كشف وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، أن مشروع المسطرة الجنائية المعروض على أنظار الأمانة العامة للحكومة، يتضمن مستجدات بخصوص مسطرة التحقيق ومحاكمة أعضاء الحكومة ومسؤولي الدولة الكبار، وذلك بعد حذف المحكمة العليا التي كانت متخصصة في محاكمة الوزراء.
وأكد وهبي، في جواب عن سؤال كتابي بمجلس المستشارين، أن القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة، والجميع أشخاصا ذاتيين أو اعتباريين، بمن فيهم السلطات العمومية، متساوون أمامه، وملزمون بالامتثال له (الفصل 6 من الدستور)، فقد تم التنصيص على أن أعضاء الحكومة مسؤولون جنائيا أمام محاكم المملكة عما يرتكبون من جنايات وجنح، أثناء ممارستهم لمهامهم (الفصل 94 منه)، وذلك وفق الكيفية نفسها التي يحاكم بها المواطنون على قدم المساواة أمام محاكم المملكة، مشيرا إلى أن الفصل 127 من الدستور ينص على أنه لا يمكن إحداث محاكم استثنائية. وفي هذا السياق، صدر ظهير شريف بتنفيذ القانون رقم 38.15 المتعلق بالتنظيم القضائي، تنص المادة 5 منه على اعتماد التنظيم القضائي على مبدأ وحدة القضاء، واعتبار محكمة النقض أعلى هيئة قضائية بالمملكة.
وأوضح الوزير أن الدستور الجديد لا ينص على إحداث محاكم استثنائية بعد حذف المحكمة العليا، وبالتالي فإن الوزراء والمسؤولين الكبار يحاكمون أمام المحاكم العادية، مشيرا إلى أن المسطرة المتعلقة بمحاكمتهم نظمها القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، كما تم تغييره وتتميمه، فبمتقضى المادة 265 منه، إذا كان الفعل منسوبا إلى عضو من أعضاء الحكومة، فإن الغرفة الجنائية بمحكمة النقض تأمر، بناء على ملتمسات الوكيل العام للملك بالمحكمة نفسها، بأن يجري التحقيق في القضية عضو أو عدة أعضاء من هيئتها، وبعد إنهاء التحقيق يصدر قاضي أو قضاة التحقيق، حسب الأحوال، أمرا قضائيا بعدم المتابعة أو بالإحالة إلى الغرفة الجنائية بمحكمة النقض، وتبت الغرفة الجنائية بمحكمة النقض في القضية، ويقبل قرار الغرفة الجنائية الاستئناف داخل أجل ثمانية أيام وتبت في الاستئناف غرف محكمة النقض مجتمعة باستثناء الغرفة الجنائية التي بتت في القضية، ولا تقبل أية مطالبة بالحق المدني أمام محكمة النقض.
وأفاد وزير العدل بأن مشروع قانون المسطرة الجنائية أقر تدابير استثنائية جديدة سيتم بموجبها تحديد إجراءات جديدة سيتم وفقها إخضاع مسؤولين في الدولة للتحقيق، ففي حال ارتكابهم جناية أو جنحة، فإن الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، عند الاقتضاء، يحيل القضية إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة استئناف غير التي يزاول المعني بالأمر مهامه بدائرتها للنظر فيها واتخاذ المتعين بشأنها.
وأشار وهبي في جوابه إلى أن الفصل 88 من دستور سنة 1996، كان ينص على أن أعضاء الحكومة مسؤولون جنائيا عما يرتكبون من جنايات وجنح أثناء ممارستهم لمهامهم، وأنه بمقتضى الفصل 92 منه سيتم تحديد بقانون تنظيمي عدد أعضاء المحكمة العليا وكيفية انتخابهم وكذا المسطرة التي يتعين اتباعها، وفي هذا السياق، صدر القانون التنظيمي رقم 24.07 المتعلق بالمحكمة العليا بتاريخ 20 أكتوبر 2008.
وأضاف وهبي أنه، بعد صدور دستور 2011، الذي يؤكد في تصديره أن المملكة المغربية تسعى إلى بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون، وتوطيد وتقوية مؤسسات دولة حديثة، وإرساء دعائم مجتمع يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة، تم نسخ دستور 7 أكتوبر 1996 (الفصل 180 من دستور 2011)، بما يتضمنه من أحكام في الفصول من 88 إلى 92 من الباب الثامن المتعلق بالمحكمة العليا، والتي تنص على أساس المسؤولية الجنائية عما يرتكبه أعضاء الحكومة من جنايات وجنح أثناء ممارستهم لمهامهم (الفصل 88)، وتمكين مجلسي البرلمان من توجيه التهمة إليهم لإحالتهم على المحكمة العليا (الفصل 89) ومسطرة توجيه الاتهام والمتابعة أو التحقيق أو الحكم (الفصل 90)، وتأليف المحكمة العليا (الفصل 91)، وكذا تحديد عدد أعضاء المحكمة العليا وكيفية انتخابهم وكذا المسطرة التي يتعين اتباعها بمقتضى قانون تنظيمي (الفصل 92).
محمد اليوبي