سهيلة التاور
مما لا شك فيه أن دونالد ترامب يمر بأصعب فترة في حياته السياسية، بما في ذلك أزمة كورونا والمظاهرات ضد العنصرية والركوض الاقتصادي. لكن هذه المرة هناك أزمة مختلفة وقلق كبير من فضائح قد تدمر حملته الانتخابية. فترامب أمام شخصين يهددان بنشر مذكراتهما، الأول مستشار الأمن القومي السابق، جون بولتون. والثانية، ماري ترامب، ابنة شقيقه، والتي اعتبرها الرئيس الأمريكي خيانة شخصية وأشد المذكرات طعنا في الظهر.
كتاب ماري ترامب
أعلنت ماري ترامب، البالغة من العمر 55 عاماً وابنة شقيق ترامب، الراحل فريد ترامب جونيور، إتمامها كتابة مذكرات مثيرة للجدل تتناول جوانب من حياة عمها. ومن جهتها، أعلنت دار نشر «سيمون وشوستر» الأمريكية، أن المذكرات ستطرح في الأسواق في الثامن والعشرين من يوليوز المقبل، تحت عنوان «كثير جدا ولا يكفي أبدا: كيف صنعت عائلتي أخطر رجل في العالم». كما أفادت أن مؤلفة الكتاب ستسلط الضوء على «كابوس من الصدمات والعلاقات المدمرة والمزيج المأساوي من الإهمال وسوء المعاملة» الذي يفسر البيئة الداخلية لـ «إحدى أقوى العائلات وأشدها اختلالاً». ولفتت صحيفة «الغارديان» إلى أن ترامب يفكر في محاولة لوقف نشر الكتاب قبل صدوره.
وبحسب المذكرات المرتقبة، فإن ماري ترامب تكشف عن كواليس تزويدها صحيفة «نيويورك تايمز» بوثائق سرية عن ملف عمها المالي. والملفات المقصودة ترتب عليها نشر الصحيفة تحقيقا، خلص إلى أن ترامب تهرب ضريبيا بنحو 400 مليون دولار.
كما تتطرق المذكرات إلى حوادث شخصية، وأمور دفعت إلى تكوين شخصية ترامب، الرجل العدواني والسيئ، بحسب وصفها.
وبحسب المذكرات التي دونتها ماري، فإن ترامب عزل والده وسخر منه حيث «استبعد والده من إدارة شؤون العائلة المالية؛ بحجة أن الأخير أصيب بالزهايمر في آخر 6 سنوات من عمره قبل وفاته».
خلافات على الإرث
ماري التي توفي والدها في العام 1981 عن عمر ناهز 42 عاماً، إثر إدمانه المفرط على الكحول، لا تخفي وجود خلافات حادة مع عمها منذ سنوات. ففي عام 2000، رفعت ماري ترامب وفريد ترامب، شقيقها الثالث، دعوى قضائية اعتراضا على نصيبهم في أموال تركة والد دونالد ترامب، فريد ترامب الأب. وتقول صحيفة «نيويورك ديلي نيوز» إنهما قالا إن وصية عام 1991 «خضعت للاحتيال والتأثير غير المشروع» من جانب دونالد ترامب وإخوته، حيث كان يعانى رب الأسرة من الخرف. وقالت ماري ترامب للصحيفة إن عمتها وأعمامها كان «يجب أن يخجلوا من أنفسهم» خلال المعركة القضائية.
كما رفعت ماري ترامب وشقيقها دعوى قضائية أخرى بعد إلغاء تأمينهم الصحي التابع لشركة «ترامب»، كخطوة انتقامية واضحة ردا على الدعوى القضائية الأولى. وأشارت تقارير إلى تسوية القضية في النهاية دون الكشف عن التفاصيل.
السجلات العامة تشير إلى أن ماري ترامب ولدت في ماي عام 1965 وتعيش في لونغ آيلاند، في نيويورك.
وقد حصلت ماري على درجة البكالوريوس في الأدب الإنجليزي من جامعة «تافتس» في ماساتشوستس، ودرجة الماجستير في التخصص نفسه من جامعة «كولومبيا» في نيويورك. كما حصلت على درجة الدكتوراه في علم النفس الإكلينيكي من جامعة «أديلفي» في نيويورك.
ويشير ملف التعريف الشخصي لماري ترامب، المحذوف حاليا من على منصة «لينكدإن»، إلى أنها مدربة معتمدة في شؤون الحياة. ويقال إنها أسست في عام 2012 «مجموعة ترامب للتدريب»، شركة مقرها نيويورك.
المستشار السابق لترامب، سام نانبرغ، قال إن مذكرات ماري ترامب ستقلق الرئيس أكثر من كتاب بولتون، لأن «الأمر يتعلق بالعائلة… هذه خيانة شخصية… لم أشهد شيئاً كهذا من قبل».
كتاب بولتون
غادر بولتون مستشار الأمن القومي السابق للرئيس الأمريكي دونالد ترامب -صانع السياسات الجمهوري المخضرم والمتشدد- منصبه يوم 10 شتنبر الماضي بعد خلاف في وجهات النظر مع ترامب، خاصة حول كوريا الشمالية، وأعلن عن نشر كتابه الذي يفضح من خلاله ترامب. حيث يكشف بولتون في كتابه بشكل خاص محادثة كان من شأنها أن تضر بترامب الذي واجه محاكمة لعزله في مجلس الشيوخ بتهمة إساءة استغلال السلطة وعرقلة عمل الكونغرس قبل أن تتم تبرئته. لكن قراره المضي في نشر كتابه سيعيد طرح أسئلة حول سبب عدم إدلائه بشهادته خلال محاكمة ترامب إن كان يعتقد أن الرئيس ارتكب تجاوزات، وتفضيله بدلا من ذلك نشر كتاب وبيعه.
وبحسب بولتون، فإن ترامب قال له في غشت 2019 إنه لا يريد الإفراج عن مساعدة عسكرية لأوكرانيا طالما لم تحقق سلطات كيف حول نائب الرئيس الأمريكي السابق الديمقراطي جو بايدن الذي يُعتبر الأوفر حظا لمنافسته في الانتخابات الرئاسية في 3 نونبر 2020.
كما اتهم جون بولتون الرئيس دونالد ترامب بارتكاب أخطاء فادحة في إدارة البلاد، منها أنه طلب صراحة من الرئيس الصيني شي جين بينغ المساعدة في انتخابه لولاية ثانية. وقال بولتون أيضا إن الرئيس الأمريكي عبّر عن استعداده لوقف تحقيقات جنائية لتقديم “معروف شخصي لشخصيات دكتاتورية أحبها”. وفي أشد تصوير مشوِّه لإدارة ترامب من جانب شخصية كانت تعمل بها، كتب بولتون “ثم حوّل ترامب، ويا للعجب، دفة الحديث إلى الانتخابات الرئاسية القادمة بالولايات المتحدة، ملمحا إلى قدرة الصين الاقتصادية ومناشدا شي أن يعمل على فوزه”.
وفي المقتطفات التي نشرتها صحف واشنطن بوست ونيويورك تايمز ووول ستريت جورنال، كتب بولتون أن ترامب شدد على أهمية المزارعين الأمريكيين وكيف أن “زيادة الصين مشترياتها من فول الصويا والقمح” يمكن أن تؤثر في النتيجة الانتخابية في الولايات المتحدة. وقال بولتون “كنت أود أن أطبع كلمات ترامب نفسها، لكن عملية المراجعة الحكومية المسبقة للنشر قررت عكس ذلك”، في إشارة إلى إخضاع مسودة كتابه للتدقيق من قبل وكالات أمريكية قبل أشهر.
ومما جاء كذلك في الكتاب أن ترامب أبلغ نظيره الصيني أنه يريد إلغاء المادة الدستورية التي تحدد مدة الرئيس بولايتين متتاليتين، وقد قال له الرئيس الصيني إن الأمريكيين يجرون الكثير من الانتخابات، فأومأ ترامب برأسه موافقا.
وعلى الرغم من انتقادات ترامب العلنية للصحفيين، نسب كتاب بولتون للرئيس الأمريكي تصريحات من أكثر أحاديثه مدعاة للتوقف.
فخلال اجتماع انعقد في نيوجيرسي في صيف 2019 قال ترامب -حسب رواية بولتون- إن الصحفيين يجب إيداعهم السجون حتى يكشفوا عن مصادرهم “هؤلاء يجب إعدامهم. إنهم حثالة”، حسب ما ورد في مقتطفات أخرى نشرتها صحيفة واشنطن بوست.
كما قال بولتون خلال كلمة ألقاها بإحدى الجامعات في نورث كارولينا «أتمنى ألا يوقف.. إنها محاولة لكتابة التاريخ، وقد فعلت ذلك بأفضل ما أستطيع.. علينا أن نرى ما سيخرج من الرقابة»، «أقول أشياء في المذكرات عما قاله لي»، في إشارة إلى ترامب. ولدى سؤاله عن انتقادات الرئيس له على تويتر قال «إنه (ترامب) ينشر تغريدات لكن لا يسعني التحدث في الأمر.. هل هذا عدل؟». وقال إنه ليس بإمكانه الإجابة عن أي سؤال بشأن كوريا الشمالية، لأن تلك الأمور تشملها المذكرات التي تخضع حاليا لمراجعة حكومية قبل النشر.
لكن الرئاسة ترى أن قرارات ترامب تندرج في إطار مكافحة الفساد في أوكرانيا. وانتقد ترامب بولتون بشدة، واعتبر في تغريدة أن مستشاره السابق للأمن القومي الذي أقاله في شتنبر الماضي «أقيل لأني لو استمعت إلى نصائحه، لكنا نخوض الحرب العالمية السادسة». وأضاف «لقد رحل، وعلى الفور ألف كتابا مغالطا وكله شر».
تحذير البيت الأبيض
أبلغ البيت الأبيض المستشار السابق للأمن القومي جون بولتون، في يناير، بأن كتابه الموجود تحت الطبع يحتوي فيما يبدو على «كم كبير من المعلومات السرية» ولا يمكن نشره بصورته الحالية. وجاء في الخطاب الذي وجهه مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض لمحامي بولتون تشارلز كوبر أن مسودة الكتاب تحتوي على بعض المواد المصنفة «سري للغاية»، وهذا إجراء يُطبق على كل الكتب التي ينشرها موظفون سابقون في البيت الأبيض.
وقال الخطاب «طبقا للقانون الاتحادي واتفاقات عدم الإفصاح التي وقع عليها موكلك كشرط للوصول إلى معلومات سرية، فإن مسودة (الكتاب) قد لا تنشر أو يكشف عنها النقاب دون محو هذه المعلومات السرية».
فيما دحض محامي بولتون، تشاك كوبر، ادعاءات البيت الأبيض، وقال في رده «نحن لا نعتقد أن أيا من هذه المعلومات يُمكن منطقيا اعتبارها سرية». وطلب المحامي كوبر في رسالته من مجلس الأمن القومي أن يختتم مراجعته للكتاب سريعا، في ضوء إمكانية استدعاء بولتون للإدلاء بشهادته في إطار محاكمة ترامب. وكتب المحامي «إذا تم استدعاء (بولتون) للإدلاء بشهادته، فيبدو مؤكدا أنه ستُطرح عليه أسئلة ستتطرق إلى معظم المعلومات» المتعلقة بمسألة أوكرانيا.
قرار نشر الكتاب
أعلنت دار نشر أمريكية، الجمعة 12 من الشهر الجاري، أن مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون قرر تحدي البيت الأبيض ونشر كتاب مذكرات يكشف فيه ما يعتبرها تجاوزات ارتكبها الرئيس دونالد ترامب، تتعدى قضية أوكرانيا وقد تعرضه أيضا للمساءلة.
وكان ترامب قد حذر بولتون سابقا من نشر مذكراته ما دام رئيسا في البيت الأبيض، وحاول محاموه ثني بولتون عن ذلك بزعم أن أجزاء كبيرة من مادة الكتاب مصنفة سرية للغاية.
لكن الناشر «سايمون وشوستر» قال إنه سيمضي قدما في نشر المذكرات التي تحمل عنوان «ذا روم وير إت هابند» (الغرفة التي حدث فيها) يوم 23 يونيو الجاري، مثيرا حماسة القراء بالقول في بيان صحفي إن «هذا هو الكتاب الذي لا يريدك دونالد ترامب أن تقرأه».
ونقل البيان قول بولتون «أنا أشعر بأني تحت الضغط لتحديد أي قرار هام اتخذه ترامب خلال فترة عملي ولم يكن مدفوعا بحسابات إعادة انتخابه».
ولفت الناشر إلى أن بولتون سيوثق مخالفات ارتكبها ترامب تتعدى الضغوط التي مارسها الأخير على أوكرانيا للتحقيق مع منافسه الديمقراطي جو بايدن وأدت إلى اتهامه ومحاكمته في الكونغرس.
وأضاف أن بولتون «يقول بأن مجلس النواب ارتكب أخطاء في الممارسة خلال المحاكمة عبر حصر الاتهام بشكل ضيق بأوكرانيا، في الوقت الذي كانت تجاوزات ترامب الشبيهة بما فعله مع أوكرانيا موجودة على نطاق سياسته الخارجية بالكامل». وقال البيان إن بولتون سيصف في مذكراته عملية اتخاذ القرار «المتناقضة والمشتتة» لترامب.
دعوى ضد بولتون
رفعت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الثلاثاء 16 من الشهر الجاري، دعوى قضائية لمنع مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون من نشر كتاب يُتوقّع أن يرسم فيه صورة قاتمة جداً عن الرئيس الجمهوري وطريقة حكمه.
والدعوى التي رفعت أمام محكمة فدرالية في واشنطن تطلب منع نشر الكتاب بعنوان «ذا رووم وير إت هابند: وايت هاوس ميموار» (المكان الذي حدث فيه ذلك: مذكرات البيت الأبيض) في 23 الجاري بدعوى أنّ بولتون لم يحز على موافقة على النصّ بأكمله مما يجعل مؤلَّفه «في انتهاك واضح للاتفاقات التي وقّع عليها كشرط لتوظيفه ولاطّلاعه على معلومات سرية للغاية».
وتعتبر إدارة ترامب أن بولتون خرق قواعد الأساسية للسريّة برفضه انتظار موافقة مجلس الأمن القومي على النص. ووفقاً لملف الدعوى فإنّ مجلس الأمن القومي وجد «كمّاً كبيراً من المعلومات المصنّفة سريّة طلب من المدّعى عليه حذفها»، لكن الأخير «استاء على ما يبدو من وتيرة مراجعة مجلس الأمن القومي» للنص.
كما ورد في الملف أن المدعى عليه «من دون أن يعطي أي إشعار لمجلس الأمن، كشفت تقارير صحافية أنه يعتزم ودار النشر إصدار الكتاب في 23 يونيو، من دون إنجاز عملية المراجعة التي تسبق النشر». وتابع الملف أنه «ببساطة، المدّعى عليه أبرم اتفاقاً مع الولايات المتحدة كشرط لتوليه أحد أكثر المناصب حساسية وأهمية في مجلس الأمن القومي التابع للحكومة الأمريكية، ويريد الآن التملص من هذا الاتفاق».
تغريدات ترامب
هاجم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بقوة مستشاره السابق للأمن القومي جون بولتون، الذي أعرب عن استعداده الإدلاء بإفادته في المحاكمة الهادفة للبت بعزل الرئيس، متهما إياه بنكران الجميل ومؤكدا أنه “توسل إليه” ليعطيه عملا.
وكتب ترامب يوم الأربعاء 17 من الشهر الجاري في تغريدة على تويتر “رجل رفض وظيفة سفير في الأمم المتحدة منذ سنوات، ولم يُقبل بأي عمل آخر منذ ذلك الحين، رجل “توسل” إليّ لأعطيه عملاً لا يحتاج لموافقة مجلس الشيوخ، ومنحته العمل رغم أن كثرا قالوا لي لا تفعل ذلك سيدي”.
وأضاف “ونال العمل، ثم تحدث خطأ عن النموذج الليبي على التلفزيون، وارتكب هفوات أخرى كثيرة، ثم طُرد لأنه صراحة لو استمعت إليه لكنّا الآن في الحرب العالمية السادسة، ثم يذهب ليكتب كتابا كاذبا وشريرا. كلها معلومات متعلقة بالأمن القومي. من يفعل ذلك؟”.