شوف تشوف

الرئيسيةسري للغايةسياسية

مسؤولان كانا يدردشان لحظة اغتيال بوضياف والقناصة لم يتدخلوا للإنقاذ

يونس جنوحي

الجزائريون رأوا رئيسهم محمد بوضياف يُغتال على الهواء.

كانت هذه الواقعة، يوم 29 يونيو 1992 بمدينة عنابة، من اللحظات النادرة في تاريخ العالم، حيث يتابع الناس عملية تصفية رئيس البلاد رميا بالرصاص وهو يتحدث إليهم. إذ إن أعراف الانقلابات اقتضت في الغالب أن تتم الأمور في سرية وألا تُصور مشاهد “انتقال السلطة”..، لكن في الجزائر كان الوضع مختلفا.

 

غرائبيات

كل شيء كان غريبا بخصوص الواقعة. يقول هشام عبود إن أول ما يدعو إلى الغرابة، برودة دم بومعرافي. إذ إن الأخير تصرف كما لو أنه “نشال” حقائب في الشارع، أو كما لو أنه يتدرب فقط، بينما كان ما يُقدم عليه بصدد تغيير مسار بلد بأكمله. ولم يكن بصدد اغتيال شخص عادي أو مسؤول ما، بل كان يفرغ خزان رصاص سلاحه في جسد رئيس البلاد وهو يتحدث إلى الحاضرين، ومن خلالهم إلى الأمة عبر الكاميرات التي كانت منتشرة في القاعة الفسيحة لدار الشباب بمدينة عنابة.

إذا كانت لدى بومعرافي هذه القدرة على تنفيذ مهمة بهذه الضخامة، لماذا إذن لم يقم باغتيال رؤسائه في الثكنة المتواضعة حيث قضى سنوات من الخدمة العسكرية، ودخل زنازين التأديب لأنه لم يكن جنديا منضبطا؟ لماذا لم ينتقم من رؤسائه ومن المسؤول عن الثكنة التي عاش فيها أياما عصيبة؟

لقد تعرض بومعرافي لعملية غسيل المخ.

يقول هشام عبود: “لم يكن هناك أي شخص خلف الستار حيث تمت عملية الاغتيال. والدليل لم يظهر إلا عندما انسحب بومعرافي بهدوء بعد أن نفذ مهمته. ولم تكن هناك أي مقاومة أو تحرك من عناصر الأمن.

بحسب شهود عيان، فإن الكوماندان حجريس، رئيس الفرقة المسؤولة عن الأمن SSP، كان مشغولا جدا بحديث جانبي وتافه مع الكوماندان حمو.

لم تطلق أية رصاصة مقاومة داخل القاعة. بالمقابل، كان هناك أربعة قناصين متفرقين داخل القاعة. إنه من المستحيل تخيل أنه خلال الوقت الذي كان فيه بومعرافي يفرغ خزان سلاحه، لم يكن هناك أي رد فعل من المسؤولين عن حماية الرئيس”. يضيف عبود أن اغتيال رئيس بلد بهذه السهولة لا بد وأن تقابله على الأقل رصاصات هنا وهناك كرد فعل لحماية الشخصيات داخل القاعة، لكن هذا لم يقع.

القناصة الأربعة الذين كانوا داخل القاعة في أماكن مدروسة، كانوا من القوات الخاصة، وهم مدربون جيدا على إصابة أي هدف قد يقترب من المنصة، وبالتأكيد كان بإمكانهم حماية الرئيس محمد بوضياف لكنهم لم يطلقوا أية رصاصة على بومعرافي.

وحسب خبراء السلاح والأمن الرئاسي حول العالم، فإنه من الممكن جدا إصابة بومعرافي برصاصة قاتلة واحدة فقط منذ اللحظة التي توجه فيها قرب المنصة، بل قبل حتى أن يسحب سلاحه. لكن لا أحد تحرك لحماية بوضياف، بل تركوا بومعرافي يأخذ الوقت الكافي جدا، في أريحية تامة، ليكمل مهمته بل ويغادر دائرة الخطر، دون أن يتلقى رصاصة واحدة.

بينما في كل مقاطع محاولات الاغتيال حول العالم، بل حتى في أعتى الدكتاتوريات، كان أفراد الأمن يقفزون فوق الجاني قبل حتى أن يرتد إليه صوت الرصاصة أو الطعنة التي وجهها إلى الهدف. وحتى في حالات التواطؤ بين المسؤولين على اغتيال هدف ما، كان يتم التدخل للسيطرة على الجاني أمام الكاميرات.

لكن ما قام به جنرالات النظام الجزائري كان بشعا، إلى درجة أن سيناريو مشابها لما وقع في قاعة الشباب بعنابة قد لا يتكرر على الإطلاق في أي مكان في العالم.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى