسلموا شهادات اعتناق الإسلام من الفرنسيين يسعون إلى تسهيل زواجهم من مسلمات.

لكن ليس الزواج من مسلمة هو الدافع الرئيسي لاعتناق الدين الإسلامي، فكثير من معتنقي الدين الحنيف كان منطلقهم «الدين عند الله الإسلام»، وفي كثير من قصص المسلمين الوافدين الجدد شهادات عن حياة جديدة، ترصد التحولات التي تلازم المسلمين حديثي اعتناق الإسلام بعد أن عاشوا في كنف ديانات وملل أخرى، سواء كانوا مشاهير من سياسيين أو رياضيين أو فنانين أو علماء أو مفكرين أو شخصيات عامة.

يهيمن موضوع معتنقي الإسلام على النقاشات الدائرة حول هذه العقيدة في كثير من الدول الأوروبية وحتى العربية، بل إن معاهد الدراسات الدينية تخصص حيزا كبيرا من انشغالاتها لهذا الموضوع، بإجراء العديد من المقابلات والمناقشات غير الرسمية مع الذين اختاروا الدخول طوعا إلى الإسلام، إلا أن السلطات الأمنية في أوروبا ما زالت تنظر للوافدين الجدد نظرة ريب وشك وقلق.

في شهر رمضان، يزداد الإقبال على اعتناق الدين الإسلامي، فكثير من الرجال والنساء من ديانات أخرى يدخلون إلى الإسلام في هذا الشهر الفضيل، سواء بنية الزواج أو برغبة في تجديد المعتقدات.

قصة اعتناق «هوفمان» سفير ألمانيا للإسلام
ولد ويلفريد هوفمان عام 1931 في أشافنبورغ، وهي بلدة كبيرة في شمال غرب بافاريا، نشأ داخل عائلة كاثوليكية. اشتغل هوفمان في وزارة الخارجية الألمانية من 1961 إلى 1994، وكان متخصصا في القضايا المتعلقة بالدفاع النووي، كما عمل مديرا للمعلومات في منظمة حلف شمال الأطلسي في بروكسيل في الفترة من 1983 إلى 1987، وسفيرا لبلاده لدى الجزائر من 1987 إلى 1990، ثم سفيرا في المغرب من 1990 إلى 1994.

في مقتبل عمره تعرض هوفمان لحادث مرور مروع، فقال له الجراح بعدما أنهى إسعافه: «إن مثل هذا الحادث لا ينجو منه في الواقع أحد، وإن الله يدخر لك يا عزيزي شيئا خاصا جدا»، وحين اعتنق الإسلام سنة 1980، استحضر هذه الواقعة، إلا أن وزارة الخارجية لم تقلص من مهامه، بل مكنته من مناصب سامية بالرغم من عاصفة من الجدل التي أثيرت بسبب اعتناقه الديانة الإسلامية.

حصل هوفمان على شهادة الدكتوراه في القانون من جامعة هارفارد، وتزوج من سيدة تركية، بل إنه كان يقيم قبل وفاته في تركيا. قال هوفمان، الذي أصبح اسمه الشخصي مراد وهو يتذكر أولى خيوط التعبئة الروحية: «في اختبار القبول بوزارة الخارجية الألمانية، كان على كل متقدم أن يلقي محاضرة لمدة لا تتجاوز خمس دقائق في موضوع يتعلق بدولة مستعمرة، فوقع الاختيار بالصدفة على الجزائر، وكان مصدر دهشتي هو تعييني للعمل في سفارة ألمانيا بالجزائر من 1961 إلى 1962، وكانت فيها البلاد تحت نيران المقاومة، عايشت فترة حرب استمرت ثلاث سنوات بين قوات الاحتلال الفرنسي وجبهة التحرير الوطني الجزائرية، وانضم أثناء فترة وجودي هناك طرف ثالث هو «منظمة الجيش السري»، وهي منظمة إرهابية فرنسية، تضم مستوطنين وجنودا متمردين، كانوا يقتلون الجزائريين رميا بالرصاص على مؤخرة الرأس من مسافة قريبة، ولم يكن لذلك من سبب إلا أنهم مسلمون».

لكن الحدث العالق بذهن الدبلوماسي الألماني، هو إصابة زوجته بنزيف وهي في العاصمة الجزائرية والبلاد تحت قرار حظر التجول، تأخرت سيارة الإسعاف واستنجد بسائق جزائري لإيصاله إلى المستشفى، كان السائق الجزائري يسمع أنينها، فعرض أن يتبرع لها ببعض من دمه الذي هو من فصيلة دمها نفسها. «ها هو ذا المسلم يتبرع بدمه، في عز الحرب، لينقذ أجنبية على غير دينه».

كان مراد يفضل قضاء شهر رمضان في مكة كما كانت تستهويه مدينة فاس، وفيها انكب على كتابة بعض المؤلفات التي عرفت أعلى نسبة مبيعات، «يوميات مسلم ألماني»، و«الإسلام عام 2000»، و«الطريق إلى مكة»، وكتاب «الإسلام كبديل» الذي أحدث ضجة كبيرة في ألمانيا.

سيرجيو.. مدرب المغرب التطواني الذي ارتبط بتطوانية
عندما كان الإسباني سيرجيو لوبيرا يلمح إلى أنه عشق تطوان والمغرب ولن يقدر على الرحيل عنه، فإنه تجاوز الإعجاب بمدينة «الحمامة البيضاء» والسعادة التي يشعر بها وهو بين عائلة فريق المغرب التطواني لكرة القدم، إلى حد الافتتان بنظرة واحدة من فتاة مغربية تدعى هدى العيساتي، وهو ما دفعه إلى اعتناق الدين الإسلامي وعقد القران، حيث أصبح اسمه كما هو مثبت في الوثائق العدلية سراج لوبيرا، عوض سيرجيو لوبيرا.

سراج السعيد بالزواج على سنة الله ورسوله، أقام حفل زفافه على الشابة هدى بأحد فنادق مدينة تطوان، ودعا إليه كل أعضاء المكتب المسير ولاعبي ومؤطري نادي المغرب التطواني، وعائلته التي باركت الارتباط.

وحين نادت بعض الأصوات التطوانية بإنهاء التعاقد مع المدرب سيرجيو لوبيرا، بسبب انطلاقة خجولة للفريق التطواني في بداية الدوري الوطني الاحترافي، كان الإطار الإسباني يطالب بمهلة في المدينة كي يستمتع أكثر ببداية علاقة حب جارف مع ابنة مدينة تطوان، هدى العيساتي. تحسنت النتائج وزاد الارتباط بين هدى وسيرجيو، قبل أن يتحول الأمر إلى جد، بعدما طلب المدرب يدها، ووعد بإقامة حفل زفاف على الطريقة المغربية في فترة توقف البطولة الوطنية الاحترافية، وهو ما حصل في فضاء فندق اختلطت فيه موشحات الأعراس بشعارات الألتراس التطوانية بالمقاطع الأندلسية.

وكان سيرجيو لوبيرا قد اعتنق الإسلام، حيث أدلى لقسم قضاء الأسرة في المحكمة الإبتدائية بتطوان، بوثيقة اعتناقه الديانة الإسلامية مصادق عليها من طرف عدلين، كما اختار باستشارة مع زوجته هدى اسم «سراج». علما أن الزوجة تتقاسم مع زوجها عشق الرياضة، لكونها لاعبة دولية لكرة السلة، ومتابعة جيدة لمسار فريق المغرب التطواني، كما كان للزفاف شوط ثان في برشلونة، حيث أقيم حفل على الطريقة الإسبانية بالعاصمة الكتالونية.

حين تعاقد سراج المسلم الإسباني مع فريق هندي يدعى بومباي سيتي، رافقته زوجته إلى بلد الأساطير، وهناك كانت لقصة الحب فصولا أخرى.

عضو منظمة عالمية ..إسلام في «لايف»
تقول الكاتبة غادة شعبان، وهي تروي حكاية عاشتها عن قرب لحب جارف بين مغربية وفرنسي، إن الشابة المغربية، آسية حكم الله، اعتادت السفر لاكتشاف العالم والتعرف على الثقافات والحضارات، وكانت إحدى هذه الجولات إلى مصر، التي تعتبرها بلدها الثاني، لتكن شاهدة على مولد قصة حب آسية وزوجها الفرنسي لوكاس أوبرت، فقد جمعهما ملتقى علمي في منظمة عالمية للشباب تطور القدرات الريادية للطلاب، «صداقة شديدة قرابة عامين جمعت بينهما، كان خلالها تقرب وتودد لعائلتها حتى أصبح كأنه واحد منها، افتقاده للعائلة كون والده توفي وهو بمرحلة الطفولة، جعل قلبه يتعلق بعائلة آسية». قالت آسية: «في صيف 2017، عقب عودة كل واحد منا إلى بلده بدأ يراسلني للاطمئنان على أحوالي، أخبرني أنه سيأتي في زيارة إلى المغرب، وحينما حدثت والدتي عرضت مجيئه إلى منزلنا لتناول العشاء».

استمرت العلاقة بين آسية ولوكاس، قائمة على الصداقة ومرافقة بعضهما البعض خلال الرحلات والجولات السياحية، قرابة عامين، ووجوده الدائم في حياتها ووسط عائلتها، «تحدثنا عن الديانات قائلا إنه تدور بداخله تساؤلات مبهمة لا يجد إجابات عنها، ما جعله يريد معرفة بعض الأمور عن الديانة الإسلامية»، كما جاء في حوار لها مع صحيفة «الوطن» المصرية.

أهدت الفتاة المغربية الشاب الفرنسي المصحف الشريف، وبدأ باكتشاف الإسلام بذاته، «وجدني معتدلة في ديني، لم أدفعه إلى الإسلام أبدا، فقط أردت أن يكتشف عظمته بنفسه وتحدثت عن الجوانب الدينية والشعائر، دون الترهيب، حيث ديننا دين اليسر وليس العسر». اتفق الثنائي على إعلان لوكاس إسلامه في ليلة القدر، لأنه خير من ألف شهر، ليفاجئها هي وأسرتها بدخوله إلى الإسلام عبر «لايف».

قس سويدي يسلم داخل مسجد في المغرب
بعد طول تفكير قرر القس السويدي، ليف شتني، وهو في عامه الخامس والسبعين اعتناق الإسلام، فاجأ قراره الكنيسة بعدما ترك ديانته المسيحية التي كان يوصي بها على امتداد ثلاثين سنة قضاها في الكنيسة، كما قرر تغيير اسمه من ليف إلى أحمد، ومغادرة بلده الأم السويد والهجرة إلى المغرب للاستقرار به، عقب الجدل الذي رافق دخوله الإسلام.

ونظرا لأهمية الحدث فقد بث التلفزيون السويدي فيلما عن قصة القس شتني، حيث إن شابا مغربيا لاجئا كان سببا في اعتناقه الإسلام، بعدما رآه يصلي ويقرأ القرآن الكريم. ويكشف أحمد في اعترافاته عن تواصله مع اللاجئين في السويد حيث يرعى مصالحهم، وأن من ألهمه إلى دخول الإسلام هو شاب مغربي كان يقيم عنده لفترة، وقد كان الشاب متدينا يقوم بممارسة شعائره الدينية بمنزل القس، كالصلاة وقراءة القرآن والصيام. ويظهر أحمد من خلال مقتطف من الفيلم الوثائقي الذي نشرته القناة على موقعها والصور المتداولة، كيف تأثر بثقافة المجتمع المغربي من خلال لباسه وطريقة عيشه في منزله الجديد بالمغرب.

ولفت اللاجئ المغربي انتباه القس، ليف شتني، للديانة الإسلامية، حيث بدأ بالبحث والاطلاع للتعرف أكثر على الإسلام، قبل أن يقرر الدخول فيه والانتقال إلى المغرب للعيش والاستقرار. وحسب موقع «أس تي في»، فإن بعض سكان مقاطعة سكيلنغاريد قد ذهبوا لزيارة القس من أجل حثه على التراجع عن قراره والعودة إلى المسيحية، غير أنه رفض. وأعلنت وسائل الإعلام السويدية أن الكنيسة حاولت من جهتها إقناعه بالعودة إلى ديانته، وأرسلت ممثلة عنها إلى المغرب لإقناعه بترك الإسلام والعودة إلى منصبه، إلا أنه رفض مرة أخرى، حيث أصبح يفضل الاعتكاف في المساجد.

صحافيات أوروبيات نطقن الشهادتين
استغرب زملاء الصحفية الإسبانية، أماندا فيخوراس، العاملة بصحيفة «إلموندو»، من وجود صور المساجد على صفحتها الفايسبوكية، وإصرارها على التقاط صور بالقرب من مرافق دينية، وترددها على زيارة مدن شمال المغرب، قبل أن يفاجأ الجميع باعتناقها الإسلام. وحين سئلت عن سر هذا الاختيار، قالت للصحافيين بنبرة واثقة: «لم أكن أؤمن بالكاثوليكية ولذلك فإنني أرفض كلمة التحول إلى الإسلام، وبكل بساطة اعتنقت الإسلام بعد أن أدركت جهلي بالإيمان، واكتشفت أنني لم أكن أعرف الإسلام الحقيقي كما هو الحال لدى الكثير من الناس في العالم، ولذلك أنا بحثت كثيرا وتعمقت في القراءة إلى أن وصلت إلى هذا القرار. أنا اخترت بيتي وسيارتي ومهنتي وحياتي.. والآن اخترت أن أكون مسلمة وكفى».

حين نشرت صحيفة «أولا» الاسبانية صورة للملكة ليتيسيا بحجاب أبيض، قبل خمس سنوات، توقفت أماندا عند التعليق الذي قال إن هذه الصورة أبهرت العالم، فعلمت أن الحجاب لا يفسد للود قضية.

ونفت الصحفية الإسبانية ما يتردد عن اضطهاد الإسلام للمرأة وتقليص هامش حريتها، وقالت في حوار صحفي جريء: «أنا امرأة مسلمة ولكني أعيش بحرية، فأنا أصلي وأتبع أركان الدين الإسلامي الخمسة، وأتبرع للمحتاجين وأصوم في شهر رمضان، وللمرة الأولى في حياتي أشعر بوجود الله. الإسلام ليس هو الخمار، والإسلام ليس داعش أو أي نوع من الإرهاب».

عاشت صحفية ألمانية تدعى، جوهان ماتياس، وتعمل بقناة تلفزية ألمانية تابعة لشركة «بيلد»، قصة مشابهة لزميلتها الإسبانية، مع اختلاف بسيط في مكان وزمان اعتناق الدين الإسلامي. في الثاني عشر من شهر رمضان الماضي، حلت المواطنة الألمانية وهي من مواليد 1993، بمسجد الكتبية في مراكش، وكشفت لوديع شكير، إمام المسجد، عزمها على دخول الدين الإسلامي بشكل رسمي.

دلها سائح ألماني على مسجد الكتبية بمراكش، وكشف لها مغربي عن تهافت كثير من الأجانب على اعتناق الإسلام مع دخول شهر رمضان، وحين وقفت أمام الإمام أوضح لها أسماء مجموعة من الأجانب الذين غيروا دياناتهم واختاروا الإسلام دينا في المسجد نفسه، من بينهم سائحان فرنسيان وشاب أمريكي، فضلا عن امرأة من جنسية إيطالية.

وخلافا لما تم تداوله فإن ماتياس لم تأت إلى مراكش في مهمة إعلامية، بل حلت بهذه المدينة رغبة في اعتناق الإسلام بمسجد الكتبية، وهو ما تم أمام الإمام شكير وديع، وبحضور عضو من المجلس العلمي وحشد من المصلين، حيث نطقت المواطنة الألمانية الشهادتين وغيرت اسمها من «جوهان» إلى جوهرة.

كريستيان.. زوجة أحمد رضا اكديرة
بعد حصول أحمد رضا اكديرة على دبلوم معهد الدراسات القانونية العليا بالرباط، قرر الشاب ابن المدينة القديمة للعاصمة البحث عن يد تنتشله من المغرب وتساعده على استكمال دراسته الجامعية في فرنسا، سيما بعد أن قطع عدد من رفاق دربه الدراسي مضيق البوغاز واستقر بهم المقام في الجامعات الفرنسية، ولأنه كان يعاني من اليتم والخصاص، فقد تحمل عمه العربي تكاليف الرحلة إلى باريس، ومكن ابن شقيقه من تحقيق طموحاته.

لكن وصوله إلى باريس في منتصف الأربعينيات، تميز بخلاف مع رفاق الأمس من أعضاء الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، الشيء الذي أخر اندماجه السريع في مجتمع فرنسي يختلف كثيرا عما عاشه في درب الزاكي بالرباط العتيقة.

إلا أن الفضل الكبير في اندماج اكديرة في عالمه الجديد، يرجع إلى فتاة تعرف عليها خلال تردده على مكتب أحد المحامين الفرنسيين، حيث كان يقضي فترة تدريب، وهي شابة فرنسية تدعى كريستيان دوفال فونتينبلو، وهي ابنة عسكري فرنسي شارك في الحرب العالمية الأولى ولقي حتفه فيها، بل إن عائلتها لها ارتباط وجداني بالعسكر، حيث شارك جدها في جيش نابليون، مما يعطي انطباعا أوليا على تربيتها الصارمة.

اقترح أحمد على كريستيان تحويل علاقة العشق المتبادل إلى زواج، واتصل بوالدته لإخبارها بهذا الارتباط، في الوقت الذي كانت الوالدة تخطط لزواج عائلي، وفي أول زيارة لكريستيان إلى الرباط وقعت أسيرة حب غير مسارها، وأجبرها على إقناع شقيق والدها العسكري بضرورة الخضوع لنبض قلبها الذي خفق لشاب مغربي.

قبلت والدة كريستيان عرض زواج ابنتها من مغربي على مضض، لكنها اشترطت عليها التمسك بديانتها المسيحية، وعدم اعتناق الديانة الإسلامية، وهو شرط أزعج اكديرة ووضعه في موقف حرج مع أفراد أسرته، خاصة حين تصر زوجته الفرنسية على ممارسة الشعائر الدينية الكاثوليكية بانتظام والتردد على الكنيسة، دون أن يؤثر توجهها الديني في تربية أبنائها بعد أن أنجبت ولدا وثلاث بنات، وهم حكم ومليكة ومريم وزبيدة.

يقول ابنها حكم: «كانت والدتي كريستيان مؤثرة في قرارات أبي، لكنها لم تكن مؤثرة في الجانب الديني، بل كانت بسيطة في معاملاتها تصر على نشر وعي ليبرالي بين أبنائها. كانت تناقش القضايا العائلية بديمقراطية وتنصت جيدا لمقترحاتنا، لكنها كانت تقوم بشعائرها الدينية، دون أن تتدخل في التربية الدينية التي علمها لنا والدنا».

مباشرة بعد عودته إلى المغرب فتح أحمد رضا اكديرة مكتب محاماة بالرباط، بدعم ومساعدة من صديق طفولته رشيد ملين الذي كان ميسور الحال، وقرر إلحاق كريستيان بالمكتب كمديرة، بعد أن أعلن نفسه مدافعا عن قضايا المقاومين والبسطاء بالمجان.

مرت علاقة أحمد مع كريستيان بعدد من المطبات، أبرزها الخلاف الذي طفا على سطح علاقاتهما، بعدما هددت بقطع علاقتها باكديرة والاستقرار نهائيا في فرنسا. عانى أحمد في منتصف التسعينيات من مرض عضال أبعده عن الحياة السياسية والاجتماعية، فاختفى عن الأنظار كثير من الموالين له في زمن سطوته، وأصبح هاتفه لا يرن إلا بالخطأ، مما أثار حفيظة أبنائه وزوجته، التي دعته إلى بيع كل ما يملك والعودة إلى فرنسا للاستقرار النهائي هناك.

في يوم الخميس 14 دجنبر 1995 توفي أحمد رضا اكديرة في إحدى مصحات باريس، رافقته زوجته في آخر نبضات قبله، وحين توفي قررت اعتناق الديانة الإسلامية، حتى تدفن إلى جانب قبره في مقبرة الشهداء نفسها.

محمد الخامس شاهد على اعتناق زوجة العربي بن مبارك الإسلام
تعددت لقاءات اللاعب المغربي العربي بن مبارك بالملك محمد الخامس، تردد العربي على القصر الملكي بالدار البيضاء، هناك مارس لعبة كرة السلة مع ولي العهد آنذاك مولاي الحسن، والأمير مولاي عبد الله.

تلقى العربي دعوات للحضور إلى القصر الملكي في عهد الملك محمد الخامس، بل إنه حضر مرفوقا بزوجته الفرنسية «لويزات» التي ارتبط بها بعد وفاة زوجته المغربية، وكانت «لويزات» ابنة رئيس الملعب الفرنسي لويس سان لوران، وهو من نبلاء فرنسا، وقد أعلنت في ما بعد إسلامها على يد جلالة الملك محمد الخامس.

بعد استشارة مع ديوان الملك، تم الاتفاق على أن تشهر «لويزات» إسلامها في حضرة محمد الخامس، بعد صلاة يوم الجمعة. بارك السلطان اعتناق المرأة المسيحية الديانة الإسلامية، وتحدث معها عن مزايا الدين الحنيف وأكدت له دور العربي في هذا الانتقال، لما لمسته فيه من أخلاق سمحة، وقبل أن تنتهي المراسيم الدينية أطلق الملك على «لويزات» اسم مليكة. وحين أنجبت ابنا تلقى بن مبارك مكالمة هاتفية من القصر تحمل التهاني، قبل أن يطرق بابه موفد من السلطان وهو يحمل هدايا السلطان، لكن المولود توفي في حادث مؤلم.

بعد الحصول على الاستقلال أصر الملك محمد الخامس على تعيين العربي بن مبارك مدربا للمنتخب الوطني لكرة القدم، الذي تلقى دعوة للمشاركة في أول بطولة عربية سنة 1959، وحين انتهى الرجل من إعداد الفريق الذي سيمثل المغرب، طلب من لاعبيه المثول بين يدي محمد الخامس للتزود بآخر نصائحه قبل السفر إلى لبنان، في هذا اللقاء قال الملك للاعبين: «أنا سعيد لأن مدربكم هو بمثابة أب وصديق».

قال ابن العربي إن علاقة والده بالقصر كانت علاقة احترام، «فقد كان الملك الراحل محمد الخامس رحمه الله يعامله كابن له. وقد عامله الحسن الثاني رحمه الله بكل احترام، لكنه كان يرفض استغلال علاقاته لتحقيق أهدافه، وكان يقول لنا دائما: «العلاقات علاقات والعمل عمل»».

قصة إسلام جاك فيرغيس محامي المقاومة الجزائرية
ولد في تايلاند من أب متحدر من جزيرة لاريونيون وأم فيتنامية، نشأ في جزيرة لاريونيون، وجاور وهو تلميذ ريمون بار الذي أصبح لاحقا رئيس وزراء فرنسا، حيث كان والده نائبا شيوعيا وشقيقه التوأم بول مؤسسا للحزب الشيوعي في هذه المستعمرة الفرنسية، لكن جاك سيعلن انسحابه من الحزب، لأن مواقفه لم تكن حازمة مع نضال دول المغرب العربي.

عين مستشارا للرئيس الجزائري الأسبق أحمد بن بلة، بعد استقلال الجزائر التي منحته جنسيتها، لكنه عاد إلى فرنسا وأنشأ مجلة «ريفولوسيون» ومجلة «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، وظل يتردد على المغرب بعد أن نسج شبكة علاقات مع سياسيين مغاربة، بل إنه ترافع تطوعا لفائدة معتقلين مغاربة ضد نظام بلاده بالحماس نفسه الذي ميز دفاعه عن معتقلي الثورة الجزائرية، إلى أن أطلق عليه إعلام الجمهورية الفرنسية لقب «محامي الشيطان».

في عام 1970 ترك زوجته وأبناءه واختفى ثماني سنوات، حيث زار فلسطين والزايير وكمبوديا، في الوقت الذي قالت فيه صحافة فرنسا إن جاك أصبح محاميا للجاسوس كارلوس، لكن الرجل رد ساخرا: «أنا على استعداد لأدافع عن كل جواسيس العالم».

حين قرر الملك الحسن الثاني تبني قضية البستاني المغربي عمر الرداد، نصحه الفرنسيون بتسليم الملف إلى المحامي جاك فيرغيس، الذي سبق له أن ترافع عن ثوار الجزائر المعتقلين لدى السلطات الفرنسية خلال حرب التحرير، وهو ما كان، حيث بدا الرجل واثقا من براءة موكله، خاصة أن الرجل الذي ما أن يترافع في قضية، حتى تتحول إلى مادة إعلامية مشوقة ومثيرة، فهو المحامي الذي لا يتراجع، لذلك عقد مؤتمرا صحافيا، بعد نحو شهر على صدور الحكم، قدم فيه شاهدة غيرت مجرى القضية.

ولأنه كان مناهضا للاستعمار بالقلب قبل النصوص القانونية، فقد تزوج المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد، الثورية في جبهة التحرير الوطني التي حكم عليها القضاء بالإعدام، قبل أن تحصل على العفو، وقد فرض نفسه مدافعا عن الشخصيات المدانة من التاريخ، بمبرر أن «واضعي القنابل هم من يطرحون الأسئلة». لكن الغريب أن المحامي تزوج بموكلته جميلة بمجرد مغادرتها السجن، بعد أن أشهر إسلامه في مسجد بحي القصبة في الجزائر العاصمة، وأوصى بدفنه في مقبرة مسيحية أو إسلامية لا فرق.

توفي جاك فيرغيس في منتصف شهر غشت 2013، نتيجة سكتة قلبية عن عمر يناهز 88 سنة، وهو جالس في أحد المطاعم الباريسية، دفن في مقبرة «مونبرناس» ولم تحضر جميلة مراسيم دفنه، وبعد رحيله تم بيع مجموعة من كتبه في المزاد العلني بسبب ديون متراكمة.

أسد.. سفير وصحفي يهودي اعتنق الإسلام
كرمت الحكومة النمساوية محمد أسد، وأطلقت اسمه على شارع بساحة الأمم المتحدة في فيينا، وشاركت إلى جانب دول أخرى في إنتاج فيلم وثائقي يحمل عنوان «الطريق إلى مكة»، يستلهم السيرة الذاتية للمفكر المسلم الراحل. وحذت العاصمة الألمانية برلين حذو نظيرتها النمساوية بتكريم أسد، بإقامة رمز تذكاري باسمه بوسطها، بجوار المنزل الذي عاش فيه في عشرينيات القرن الماضي.

خرج أسد إلى الوجود في 2 يوليوز 1900 بمدينة ليبميرغ النمساوية، في أسرة يهودية شديدة التدين، كان والده مدرسا وجده حاخاما، ما جعله يغوص في عمق اللغة العبرية ويتبحر في دراسة التوراة والتلمود. بدأ دراسته العميقة في جامعة فيينا، لكنه ما لبث أن انقطع ورحل أوائل العشرينيات إلى برلين، حيث التحق بالأوساط الثقافية، وعمل بفرع لوكالة «يونايتد برس أوف أمريكا»، وأصبح عام 1921 محررا ثقافيا بصحيفة «فرانكفورتر».

كان مسار هذا المفكر مليئا بالمواقف الغريبة إلى حد اتهامه بالجاسوسية، خاصة وأن الدارسين لسيرته توقفوا عند العديد من المحطات، سيما وأن هذا الشاب اليهودي لم تمنعه نشأته في بيئة غربية خالصة من اعتناق الإسلام كمنهج حياة، أمام استغراب رجال الدين اليهود وحتى المسلمين.

نقطة التحول في مسار هذا الرجل حين هزت وجدانه مقاطع من القرآن، ووضعته أمام نفسه التي يهرب منها، وظلت تلاحقه من بعد، حتى أثبت القدر أنها تخاطب الأعماق، حينها نطق ليوبولد بالشهادتين، وغير اسمه إلى محمد أسد.

من هنا بدأت أولى خطواته في درب الإسلام، حيث اطلع بداعي الفضول على سيرة النبي محمد عليه الصلاة والسلام، فقرر اعتناق الدين الإسلامي وتعلق بالأماكن المقدسة، فزار مكان نزول الوحي وتعرف عن حياة النبي في رحلة استثنائية لرجل أوروبي نحو الإسلام.

بعد إسلامه عام 1926 سافر محمد أسد لأداء فريضة الحج، واستقر في المدينة المنورة وتعرف على مؤسس السعودية وأول ملوكها عبد العزيز آل سعود وعمل مستشارا له، كما سافر إلى الهند وساهم مع العلامة محمد إقبال في تأسيس دولة باكستان الإسلامية، التي كرمته بمنحه جنسيتها، وتعيينه بمناصب مختلفة، كان آخرها وزيرها المفوض بهيئة الأمم المتحدة.

في عام 1952 استقال من وظيفته وغادر نيويورك إلى سويسرا، حيث بقي 10 سنوات تفرغ فيها للكتابة والتأليف، ثم رحل إلى مدينة طنجة وقضى فيها 20 سنة، حيث عاش في حي بني يدر بعاصمة البوغاز، إلى جانب أكبر المفكرين والكتاب والصحافيين، ومنها عمل مراسلا صحفيا وانكب على كتابة مذكراته، ثم استقر بين طنجة وإسبانيا وتوفي ودفن في غرناطة. ويعتبر محمد أسد أحد أكثر مسلمي أوروبا في القرن العشرين تأثيرا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى