محمد وائل حربول
يستمر الجدل حول مشروع «قيسارية باب فتوح» بالمدينة العتيقة لمراكش، إلى حدود الساعة، حيث كانت آخر فصوله الرسالة التي وجهتها المستثمرة صاحبة المشروع «المثير للجدل» إلى فاطمة الزهراء المنصوري باعتبارها، من جهة، عمدة مدينة مراكش، ومن جهة أخرى وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، حيث طالبت عبرها بإعادة الترخيص لاستئناف أشغال المشروع المتوقف منذ قرابة سنتين، بعدما سحب العمدة السابق محمد العربي بلقايد رخصة المشروع المذكور الذي يوفر حوالي 700 منصب شغل.
وحسب الرسالة التي (توصلت «الأخبار» بنسخة منها)، فقد أكدت صاحبة المشروع، الذي تدخل في إطاره حوالي 300 جمعية، «أن المشروع احترم جميع الخصوصيات المعمارية للمدينة القديمة لمراكش ويستجيب لضوابط التعمير المتعارف عليها والمعمول بها، ويلتزم بالقوانين والمراسيم الوزارية لسنوات1925-1926-1928 و 1946 المنظمة لعملية البناء بالأماكن التاريخية»، وهي النقطة التي كان تحجج بها ساعتها عمدة المدينة السابق، ليكون القرار بمنع اشتغال المشروع رغم انتهاء عملية بنائه.
واستنادا إلى المصدر ذاته، فقد أوضحت المستثمرة البلجيكية، من أصول مغربية، أن قرار عمدة مراكش السابق يعد شيئا مستغربا، على اعتبار «أن العديد من البنايات التابعة للدولة وللخواص بنفس الساحة (ساحة جامع الفنا)، تم تشييدها بنفس مواد البناء المستعملة في القيسارية وتحتوي على نفس التجهيزات»، حيث كان بلقايد قرر منع فتح القيسارية المذكورة بسبب بعض المواد الحديدية التي كانت قد استعملت في بناء سقف القيسارية، والتي قال عنها إنها لا تحترم المعمار التاريخي لمراكش.
واعتبرت المستثمرة المذكورة أن العمدة السابق للمدينة كان قد اعتمد على «سياسة الكيل بمكيالين رفقة السلطات المحلية، وذلك بعد إقدام الوالي شخصيا على إيقاف المشروع الاستثماري، رغم توفره على جميع الرخص، في الوقت الذي يسمح فيه بارتكاب تجاوزات خطيرة في التعمير بنفس المنطقة بشكل لا يحترم الخصوصيات التاريخية والمعمارية للمدينة العتيقة»، وهي النقطة التي كانت قد أثارت جدلا بمدينة مراكش، على اعتبار أن أحد المقاهي المجانبة لقيسارية باب فتوح كانت قد اعتمدت في بنائها على نفس المواد التي بنيت بها القيسارية المذكورة.
وعلى إثر المستجدات الأخيرة بالمدينة الحمراء، طالبت المستثمرة عمدة المدينة ووزيرة الإسكان المنصوري، بـ«التدخل والعمل على إعادة رخصة البناء واستئناف الأشغال في أقرب الآجال، من أجل وضع حد للخسائر المادية التي كبدها قرار سحب الرخصة، وذلك رغم قضاء المحكمة الإدارية ابتدائيا بإلغاء قرار عمدة مراكش السابق، الذي بموجبه تم سحب رخصة البناء من أصحاب المشروع».
وكانت آخر فصول هذا الملف، الذي انتصرت له إدارية مراكش الابتدائية ضد قرار بلقايد، تمثلت في رفع فعاليات جمعوية رسالة إلى الديوان الملكي، تصل لقرابة 300 جمعية، تطلب، عبرها، من الملك محمد السادس، «إصدار تعليماته من أجل استئناف أشغال المشروع الذي من شأنه إعادة إحياء النشاط التجاري وخلق فرص شغل سواء خلال تشييد المشروع أو بعد افتتاحه».
وكان محضر معاينة منجز من طرف لجنة مختلطة يحمل رقم 2020/03 أشار إلى أن صاحبة المشروع خالفت مقتضيات المادة 64 للقانون 12-66 لعدم توفرها على دفتر الورش ولإحداث تغييرات داخلية ووضع هيكل حديدي بالسطح غير مسموح به، وعدم ملاءمة المواد المستعملة في تشييد المشروع للخصوصيات المعمارية المميزة للنسيج التاريخي للمدينة العتيقة لمراكش، قبل أن ترفع صاحبة المشروع دعوى قضائية بهذا الخصوص، انتصرت فيها على قرار العمدة السابق للمدينة ابتدائيا.