على الرغم من أهمية قطاع التعمير، في تحريك العجلة الاقتصادية وتوفير فرص الشغل والتنمية بصفة عامة، إلا أن قوانينه ما زالت تشهد تعثرا في التنزيل، بسبب غياب الأرضية المناسبة، وتعثر وتأخر الدراسات التقنية، وتعدد المتدخلين، ما يطرح مشاكل تواجه إخراج والمصادقة الحكومية على تصاميم التهيئة، حيث تستمر معاناة العديد من المدن مع غياب التصاميم لسنوات طويلة، والعمل بشكل استثنائي بواسطة التصاميم المرجعية.
هناك العديد من تصاميم التهيئة التي يتم رفض المصادقة عليها، بسبب خروقات وتجاوزات وعيوب تقنية، فضلا عن شبهات الاستغلال الانتخابوي وتحكم لوبيات التعمير في شق الطرق وإغلاقها، وتحديد المساحات الخضراء والمناطق المسموح بها البناء من عدم ذلك، وكذا تحديد المناطق الاستراتيجية لإقامة المشاريع والمناطق التجارية والصناعية وغير ذلك من التفاصيل.
إن تعثر خروج تصاميم التهيئة يعرقل الاستثمار ويتعارض وتسهيل الإجراءات الإدارية، وتستغله جهات لصالحها من خلال الاستفادة من الوضع الاستثنائي المتمثل في التصاميم المرجعية، حيث يتم طرح تسويات غامضة تسمح بالحصول على تراخيص التجزئات والبناء وعدد الطوابق وتسوية خروقات تعميرية سابقة، وهو الشيء الذي يدر على أصحابه أرباحا بالملايير، لأن بعض المساحات الأرضية تتضاعف أسعارها بمجرد تسوية وضعيتها بشكل استثنائي.
تحتاج تصاميم التهيئة لتكون ملائمة للواقع التعميري، إلى دراسات تقنية تراعي خصوصية كل منطقة خارج تدخل لوبيات العقار والمنتخبين وتلاعب المسؤولين، مع تحديد الهوية الاقتصادية لكل مدينة، فضلا عن تفادي التباين بين واقع التعمير الملموس وجمود الوثائق، من مثل وجود أحياء راقية منصوص على البناء فيها سفلي زائد طابقين، في حين جل البنايات سفلي زائد أربعة أو خمسة طوابق أو أكثر من ذلك.
وعلى سبيل المثال لا الحصر هناك حالة شغور منصب مدير الوكالة الحضرية للعيون، رغم أهمية المنصب في علاقته بالثورة الاستثمارية بالصحراء المغربية، وحالة الوكالة الحضرية للعرائش التي استمر مديرها بمنصبه لمدة 8 سنوات، مع التمديد له خارج سن التقاعد، في حين أن المدن الثلاث المشكلة للمجال الترابي للوكالة (العرائش ووزان والقصر الكبير) لا تتوفر على تصاميم ولم يتم النجاح في إخراجها طيلة 8 سنوات، علما أن مدة صلاحية تصميم التهيئة هي 10 سنوات.
إن التعمير يمثل الدجاجة التي تبيض ذهبا لدى الكثير من المتحكمين في تفاصيل تأخر وعرقلة التعيينات بالمناصب على رأس الوكالات من خلف الستار وعرقلة إنجاز تصاميم التهيئة، والوزارة الوصية تقدم دائما حصيلتها في تتبع وإخراج الوثائق التعميرية، لكن يجب الكشف عن أسباب وحيثيات تعثر التعيينات والتصاميم التي تخص المدن الكبرى والمناطق الاستراتيجية، وتجاوز طول مدة الدراسات ومواكبة المستجدات حتى لا تتحول الوثائق التعميرية إلى كائن يولد ميتا، بسبب المتغيرات الميدانية، ما ينتج عنه جمود تراخيص البناء، وكثرة الملاحظات والمبررات التقنية، علما أن الأقسام التعميرية تتحكم في رسم الخرائط الانتخابية والترقيات والعلاقات، التي تمتد من أقصى منطقة نائية إلى المركز.