تلوح في الأفق ملامح سنة سادسة من الجفاف الهيكلي، مما يفرض علينا إعادة النظر في أولوياتنا الفلاحية من خلال تطوير المنتجات الزراعية الاستراتيجية ومنها على وجه الخصوص الحبوب والقطاني والمنتجات الزيتية والخضر ذات الأولوية وعدة منتوجات زراعية أخرى يحتاجها المواطن على مائدة غذائه.
فبدون التكيف مع التغيرات المناخية، لتقليل تداعيات الجفاف لن نستطيع تحقيق الأمن الغذائي الذي جعله الملك محمد السادس هدفا استراتيجيا، لذلك نحن مجبرون على اتخاذ كل الاحتياطات بالنسبة للأمن الغذائي والتي يوجد فيها هدفان، الأول يقوم على تغطية احتياجات المواطن عن طريق ما يمكن استيراده والثاني تكييف فلاحتنا مع حاجياتنا الاستراتيجية. لقد أكد الملك محمد السادس منذ أكثر من ثلاث سنوات أن الانتصار على هشاشة قطاع الزراعة يحتاج إلى مبادرة ابتكارية لتحقيق الأمن الغذائي، وهذا ما نحتاجه بقوة اليوم.
إن توالي سنوات الجفاف، وتغير نمط الأمطار، والكوارث الطبيعية كل هذا يفرض تحديات قوية على الخريطة الزراعية، إذ لا يمكن أن يستمر البعض في تصدير كم هائل من مياه المغاربة على شكل فواكه وخضروات، ليضخم حساباته البنكية ويرمي بعض الفتات لخزينة الدولة.
وبكل صراحة آن الأوان لنقول إن الفلاحة لا يمكن أن تكون المصدر الأول لجلب العملة الصعبة، وبالتالي آن الأوان لتنويع مصادر الاقتصاد الوطني والتخلي تدريجياً عن مشاريع تصدير غذاء ومياه المغاربة لدول أخرى.
ينبغي على الحكومة أن تفهم أن حاجة المغاربة ليست هي جلب العملة الصعبة من استيراد الأفوكادو والطماطم والبطيخ الأحمر والتوت وغيرها.. بل حاجتهم في تأمين مائدة غذائهم. فنحن نتحدث هنا عن مسألة أمن قومي لا يجب أبداً أن تكون خاضعة لأهواء الحكومات المتعاقبة أو مكاسب لوبيات الفلاحة.
في النهاية فإن أهم معركة يواجهها المغرب اليوم، أخذا بعين الاعتبار هذه التحولات المناخية الحادة، هي معركة الأمن الغذائي وتأمين قوت المواطنين خصوصا أن الاستقرار الاجتماعي والسياسي مرتبط دائما بالأمن الغذائي والمائي.