شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرخاص

مسؤولو بنك تغاضوا عن تزوير أحكام للاستيلاء على مليارين

الفرقة الوطنية تنهي أبحاثها وظهور شبح غسيل الأموال

الأخبار

مقالات ذات صلة

ذكرت مصادر موثوقة أن الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء أنهت أبحاثها وتحرياتها في شكاية مواطنة، تتعلق بتزوير أحكام قضائية عن طريق رفع دعوى قضائية وهمية، مستندة إلى وثائق مزورة. ولم تكد تطوى بعد صفحة قضية ما بات يعرف ببيع الأحكام القضائية، التي انفجرت شمال المملكة، وجرت متهمين من العيار الثقيل ينتمون إلى سلك القضاء والمحاماة، حتى طفت فوق السطح قضية «فبركة أحكام قضائية» بالمحكمة التجارية بالدار البيضاء وأمام محكمة النقض، عن طريق تزوير وثائق ورفع دعوى باسم مواطنة، وفي غيبتها ودون علمها، ودون تكليفها لأي محام بذلك، والكل لدفع القضاء إلى إصدار أحكام تتضمن أداء مبلغ يقارب 20 مليون درهم، قصد الاستيلاء على المبلغ المذكور بموجب تلك الأحكام. وهي القضية التي فجرتها المواطنة، التي وجدت نفسها فجأة حاصلة على الأحكام القضائية المذكورة دون علم منها.

وتعود تفاصيل الواقعة إلى 11 غشت 2021، حين تقدمت المواطنة بشكايتها أمام الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف، بعدما تبين لها أن المتورطين هم موظفون بمراكز عليا في مؤسسة بنكية، ومحاميان من هيئة الدار البيضاء، وترجمان ومفوض قضائي، وموظف ببلدية المحمدية.

فلم تكن السيدة (س.ل) تعلم أن محاميا من هيئة الدار البيضاء قد تقدم في غيبتها، وبدون توكيل منها ولا سابق معرفة بها، بدعوى باسمها ضد مؤسسة بنكية، يزعم فيها المحامي أن لـ«موكلته» في ذمة البنك قرابة ملياري سنتيم كدين، عبارة عن سندي صندوق ضاعا منها بموجب تصريح بضياع منسوب إليها، معززا دعواه بنسختين من سندي صندوق، وتصريح بضياع وثائق صادرة عن البنك المدعى عليه يقر فيها بقانونية السندين، فأصدرت المحكمة التجارية الابتدائية بالدار البيضاء بتاريخ 19 أكتوبر 2017 حكمها عدد 9399 في الملف عدد 7418\8220\2017، والذي يحكم على البنك بأداء ما يقارب ملياري سنتيم لفائدة المواطنة المعنية. كما لم تكن المواطنة ذاتها لتدرك أنه نسب إليها أن محاميها المذكور طعن بالاستئناف في الحكم التجاري الابتدائي، وأن محكمة الاستئناف قضت بتأييد الحكم الابتدائي، مع الحكم لها بالفوائد القانونية في الملف عدد 5950\8220\2017، قرار 593، بتاريخ 1 فبراير2018.

 

«الملياران ليسا لي»

وكانت المواطنة المذكورة قد علمت بالحكمين التجاريين الابتدائي والاستئنافي بالصدفة لدى الضابطة القضائية بأمن أنفا، عندما تم الاستماع إليها في قضية أخرى ضد البنك نفسه، حينما اكتشفت أن موظفا في المؤسسة البنكية ذاتها فتح لها حسابا بنكيا دون علمها، وحصل على دفتر شيكات في غيبتها، وبات يحقق به بعض المآرب الخاصة، فصرحت المواطنة المعنية من جملة ما صرحت به، وكان ذلك بتاريخ 22 مارس 2018، بأن سندي الصندوق المشار إليهما، والبالغ قيمتهما حوالي 20 مليون درهم لا يخصانها بالمرة، وأنهما لم يضيعا منها، وأنها لم تصادق على أي تصريح بضياع بشأنهما، وأنها لم تكلف أي محام لرفع أي دعوى ضد البنك. وكانت تصريحات المواطنة في حضور الممثل القانوني للبنك المقصود، والذي لم يكتف بالاطلاع على تصريحاتها، بل انتدب محاميا للدفاع عن البنك في القضية نفسها، التي كان فيها البنك والمواطنة المعنية طرفين مدنيين ضد نفس المتهم الذي لم يكن غير موظف من موظفي البنك.

بالموازاة مع ذلك انطلقت المواطنة تتعقب حقيقة الحكمين التجاريين الصادرين لفائدتها دون علمها من المحكمتين التجاريتين الابتدائية والاستئنافية بالدار البيضاء، وبكتابة الضبط بالمحكمة المعنية ستحصل المفاجأة: حكم قضائي تجاري ابتدائي يقضي على البنك بأدائه للمواطنة 20 مليون درهم، وآخر استئنافي يؤيد ويزيد من قيمته المالية المحكوم بها للمواطنة، استنادا إلى وثائق بعضها مترجم من طرف ترجمان محلف لا تعرفه المواطنة، ووثائق عرفية وتجارية أخرى مزورة.

أربكت تصريحات المواطنة لدى الضابطة القضائية لأنفا العصابة التي كانت غايتها تنفيذ الحكم القضائي في غيبة المواطنة، بضخ قيمته المالية في حسابها الوهمي الذي تكفل موظف البنك المعتقل بفتحه لها في غيبتها بتزوير توقيعها، والاطلاع على هويتها من ملفها كزبونة لدى البنك نفسه، إلا أن تصريحات المواطنة لدى الضابطة القضائية لأمن أنفا، ومعها اعتقال موظف البنك المدبر للعملية، ألزما محامي المواطنة بإيقاف أو تأخير التنفيذ إلى أن تهدأ العاصفة، وهو ما قام به المحامي بربطه الاتصال بالمفوض القضائي بتاريخ 29 مارس 2018، وأمره بإرجاع الملف إلى كتابة الضبط وعدم تنفيذه، (ملف تبليغ وتنفيذ عدد 1657\8511\2018) دون كثير تفاصيل، يؤكد ذلك محضر المفوض القضائي المنجز.

 

إصرار رغم إقرار…

كبرت المفاجأة حين علمت المواطنة أن الممثل القانوني للبنك ومعه دفاع البنك كذلك، حتى وهما يطلعان على تصريحاتها النافية نفيا قاطعا كل صلة لها بالحكمين التجاريين وما معهما من وثائق، وتعتبر كل تلك الوثائق مزورة، وفي مقدمتها سندا الصندوق بقيمة حوالي ملياري سنتيم، إلا أنهما وبدل رفع شكاية إلى النيابة العامة المختصة للبحث في تصريحات المواطنة وحماية البنك الذي يدبر أموال زبنائه، فإن البنك بواسطة المحامي ذاته والممثل القانوني نفسه طعن بالنقض في الحكم الاستئنافي، بتاريخ 10 أبريل 2018، وكأن شيئا لم يقع، وهو الطعن الذي اطلعت الجريدة على محتوى عريضته لتجده خاليا من كل ما من شأنه الإشارة إلى تصريحات المواطنة، لتقضي محكمة النقض برفض طلب البنك ملف عدد 867\3\3\2018 قرار 54\3، بتاريخ 5 فبراير2020، وبالتالي يتحقق للمجموعة المتواطئة ما كانت تتوخاه، وهو حصولها على حكم حائز لقوة الشيء المقضي به، يمنحها الصلاحية في تنفيذه بتحويل مبلغه المالي (مليارا سنتيم) إلى الحساب البنكي المزور المفتوح باسم المواطنة دون علمها.

 

البنك ينفذ حكما ضده يعلم أنه مزور

أمام ورطة المشتكى بهم في الاستفادة من عائد الحكم القضائي الذي اكتسب قوة الشيء المقضي به، ستجري عملية التنفيذ بطريقة ملتوية وفي غاية من الدهاء، حيث جرى التنصيص على عملية تنفيذ الحكم القضائي المزور في بروتوكول اتفاق جرى تحريره بدوره بطرق مخادعة، عن طريق تزوير وكالة عدلية والاحتيال على المواطنة بالتوقيع على البروتوكول ذاته، لكن لم تستمر الأموال المنصوص عليها في صحيفة الحكم القضائي المزور في الحساب البنكي لزوج المواطنة أكثر من دقائق معدودة، لتقوم المؤسسة البنكية بتحويل المبلغ من جديد إلى وجهة مجهولة.

 

نهاية التحقيقات وشبح غسيل الأموال

أنهت الفرقة الوطنية أبحاثها في شكاية المواطنة التي تتعلق بتكوين عصابة إجرامية للاستيلاء على الأموال وتزوير وثائق رسمية وأخرى عرفية واستعمالها والنصب وخيانة الأمانة واصطناع وثائق تتضمن بيانات غير صحيحة مع العلم بذلك، وخلق حساب وهمي وخرق معطيات ذات طابع شخصي ورفع دعوى قضائية واستصدار أحكام قضائية بطرق احتيالية، وهي الشكاية عدد 367\3109\2021، ضد موظفي مؤسسة بنكية بمناصب كبيرة، وضد محاميين، وموظف ببلدية المحمدية وترجمان ومفوض قضائي.

وكشفت مصادر «الأخبار» أن وكيل الملك بالمحكمة الزجرية بالدار البيضاء أحال القضية على أحد نوابه المتخصصين، وزادت المصادر أن شبهة غسيل الأموال تحيط بالملف، ورجحت المصادر ذاتها أن تكون الفرقة الوطنية قد تعقبت مصادر ومآل تلك الأموال التي تضمنها الحكم القضائي، وهو ما ينذر بسقوط رؤوس من الحجم الكبير، سيما داخل المؤسسة البنكية، ويجعل النيابة العامة تضع يدها على صيد ثمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى